الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

توسع نشاط مركز مزايا واستقطابه النساء

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:02:08

في تلك الفترة بقيت ثلاثة شهور. وطبعًا، بدأنا في عام 2013، أو قبل 2013 بقليل، وتابعنا حتى الشهر السادس (حزيران/ يونيو) تقريبًا، ثم جاءت سمر يزبك زيارة إلى المنطقة (الكاتبة سمر يزبك) طبعًا، جاءت إلى المكاتب، ولا يأتي ضيف إلا ويقوم بزيارة للمكاتب والمكتب الإعلامي، وكان معروفًا، واشتهر باللافتات، والشباب الموجودون هم الذين كانوا أكثر الأشخاص ضيافة لكل من يأتي من الخارج؛ حتى يشاهدوا الثورة على حقيقتها، والتي كانوا يحملونها في تصرفاتهم وطباعهم وفي الإيحاءات التي يقدمونها للناس بأن روحنا هي روح ثورة فعلًا. 

سمر يزبك كانت قد أحبت أن تفعل شيئًا للنساء في ذلك الوقت، ولكن لا يوجد شيء محدد، وهي كانت تحب أن تساعد النساء في ذلك الوقت، ولكنها تريد أن ترى النساء. طبعًا، نساؤنا يختلفن عن نساء المحيط الذي تعيش به سمر يزبك، ويختلفن عن النساء في الشام (دمشق)، وعن النساء في حلب؛ ولذلك يجب أن ترى النساء، وترى اهتماماتهن وفكرهن؛ حتى تعرف إلى أي مدى يمكنها مساعدتهن. فقالت لرائد- رحمه الله-: أنا سأذهب إلى المعرة من أجل أن أرى النساء هناك، ثم أعود. فقال لها: اذهبي، وذهبت سمر إلى المعرة، ورأت النساء هناك، وكان لديها عدة اقتراحات، أعتقد أنها في ذلك الوقت لم تكن مناسبة جدًا أو ملائمة للأمور التي كانت سمر تبحث عنها، فهي لم تبحث عن مساعدة النساء بمعونات أو إغاثة، وإنما كانت تبحث عن أمور أكبر قليلًا.

 وفي اليوم التالي، جاءت سمر إلى مركزي، كانوا قد أرسلوها من المكتب الإعلامي، ونزلت إلى القبو، ورأت الوضع، وكانت في تلك الفترة -كي لا ننسى- الناشطة رزان غزاوي، كانت في تلك الفترة في كفرنبل، وبقيت فترة جيدة، حيث سكنت لمدة سنة تقريبًا. ورزان غزاوي في تلك الفترة شاركت معنا في تأسيس "مزايا"، ولأن لغتها الإنجليزية جيدة، أصبحت تعلم البنات المحادثة باللغة الإنجليزية، وخصوصًا البنات الجامعيات أو البنات في المرحلة الثانوية والإعدادية، ولكن كانت تعطي دورة المحادثة في كل مستوياتها. وبقيت فترة جيدة تقدم هذا الأمر بشكل تطوعي. وجاءت مع سمر يزبك إلى المركز، ورأت الكم الهائل من النساء، وأغلب النساء عندما رأينها كنّ يقلن: ماذا تفعل هنا؟ وماذا تريد؟ فصحيح أننا هنا نتلقى دورات، ولكننا نحتاج أيضًا إلى كذا وكذا، وأصبح هناك طرح أفكار أخرى وتوسع آخر بالنسبة للنساء في هذا التجمع. وهذا التجمع [بالذات] النساء هن من قمن بتوسعته، ولسنا نحن، والنساء هن من قمن بتوسيع مجال عمل منظمة مزايا في طرحها للأفكار والمبادرات والأنشطة التي كنا نقوم بها. وبصراحة، في ذلك الوقت أعجبت سمر جدًا بالعمل والمشروع، وأعجبتها اللمة، وأحبت أن تدعم في ذلك الوقت، ودعمتنا لمدة ثلاثة شهور فعلًا. وطبعًا، شهادتي بسمر مجروحة، وهي من النساء الرائعات جدًا، وعندما نكون في أي موقف [صعب] حتى الآن فإنها تبادر إلى تقديم المساعدة. 

كانت تلك الفترة فترة تأسيس مزايا، [استغرقت] ثلاثة شهور، أسسنا مزايا، وأحبت "اليو آر بي" بعدما شكلت نفسها كاتحاد مكاتب ثورية التي ضمت المكاتب التي كان فيها باص "الكرامة" الذي أسسته رزان غزاوي في ذلك الوقت في كفرنبل، والذي كانت تخرج به هي وبعض الشباب والبنات إلى المدارس؛ حتى يقدموا عروضًا ترفيهية للأطفال في المدارس وخارج المدارس (في الشوارع)، وتلقي عليهم بعض المحاضرات، وتقوم ببعض الأنشطة الترفيهية. كان باص "الكرامة " في بدايته بالنسبة لأنشطة الأطفال، ومركز مزايا كان في بدايته لإعطاء الدورات المهنية والتعليمية للنساء؛ لذلك أحببنا أن يكون هناك انضمام لمكاتب ثورية، مثل: مراكز طفل، ومراكز نساء، وراديو "فريش"، والمكتب الإعلامي. وكان تأسيسهم في نفس الوقت تقريبًا، وأقمنا في ذلك الوقت اتحاد المكاتب الثورية. 

طبعًا، أعتقد أنها المنظمة الوحيدة التي تأسست في الداخل من حيث حجمها وفروعها وموظفيها، ولم يحصل قبل ذلك أن تأسست منظمة في الداخل من أعضاء في الداخل ليس لهم شركاء. وكانت ثورية بامتياز في الداخل، وكل شخص أنشأ شيئًا، أو أسس شيئًا هو المسؤول عنه، ورغم هذا الشيء حصل تكتل. 

طبعًا، اجتماع الناس الثوريين مع بعضهم أعطاهم [شعورًا] بالانتماء لبعضهم أكثر من الانتماء للعائلة أو الانتماء للأقارب؛ لأنه في ذلك الوقت لم يكن كل أفراد العائلة متفقين على وضع واحد، أو منتمين إلى قرار واحد بالنسبة للثورة، كان يوجد أشخاص مع الثورة، وأشخاص ضدها، وأشخاص رماديون، وأشخاص واضحون، وناس سوداء (أشخاص سيؤون) وناس بيضاء (أشخاص جيدون)؛ لذلك كان الرابط الأكبر، والذي هو أقوى من رابط العائلة أو القرابة هو رابط الصداقة بين الناس الثوريين في ذلك الوقت أو الثوار (نساء ورجال وشباب). فإذا أردت أن أنظر إلى علاقة خالد -رحمه الله- برفاقه فإنها كانت أقوى من علاقته بأقاربه، وأقوى بقليل من علاقته بإخوته الذين كانوا صغارًا، وكان يجلس مع رفاقه أكثر مما يجلس معنا. وحتى الناس أو الضيوف الذين كانوا يأتون من خارج كفرنبل- كانوا يأتون إلى كفرنبل، ويزورونها، ويبقون لفترة طويلة- وهؤلاء الناس تعرفنا عليهم أيضًا، ولم نكن نعرفهم من قبل، ولكن ربطتنا مع بعضنا علاقات قوية جدًا، كانت العلاقة [مبنية]على الاشتراك بهدف واحد، وهو إسقاط النظام، والمناداة بالحرية والكرامة. 

بالنسبة للحالات الجديدة التي طرأت علينا، وبالنسبة لأحاسيسنا ومشاعرنا لا يمكن أن تفسر، وكثيرة جدًا، فإذا أردت أن أدخل في هذا المجال، الإنسان في كل سنة أوفي كل فترة، بحسب الظروف التي يعيشها تخلق لديه أحاسيس ومشاعر جديدة، وهي لا تكون قد خلقت معه من ولادته، أو عندما يصبح شابًا، أو عندما يصبح عجوزًا، وإنما بحسب الظروف تخلق المشاعر. لم يكن لدي مشاعر حب للناس إلى هذه الدرجة قبل الثورة، وإنما تشكلت أثناء الثورة، وأصبح لدي مشاعر جديدة، مثلًا: أصبح لدي مشاعر حزن، وأصبحنا نحزن بطريقة مختلفة عما كنا عليه قبل الثورة عند فقدان الأولاد والأصدقاء والناس الذين نحبهم، كل هذا جديد، وموضوع الأحاسيس والمشاعر هو حكاية لوحده، فقد كانت تحصل قصص كثيرة، والشخص أصبح يخاف أن يموت، ولا يقول للآخر بأنه يحبه، ولا أقصد المحبة العامة بين الصديق والصديقة، أو بين الجار والجارة، وإنما أريد أن أعود إلى قصة محبة العاشق والمعشوق، فتجد بنتًا أحبت شابًا، ولكن لا أحد يعرف، وهو ثوري وصاحب نخوة، وهو أمامها يذهب، ويأتي كل يوم صباحًا، وقد يلقيان على بعضهما تحية الصباح والمساء، و لا أحد يعرف، ولكن إذا مات هذا الشاب فإن هذه البنت تحزن عليه كثيرًا، ولا أحد يعلم بذلك. 

 كمّ القهر داخل الناس في ذلك الوقت من ناحية العلاقات العاطفية كان كبيرًا جدًا، ولا يكتب في قصص وحكايات فقط، وإنما يكتب في روايات. ويوجد الكثير من القصص المخفية؛ لأننا مجتمع لا يستطيع أن يظهر هذه العواطف ولا هذه القصص. فتخيل أن بنتًا تقول لي: فلان مات، ولا أستطيع أن أذهب إلى والدته، وأقول لها: إنني كنت أحب ابنك. ولا أستطيع ان أقول لها: أحب أن أحضر العزاء معكم لثلاثة أيام، وأنا أحتاج إلى من يعزيني. 

شاب يموت في السجن، فقام أهل البنت بالشكوى عليه؛ لأنه خطبها، ولكن قبل إسقاط الدعوى بيومين، تم قصف السجن من قبل الطيران؛ فمات الشاب قبل أن يخرج، ويتم الموافقة على خطبتهما. 

يوجد الكثير من المآسي، وحتى الروابط الزوجية أصبحت أقوى من قبل، وربما حصلت معادلة عكسية، حصل هكذا، وحصل هكذا، ولكن من ناحية العاطفة فهناك أشخاص تعلقوا ببعضهم أكثر خوفًا من الموت. 

كل الأهداف التي كنا نسعى لها كنا نخاف أن نموت قبل أن نصل إليها في زمن الحرب التي حدثت في هذه السنوات التسع، وحتى الآن الناس يقومون بأعمالهم، ويخافون أن يفقدوا حياتهم قبل ان يخطوا أي خطوة ثانية، سواء كانت سيئة أو غير سيئة، ولكن في النهاية، من لديه هدف يجب أن يقوم به؛ لذلك أستغرب أكثر شيء من الذين يقولون: "حب وحرب". هذه الجملة لم تكن تركب معي (لم تقنعني) من قبل عندما كنت أشاهد أفلام حرب، أو أقرأ روايات حرب، حيث كانوا يضعون فيها قصص حب وعشق وغرام، وأقول: كيف يمكن لهؤلاء أن يحبوا وبلادهم مدمرة، وهناك أشخاص يموتون، وهناك دمار، وحتى أنهم قد يموتون أيضًا. هذه هي المشاعر الجديدة التي تخلق في زمن بحسب الظروف التي أنت فيها، والعلاقة بين الثوار مع بعضهم في ذلك الوقت كانت أقوى من رابط الأخوة ورابط قرابة، فالصديق يثأر لصديقه، ولا يثأر لأخيه، والصديق يزور صديقه أكثر من أهله.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/29

الموضوع الرئیس

النشاط النسوي في كفرنبل

كود الشهادة

SMI/OH/114-08/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2013-2012

updatedAt

2024/04/07

المنطقة الجغرافية

محافظة إدلب-كفر نبلمحافظة إدلب-مدينة معرة النعمان

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

مركز مزايا للنساء

مركز مزايا للنساء

راديو فريش

راديو فريش

اتحاد المكاتب الثورية

اتحاد المكاتب الثورية

باص الكرامة

باص الكرامة

الشهادات المرتبطة