الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تطور الحراك في حمص واعتصام يوم الجلاء 17 نيسان 2011

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:04:01

في الحقيقة، تحولت المظاهرات في سورية إلى نمط شعبي من الاحتجاج، بدأ يكتسح، أو يتجاوز، ويخالف كل التوقعات، وفي الأيام الماضية كنا نقول: إنه من الصعب إقناع الشارع بالانحياز لنشاط نخبوي ضد النظام، والحقيقة أن الذي حدث هو أنه أصبح صعباً على النخب أن تنظم كل هذا الهياج الهائل الشعبي ضد النظام وضد جرائمه، ولاسيما بعد الأسبوع الثالث من الثورة، وبدأ تساقط الشهداء في كل المحافظات من دون استثناء، سواء في دمشق أو في درعا أو في حمص أو في بانياس فيما بعد، والجرائم التي أصبحت ترتكب من قبل قوات النظام كانت مستفزة للناس بشكل مرعب. ونحن كنا نتواصل مع الناشطين، سواء في دمشق أو اللاذقية أو حلب، وحتى في جبلة بدأ النشاط يصبح كبيراً. وذهبت إلى دير الزور، والتقيت بناشطين في دير الزور، وكانت هناك تحضيرات في غاية الأهمية في دير الزور، [التقيت] بشخصين من المحامين، من الصعب الإفصاح عن أسمائهم؛ لأنهم ما زالوا حتى الآن موجودين في سورية، والاثنان كان لهما نشاط سياسي معارض سابق، وهما معروفان. والحقيقة أن كل البلد كانت تغلي، وكانت بحاجة إلى تنظيم، وكانت إمكانياتنا ضعيفة، وكنا ملاحقين.

وفي نهاية الأسبوع الرابع من الثورة، مع بداية الأسبوع الأول من شهر نيسان/ أبريل، بدأ الحراك يصبح كبيراً جداً، ويلزمه تنسيق بين المناطق والأحياء؛ فكان جزءاً من عملي شبه اليومي الانتقال من حي إلى آخر، سواء من بابا عمر، أو دير بعلبة، أو الخالدية، أو القصور التي كانت قد بدأت تشهد حراكاً بسيطاً في مدينة حمص، وباب السباع، وباب الدريب، وباب هود. كان يجب على هذه الأحياء -الإنشاءات والغوطة والحمرا- أن تبدأ فيها المرحلة الثانية من التنظيم التي هي الربط والتنسيق بين بعضنا. كان واضحاً أن كل حي يستطيع أن يخرج في مظاهرة، وفي أي وقت كان، في أي وقت تهتف كلمتين في الشارع: "الله سورية حرية وبس"؛ فينضم إليك العشرات، وتستطيع القيام بمظاهرة. وكان يجب علينا في وقتها أن ننتقل إلى مرحلة التنظيم. وفي ذلك الوقت، ظهرت التنسيقيات، وظهرت الترتيبات لتأخذ التنسيقيات دورها في تنظيم الحراك، وربما تأسست التنسيقيات كصفحات على "الفيسبوك"، ولكن خلفها أشخاصاً وناشطين ونخباً مجتمعية، بصرف النظر عن كل الكلام الذي من الممكن أن تسمعه بأنها صفحات لأشخاص مجهولين. ولكنهم لم يكونوا مجهولين أبداً، وكنا نعرف بعضنا تماماً، وكنا نعرف أين نتواصل، وكيف؟ ومتى؟ وما هي ضرورات التواصل؟

لذلك بدأت النشاطات لتنظيم عمل التنسيقيات، فالتنسيقيات كانت بالعشرات في وقتها في كل سورية، وبدأ من منتصف نيسان/ أبريل أو الأسبوع الأول من نيسان/ أبريل التفكير جدياً بأن تنتقل هذه التنسيقيات إلى إطار واحد يجمعها كلها، وهذا بإمكاننا البحث فيه لاحقاً.

وفي حمص بالتحديد التي هي كانت مجال عملي اليومي، وصحيح أنني كنت أستطيع المشاركة بمناطق كثيرة، وألتقي مع ناشطين في مناطق كثيرة ومدن كثيرة، ولاسيما الذين كنا نتواصل معهم عبر "غروب التشات" (مجموعات التواصل)، ولكن في مدينة حمص تحديداً كان لدي همّ أكبر، على اعتبار أنها مدينتي، وأعرف الناس فيها. وفي بداية الأسبوع الثاني من نيسان، كان يوجد توجه بأن ننظم أنشطة في المناسبات الوطنية، وخلال هذه المناسبات الوطنية يكون هناك أشياء جامعة للسوريين.

في 12 أو 13 نيسان/ أبريل، لست متأكداً من اليوم تماماً، بدأت دوريات الأمن تبحث عني بشكل حثيث، وطوال الوقت يسألون عني، ويحاولون أن يصلوا إلي. وفي أحد الأيام، عندما بدأت هذه الحملة كان يوجد دورية مشتركة قد أتت من فرع الأمن السياسي أو فرع أمن الدولة، وكنت موجوداً في بيتي الذي كان مفتوحاً بيني وبين بيت أهلي (بيت العائلة وبيتي) وأصبحت دورية الأمن في بيت أهلي، وحتى تبعدني والدتي عن الخطر لفتني ضمن سجادة، ووضعتني بين السجادات الموجودة لدينا في البيت. وبعد أقل من دقيقة، وأنا ملتف بالسجادة، ومن الصعب جداً أن أتحرك، رن هاتفي، وهو في جيبي؛ فكان موقفاً لا أحسد عليه، فالأمن ليسوا معي في الغرفة، ولكن من الوارد دخولهم إلى الغرفة في أي لحظة، فكان هاتفي يرن أول رنة والثانية، وأنا أقول: يا رب، "يطفي" (يتوقف عن الرنين). حتى لا أنكشف. وفعلاً، توقف الهاتف، وكنت أشعر بحالة غضب وحنق شديد على المتصل، وكنت أنتظر أن أنتهي؛ حتى أرى من المتصل، وعندما خرجت من السجادة، وذهب الأمن، وفتحت هاتفي، وجدت أن الناشط محمد حاج بكري من اللاذقية كان يتصل بي، وكاد أن يوديني في في داهية (يتسبب لي بأزمة كبيرة).

في بداية الأسبوع الثاني، بدأنا نحاول أن يكون حراكنا له طابع [جديد]، بمعنى أننا لا أن نخرج في مظاهرات فقط، ثم نرجع إلى البيت يوم الجمعة، ولكن نعطيه أشكالاً أكثر رسوخاً ومرتبطة بمناسبة وطنية وما شابه. وكانت أقرب مناسبة لنا هي عيد الجلاء في 17 نيسان/ أبريل، وقررنا نحن مجموعة الناشطين الذين كنا على تواصل فيما بيننا في مدينة حمص، أن نقوم بشيء خاص في يوم الجلاء، وقررنا القيام باعتصام في حي من أحياء حمص، واتفقنا أن يكون في حي واحد، ولا يكون في أكثر من مكان؛ حتى يكون له زخم؛ فقررنا أن يكون التظاهر على مدار الساعة يوم السابع عشر من نيسان/ أبريل، في شارع باب السباع الرئيسي، في حي باب السباع. وفعلاً، بدأت المظاهرة، وبالمناسبة، هذا الحي مختلط (مسلم – مسيحي)، وكانت مشاركة الإخوة المسيحيين معنا في هذه التظاهرات، في ذلك اليوم، وفي هذه الفعاليات الخاصة، في 17 نيسان/ أبريل مميزة جداً.

الفعاليات كانت مقسمة على عدة أقسام: منها كلمة وطنية، ومنها أنشودة وطنية. وكنا نذهب، ونأتي إلى الشارع على مدار الساعة، وبقي الاعتصام متواصلاً من الساعة 9 صباحاً، وبدأ الأمن يحشد حشوده في الساعة 12 ظهراً تقريباً. ونحن مصرون على هذا الخطاب الوطني، على ألا يكون هناك أي شيء يستفز النظام، ونحاول قدر الإمكان أن نكون بالفعل حريصين في خطابنا الوطني، وفي كل التفاصيل التي تتعلق بالاعتصام. وبقي الاعتصام يمشي على هذا المنوال، وبدأت الحشود الأمنية تتوالى من الساعة 12 تقريباً حتى الساعة 3:30-4 عصراً. وأنا في وقتها خرجت على قناة أورينت، وحذرت بشكل مباشر من وجود حشود أمنية ضد هذا الاعتصام المدني السلمي الذي لا يستهدف أحداً على الإطلاق، غير أننا نعبر عن مطالب وطنية.

نحن كنا نتكلم عن إلغاء حالة الطوارئ، وعن فتح الحياة السياسية أمام الأحزاب، والتداول السلمي للسلطة، وكنا نتكلم عن تحصين الجبهة الوطنية الداخلية ضد الاختراقات الطائفية، وضد الاختراقات من الخارج، وكنا نتكلم عن الجولان كقضية وطنية مهمة. وبالمناسبة، يوجد الكثير من الناس الذين يقولون: إن الثورة لم تتكلم بخطاب تحرري من الاحتلال الإسرائيلي. ونحن في 17 نيسان/ أبريل 2011، كنا نتكلم عن تحرير الجولان، وتكلمنا عن الاستقلال الثاني، وكنا نمجد الاستقلال الأول، ونعتبره استقلالاً عن الاحتلال.

كان الأستاذ نجاتي طيارة موجوداً، وعلى ما أظن أن راسم السيد سليمان كان موجوداً، ومنصور أتاسي كان موجوداً أيضاً، وعلي الملحم الذي هو شاب علوي. وفي وقتها، كان يوجد نساء وناشطات بشكل متواصل يحضرن أنشطة الثورة، ويحضرن مظاهرات الثورة. وبقينا هكذا حوالي الساعة، وتكلمت الساعة الثالثة والنصف تقريباً على أورينت، وقلت: إنه يوجد حشود أمنية، ونحن نوجه رسالة الآن عبر هذه القناة للنظام، وأجهزته الأمنية، والأجهزة الإدارية، ولرئاسة الجمهورية بالتحديد، بأن هذا الاعتصام لا يستهدف أحداً. وكان في وقتها يوجد خطاب تحريضي هائل في الإعلام السوري، بأنه يوجد إمارة سلفية في بانياس، وقائدها أنس الشغري، وإمارة سلفية في باب سباع. وكنا نشارك مع المسيحيين في المظاهرة نفسها.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/07/29

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في حمص

كود الشهادة

SMI/OH/4-15/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة طرطوس-منطقة بانياسمحافظة حمص-باب السباع

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة