الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المظاهرات الأولى في القصير والانحياز للثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:39:17

بعد نجاح الثورة في مصر، بدأ الحراك في سورية، بدأ في درعا، وفي 25 آذار/مارس 2011، بعد صلاة الجمعة، خرج الناس من المساجد، وفوجئنا بمجموعة من الشباب لا يتجاوز عددهم 25 أو 30 شاباً، هؤلاء الشباب خرجوا من مسجد في الحارة الغربية، وجاؤوا باتجاه الساحة الرئيسية عند الجامع الكبير. وطبعاً، عندما نذكر كل المظاهرات أو مكان التجمع فيكون في ساحة الجامع الكبير، وأطلق الناس عليها فيما بعد اسم: ساحة السيدة عائشة، وكان هذا المكان الرئيسي عند الجامع الكبير في مدينة القصير، وجاء هؤلاء الشباب، وبدؤوا يهتفون: "حرية ..حرية"، "يا درعا نحن معك للموت". وجاء الأمن فوراً، وكان عدد المتفرّجين أكثر من عدد المتظاهرين في ذلك الوقت، وجاء الأمن، وجاء مدير المنطقة، ولم يستعملوا أي عنف، ولكن كانوا متفاجئين أيضاً، وعند وصولهم، وبعد ربع ساعة أو نصف ساعة، تفرّق الناس، وهنا تم استدعاء الوجهاء، وكان يسأل رئيس مفرزة الأمن العسكري ومدير المنطقة: من وجهاء القصير؟ واستدعاهم، وبدأ يحدثهم [قائلاً]: يجب أن تنبّهوا على الشباب، نحن لا نريد مشاكل، ولا نريد الاصطدام مع الناس، وهي مرحلة ستمرّ، وإن شاء الله سوف تكون كل الأمور بخير. وطبعاً، كان الناس متخوّفين جداً ومتفاجئين في هذا اليوم، فمن هم هؤلاء الشباب الذين استطاعوا أن يكسروا حاجز الخوف، وصحيح أنهم عبارة عن 25 أو 30 شاباً، ولكنها كانت مفاجأة، والناس جميعهم فوجئوا واستغربوا مما يحدث، وكان تصرف الأمن معهم جيداً، ولم يسِئ إليهم، ولم يصطدم معهم.

في الجمعة التالية. حاول الأهالي أيضاً منع الناس من الخروج من الجوامع، فكان هناك شباب اتفقوا [على التظاهر] على الخروج من الجوامع، فالأهالي كانوا متخوفين، ومنعوهم بشكل تحذيري، [وقالوا لهم]: يا شباب، لا داعي للقيام بذلك. وعندما بدأ أول شخص بالتكبير في المسجد فإن الكبار في السن تجمعوا حوله، وقاموا بتهدئته، وعندما خرجوا من المسجد -يوجد مسجدان في الحارة الشمالية، أذكر أنهما: مسجد آل الكنج، ومسجد آل الزهوري- فإن الشباب خرجوا، تجمعوا، ثم اتجهوا نحو الجامع الكبير، وكانت المظاهرة أكبر من المظاهرة الأولى، وصادف ذلك خروج الناس من الجامع الكبير، وجاء مدير المنطقة، وجاء رئيس مفرزة الأمن، ووقفوا، وسألوا الشباب: ماذا تريدون؟ ما هي مطالبكم؟ نحن جاهزون، هل انتهيتم؟ أعطاكم الله العافية. وكان هذا هو موقف الأمن من هذه المظاهرة، ولكن هذه المظاهرة كانت أكبر، وكان حاجز الخوف مكسوراً، والناس بدؤوا يتجمعون معهم، فكان العدد ملفتاً للنظر.

بدأ بعض الأشخاص ينشطون عن طريق الأمن بين الناس، فكانت هناك مجموعة من الناس بدؤوا ينشطون من أجل المرور على كل من كان في الشارع في تلك الفترة، ويذهبون إلى أهلهم، ويقولون لهم: ابنك خرج، ونحن لا نريد المشاكل. بمعنى أنهم يحذّرون الناس، ويحاولون إبعادهم لثنيهم عن هذا الموضوع، و[يقولون لهم]: هذه فتنة، ولا داعي لها، وإن شاء الله يتم حل الأمور، وسيقومون بحلّها الآن. كان الناس يحاولون ثنييهم بهذا الشكل، هؤلاء الأشخاص الذين كُلّفوا من الأمن، وهم من الوجهاء في المنطقة: أمين شعبة الحزب، وأحد أعضاء قيادة الشعبة أيضاً، وأحد أعضاء مجلس الشعب، وضباط متقاعدون من الجيش أو من المخابرات، وبعض الوجهاء. وطبعاً، لا توجد قبائل أو عشائر لدينا في القصير، ولكن عندنا بعض الوجهاء المعروفين بين الناس في تلك الفترة، وأصبحوا يمرّون على البيوت، وينصحون الأهالي، وينصحون الشباب، ويقومون بتوعيتهم، ويخبرونهم بأنه لا داعي للقيام بهذا الشيء.

الجمعة الثالثة (جمعة الشهداء): طبعاً، بالنسبة للجمعة الأولى في 25 آذار/ مارس (جمعة العزة)، عندما شاهد بعض الناس ما حصل في القصير، وسمعوا ما يحصل في حمص في ذلك الوقت ركبوا سياراتهم، واتجهوا نحو حمص للمشاركة مع المظاهرات في مدينة حمص، وقسم منهم اعتُقل على الطريق، حيث أُخبر الأمن بوجود أشخاص توجّهوا إلى هناك؛ فاعتُقل بعض الشباب، أذكر في ذلك الوقت أنهم اعتقلوا 6 أشخاص من عائلة واحدة، كانوا ذاهبين في حافلة صغيرة لهم، وأُلقي القبض عليهم لمدة 10 أيام، ثم أُطلِق سراحهم.

في الجمعة الثالثة، تهيّأ الناس للخروج، ولكننا عندما خرجنا من المساجد وجدنا أن الأمن منتشر بشكل كثيف أمام المساجد، ولم يجرؤ الناس على الخروج في المظاهرة. وفي الجمعة التي بعدها، خرج الناس أيضاً بهدف التظاهر، ولكنهم وجدوا الأمن منتشراً بطريقة ملفتة للنظر، وكان واضحاً أنهم مستعدون؛ فتخوّف الناس منها. وفي الجمعة التي بعدها، خرجت مظاهرة، على ما يبدو أن الأمن اطمأنّ بأنه لن يحصل شيء، وخرجت المظاهرة بشكل واضح، خرجت مظاهرة قوية في الشوارع، خرجوا من الجامع الكبير أيضاً، وجاؤوا من بقية المساجد، واجتمعوا في الساحة العامة (في ساحة القصير)، عند الساعة التي أصبح اسمها: ساحة السيدة عائشة. وفي هذا الوقت، قرر الأمن إخراج مسيرة موالية، وقام بجمع بعض الناس، وكان عندنا ما يُسمى: المجمع التربوي. وجاء المدرسون إلى هذا المجمع التربوي، وجاء الإداريون، وأحضروا معهم صوراً للرئيس والأعلام، وبدؤوا بمظاهرة مؤيّدة، وكادت تشتبك مع المظاهرة الثانية (المعارضة)، فكانت هناك مسيرة ومظاهرة، وكادوا أن يشتبكوا، وتدخلنا بينهم، وطلبنا من الوجهاء الذين تقدّموا لحلّ المشكلة، [وقلنا لهم]: خذوا هؤلاء الموالين إلى جهة، ونحن سنحاول أن نفصل بينهم، ولا نريد اشتباكاً، وليس هدفنا القتال فيما يبيننا، ويتفرج علينا الأمن.

وفي تلك الفترة. لاحظنا من كان يقف مع رجال الأمن، ومن كان يقف في صفهم، ومن كان يقف في الطرف الآخر مع المتظاهرين، ومن يكون هؤلاء، ومن يكون هؤلاء. وفي الحقيقة، في هذا الوقت، كنت أقف، وأشاهد ما يحصل، ورأيت الذين اقتربوا (الذين كانوا مع الأمن)، كانوا من حثالة البلد ومخبرين، وهم أشخاص كثيرو الكلام ومعروفون بدناءتهم، يعني عندما نظرت أحسست بأنني قادر على فرز الناس ومعرفة من يقف في هذا الجانب، ومن يقف في ذلك الجانب. وفي ذلك الوقت، اخترت لنفسي أين يجب أن أكون، [وكنت أسأل نفسي]: هل سأكون في هذا الجانب أم في هذا الجانب؟ هل سأكون مع هؤلاء الوضيعين الحثالة الذين يقفون فيجانب الأمن؟ فنحن نعرفهم في البلد، والناس يعرفون بعضهم في البلد. [صراحةً] يوجد أشخاص من الوجهاء أو من الضباط المتقاعدين الذين طلب منهم النظام تهدئة الناس، وكان لديهم حضورهم ومكانتهم، ولكن لا يمكنك أن تراهم مع هؤلاء الذين كانوا يقفون إلى جانب مدير المنطقة أو يقفون إلى جانب رئيس المفرزة أو رئيس مفرزة الأمن السياسي أو الأمن العسكري، وتنظر إلى أشكالهم، ومن هنا قررنا أن نكون في هذا الصف، فبالنسبة لي كشخص، قررت أن أكون مع المتظاهرين، فأنا كشخص ليست لديّ مصلحة حتى أكون ضد النظام، كانت أموري بخير، فأنا درست طب الأسنان، وعملت بطب الأسنان لفترة، ثم انتقلت إلى العمل الصناعي والتجاري، وعندي معامل وشركات ومؤسسات ورحلات، وأحمد الله سبحانه وتعالى الذي أغدق عليّ بالرزق من خلال عملي، وكانت أموري جيدة جداً مع النظام، وحتى أن هذا النظام كان مناسباً لهذا النوع من العمل، فرجال الأعمال الذين يعملون في التجارة والصناعة يناسبهم هذا النظام، فأنت تفعل بالمال ما تشاء وما تريد، وليست لديك مشكلة، و كنت أحد الأشخاص الذين يفعلون ما يريدون، وليست لديّ أية مشكلة، فكل شيء يمكن تحقيقه بالمال. كان وضع البلد مناسباً، و أفضل من أي مكان آخر بالنسبة لأنواع كهذه من الأعمال، فعندما تريد استيراد ممنوعات فإنه يمكنك استيراد ذلك، و إذا أردت البيع أو القيام بأي عمل آخر فإن كل هذه الأمور تحصل بالمال، ولا توجد أية مشكلة لديك، ومن معه المال لا توجد لديه مشكلة في هذا الموضوع، فأنا لا يوجد لدي أي سبب كشخص أمارس حياتي كي أكون معارضاً لهذا النظام في تلك الفترة (عندما بدأت المظاهرات)، فيمكنك أن تعتبرنا مستفيدين من هذا الوضع، وأي شيء تريده يتحقّق، و صحيح أن هناك مشاكل، ولكنك تحلّها بأموالك، فأنا أتحدث عن نفسي كشخص وليس كبلد أو مجموعة.

وعندما اخترت أن أكون معهم كان هناك سببان خاصان بي، السبب الأول: أن أكون مع الحق، حتى لو كنت مستفيداً، وأريد أن أكون مع الحق. والسبب الثاني الذي جعلني متضايقاً جداً -ولا أبرر لهذا النظام أفعاله- هو: أنه كان عندي حالة شخصية، حيث كان ابن عمي شاباً يدرس الرياضيات، وكان من خيرة شباب القصير، وله 3 أصدقاء، كانوا يدرسون الرياضيات في جامعة البعث، في حمص، في السنة الرابعة. وهؤلاء الشباب الثلاثة اتفقوا مع بعضهم؛ لأنهم كانوا متشابهين في طيبتهم وبساطتهم، وكما يُقال في اللهجة العامية: "يستحون من الكلام". وكانوا ملتزمين بأدنى أنواع الالتزام (يصومون ويصلون). وفي الفصل الأول، في السنة الثالثة، نجحوا، وأقاموا وليمة عندهم، وكانت لديهم مزرعة صغيرة، ودعوا أصدقاءهم إلى المزرعة في يوم الجمعة، وقاموا بتحضير اللحم المشوي، وسبِحوا، وبعد ذلك، ذهب كل شخص إلى منزله، وبعد شهرين أو ثلاثة، فوجئنا بقدوم الأمن، حيث أخذ هؤلاء الثلاثة، ولا نعلم عنهم أي شيء. في المرة الأولى، أخذوهم لمدة 10 أو 15 يوماً، ثم أطلقوا سراح ابن عمي، وبعد أسبوعين، فوجئنا بقدوم دورية من الشام، حيث قامت بتطويق المنزل واعتقالهم وأخذهم، ولا نعلم عنهم أي شيء، وعندما سألنا الناس أخبرونا بأن أحد المدعوين من زملائهم في الجامعة من الذين دعوهم إلى حفلة العشاء كان منتسباً إلى تنظيم معين جديد، كان هذا الحزب اسمه: حزب الدعوة، أو أنني لا أذكر اسمه جيداً، بمعنى أنه كان نشاطاً إسلامياً معيناً. وأثناء التحقيق معه، سألوه: أين كنت في اليوم الفلاني؟ قال: كنت عند فلان في المزرعة. فجاء الأمن، واعتقل هؤلاء الشباب، ومن خلال الضرب، جعلوهم يعترفون، وفقدناهم. وبعد عدة سنوات، عرفنا أنهم موجودون في سجن صيدنايا، وبعد عدة سنوات، سمحوا لأهلهم [بزيارتهم]. كنت أشعر بأنني -وأنا أعرف هذا الشخص بالذات، وأعرف أنه ليس له علاقة بهذه المواضيع على الإطلاق، ولا يمكن [أن يفعل ذلك]- فأحسست بأن أي شاب من سورية يمكنهم اعتقاله بكل بساطة، لا يوجد أحد محمي، علمًا بأن والده كان ضابطاً، وخدم في الجيش، وعلمًا من عائلة معروفة، فعائلتنا معروفة بأنها كانت حزبية بالكامل، وحتى أن معظم أمناء الشُّعب الذين أصبحوا في تلك الفترة من البعثيين القدامى، وكل هذا لم يشفع لأي أحد، ولم يشفع للأشخاص الثلاثة الآخرين الذين أخذوهم. فكان عندي رغبة بما يشبه الثأر، فأنت يمكنك اعتقال أي شخص، فقد تعتقلني، وقد تعتقل ابني أو أخي أو أي شخص بدون أي سبب.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في القصير

كود الشهادة

SMI/OH/112-02/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-مدينة القصيرمحافظة حمص-محافظة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

سجن صيدنايا العسكري

سجن صيدنايا العسكري

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

جامعة البعث

جامعة البعث

مجلس الشعب - نظام

مجلس الشعب - نظام

الشهادات المرتبطة