أول قتيل تحت التعذيب في القصير والعلاقة مع المفارز الأمنية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:11:46:19
في هذه المظاهرة التي حصلت والتي قابلتها مسيرة مؤيدة في الجهة الأخرى، قاموا بفضّ تجمّع الطرفين، وأُبعِدوا عن بعضهم البعض، وانتهى ذلك اليوم بسلام، ولم يحصل تدخل من الأمن أيضاً، وحاول الأمن أن يضرب الناس ببعضهم عن طريق المسيرة المؤيدة والمظاهرة.
وعندها أصبح هناك نشاط كبير من أجل إبعاد الناس عن القيام بمظاهرات جديدة، وقرر الناس في هذه اللحظة أن يتظاهروا، فأصبحوا أكثر جرأة، فكما أن هؤلاء أصبحوا ينشطون فيما بينهم [الموالون]، أصبح هناك أيضاً نشاط للطرف الثاني، وأصبح الشباب يتفقون: كيف سنخرج؟ ومن أين سوف نخرج؟ ويجب علينا التظاهر، ويجب أن نكون مع الناس، ويجب ألا نرضى بالذي حصل، ويجب ألا نردّ على هؤلاء الذين يدعون إلى التثبيط. وبدأ التجهيز أكثر، وأصبح هناك تنظيم للاتفاق بين الناس فيما بينهم، ولاسيّما الشباب وأصحاب المحلات، حيث كان أصحاب المحلات من فئة الشباب، وكانوا موجودين، فبدؤوا ينسقون فيما بينهم، ويقومون بتجهيز الأعلام وتجهيز اللافتات المكتوبة، ويمكنك أن تشعر بوجود حركة خلال الأسبوع قبل المظاهرة.
في المظاهرة التي بعدها، خرجت مظاهرة كبيرة، ولم تحصل فيها أي مشاكل، ومباشرة، أصبحنا نحن الكبار نتحاور مع الناس، [وكنا نقول]: لا توجد مشكلة في التظاهر، ولكن يجب علينا أن نبتعد عن أماكن الأمن. وتتواجد أماكن أو مفارز الأمن عندنا في الحارة الشرقية والحارة الشمالية، وتكون بعيدة عن المدنية، وهم في المناطق الإدارية والأبنية الإدارية، وبجانبهم المدارس، ومستودعات الحبوب، والفرن الآلي، والمقبرة. وعدد السكان في هذه المنطقة قليل، فصرنا نحاول توجيه المتظاهرين، [ونقول لهم]: لنمشِ، ولنتجوّل في شوارع المدينة، ولا نقترب من هذه الأماكن؛ حتى لا نتعرض لإطلاق الرصاص.
وبدأت المظاهرات تمشي بهذا الشكل، وكانوا يرددون الشعارات، لم يكن قد حصل إسقاط للنظام بشكل كامل، وكانت المظاهرات تهتف: "واحد واحد واحد ..الشعب السوري واحد"، و "حرية"، والتأييد لدرعا. وفي هذه الفترة، اتجهت إحدى المظاهرات إلى مفارز الأمن، و كانت المفرزة الأولى التي اتجهوا إليها هي مفرزة الأمن العسكري، و هي من أشد المفارز عنفواناً وأكثرها عناصراً، ولكن هنا أريد أن ألفت النظر إلى ناحية مهمة حصلت ولاحظناها وهي: أن قائد المفرزة أو رئيس المفرزة كان ضابطاً علوياً (عقيد علوي)، وهو من آل مخلوف، وعلى اعتبار أنه علوي فتشعر بأن له شخصيته القوية، ويمكنه اتخاذ القرار، ومرت المظاهرة من عنده بسلام، وكان يقف على الباب، ومرت المظاهرة، ونددت، وهتفت، وأمر عناصره بالدخول إلى الداخل و عدم الاعتراض وعدم إطلاق النار على المتظاهرين أو إخافتهم، وكان ذلك لأنه ضابط علوي، وليس خائفاً، أو لا يريد الظهور أمام قيادته.
واتجهت المظاهرة باتجاه الأمن السياسي، كان الأمن السياسي يحيد إلى الداخل؛ فدخلوا، وأغلقوا على أنفسهم، وكانت المظاهرة كبيرة جداً، فكانت أعداد المتظاهرين تقدّر بالآلاف، وسارت المظاهرة، ومرت بسلام من أمام... ونحن كنا نحاول أن نمنعهم، [ونقول لهم]: لا داعي لذلك، لنبقَ حول الجامع، ولنمشِ في الشوارع، ولا داعي للذهاب إلى هنا، وأن نعرّض الناس للخطر. ولكنهم أصروا على المتابعة، فالشباب متحمسون، وفي هذه المرة، لم نستطع منعهم، وذهبوا. وكان تصرفاً جيداً من رئيس المفرزة في ذلك الوقت، ومرّوا على الأمن العسكري، ولم يحصل شيء، ومرّوا على مفرزة الأمن السياسي فلم يحصل شيء أيضاً، ثم مرّوا على مديرية المنطقة وأمن الدولة، وكان هناك مقدّم سنّي في أمن الدولة، وهو يريد الظهور؛ لأن الضابط السني الذي يكون معهم وموالٍ لهم تشعر بأنه مثل "الكلب الوفي"، ويريد أن يُظهر أنه حريص أكثر، فأُطلق النار على المتظاهرين، و اعتُقل البعض، فتفرّق الناس، فخرج نار شديد من مبنى أمن الدولة، من أسطح مبنى أمن الدولة، وتفرّق الناس، وخرج العناصر، وألقوا القبض على مجموعة من الناس، و اعتقلوهم، وأجروا معهم تحقيقاً صورياً، وادّعوا بأن شخصاً في القصير- ليس له علاقة، يمكنني أن أذكر اسمه: فضل الله قرقوز- يقدّم لكل متظاهر 50 ليرة وسندويشة (شطيرة) من أجل الخروج في المظاهرات، وطلب رئيس المفرزة منهم أن يقولوا هكذا في التحقيق. و أثناء إطلاق النار- كلنا يعرف أن الطلقة لها مدى- كان إطلاق النار غزيراً وعلى مسافة واحد كيلو متر أو أكثر، أصابت رجلاً، وقتلته، و كان هو أول شهيد في القصير، وهو ليس من أهل القصير، وإنما هو من أبناء العشائر في إحدى القرى، وعلى ما يبدو أنه هرب من موضوع ثأر، وسكن في منطقة القصير، في هذه المدينة، في الحارة الشرقية، في أطراف المدينة، وكان إطلاق النار كثيفاً والطلقة ليست لها نهاية، و صحيح أنها لم تصب أحداً من المتظاهرين، ولكنها أصابت هذا الرجل، وبحسب ما أذكر فإنه كان من عائلة الجدوع، وهو شاب عشريني متزوج وعنده أطفال. وتم إسعافه إلى المستشفى الوطني في القصير، ولكنه وصل ميتاً نتيجة إطلاق النار.
طبعاً، قام الأمن بإجراء تحقيقات مع أهله، وادّعى أهله بأنه قُتل عن طريق الثأر؛ لأن لديهم ثأراً في مكان ما، وكان جوابهم: إنه قُتل بسبب الثأر. وكان جميع الناس يعرفون أنه قُتل بالرصاص، فحتى التشخيص يقول: إن هذه الرصاصة التي أصابته.. لأن الأطباء يعرفون أنه إذا جاءت الرصاصة من مكان بعيد أو من مكان قريب، وقالوا: إن الرصاصة جاءت من مكان بعيد، وقُتل. وكان هذا أول إنسان يُقتل في مدينة القصير بسبب المظاهرات وبسبب إطلاق النار من أمن الدولة.
بعد ذلك، أصبحت المظاهرات أكثر تنظيماً، ونحن تدخلنا في الأمر بصفتنا أشخاصاً مثقفين ورجالاً كباراً في السن، وقلنا لهم: تعالوا حتى نتفق، ولا داعي للذهاب إلى المفارز، فيحصل ما حصل في المرة الماضية، ولنمشِ في الشوارع الرئيسية في القصير، وهدفنا هو التعبير عن رأينا، وأننا نرفض ذلك، فلا يمكننا الذهاب إلى مفرزة الأمن وإجبارهم على إطلاق النار علينا؛ لأنهم سوف يطلقون النار في النهاية إذا شعروا بالخوف، وكنا نقول: إنهم جبناء، فإذا ذهبنا إليهم، وكنا ألفي شخص أو 5000 شخص فسيخافون. لأن المظاهرات أصبحت بالآلاف، وأصبح الأمر واضحاً، فعندما نمشي في الشارع كنا نملأ الشوارع، وكان المتظاهرون بالآلاف، ولا يقل عدد المتظاهرين في أي مظاهرة عن 5000أو 6000 أو 7000 في هذه الفترة.
وأخذنا نحاول السير في المظاهرات بشكل سلمي، ولا نصطدم مع الأمن، وأصبح الأمن يحاول إرسال رسائل مضمونها: لا تقتربوا منا ونحن لن نقترب منكم؛ حتى يحلّ الله هذه المشكلة، ابقوا ضمن منطقتكم، ولا تقتربوا. وحاول أن يرسل للأشخاص الكبار في السن. في البداية، كانت المحاولة هي ثني المظاهرات عن الخروج، وبعدها أصبحوا يأتون، ويقولون: لا تتجهوا إلى المفارز، اذهبوا إلى المنطقة الموجودة عند الكنيسة، اذهبوا من عند الجامع الكبير باتجاه الجنوب، وعودوا، واذهبوا باتجاه الشمال، ثم عودوا في هذه الشوارع الرئيسية، وحاولوا عدم الاقتراب باتجاه السكة. وهذا كله كان عن طريق هذا الضابط الذي ذكرته، والذي كان هو رئيس مفرزة الأمن العسكري، فكان يرسل رسائلاً، ويتوّسط بين الناس، ويلتقي بالناس، ويرسل في طلب الناس، ويقول لهم: نحن لا نريد الاصطدام، قضينا كل هذا العمر في القصير معاً، ولا نريد افتعال المشاكل، اذهبوا، وتظاهروا ساعة أو ساعتين. وكان يقول: أنا أكتب تقريراً، وأذكر فيه أن 100 أو 200 شخص خرجوا، وأنتم تصورون أنكم خرجتم 10000 و20000 شخص، وكل شخص يرسل إلى جماعته، وكان يتكلم هكذا، ويقول: كل شخص يرسل إلى جماعته ما يريد، أنا أكتب تقريراً أن 50 أو 60 شخصاً تظاهروا، وتم قمعهم، وأنتم صوروا مظاهراتكم، وأرسلوها، كان يتكلم مع الناس بهذه الطريقة.
و حاولنا في أكثر من أسبوع حتى نهاية شهر حزيران، و في حزيران، خرجت مظاهرة كبيرة جداً، و قبل تلك الفترة، حصلت حادثة في إحدى المظاهرات، حصلت حادثة في القصير، أثّرت كثيراً في الناس، حيث كان هناك شاب من عائلة المصري [أحمد قاسم المصري]، و كان كما يُقال: على البركة (إنسان بسيط وقليل الحبلة) يمشي في الشوارع، وفي إحدى المظاهرات التي خرجت- كان منزله في الحارة الشرقية- كان ذاهباً باتجاه مفرزة الأمن فاعتقلته مفرزة الأمن، وحوّلوه إلى الفرع في حمص موجوداً، فلا نعرف ما التصرف الذي تصرفه، و لكن كلنا نعرف أنه إنسان بسيط و غير عاقل، وحتى المفرزة تعرف أنه غير عاقل، وقاموا باعتقاله وتحويله إلى فرع الأمن في حمص، وعاد من عند الأمن بعد يومين ميتاً و آثار التعذيب عليه، و كان صدره مشقوقاً، ومخيطاً بواسطة الخرزات[جرى التشييع في 23 أيار 2011].
معلومات الشهادة
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في القصيركود الشهادة
SMI/OH/112-03/
أجرى المقابلة
إبراهيم الفوال
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيار 2011
updatedAt
2024/04/22
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة القصيرمحافظة حمص-محافظة حمصشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
فرع الأمن السياسي في حمص