بداية العمل في خلية إدارة الأزمة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:11:37:20
لذلك عندما تحدثنا عن هذه المواضيع كنا دائمًا نريد أن يكون لدينا شيء يحمينا في سورية، أنت لا تستطيع أن تتحرك في سورية، وأن تكون نشطًا في هذا الموضوع إن لم يكن لديك -إن صحّ التعبير- ظهر يحميك في سورية، فكان أحد أصدقائي ويدعى مازن يعمل في مركز الدراسات التابع للقيادة القطرية، هذا المركز الذي كان يديره الدكتور إلياس نجمة، وكان مازن يعمل في هذا المركز، وكان من الأصدقاء المقرّبين في هذه المرحلة، وكنا دائمًا و بشكل عام نتبادل وجهات النظر، و نتبادل الخطط، ونتبادل النقاشات حول الثورة وحول بداية العمل الثوري؛ فاقترح عليّ أن أعمل في شيء يُؤسَّس الآن في القيادة وهو: "خلية إدارة الأزمة". طبعًا، لم يكن تقبّل هذا الموضوع سهلًا بالنسبة لي، فكيف سأخرج أولًا من وزارة التربية التي أتمنى أن أخرج منها في أي لحظة، وأن أنتقل إلى مكان خطر جدًا على المستوى الأمني، بالنسبة لي، كان هذا الأمر صعبًا، وخاصة بالنسبة لنا نحن طلاب العلوم السياسية؛ حيث يكون وضعنا استثنائيًا في موضوع الدراسات الأمنية، أذكر في عام 2007 ، تم استدعاؤنا لمدة تتراوح ما بين عشرين يومًا و شهر تقريبًا؛ للتحقيق في فرع فلسطين أو في فرع منطقة في دمشق بتهمة تنظيم سياسي إسلامي في كلية العلوم السياسية أو ما شابه، وإن لم يكن هناك أي تنظيم، ولكن كانت التهمة هكذا، فأخبرني المحقق في هذه الفترة بأن ملفات طلاب العلوم السياسية هي ملفات استثنائية أو خاصة، وقال: هذه ملفات جامعة دمشق، وهذه ملفاتكم! فكان يقارن العلوم السياسية بكل جامعة دمشق؛ وبالتالي كان هذا أمرًا حساسًا جدًا من الناحية الأمنية، بمعنى أن يكون طالب العلوم سياسية -بدون واسطة - في مركز قيادي أو أن يكون مثلًا: في الحزب وما شابه، وبالإضافة إلى عدم قدرتي على الحصول على واسطة أو ما شابه ذلك، وعدم رغبتي بالحديث مع أي شخص كي يؤمّن لي الواسطة.
بصراحة، أخبرني صديقي بأن هناك شيء ما يُؤسَّس، كان هذا الأمر في بداية 2011، في الشهر الثالث، يتمّ تأسيس مكتب في القيادة يسمى: "الخلية المركزية لإدارة الأزمات". طبعًا، في هذه الفترة لم أعلم شيئًا عن هذا الموضوع، ولكن كنت أزور صديقي في مركز الدراسات الذي يديره إلياس نجمة، وكان يتحدث عن علاقته الجيدة مع أمين السرّ في خلية إدارة الأزمة الذي كان يعمل في مركز الدراسات مع الدكتور إلياس نجمة، وهو الدكتور صلاح الدين النعيمي، وهو أحد العسكريين القدامى في سوريا، وربما من أقدم العسكريين في سوريا، له باع طويل في العمل العسكري والعمل التنظيمي، بالإضافة إلى أنه خبير في إدارة الأزمات وحاصل على دكتوراه من فرنسا- أعتقد- في هذا الاختصاص؛ فتمّ نقله من مركز الدراسات التابع للقيادة إلى أمانة سرّ خلية الأزمة، و كان مقرّبًا جدًا من صديقي مازن، وأخبره مازن بأن هناك شاب- صديقنا- يجيد العمل في هذا الموضوع، وهو خريج علوم سياسية وطالب ماجستير، ويتقن العمل على الكمبيوتر وما شابه ذلك.
طبعًا، عندما حدث هذا الأمر كان لديّ عدد من الأصدقاء في هذه المرحلة، وكنت أصغرهم سنًا وربما خبرة في هذا الموضوع، ولكن هم لم يكونوا يرغبون في الدخول إلى هذا المكان الخطر، ربما من باب الجرأة و الشجاعة قلت لهم: أنا أذهب، وليس لديّ مشكلة في هذا الموضوع، بل على العكس تمامًا فإذا كنت موجودًا في مراكز صناعة القرار في النظام ربما أحدث فارقًا في هذا الموضوع، ويكون لي تأثير إيجابي أولًا على التعامل شخصيًا مع موضوع الثورة والسلطة والتعامل.
مع الأصدقاء الذين كنا نؤسّس معهم في تلك المرحلة اتحاد التنسيقيات، فربما تكون صلة وصل مهمة جدًا. وفعلًا، ذهبت بعد أيام، بعد أن أخدنا موعدًا مع الدكتور صلاح الدين النعيمي إلى القيادة القطرية الكائنة في شارع المهدي بن بركة التي تقع بين آمريّة الطيران ووزارة الدفاع، هذا القصر القديم الذي أعتقد بأنه كان في الخمسينيات مركزًا للمعلمين أو دارًا للمعلمين ولتخريج المعلمين، ولكنه تحول في ظل حكم الأسد إلى مبنى القيادة القطرية لحزب البعث. كانت في هذا المبنى وفي الطابق الأرضي مكاتب خلية إدارة الأزمة التي كانت في أقصى المبنى باتجاه الغرب، المبنى كان عبارة عن شكل حرف v تقريبًا، فهي في زاوية الحرف v في الأسفل، في الطابق الأرضي. كانت خلية الأزمة مؤلفة من ثلاثة مكاتب وقاعة في هذا المبنى، كان هناك مكتب أمانة السر الذي كان يتواجد فيه اللواء صلاح الدين النعيمي والعميد مصطفى الشرع، ومن ثم يأتي مكتب حسن تركماني الذي كان عضوًا في خلية الأزمة، ولكنّ مكتبه كان تابعًا لخلية الأزمة، لم يكن في تلك الفترة (في بداية تأسيس خلية الأزمة) رئيسًا للخلية، و إنما كان سعيد بختيان -في بداية التأسيس- هو رئيس خلية الأزمة، ومن ثم أصبح حسن تركماني بعد الشهر السابع (تموز/ يوليو) ومن ثم تأتي القاعة الشامية، وهي القاعة الأساسية التي يجتمع فيها أعضاء خلية الأزمة (الضباط الأساسيون و الكبار في سوريا و الأمن والجيش) بالإضافة إلى مكتب آخر، وقد كان مكتبي، وهو مكتب البيانات والمعلومات، و هو مكتب واسع نوعًا ما، حيث يتسع لقاعة اجتماعات، وكان في داخله غرفة نوم و حمام، بمعنى أنه مكتب مجهّز من كل النواحي. وجئت إلى هذا المكتب، جئت في البداية، وكانت الجلسة الأولى واللقاء الأول مع الدكتور صلاح النعيمي (اللواء)، وقلت له: إنني من طرف فلان، وأخبرني بأنكم تحتاجون لموظف في خلية إدارة الأزمة، يكون ذا خبرة في التعامل مع الكمبيوتر، ولديه خبرة في المواضيع السياسية والاجتماعية وما شابه ذلك. طبعًا، كان ردّ فعل الدكتور صلاح الدين النعيمي بأنه قال: جيد، أنا لا أريد وساطات، لن أدخل في صراعات مع أشخاص، أرسلوا لي الكثير من الشباب لكي أوظفهم، ولكن بصراحة لم أقتنع بذلك، لم أوظّف أحدًا، وهذه عقليّتي. وصار يتكلم معي بهذا الموضوع، وسألني أسئلة بسيطة عن موضوع إدارة الأزمة، ونحن درسنا في الأساس في جامعتنا مواضيع إدارة الأزمة، وكيفية إدارة الأزمة، وكانت مادة مستقلة؛ وبالتالي كان لدينا نوعًا ما معلومات في هذا الموضوع، بالإضافة إلى برامج الكمبيوتر وما شابه ذلك. ولم يسألني -الدكتور صلاح اللواء- عن موقفي بشكل شخصي: هل أنت مع أو ضد؟ ربما كان يدرك في قرارة نفسه أو يعلم بأن معظم الشباب مع هذا الحراك، ولكنه لم يسألني بشكل مباشر، ربما كي لا يتسبب بإحراجي، وأخبرني [قائلًا]: أنت أصبحت الآن موظفًا في خلية الإدارة، أخبرني بهذا الشكل البسيط، حتى أنني فوجئت بهذا الموضوع، ومن ثم أخذني إلى مكتبي، قال لي: هذا المكتب، ستأتي غدًا لتباشر عملك فيه.
وطبعًا، لم أدرك بأن الأمور انتهت فعلًا بهذا الشكل البسيط. قال لي: عليك تسيير بعض الأوراق [الرسمية] من أجل نقل ملاكك من وزارة التربية إلى القيادة، وهناك دراسة أمنية بسيطة أيضًا، يجب أن تخضع لها، وهذا أمر روتيني، وأنا سوف أخبر من يقوم بهذه الدراسة أن ينهيها بشكل سريع. أخذت الأوراق من القيادة، من مكتب التنظيم الذي كان يديره سعيد إديليا، وأخذت أوراق طلب القيادة بنقلي من وزارة التربية إلى القيادة، وذهبت إلى وزارة التربية في دمشق، وقمت بتسيير بالأوراق بشكل روتيني، وكانت هناك موافقة على نقلي من وزارة التربية إلى ملاك القيادة القطرية. طبعًا، في هذه الفترة كانت الأمور تتسارع في سوريا، والحراك الثوري يزداد في سوريا بشكل واضح، وكنت متحمّسًا جدًا للدخول إلى خلية الأزمة ومعرفة ماذا يحدث داخل هذه المكاتب، ومن ثم بدأ عملي. كان هناك أيضا دراسة أمنية تحدّث عنها، كانت دراسة أمنية شكلية، ربما تدخّل اللواء صلاح الدين النعيمي في هذا الموضوع، وطلب منهم استعجال الموضوع.
بدأتُ فعليًّا كموظف مثبّت على الأوراق، في بداية الشهر الخامس (أيار/ مايو) في 2011، لكنني كنت أداوم في مكتب القيادة سابقًا مع بداية منتصف الشهر الرابع (نيسان/ أبريل) تقريبًا في 15 نيسان، ولكن حتى انتهت الأوراق بشكل رسمي، على كل حال، كانت لدي وثيقة توظيفي في هذا المكان، ووثيقة نقلي من وزارة التربية إلى القيادة، بالإضافة إلى الوثيقة التي وافق فيها سعيد بخيتان (أمين القطر المساعد) على توظيفي في خلية الأزمة. طبعًا، وبكل أمانة، لم يستدعني أحد من أجل هذا الموضوع ولم تستدعني أية شخصية قيادية، ربما بسبب ظروف الضغط والعمل فلم يكونوا متفرغين لهذا الموضوع. التقيت باللواء صلاح الدين النعيمي والعميد مصطفى الشرع فقط، لم يكن هناك أية لقاءات أخرى تتعلق بسؤالي عن أي موضوع أو محاولة معرفة خلفيتي أو ماهيتي... إلخ. لم يكن هنالك أي شيء من هذا، ولكن الوثيقة وقّعت في بداية الشهر الخامس (أيار/ مايو) وكنت في هذه الفترة أعمل من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع في القيادة، وكما هو معروف عندما تقوم بالتفرّغ للعمل في القيادة القطرية أوفي شيء يتبع للقيادة في سوريا فهذا يعطيك الراتب الأساسي على ملاك الدولة الذي كنت آخذه من وزارة التربية، بالإضافة إلى نصف راتب وهو راتب ونصف، كما يقولون: هو تفرغك في هذا المكان. وأذكر بأن هذا الموضوع لم يكن يشكل ضغوطات كبيرة، وإنما سارت الأمور بشكل سلس، ربما من خلال الاتصالات الهاتفية أو الوساطات التي كان يقوم بها اللواء صلاح الدين النعيمي، وأعود، وأذكر بأن الأمر لم يتمّ بشكل معقد، لدرجة أنني استغربت هذا الموضوع: فكيف لشاب بسيط ما زال طالب ماجستير سنة ثانية، وكان لديه دخول مباشر إلى القيادة. والحديث مع اللواء صلاح الدين النعيمي وتوظيفي بهذا الشكل كان مفاجئًا بالنسبة لي. ولكن ربما يمكن تفسير ذلك بأن القيادة في سوريا كانت منشغلة فعلًا بأمور كثيرة، وغير متفرغة للتدخل في أمور جزئية كهذه، ورغبة الدكتور صلاح الدين النعيمي (اللواء) بأن يخرج خارج دائرة الوساطات التي كانت تفرض عليه بشكل كبير، وأن يوظف شابًا في هذا الموضوع. طبعًا، بدأ عملي في القيادة كمدير مكتب البيانات والمعلومات، وكنت الموظف الوحيد في خلية إدارة الأزمة، بالإضافة إلى اللواء صلاح الدين النعيمي والعميد مصطفى الشرع، ولم يكن هناك موظفون باستثناء مراسل واحد كان يأتي مساءً؛ كي ينقل البريد بين القصر الجمهوري وخلية الأزمة، وبالمجمل كان العمل في البداية يتمّ بشكل روتيني، ونستطيع التحدث بعد ذلك في تفاصيل وآليات العمل.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/06/15
الموضوع الرئیس
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)كود الشهادة
SMI/OH/13-02/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/07/18
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)
حزب البعث العربي الاشتراكي
القيادة القطرية لحزب البعث