تعامل خلية إدارة الأزمة مع الحراك الثوري
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:11:42:23
طبعًا، كانت الخلية المركزية في دمشق (الخلية المركزية لإدارة الأزمات)، ولكن كان هناك في كل محافظة في سوريا خلية فرعية تسمى: الخلية الأمنية. فكان هناك الخلية الأمنية في حلب، والخلية الأمنية في حمص، وفي اللاذقية إلى آخره، كانت مكوّنة من أعضاء يشكلون المعادل للقيادات الموجودة في الخلية المركزية، فعندما نتحدث عن وزير الداخلية، نتحدث عن مدير المنطقة، و المحافظ، نتحدث عن قائد المنطقة العسكرية أو قائد المحافظة (الشخصية العسكرية)، نتحدث عن رؤساء الأفرع الأمنية (المخابرات الجوية والعسكرية وإلى آخره) في هذه المحافظة، فهم المعادل لهذه الخلية المركزية الأساسية، وكان ضمن نطاق المحافظة، وكانت تأتي تقارير من هؤلاء أيضًا، ولكن عادة تقارير اللجان أو الخلايا الفرعية كانت تتعلق بالتدابير التي تتخذ وبقياس فاعلية الإجراءات التي تم اتخاذها والقرارات التي تم اتخاذها؛ لذلك لم تكن تقارير تفصيلية.
هذه التقارير تأتي إلى مكتبي فأقوم بتلخيصها، ومن ثم إرسالها، وإدخالها إلى الاجتماع المسائي. في الاجتماع المسائي، تتم مناقشة كل هذه القضايا، ويتم اتخاذ الإجراءات. الاجتماع المسائي هو الأساس الذي تؤخذ فيه القرارات في عموم سوريا، فكان هناك أولًا- عرض للأحداث، يمكن أن نطلع فيما بعد على بعض محاضر اجتماع خلية الأزمة، وهي المحاضر الرسمية أو النسخة الوحيدة أيضًا، والتي استطعت إخراجها، فهناك محاضر كثيرة لم أستطع إخراجها.
و كان هناك في البداية عرض للأحداث اليومية وملخص أيضًا، ومن ثم بعد الاجتماع، تقرّر ما يلي، وكانت هذه القرارات هي قرارات عامة تشمل كل المناطق في سوريا؛ لذلك لم يكن هناك قرار جزئي يتعلق بحدث جزئي إلا إذا كان هذا الحدث له أهمية بشكل كبير، فكان الموضوع بشكل يومي وبشكل جدي، كنت ألاحظ بأن أعضاء خلية الأزمة يدركون أن هذا الأمر لا يستهدف بشار الأسد فقط، إنما يستهدفهم، و يستهدف صلاحياتهم، يستهدف قدراتهم، يستهدف كل النفوذ الذي يتمتعون به في سورية.
في بداية عملي، كنا نتحدث مع أمانة السر: اللواء صلاح، والعميد مصطفى الشرع. حول قدرة النظام على إدارة هذا الأمر. كنا نتحدث بشكل عفوي، بصراحة، لم يكن هناك حواجز بيني وبينهم، وكانوا يخبرونني الكثير من الأمور التي تدور في الاجتماع، كانوا يخبرونني الكثير من الأمور أيضًا، ربما تحدث عن آلية النظام الغير صحيحة في التعامل، كان العميد مصطفى الشرع يحدثني حول تقديم توصيات في بداية العمل، كنا ندرك جميعًا، وهم كانون يدركون هذا الموضوع أيضًا، يدركون أن النظام لم يقم بالإدارة الحقيقية للأزمة؛ لذلك نحاول.[القيام بذلك] قدر الإمكان في مناصبنا، هم يتحدثون عن إمكانية تقديم مقترحات حقيقية علمية ذات تأثير على إدارة الأزمة من خلال تقديم مقترح لبشار الاسد بأن يذهب إلى درعا بنفسه، و أن يقوم بإرضاء العوائل التي تعرّض أطفالها للقتل التعذيب، أن يقوم بالتواصل مع أهالي المتضررين في درعا من أجل إرضائهم وما إلى ذلك. ولكن أعضاء خلية الازمة وبشار يرفضون دائمًا هذه الاقتراحات؛ لذلك لم يعودوا يقدمون أية اقتراحات أو توصيات فيما بعد، وكنت أعلم تمامًا بأن عقلية النظام لن تسمح بأن يكون هناك إدارة أزمة حقيقية، إنما كانت بالمعنى الحقيقي هي إدارة أمنية عسكرية للأزمة، وكانوا يصفون كل من يخرج بالتظاهر بأنه مندس وعميل وما إلى ذلك.
في بداية عملي، أذكر أنني في يوم من الأيام دخلت إلى مكتب حسن تركماني، أعتقد في الشهر السادس (حزيران/ يونيو) في 2011 ، هو استدعاني بصراحة، طلب مني بعض الأوراق وبعض الإحصائيات؛ فدخلت ومعي التقرير اليومي الذي أعده، وطلب مني بعض المعلومات حول أعداد المتظاهرين، وأعداد القتلى، والمظاهرات وما إلى ذلك، فأخبرته، و تحدثنا في هذا الموضوع، فكنت أقترح عليه اقتراحًا، فقلت له: سيادة العماد، هل أنتم تريدون أن نقدم اقتراحًا، أنا شاب، وأعلم ما يريده الشباب في الشوارع، وماذا يهتفون، أنا قريب من هذه الفئة؛ فأعتقد أنه يجب أن يكون هنالك اقتراحات ربما من باب إحداث فارق، ربما يكون هناك اقتراحات علمية ومنطقية لإدارة الأزمة، هؤلاء الشباب يجب الاجتماع معهم، يجب الحديث معهم، يجب التقرب منهم إلى آخره. وكنت أعلم الرد، و بأنه سوف يرفض، كنت أريد أن أسمعه بشكل شخصي، فقال لي: كل هؤلاء مجرمون، كل هؤلاء مندسون وعملاء، لا يوجد لدينا حلّ سوى الحل الأمني والعسكري.
كنت أعتقد إن حسن تركماني يتحدث بلسان النظام، وليس بلسانه، فهو كان على العكس من هذا الموضوع، [ولاحظت ذلك] من خلال التواصل معه، هو كان أكثر عضو خلية أزمة أراه؛ لأن مكتبه كان في الخلية، وتستطيع أن تراه، أما البقية فلا تستطيع أن تراهم أبدًا، ربما أنا رأيت آصف شوكت مرة واحدة، ورأيت ديب زيتون مرة واحدة، وعلي مملوك مرة واحدة أيضًا، وكانت بالصدفة، أنا أجلس كنت في مكتب أمانة السر، أتواجد عندهم دائمًا، فدخل العماد آصف شوكت، ودخل ديب زيتون، ودخل علي مملوك، فكان من المفترض أن أذهب إلى مكتبي، وكان اللواء صلاح الدين النعيمي ينظر إليّ، ويشير إليّ؛ لأخرج خارج المكتب، ولكن الفضول ومحاولة الحصول على أي شيء جعلني أقرر البقاء ولو لدقائق بسيطة، فكنت أحاول أن أجمع أوراقي، وأن أرتب اللابتوب، فاستطعت أن أراه، وربما لمدة أربع أو خمس دقائق، ثم خرجت إلى مكتبي.
هكذا كان الجو في خلية الأزمة، أنت لا تستطيع أن ترى أحدًا منهم؛ لذلك كان حسن تركماني ربما هو الأكثر قربًا من هذا الموضوع، وهذا كان لسان حال النظام، وأعتقد بأنه لم يكن هو شخصيًا يقصد هذا الكلام، ولكن هكذا فهم الأمر، بأن الحل أمني وعسكري. وكان هذا الأمر منذ الشهر الرابع للثورة؛ لذلك فيما بعد أدركت بأن النظام لن يكون لديه أي تعامل منطقي وعلمي ومنهجي مع المتظاهرين أو مع محاولة حل أسباب المظاهرات، وحل أسباب ومسببات هذا الحراك، وأدركت في هذه اللحظة بأن ما أقوم به هو حقيقي فعلًا، وليس هو الصحيح، فأنا دخلت إلى إدارة خلية الأزمة من أجل معرفة طريقة تفكير النظام، وهذا ما استطعت إدراكه من اليوم الأول، وأن أحاول قدر الإمكان مساعدة الشباب المتواجدين في كل سوريا، وليس في دمشق فقط، من خلال إعطائهم المعلومات، من خلال إيصال الوثائق المهمة إلى الإعلام، من خلال معرفة أشخاص النظام وشخوصه الذين تورطوا في هذه الجرائم منذ عام 2011 إلى الآن، من أجل محاسبتهم فيما بعد.
كانت هناك محاولة، ربما كانت جيدة أيضًا في هذه المرحلة، وهي فضح آلية شخوص النظام. كل السوريين لم يكونوا يعلمون بأن هناك شيء يسمى: "الخلية المركزية لإدارة الأزمة". حتى الإعلام العربي والأجنبي لم يكن يعلم بهذا الموضوع، كنت أحاول قدر الإمكان أن أوصل صوت النظام المخفي في دمشق إلى الشعب السوري، ومن ثم إلى الإعلام العربي والعالمي، و ربما استطعت في هذه الفترة تحقيق جزء بسيط مما كنت أطمح اليه.
طبعًا، في هذه الفترة عملت من الشهر الرابع (نيسان/ أبريل) إلى الشهر السابع (تموز/ يوليو) تقريبًا بشكل متواصل على التواصل مع التنسيقيات، والتواصل مع شخصيات إعلامية كثيرة في المعارضة، و التواصل مع إعلام كثير، كنت أصور الوثائق التي تأتيني بشكل يومي، وأضعها على الهاتف، ومن ثم أقوم بإرسالها، وكنت مستغلًا نقطة مهمة في القيادة وهي أن الكاميرات ممنوعة، كانت كاميرات المراقبة في القيادة ممنوعة بشكل كامل، بالإضافة إلى أن الإنترنت كان ممنوعًا أيضًا، فكانت هذه نقطة إيجابية بالنسبة لي، فأنا أستطيع التنقل بين المكاتب والكاريدورات (الممرات) من دون أن يكون هناك أي مراقبة على هذا الموضوع، وكنت أحيانا آخذ الوثائق إلى الحمام أو إلى قسم النوم؛ لأقوم بتصويرها وما إلى ذلك، وعندما كنت أجد وثيقة مهمة كنت أقوم بإخفائها في مكان معين، وآخذها إلى البيت مساءً.
وهكذا فإن الوثائق التي خرجت معي هي ليست وثائقًا لشهر معين، و إنما وثائق تمتد من الشهر الرابع (نيسان/ أبريل) من عام 2011 حتى خروجي مع بداية 2012 ، فكنت أرتب الموضوع بهذا الشكل، وكنت أعلم بأنه في فترة من الفترات سيُكشف أمري، وسأخرج بطريقة معينة إلى خارج دمشق، ولكن في الشهر السابع (تموز/ يوليو) 2011 ، بدأ الحديث هنا في الإعلام عن وصول أخبار من داخل القيادة ومن داخل دمشق عن تحركات في القيادة، فهناك اجتماعات و هناك ما يسمى خلية الأزمة، وهناك قرارات مهمة. بدأ حتى أعضاء خلية الأزمة يلاحظون بأن الأوامر التي كانت تُعطى للفرق الأمنية والعسكرية من أجل تنفيذ مهام في محافظات وفي دمشق لم تؤتِ ثمارها؛ لذلك كانوا عندما يقومون بحملة اعتقالات، مثلًا: حملة اعتقالات في دوما، فأنا لديّ أصدقاء في دوما، فأتواصل معهم، نقوم بترتيب الأمور، وتنتهي، فيذهب النظام والقوة الأمنية والعسكرية ولا يجدون شيئًا، وهذا في كثير من المحافظات.
لذلك بدؤوا يستشعرون بأن هناك شيئًا معينًا يتسرب من خلية الأزمة، أو أن قرارات مهمة تسربت من هذا الموضوع، و كان هذا في الشهر السابع (تموز/ يوليو) وأذكر أن صلاح الدين النعيمي (أمين السر) استدعاني إلى المكتب، وقال لي: بأن سعيد بخيتان يريدك، وكان سعيد بخيتان في هذه اللحظة مازال رئيس الخلية المركزية لإدارة الأزمة، فكان في مكتبه في الطابق الثالث، في مبنى القيادة، وصعدت إليه، وكنت دائمًا متخوفًا من مقابلة سعيد بخيتان؛ لأنه و بحسب ما يتحدث عنه الجميع في القيادة بأنه شخص سيء التعامل، وبأنه لا يحترم الآخرين؛ فبالتالي كنت أحاول قدر الإمكان ألا أقترب منه أبدًا، فاستدعاني إلى مكتبه، وكان هناك مدير مكتبه، قال لي: تفضل بالدخول، فدخلت إلى مكتب سعيد بخيتان، فكنت دائمًا أحاول ألا استخدم الكلمات التي يستخدمونها، مثل: معلم وسيدي وغيرها، فقلت له: رفيق على مبدأ أننا كلنا في سورية كنا بعثيين شئنا أم أبينا، فقلت له تفضل رفيق، فقال لي: أنت أين تعمل؟ فقلت له: في المكتب الفلاني. فسألني: من معك من الموظفين؟ فقلت له: أعمل وحدي، ليس معي أحد. فقال: يوجد تسريب. فقلت له: ربما يكون التسريب من كتب المحضر، من يقوم بإرسال المراسلات البينية، فهذا هو الأمر أو أن تكون هناك توقعات أخرى لهذا الأمر، فلا نستطيع أن نجزم. فأذكر أن اتصالًا مهمًا جاءه فقال لي: اخرج من المكتب. فربما كان هذا الاتصال الذي أتى سببًا من أسباب إنقاذي في هذا الموضوع، ونسي الموضوع، ولكن كان الحديث في خلية الأزمة بأن هناك تسريبات فعلًا، وقد خرجت خارج القيادة، وكنت أتعامل بحذر أكبر، وبدأت أتعامل بدقّة في كل الأمور التي أقوم بتسريبها والحديث عنها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/06/15
الموضوع الرئیس
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)كود الشهادة
SMI/OH/13-04/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/08/01
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-محافظة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)