محاولة النظام وقف المظاهرات في مناطق التركمان بريف حلب الشمالي
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:34:06
بعد شهر تموز/ يوليو 2011 تقريبًا، بدأ تعامل خلية الأزمة يختلف قليلًا اتجاهي عما كان عليه في بداية عملي، خاصة بعد حدوث تسريبات إلى الإعلام، وبعد أن تحدثت بعض شخصيات المعارضة عن أخبار خاصة وأخبار مهمة من داخل القيادة، والحديث حول هذا الموضوع بدأ يثير ضجة في مواقع التواصل الاجتماعي وفي القنوات؛ فبدأ هناك تعامل جديد، ربما كان تجاهي فقط، وبدأت أيضًا آخذ حذري بشكل أكبر؛ لأنني لم أكن مستعدًا بشكل مناسب للخروج من دمشق.
فبعد شهر تموز/ يوليو اتصل بي اللواء صلاح الدين النعيمي، وقال لي: إن خلية الأزمة قامت بتعيين سكرتيرة سوف تكون معك في المكتب، وأعتقد بأن الهدف الأساسي هو مراقبة عملي: من يأتي إليّ؟ ومن يخرج من عندي؟ لأن الكثير من الناشطين كانوا يأتون إليّ، إلى مبنى القيادة، وكنت أستطيع إدخالهم من دون أن يكون هناك أي مشاكل، وحتى أن بعض الأشخاص كانوا من المطلوبين للأمن أيضًا، وكان هذا الموضوع سهلًا جدًا في القيادة؛ لأنك داخل مفارز الحرس في القيادة عندما تقول لهم: إنني آتٍ إلى خلية إدارة الأزمة. فلا يكون هناك أي سؤال أو أي تدقيق، بدأ التعامل يختلف قليلًا؛ حيث عيّنوا سكرتيرة في نهاية شهر تموز/ يوليو اسمها ميساء سليمان، وهي من الطائفة العلوية، من ريف إدلب الغربي، أعتقد أنها من قرية اشتبرق، وكانت هذه السكرتيرة تعمل معي في مكتبي نفسه، وضعوا لها طاولة بجانب المكتب، وبدأت تراقب بشكل عام تحركاتي، اتصالاتي، إلى أين تذهب الأوراق، ومن أين تأتي. وربما كانت تقوم أحيانًا ببعض الأمور التي أعطيها إياها، مثل: كتابة ملف أو غير ذلك. ولم يكن لها وظيفة محددة، ولكن أدركت أن هذا الأمر حدث من أجل مراقبة العمل، وأخبرني المسؤول في أمانة السر [قائلًا]: انتبه من ميساء، ربما تقوم بنقل بعض تصرفاتك إلى سعيد بخيتان. طبعًا، هنا بدأت بأخذ الحذر بشكل كبير، بدأت أضع الوثائق المهمة التي أحصل عليها وأبقيها في القيادة، فلا آخذها معي إلى المنزل، أضعها في درجي، رغم أنني قمت بنقل عدد من الوثائق إلى بيتي، لكن في هذه الفترة بدأت أترك الوثائق المهمة في درجي.
طبعًا، في هذه اللحظة كان هناك تسارع في الحراك الثوري و الحراك الشبابي والحراك السياسي بشكل عام في سوريا، وبدأت الضغوط أكثر على النظام، وبدأنا نتكلم عن الانشقاقات، وربما كانت هذه الفترة هي التي أتواصل فيها بشكل أكبر مع بقية المحافظات؛ لأن شبكة العلاقات بدأت تتوسع بيني وبين الناشطين والسياسيين وبين الإعلاميين وحتى جهات التنسيق في سورية، و كان هنالك أيضًا استمرار في تسريب المعلومات، وتسريب الأخبار، وتصوير الوثائق.
وبدأ الحديث يدور في إدارة خلية الازمة عن حاجتنا إلى أرشيف، أعتقد أن هذا كان مع بداية تسلّم العماد حسن تركماني لرئاسة الخلية التي كانت تقريبًا في نهاية شهر تموز/ يوليو وبداية شهر آب/ أغسطس عام 2011، حيث أصبح حسن تركماني رئيس خلية إدارة الأزمة، وبقي سعيد بخيتان الأمين القطري المساعد، وبقي عضوًا في خلية الأزمة، ولكن بقيت الرئاسة بيد حسن تركماني.
في هذه الفترة أيضًا أخبرني صلاح الدين النعيمي ومصطفى الشرع بأنهما سوف يحضران شخصًا لمساعدتي، بالإضافة إلى ميساء التي قاموا بإحضارها، هذا الشخص كان يدعى رضوان، وهو من الجولان، ومقيم في دمشق، كان اختصاصه هو الأرشفة، وكانت هذه النقطة هي الأكثر أهمية في عملي داخل الأزمة؛ لأن الوثائق لم تعد تأتي إليّ بشكل مباشر، فهناك أرشيف يأخذ الوثائق بعد الاطلاع عليها أو بعد كتابة المحضر من قبلي، حيث يأخذها رضوان ويقوم بأرشفتها في خزانة خاصة لخلية الأزمة، فكانت هذه النقطة مهمة جدًا، وكان رضوان بشكل عام شاب بسيط، كان أخوه الأكبر يدعى مازن، يعمل في القيادة فأحضره بواسطة إلى مكتب خلية الأزمة. وكان مازن هو مراسل بين خلية الأزمة والقصر الجمهوري، وهو الذي يأخذ التقرير المسائي، ويوصله إلى القصر الجمهوري؛ ليوقّع بشار الأسد عليه ومن ثم يعيده.
وفيما يخصّ هذه الجزئية، فإن التقرير يخرج من أعضاء خلية الأزمة مساءً، بعد أن يكتب الملخص اليومي والقرارات التي تصدر من خلية الأزمة، كان يسمى: محضر اجتماع الخلية المركزية لإدارة الأزمة، ويكتب التاريخ، واليوم، ورقم الديوان، إلخ. وفي النهاية، كان هناك توقيع رئيس خلية الأزمة. كان هذا المحضر يخرج كل يوم مساءً إلى بشار الأسد، فيقوم بالاطلاع عليه، عادة، كان يحذف بعض القرارات، أو يضيف بعض القرارات. وهنا يجب أن نقول: إن بشار الأسد كان مطلعًا على كل التفاصيل في سوريا، كانت تأتيه نفس التقارير التي تأتي إلى خلية الازمة، وكان يقرأ بشكل يومي محاضر اجتماعات الخلية والقرارات، وكما قلت: أحيانًا، كان يضيف، وأحيانًا، كان يحذف بعض القرارات، ثم يعود التقرير مساءً إلى الخلية، ويقوم صلاح الدين النعيمي بإخراجه وتوزيعه على الجهات المختصة، كان يوزّعه بالدرجة الأولى على أعضاء خلية الأزمة في مكاتبهم: إلى مكتب الأمن القومي، ووزارة الداخلية، والدفاع، والمخابرات الجوية، والعامة، والعسكرية. ثم تقوم هذه الجهات الأمنية والعسكرية بتحويل القرارات إلى قرارات تنفيذية، يحوّل إلى الأفرع من أجل التنفيذ بشكل عام، هذا كان" السيستم" (آلية صنع القرار والاتصال) الأساسي الذي تقوم عليه خلية الأزمة.
طبعًا، كانت هناك قضايا استثنائية تعمل عليها أيضًا، تتعلق بقضايا إعلامية، وتتعلق بقضايا اقتصادية وقضايا ربما نستطيع أن نقول عنها: إنها قضايا وطنية في سورية. كان هناك مثلًا: التدخل في صفقات القمح، التدخل في موضوع الخبراء الإيرانيين الذين كانوا يأتون للقيادة، كان هناك أيضًا وكما جرت عليه العادة أن يحضر ضباط من القصر الجمهوري اجتماعات الخلية، أذكر أيضًا أن ماهر الأسد حضر اجتماعات الخلية أكثر من مرة، طبعًا، لا نستطيع أن نراه بشكل مباشر، ولكن أعلم أن من دخل الآن كان هو ماهر الأسد أو بشار الأسد.
و في الفترة الأولى من عملي، كان هناك محاولة من قبل النظام للاجتماع مع وجهاء المناطق، والاجتماع مع شخصيات من المجتمع السوري في كل سورية، وكانت تحدث اجتماعات بشكل يومي في مبنى القيادة مع وجهاء من كل مناطق سوريا، وكانت تحدث إما في قصر القيادة القطرية أو كانوا يُنقَلون إلى القصر الجمهوري لمقابلة بشار الأسد.
وأذكر في أحد الحوادث، في شهر آب/ أغسطس أنه كان هناك اجتماع مع وجهاء ريف حلب الشمالي، وكنت في القيادة، فأخبرني صلاح الدين النعيمي أن بشار الأسد سوف يجتمع مع وجهاء من الريف الشمالي وحلب، وبالصدفة ومن دون أن أعلم، وجدت عمي، وهو أيضا كان من الوجهاء التركمان في سورية، ويعتبر من مشايخ تركمان سورية، واسمه عبد المجيد بركات، وكان موجودًا في القيادة، فشاهدته بالصدفة، وعلم حسن تركماني في تلك اللحظة بأني ابن أخ عبد المجيد بركات، ولم أقل له ذلك، ففوجئت بوجود عمي، وقال لي: سوف نخرج الآن إلى بشار الأسد من أجل اللقاء، والتقوا ببشار الأسد، وأذكر أن عمي طلب العودة إلى حلب مباشرة؛ لأنه تحدث بسقف مرتفع(بحدّة) مع بشار الأسد، وأخبره بأننا لم نستطع إقامة ميليشيات للتركمان في سوريا، ونحن نرفض هذا الأمر، وبأن الثورة خرجت في مناطقنا، ونحن لم نستطع كبحها، وينبغي عليكم أن تتعاملوا بدقة جديدة وهكذا. أعتقد أن السقف كان مرتفعًا في الحديث معه، ولذلك عاد عمي بشكل مباشر إلى حلب، بعد أن تم استدعاؤه بطائرة" هيلوكوبتر" من حلب إلى دمشق.
وفي هذه الفترة، نحن كما يقال قُطع الحبل الذي كان يربطنا مع الدولة أو مع النظام، وأصبح التركمان بشكل عام في منتصف 2011 - هم كانوا في الأساس مع الثورة- و بشكل رسمي بعد هذا اللقاء مع الثورة، وكانت قريتي تركمان بارح مركزًا للمظاهرات، وكانت تخرج بشكل يومي في مظاهرات، وتُبَثّ على القنوات؛ لذلك أذكر أن حسن تركماني استدعاني في نهاية الشهر الثامن الى مكتبه، وقال لي: إن قرية تركمان بارح تخرج بشكل يومي على قنوات الإعلام وخاصة على الجزيرة، ويُكتب بأنها تركمان حلب، فاتصل بعمي، وقال له: نريد أن نمنع المظاهرات في هذه المنطقة. فرفض عمي هذا الموضوع، وقال له: إن الناس تتظاهر أمامي في المضافة، ولا نستطيع أن نمنعهم، فهم أهلنا وشبابنا إلخ؛ لذلك طلب حسن تركماني من بعض الشخصيات التركمانية التي كانت مقرّبة بشكل كبير منه أو من النظام أن يخرجوا بمسيرة تأييد من بعض القرى القريبة منا، مثل: قرية الراعي وراعل وغيرها؛ من أجل أن يخرجوا بمظاهرة تأييد إلى قرية تركمان بارح، وأذكر أن حسن تركماني كان يعتمد على هذا الحدث من أجل تغيير صورة التركمان وعلاقتهم بالثورة السورية، وقام بالاتصال بعمي، وقال له: سوف تأتي اليوم مظاهرات تأييد إلى قريتكم من أجل الخروج. وأذكر إلى الآن أن الموقف السائد كان هو: من يدخل إلى قريتنا لكي يتظاهر تأييدًا لبشار الأسد فسوف نقوم بمنعه وبمواجهته، حتى لو كان ذلك بالسلاح. وهنا أدرك النظام أن هذا الموضوع أو هذا الأمر لم يعد بالإمكان التعامل معه بهذا الشكل، ولم يعد هناك سلطة مباشرة على الوجهاء وخاصة في المناطق البعيدة عن دمشق.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2020/06/15
الموضوع الرئیس
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)كود الشهادة
SMI/OH/13-05/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
سياسي
المجال الزمني
2011 آب
updatedAt
2024/07/18
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-تركمان بارحمحافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)
القصر الجمهوري- قصر الشعب