تنظيم عمل منظمات المجتمع المدني من قبل القيادة الثورية في دمشق وريفها
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:22:22
الملف الثالث الأهم هو ملف المنظمات -ونحن انطبق علينا المثل: يمزح المزحة ويصدّقها ويحلف أنها حقيقة- وقصّة المنظمات الإغاثية والتنموية والتعليمية، وسيل المؤسسات التي جزء كبير منها لا أحد يعرف كيفية دعمها أو عملها، أو تصرفاتها في الأموال أو خططها، ولكن يتمّ تغطيتها جميعاً تحت اسم "منظمات مجتمع مدني". الحقيقة منظمة المجتمع المدني تُصنع على الأرض من قبل أشخاص معلومين، ولها هيئة عامة وإدارة وميزانية وشفافية، ولها تقرير مالي وتداول إدارة... الخ، [لكن الواقع أنه] أي كتلة مكوّنة من أربعة أشخاص ممكن أن يطلقوا على أنفسهم اسماً، مثل: نماء، وشرق، وسخاء، ومن هذه الأسماء التي ما أنزل الله بها من سلطان، يعني خرجنا من الغوطة وما زلنا نسمع بأسماء مؤسسات كهذه. هذه المؤسسات بصراحة كان خلفها صناديق مالية، وهذه الصناديق هي أجندة المال الدعوي تحديداً الذي كان يدخل إلى الغوطة تحت عنوان (مال دعوي): المال الإخواني في الغوطة تحديداً، وفي دُوما كان المال السلفي السعودي، وهذا الأمر كان يفقدنا الهوية الوطنية، وكان يضعنا بمأزق، بمعنى: هل يجب أن نعيش تجربة حزب النور والإخوان المسلمين المصريَّين هنا في الغوطة؟ وحالة الحصار لا تسمح بهدر، بل حتى الأشخاص الأربعة أو الخمسة الذين يحملون أجندة، ولا أعرف من أين هبطت عليهم آلاف الدولارات وأقاموا مشروعاً، فهذا ليس حقهم، هذا حقّ الغوطة، ونحن في زمن حصار ومقدمون على انهيار، فأنت مشروعيتك هي حاجة الناس، لذلك يجب أن تنفق ما عندك.
ونحن هنا قلنا: هذه هي المؤسسات كلها، فلنحدث مكتباً لشؤون المنظمات؛ ففكرة دمجها غير ممكنة، وكذلك فكرة تغييرها، ولا نريد التدخّل في عملها وعرقلة آليات عملها؛ لأنه ببساطة سيقول [مدير المنظمة]: لقد جعلتموني أخلّ بشروط الداعم فتوقّف الدعم. وهذا الداعم الخفي الذي لا يعرفه أحد، ودائماً عنده شروط بعضها لا علاقة لها بطبيعة العمل أحياناً، هذه ظاهرة كنا نعيشها، فهناك مؤسسات يشترط داعمها أن تلتحي وتحمل معك سواكاً!! ويوجد قصص كثيرة، وفي هذه القضايا المالية مشروعيتك كلها قائمة على احتياج الناس؛ فيجب أن تحقّق مشروعيتك وتضع [ما عندك] لاحتياج الناس. فبدأنا بفكرة: لا تنتقص من "الأنزوعة" (الميزة الأساسية) الخاصة بمنظمات المجتمع المدني، ووضّحنا لهم: أنتم لستم مجتمعاً مدنياً، وإذا كنتم مجتمعاً مدنياً فأنتم فروع حصرية لمؤسسات أو لشركات؛ لأن هذه المؤسسة من تاريخ تأسيسها وحتى تاريخ تهجيرنا يديرها نفس الشخص! فما هذا الداعم الذي لا يجد غير هذا الشخص (يصلح لإدارة المنظمة) و[كأن] الباقي كلهم خونة! لا.. هذا غير مقبول. إذا قلت لي: مؤسسة؛ فيجب أن يكون لها نظام داخلي، وشفافية مالية، وتداول إدارة. حتى الحكومات تتغير [بينما] مؤسسات ما يسمى -بين قوسين- مجتمع مدني التي لا أحد يعرف كيف وأين يتمّ تمويلها لم يتغير أشخاصها. ويوجد أشخاص لم نعرفهم حتى نقول: غيّروهم! وخرجنا من الغوطة، ونحن نسمع بمؤسسات لم نكن ندري بها. والجميع كان يلبس الثوب الإسلامي وثوب المال الدعوي، وأن هناك جهة خيرية لا أعرف من أين [تدعم]، بينما كله دعم خليجي.
فقلنا: هذا الملف نضعه في صيغة؛ الوضع لا يتحمل صراعاً أو تخريب آليات العمل القائمة، وإنما نضعهم تحت الرقابة. وأقمنا مكتباً اسمه: مكتب منظمات المجتمع المدني، وقلنا لهم: تجاوزاً، سنعتبركم مجتمعاً مدنياً. وكنا نخاطبهم بهذه الصفة التي يحبونها، والأمر الثاني: المطلوب منكم: -إذا سمحتم ولن نتدخّل بعملكم- نحن الآن مقدمون على حصار خانق، وانقطعت شرايين الإمداد للغوطة، وتصعيد معركة جوبر يضع ثقله على الغوطة. وهاجسنا متى تبدأ الحملة الشرسة مثل التي شهدتها المناطق التي سقطت. المطلوب من كل شخص [بيان] ماهي خطته؟ فأنت مثلاً: ماذا لديك في مستودعك؟ ماهي خطتك؟ أعلمنا فقط، حتى نضعك ضمن الخطة الإستراتيجية. يعني وصلنا لدرجة عدم ممارسة سلطة الإجبار والإكراه، وكان المطلوب من هذه المنظمات فقط إعلامنا بمخازنها الإستراتيجية في مواجهة الأزمة، وأماكنها حتى نقوم بحمايتها، وحتى نضعها ضمن خطة مشتركة. مثلاً: خطة الخبز، عندما اشتدّ الحصار، حيث عاشت الغوطة مجاعة في عام 2017 بعد سقوط برزة والقابون، فكنت أريد أن أعرف ماذا لديّ من مخازن القمح والشعير؟ وآليات الضخّ (التوزيع) التي نسمح بها، يعني توزع بالكامل أم جزئياً؟ وهل لدينا مخزون يكفينا أم لا يكفينا؟ في البداية، كان المطلوب تقديم كشف لما لديكم فقط، ونحن لن نتدخّل.
وفي الاجتماع العام الذي دعونا إليه تلك المنظمات أبدى أغلبهم تجاوباً، ولكن كان يوجد تلكؤ عند التنفيذ، وشعرنا أن بعض هذه المؤسسات لم تكن تتكلم الحقيقة. وفي العموم أعلمونا وبدؤوا يسجلون تباعاً، والبعض صار يتلكأ، ونحن منحنا مهلة، وبعد المهلة كان هناك حادثة، حيث كنا متفقين في مجلس القيادة [أنه] بعد انتهاء المهلة إذا ضبطت منظمة لم تصرّح بما لديها، أو ضبطنا من يقوم ببيع المواد [المخصصة] للعمل الإغاثي، إذا ضبطنا شيئاً من هذه الأمور، فستكون التجربة التي ستربّي الباقين. وهذا القرار كنا قد اتخذناه في المجلس، وجاءتنا معلومة من المكتب الأمني لفيلق الرحمن أن المؤسسة الفلانية جرى رصدها وهي تبيع المازوت أو البنزين، وحتى أنهم باعوا لآليات فيلق الرحمن، وكانوا قد أدخلوا موادهم عبر النفق التابع للفيلق! فقلنا: ضعوهم تحت المراقبة، وعندما تنتهي المهلة إذا لم يصرّحوا فاحتجِزوهم.
فتمّت مداهمتها، واجتمعنا، وتمّ ضبط كميات من الديزل والمواد الغذائية غير المصرّح عنها، وإضافة لعدم التصريح كانوا يبيعون المحروقات أيضاً؛ فقلنا: لقد جاءت الضربة المزدوجة. بعد يومين، بدأ بعض أعضاء مجلس القيادة يقولون: لماذا تسرّعتم؟ واعترضت المنظمات، حيث كانت كلها تتضامن مع بعضها البعض [بحجة] أن الفصائل تدخّلت في العمل وتمّ مصادرة [موجودات] مستودع. وهنا بدأ يحدث سجال بين منظمات الداخل ومنظمات الخارج والمجتمع المدني، وتمّ إثارة زوبعة إعلامية كبيرة حولها، وبدؤوا يأتون إلى مجلس القيادة.
بعد أن كان عندنا إجماع على اتخاذ هذه الخطوة من المجلس بدأ يحدث تباين: أي منذ يومين أو أسبوع من كان شديد الحماس لاتخاذ هذه الخطوة أصبح الآن يقول: أبو فلان وفلان لو تعرفوه... ما الذي غيرّنا؟ والشخص الثاني يقول: نعم، ولكن ليس بهذه الطريقة، والمنظمات قدّمت وأعطت. وفي النهاية، وجدتها لوناً سياسياً إخوانياً؛ فأصبح هناك تضامن شديد معها حتى من بعض أعضاء مجلس القيادة، وهذا جعلنا ندخل في مرحلة نقاشات حادة، بمعنى أنه كنتم جميعاً موافقين منذ أسبوع، وتباركون هذه الضربة، ما الذي تغيّر فيها؟! هل لأن هذا الرجل من جماعتنا وصاحبنا ونعرفه؟! وإذا كان هذا السبب وهكذا هو الأداء، فهذا الكلام مرفوض. وهنا بدأت الوفود والمنظمات، والتقوا مرة مع رئيس مجلس القيادة، وقالوا له: نريد الذهاب إلى القضاء. فقال: اذهبوا. ونحن قلنا: لتكن تجربة إثبات مصداقية لمجلسنا أمام قضية خلافية، رغم أن القرار كان متخذاً من قبلنا، وتنصّل منه البعض، ولم نكن نريد أن نظهر اختلافنا في هذا الموضوع؛ يعني الوضع لا يتحمل أي تصدّع، ولندعها تذهب إلى القضاء. وأقاموا دعوى قضائية، وأخذوا حكماً قضائياً، وضغطنا على قيادة فيلق الرحمن وقلنا لهم: لنقدّم هذا النموذج، بمعنى أنه حتى هذا الذراع (العسكري) هو تحت القانون؛ وإذا صدر حكم بحقك ستنفّذه، وتصدر بياناً بهذا الكلام.
كان الحكم القضائي: إعادة محتويات مستودع المنظمة على أن تصرّح بموجوداتها. وكان فيلق الرحمن [قد] اتخذ خطوة إلى الأمام: وزّع المحتويات التي أخذها على المكتب الإغاثي في المجلس المحلي في زملكا؛ حتى يوزعوها على الناس، وهنا تمّ قطع خطوة.
وصدر قرار بأنه يجب أن يسدد (قيمة محتويات المستودع): قرار قضائنا يُلزم ذراعنا بأن يسدد. ونحن قلنا: يجب أن نعتبرها تجربة [تعلمنا كيف] نكون تحت القانون، وتجربة مصداقية بنية مشروعنا. وهذا أحد الأمثلة الحية التي فعلاً تعاملنا فيها بهذه العقلية، يعني عندما اختلفنا ولم يعد الموضوع محطّ إجماع، ويوجد قضايا حق وحقوق، توجّهنا للقضاء، ومهما كان حكم القضاء سيتمّ تنفيذه. وكان حكم القضاء جائراً بحق شريكنا الذي له نصف مقاعدنا، والحقيقة هذه التجربة تعاملنا معها هكذا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/09/06
الموضوع الرئیس
واقع الغوطة الشرقية عام 2017كود الشهادة
SMI/OH/52-52/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيلول- تشرين الأول- تشرين الثاني - كانون الأول 2017
updatedAt
2024/08/03
المنطقة الجغرافية
محافظة ريف دمشق-زملكامحافظة ريف دمشق-منطقة دومامحافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقيةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
فيلق الرحمن
جماعة الإخوان المسلمين (سورية)
مكتب منظمات المجتمع المدني في الغوطة الشرقية
المكتب الأمني لفيلق الرحمن
منظمة البشائر الإنسانية