الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تشكيل لجان مدنية لإدارة مدينة القصير ودعم المنشقين

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:56:16

نرجع بالحديث إلى حادثة اقتحام الجيش في شهر رمضان من عام 2011، في شهر آب/ أغسطس 2011. في هذه الفترة، لم أخرج من بيتي في المرحلة الأولى، استيقظت متأخراً، وخرجت، ووجدت الجيران يقفون، ويسترقون [السمع] مع هدوء حذر، و[سألتهم]: ما القصة؟ فقالوا: أليس لديك خبر؟ اقتحم الجيش. ألم يأتوا إلى بيتك؟ فقلت لهم: لا. وسألتهم: أين أصبحوا؟ فقالوا: إنهم يفتشون في بيت فلان.  فقلت: لأخرج من بيتي. وكان خلف المنزل بساتين لأقربائي، وذهبت إلى البستان، وانتظرت. وطبعاً، في وقتها، لم يدخلوا إلى بيتي. بعد الظهر، أُخبرنا بما حصل، وأُخبرنا بأن هناك شهداء، ولكن التقرير صدر بأن القصير لا يوجد فيها شيء، ولم يجدوا فيها أسلحة، وانسحبوا مباشرة في نفس اليوم، وبقيت المنطقة سليمة.

في هذه الفترة، وخلال المظاهرات، وخصوصاً المظاهرات المسائية، نقلنا التظاهر من ساحة عائشة التي هي بجانب الجامع الكبير (ساحة الساعة) مكان وجود الساعة في وسط المدينة إلى ساحة داخلية ضمن القصير وضمن المدينة في الحارة الغربية، سموها: ساحة الفاروق. وبدأنا نعقد اجتماعاتنا في هذه الساحة ومظاهراتنا، ونتظاهر هناك، وننشد، ونُدين، ونندّد، وكانت مظاهرات عادية، وكلها كانت مصورة، وتُرفع بتقارير على هذا الشكل.

في هذه الفترة، بدأنا، وكان لدينا مستويان: المستوى العسكري، والمستوى المدني، وكلاهما كانا يتطوران بشكل متسارع. وفي هذه المظاهرات، لاحظنا أن هناك أشخاصاً يدفعون المال للملثمين، وهناك نساء تبيع صيغتها، وتتبرع بها إلى أشخاص معينين، فقررنا -وكما ذكرت كان لدينا إدارة العمل- و[سألناهم]: لماذا يحصل ذلك؟ ونحن سوف نعلن في هذه المظاهرات بأننا سوف نجمع المال، ومن يحب أن يتبرع بالمال فسوف نشكل لجنة تجمع هذه التبرعات تحت علمنا، ونلم هذه التبرعات، ونجمعها، ونتصرف بها، ونحن مستعدون للمحاسبة في نهاية الثورة. وسوف يكون العمل منظماً ومنسقاً ومرتباً؛ فشكلنا لجنة لجمع التبرعات، وسميناها: لجنة الشهداء. نحن ندعم الشهداء، حيث أصبح لدينا شهداء بعد دخول الجيش الأول، فشكلنا لجنة كي ندعم أسر الشهداء، ونساعدهم، ونؤمن لهم متطلباتهم، ونرى من هناك من المعتقلين لمساعدتهم، فكانت هذه فكرتنا. دعونا خلال هذه المظاهرة: يا إخوان، نحن شكلنا لجنة، وستكون موجودة في صلاة الجمعة، وسوف تلمّ فلوساً، وهؤلاء الأشخاص من طرفنا، ويمكنكم أن تدفعوا لهم بدون خوف وبدون وجل، وإن شاء الله سوف نعدكم بأن تكون هذه الأموال للأعمال الإنسانية والأعمال المدنية فقط، وإذا أُخبرنا بأنه سيُدفع من هذه الأموال ثمن طلقة تؤدي إلى مقتل بشار الأسد فنحن لن ندفعها من هذه الفلوس، ونحن نتعهد بأن هذه الفلوس الأموال للأمور المدنية فقط وللأمور الإغاثية ومساعدة إخوانكم.

فعلاً، كان هناك قبول شديد، وكانت هذه أول مرة ندخل فيها إلى المجال المالي، ففي البداية، كانت التبرعات شخصية، ونحن كنا نتبرع لوحدنا، كنا كلنا مقتدرون، ونتبرع، ولكننا في هذه الفترة، أعلنا: أن الجميع يستطيع أن يتبرع، وسوف يكون المال محسوباً ومدققاً. وفي وقتها، تمت الدعوة عن طريق الشهيد -رحمه الله- كمال رحمة، وهو الذي طلب مني اللقاء، و كان بعيداً عن الحراك، ولكنه مقرب منا بشكل...، ونعرف ولاءه، وهو متدين وملتزم وأخلاقي، وهو معنا كمتظاهرين وكثوار، ولكن وضعه الاجتماعي لا يسمح له بالظهور، وكنا نفضل ألا يظهر في ذلك الوقت، فطلب مني لقاء، وبعث لي خبراً، واتصل بي هو وقريبه أبو عمر إدريس، و اجتمعت معهم في معمله، حيث كان لديه معمل للأعلاف، وطرح عليّ فكرة، وكانت فكرة جيدة وقتها، وهي: إن هذه الثورة بحاجة إلى عمل إغاثي، إلى عمل إنساني، ويجب أن نبدأ، ونتوجه نحو هذا الشيء. وكان في وقتها رئيس فرع "جمعية البر والخدمات الاجتماعية" في القصير، فنحن من خلال هذه الجمعية لن نستطيع أن ننشط، ولا نستطيع أن نشتغل شيئاً، ولن يوافق الناس؛ لأنها ملتزمة مع النظام؛ لذلك أدعوك على اعتبار أنك ناشط وتظهر بين الناس ولك سمعتك وكلمتك، فمن المؤكد أن الناس سيستمعون إليك، وأطلب منكم أن تبدؤوا وتشتغلوا في هذا المجال. وقلت له: ليس عندي خبرة في هذه الأعمال. فقال: أنت اطلب فقط، ونحن سنكون مع بعضنا إن شاء الله، ونتعاون.

وعندما جئنا اجتمعنا مع هؤلاء الأشخاص الذين تكلمت عنهم في المجموعة، قلنا لهم: هكذا ما يحصل، فقالوا: يا أخي، المصاري (الأموال) مخيفة، وهناك اقتحامات للجيش، وقد يجدون الأموال. فقلت لهم: هذا الكلام لا يخيف، نريد أن نشتغل، ويجب أن نشتغل. يعني يجب أن نمنع دسّ الأموال في الجيوب، فأنت لا تعرف من تعطي، ولا تعرف إلى أين تذهب، والبلد قادمة على أعمال، ولا نعرف ماذا سوف يحدث، يجب علينا أن نكون مهيئين لنجهز أنفسنا، ونعطي الناس فرصة لتشارك معنا. فوافقوا، وأعلنا عنه في إحدى المظاهرات: يا إخوان، إن ذلك سيحصل. وفعلاً، في الأسبوع الأول، جمعنا مبلغاً مرتباً (جيداً)، يعتبر مبلغاً جيداً، كان بحدود 400,000 بحسب ما أذكر، 400,000 ليرة سورية في ذلك الوقت لا تجمع بسهولة، وجُمع هذا المال، وكتبنا محضراً، وشكلنا لجنة سميناها: "لجنة الشهداء". وهي عبارة عن أعضاء، [كتبنا في المحضر] فلان وفلان أعضاء في هذه اللجنة، ووضعنا أمين صندوق ومحاسباً، وصار لدينا قسم مالي في ذلك الوقت. واتفقنا أن يوجه هذا المال إلى الشهداء ومساعدة عوائل الشهداء الذين نكبوا في هذه الفترة. وفي وقتها، جمعت الناس، وقلت لهم: يا شباب، ليست عندي خبرة في الأعمال [الإغاثة] الإنسانية أو خبرة في أعمال الجمعيات، ولم أشتغل في الجمعيات، و لكن لديّ الخبرة في إدارة الشركات، فعملي هو التجارة والصناعة والشركات، وعندي شركات منتشرة، وعندي فروع، و أعرف إدارة الشركات، وسوف أقدم لكم نظاماً بحيث ندير هذا البلد، ونعتبره شركة، وهذه الشركة تدار بالشكل التالي، والقاعدة تقول: إذا أحسنت إدارة الشركة فبالتالي سوف يكون إنتاجك جيداً؛ وبالتالي سيكون عملاؤك جيدين، وسيكون عليك الاختيار، وإذا نجحنا في إدارة هذه المرحلة وإدارة العمل فسوف نكسب في النتيجة أكيد (حتماً)، وسوف نكسب ثقة الناس، وسوف نكسب ثقه المتبرعين، فالذي يريد التبرع عندما يعرف بأنه يتبرع إلى إدارة حسنة وجيدة، فالشركات تُدار على الشكل التالي:  يجب أن يكون لدينا مدير مالي، و محاسب، وأوامر صرف، ويكون لدينا سبب ودراسة واجتماعات.. فشرحت لهم بالضبط كيف سيتم العمل الإداري، واتفقنا على هذا الشيء، وبدأنا بالجمع، كما قلت لك: هذه المرحلة الأولى. المرحلة الثانية: طبعاً، سوف أفصل العمل العسكري عن العمل المدني، لأتكلم عن العمل المدني ماذا فعلنا.

نحن سنشكل لجاناً، وهذه اللجان ستقوم بالأعمال المطلوبة منها، وتُحاسب كل يوم في يومه، مثلاً: أنت تريد أن تأخذ مبلغاً من المال لإنفاقه في كذا، فيجب أن يكون معك أمر صرف، وتأخذ هذه المصاري (الأموال)، تعرف ماذا أخذت، ونحن يجب أن نعرف بالتالي في آخر اليوم ماذا فعلت بهذه الأموال، ويجب عليك أن تقدم نظام محاسبة دقيق وشديد وموثّق. صحيح أننا جمعنا المال، وقد يكون هناك من أعطى 10 ليرات و20 ليرة و100 ليرة و500 ليرة، ولكننا يجب أن نكون مسؤولين أمام أنفسنا وأمام الناس غداً، فإذا جاء شخص يجب علينا أن نقول: أخذنا من الجامع الفلاني مبلغ كذا، و صرفناه في المكان الفلاني، ويجب أن نكون مُوَثّقين كل شيء، فبدأنا العمل بهذا، وشكلنا لجاناً وأشخاصاً عندها خبرة في هذا العمل، وكان كمال -رحمه الله- هو الرجل السري الموجود معنا هو وشخصين آخرين، كانوا يعملون معنا في هذه اللجان بشكل سري، ولم يكونوا ظاهرين. وكان -رحمه الله- صاحب الفكرة الإغاثية والعمل المادي في هذا الموضوع.

في المرحلة الثانية، بدأنا نتجه نحو الآخرين، من هناك؟ نريد أن نبدأ بربط القصير مع الآخرين، يعني نحن لسنا لوحدنا في عالم آخر، فكانت هذه هي الفكرة، يا أخي، تعال لنرى من  الموجود الآن في الساحة، فكان "الإخوان المسلمون" موجودون في المدن و السلفيون موجودون وطبعاً لم نستطع الارتباط مع السلفيين لا بحلال ولا بحرام (صعب التعامل معهم)، لهم رجالهم، ولهم ثقاتهم، ولهم أعمالهم، وهذا الأمر لم نقدر عليه أبدًا، وكانوا يعملون لوحدهم، وكان لدينا مثلاً: العلمانيون وهذه الأمور، هؤلاء أيضاً كان التعامل معهم سهلاً، و اتفقنا مع الأشخاص الواصلين إلى هذه الشخصيات أو إلى هذه العلاقات [وقلنا لهم]: تعالوا لنتفق، وكل شخص يجلب من الجهة التي يعرفها أو التي يستطيع التعامل معها، وهذا المال هنا يدمج بالكامل، ونقوم بخلطه ونصرفه على الناس بدون أن يعرف أحد ما هو مصدره؛ حتى لا نتبع بالولاء إلى أحد، يعني نكون مستقلين في رأينا، ونكون مستقلين في قرارنا، ونكون مستقلين في تصرفاتنا.

وطبعاً، توافقنا على هذا الشيء، و فعلاً، الأشخاص الذين كانوا معنا مشكورون، وكل شخص اتجه إلى الجهة التي يعمل معها، وصار يجلب الدعم، والدعم يأتي إلينا، ونحن نرتبه، ولا نلتزم بأي أوامر أو أي شيء، فصار عندنا دخل ثان غير الأموال التي تجمع من الناس، وأصبح لدينا جهة تجلب عن طريق حمص، وعن طريق جماعة الإخوان المسلمين، كانوا يبعثون لنا دعمًا كل شهر مبلغًا مقطوعًا من المال، وكنا قد ارتبطنا مع لجنة تنسيقيات كاملة في المحافظة، وصرنا مرتبطين مع الكل تقريبًا، و نعمل مع بعضنا، و مرتبطين مع الناس الذين يعملون من أجل الدولة المدنية أو المجتمع المدني، وكل جهة تسمي نفسها باسم مختلف، وارتبطنا معهم أيضًا، وصرنا نشتغل معهم. والشغل هو أخذ التبرعات منهم، وندعم الناس، ونوجهها من دون أن نكون تابعين إلى أي جهة معينة. فصارت عندنا هنا أعمال متعددة [منها]: لجنة المظاهرات، وصارت عندنا لجنة الشهداء، وصارت عندنا اللجنة الإعلامية التي تهتم بالأمور الإعلامية، وصارت عندنا اللجنة الاستشارية التي يأتي إليها الناس، ويستشيرونهم ماذا سوف نفعل؟ وصارت هذه المجموعة موجودة. وطبعاً، لم نكن تحت أي مسمى معين في هذه الفترة، شكلنا فقط، فصارت عندنا قوة، والقوة المادية هي الموجودة، وصار معنا فلوس، صار عندنا تبرعات، وصار عندنا جهات تدعمنا من حمص، وأشخاص يبعثون لنا، إخواننا السوريون المغتربون من أهالي القصير الموجودون في بلدان الاغتراب عندما عرفوا مثلًا: أن الدكتور عباس أو الحاج أبو الكاظم والحاج أبو معن والحاج أبو تميم وفلان وفلان هم الذين يديرون العمل فهذا يعني أنهم أهل ثقة، صاروا يبعثون لنا، و كانوا يجمعون من بعضهم و من رواتبهم، و يبعثون، فصار لدينا حجم مالي جيد.

وهنا بدأنا نتوسع في العمل، ماذا فعلنا؟ قلنا: حاليًا، صار لدينا شيء اسمه: "المنشقون"، جاء أول منشق، وأعلن عن انشقاقه، وشكل تشكيلًا معينًا عبارة عن 23 عسكرياً، جمعهم، وأنشأ نواة الجيش الحر الأولى في القصير، كان -رحمه الله- اسمه أبو الوليد هو وقاسيون، وهؤلاء شكلوا مجموعة، نحن ذهبنا، تبرعنا، والتقينا معهم، وطلبنا منهم أن يكونوا لوحدهم، ويشكلوا قوة، ويهمنا أن يكون العسكريون لوحدهم، وتبرعنا لهم برواتب شهرية، في كل شهر، كل شخص يأتيه راتبه، [راتب] المتزوج في وقتها 5000 ليرة، و[راتب] العازب 3000 ليرة، فشكلنا لجنة سميناها: "لجنة العسكريين". في البداية، بدأنا في دعم الجيش الحر المنشق فقط؛ لأنه كان لدينا منشقون ليسوا من القصير، يعني انشقوا، وبقوا معنا، كانوا موجودين مع الجيش (جيش النظام) في القصير، عندما اقتحم القصير، وانشق، بقي عندنا، كان هناك من درعا ومن إدلب ومن كل المناطق، كان هناك عسكريون منشقون، وبعدها كبر هذا التشكيل.

وفي البداية، دعمناهم، وأحضرنا لهم ستراً موحدة للشتاء، لأننا كنا قد دخلنا في الشتاء، وأحضرنا لهم ملابساً رياضية وأحذية وأعطيناهم رواتب، وصرنا ندعمهم من الناحية الإنسانية فقط، ولا ندعمهم بالسلاح أو الذخيرة، نعطيهم الرواتب فقط كي يعيشوا لأن عندهم عوائل وأسرًا، وتركوا رواتبهم، وانشقوا. فتشكلت عندنا النواة الأولى التي هي رواتب المنشقين، وصارت هذه لجنة خاصة بهم مؤلفة من 4 أو 5 أشخاص، صاروا يتابعون أمورهم، وهم مسجلون، ويقبضون المال باليد، ولا يقبلون تقبيضهم إلا باليد، فمثلًا يأتي القائد ليأخذ[فلا يتم إعطاؤه]، وبعدها، صار [العمل] أوسع، وصارت الأرقام بالمئات والآلاف.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في القصير

كود الشهادة

SMI/OH/112-09/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آب 2011

updatedAt

2024/04/22

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-مدينة القصيرمحافظة حمص-محافظة حمص

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جمعية البر والخدمات الاجتماعية

جمعية البر والخدمات الاجتماعية

الشهادات المرتبطة