الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تهريب وثائق خلية إدارة الأزمة والتوجه إلى حلب

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:05:05

فلنتحدث قليلًا عن المرحلة الثانية، فبعد أن أصبح عندي اثنان في المكتب هما رضوان وميساء صارت حركتي صعبة قليلًا، وبدأت أنشط خارج خلية الأزمة، كنت أنشط بشكل كبير مع المظاهرات في دمشق وفي ريف دمشق، وأذهب بشكل أسبوعي الى حلب لكي نتظاهر، وكان الوضع هناك (في حلب) سيئًا جدًا بسبب كثرة اللجان الشعبية، كما يسميها النظام، أو كما كان يُطلَق عليها في خلية الأزمة التي كان مسؤولًا عنها بشكل مباشر فرع الأمن القومي والأفرع الأمنية في حلب (فرع الأمن العسكري والأمن السياسي) وكانت تُسمّى اللجان الشعبية، وتترأّس هذه المجموعات عائلة معروفة في حلب هي: عشيرة بيت بري، وكانت هذه اللجان تسيطر على حلب بشكل كبير. فأنا من خلال نزولي بشكل أسبوعي إلى حلب من أجل الخروج في المظاهرات والمشاركة بها لاحظت بأن هذا الأمر هو الذي يضبط حلب، وليس الأمن [فلم يكن لهم دور] بقدر ما كان للشبيحة الذين كانت لديهم سلطات واسعة [تسمح] لهم بالقتل، والاعتقال، والضرب، وإلخ. فقدّمتُ مقترحًا إلى خلية الأزمة (إلى حسن تركماني)، هذا الأمر حصل في الشهر التاسع (أيلول/ سبتمبر) 2011 تقريبًا، قدمت مقترحًا بأن يكون هنالك حل للجان الشعبية في حلب؛ لأنها سبب من أسباب التوتر الذي يحدث في حلب، ولأن السلطة التي أعطيت لهم أصبحوا يستخدمونها بشكل سيّئ، ويقومون باستفزاز الناس، ويشكلّون سببًا من أسباب خروج المظاهرات، في حلب. عرضته بهذه الطريقة، كي لا يُشكّ بهذا المقترح، وبالفعل، صدر قرار من خلية الأزمة، القرار موجود لديّ، يقضي بحلّ اللجان الشعبية في حلب، وبهذا الشكل بدأت حلب تخرج في المظاهرات قليلًا؛ لأن سلطة اللجان الشعبية تراجعت بشكل كبير، وكان هذا القرار من الخلية المركزية لإدارة الأزمة، وكان لي دور مهم في إصدار هذا القرار، بعد إقناع حسن تركماني بهذا الموضوع، وبدأنا نتحدث عن نشاطات ليست في دمشق فقط، ربما ازدادت بشكل كبير في حلب وإدلب وبقية المناطق وحتى في دير الزور، والمنطقة الجنوبية، ودرعا، وإلخ. كنت أذهب إلى كلية العلوم السياسية بشكل دائم لأنني كنت طالب ماجستير، وكنت أحاول أن أتابع هذه الرسالة التي أقدمها، وكنت أحاول أن أجمع نقطة التقاء بين انتهاء الرسالة وخروجي من القيادة، وكان هذا مع بداية 2012.

مع بداية 2012 ، أخبرني اللواء صلاح الدين النعيمي قائلًا: إن الوضع بالنسبة لك أصبح سيئًا جدًا في الخلية، هناك شكوك كبيرة بتسريب معلومات، وهناك أيضًا شكوك كبيرة أيضًا حول علاقاتك وما إلى ذلك، أنا أعلم بأنك تقوم بأمور كثيرة، ولكن كان صلاح الدين النعيمي ومصطفى الشرع بصراحة يتعاملان معي كأشخاص مقربين جدًا، لم يكونا كرئيسين في العمل، وإنما كانت علاقتي بهما علاقة مميزة؛ لذلك كانا يقدّمان لي تنبيهات بهذا الخصوص، وفي الحقيقة، أذكر ما قالاه لي في بداية 2012 ، ربما بعد رأس السنة مباشرة[حيث قالا]: يا عبد المجيد، دبر أمورك، وانظر إلى وضعك كيف سيصبح؛ لأننا نعتقد أن القادم سوف يكون سيئًا جدًا.

طبعًا، هما يسمعان من أعضاء الخلية، ويسمعان من القيادة ما هو الكلام الذي يدور. أذكر أنني في الأسبوع الأول من عام 2012، قررت الخروج وترتيب أموري، فذهبت إلى مؤسسة الهجرة، وأخرجت جوازًا جديدًا، وأصررت على أن أتابع موضوع الجواز كي لا تُكتب فيه مهنتي، فبقيت المهنة فارغة، وكتبت المهنة هي: خريج علوم سياسية. حتى لا يتمّ الإمساك بي في المعابر أثناء خروجي من دمشق، فهذا الأمر رتّبته بشكل مباشر، وأخرجت الجواز، ذهبت إلى دمشق، إلى الجامعة، وأخرجت أوراقي الرسمية والشهادة وكل شيء، وبقي عليّ أن أقوم بتسليم منزلي في عين ترما فقط. 

 في هذه القترة، كانت هناك عملية عسكرية في الغوطة، فكان الوصول إلى المنزل صعبًا، ولكن قمت مباشرة بتسليم المنزل وبيع الأثاث، تواصلت مع أصدقائي، [وأخبرتهم] بأني سوف أقوم بالخروج من دمشق؛ لذلك عليهم ترتيب أموري، فعندما أخرج من دمشق سوف يكون الوضع سيئًا جدًا بالنسبة لي، سوف يُكشف الموضوع مباشرة. قبل خروجي بيوم من دمشق اتصلت بصديقي- لا أستطيع أن أذكر اسمه حاليًا- هو موجود في دمشق، وقلت له: نريد أن ندخل إلى القيادة غدًا. فصُعِق، وقال لي: كيف سأدخل معك؟ قلت له: نريد أن ندخل إلى القيادة، ونأخذ الوثائق ونخرج. فقال لي: حسنًا.

كانت سيارة القيادة تأتي الصبح لتأخذني من البيت، فجاء السائق، وأخدني، وذهبنا باتجاه صديقي، أخذناه معنا بالسيارة، وقلت له: إنه موظف جديد عندي، وذهبنا باتجاه القيادة، يوجد في القيادة: الباب رئيسي، ثم حاجز داخل القيادة، ثم حاجز أمني عند أبواب المكاتب أو الأبواب الرئيسية للمبنى. فسألوني: من الشخص الذي معك يا أستاذ؟ فقلت لهم: هو صديق أو إنه موظف جديد في خلية إدارة الأزمة. هم لا يستطيعون أن يسألوا كثيرًا في هذا الموضوع، فهم يدركون أنه ليس من عملهم أو اختصاصهم معرفة من هم موظفو إدارة خلية الأزمة. وبهذا الشكل دخلت إلى مقرّ القيادة، أذكر أنه كان يوم جمعة، وطلبت قبله بيوم إجازة لمدة يومين؛ فشعروا في أمانة السرّ بأن هذه الإجازة ليست طبيعية؛ لأني كنت قد أخذ إجازة قبل ذلك، فهناك شيء ما .فجئت يوم الجمعة صباحًا في الساعة التاسعة، ودخلت أنا وصديقي إلى الداخل، كانت كل المكاتب فارغة لا يوجد في داخلها أحد، ذهبت إلى مكتبي مباشرة، فتحت المكتب، ودخلت أنا وصديقي، قلت له: هذه خزانة الأرشيف، أي وثيقة تشعر بأنها مهمة اسحبها، هذه الوثائق كان الشاب رضوان هو الذي يقوم بأرشفتها في هذه الفترة، فقلت له: عندما ترى وثيقة مهمة اسحبها، واتركها. قال لي: حسنًا. وأنا ذهبت إلى مكتب حسن تركماني (مكتب رئيس الخلية) طلبت من الشاب الذي كان يعمل في الخدمات (المستخدم) أن يفتح لي المكتب، ففتح المكتب، ودخلت إليه من دون أن يعرف ماذا أريد، دخلت إلى الداخل، أخدت بعض الوثائق المهمة من مكتب حسن تركماني، وخاصة الوثائق التي ليست من إصدار خلية الأزمة، أو ليس لها علاقة بخلية الأزمة، كانت تأتي إلى رئاسة الخلية؛ لذلك عندي بعض الأوراق التي لها علاقة بمرسوم بشار الأسد عن التجمعات، ولها علاقة برئاسة الوزراء، ولها علاقة بالدبلوماسيين وما إلى ذلك. أخذتها من حسن تركماني بعد ذلك، وبينما كنت أريد الخروج من مكتب حسن تركماني فوجئت بقدوم صلاح الدين النعيمي ومصطفى الشرع؛ فخرجت مباشرة من المكتب، وأغلقت الباب، وذهبت إلى مكتبي فورًا، فلم أكن أتوقع أنهم سيأتون في يوم الجمعة في الأساس. دخلت إلى مكتبي، وركضت فورًا إلى صديقي، خبأته في الحمام، وأقفلت عليه، وفوجئت بأن صلاح الدين النعيمي ومصطفى الشرع قد قدِما إلى مكتبي، فدخلا إلى المكتب، وطلبا قهوة، فهذه أول مرة يدخلان فيها إلى مكتبي، ويطلبان قهوة، في الأساس، هذه أول مرة يدخلان، ويجلسان، فبدأت بالتوتر لأن الشاب (صديقي) في الحمام، وأنا قد أقفلت عليه، وهما جلسا، وأخذا الجرائد اليومية، وصارا يقرآن، ويشربان قهوة، و لم يبقَ لدي وقت، وأنا في هذه اللحظة كنت في القاعة الشامية قبل أن أدخل مكتب حسن تركماني،قمت بسحب(جلب) الذواكر وضرب (إتلاف) الذواكر الأساسية في الكمبيوترات، فلم أعد أستطيع البقاء أبدًا، فأي شخص سوف يدخل إلى مكتب حسن تركماني سيعرف أن هناك شيئًا ما، فبقيا نصف ساعة يشربان قهوة، وأنا دخلت إلى صديقي لأعطيه ماءً، كان يدخن فأعطيته سيجارة، وبدأت أشعر بأن التوتر يزداد، وكان ينبغي أن أجد طريقة أخرج فيها. فبعد ذلك قاما، وكانا يريدان أن يذهبا (صلاح الدين النعيمي ومصطفى الشرع) فارتحت قليلًا، أوصلتهما إلى مكتبهما، وتأكدت أنهما دخلا إلى مكتبهما، ورجعت إلى مكتبي، ففتحت الباب، أخرجت رفيقي، وقلت له: يجب أن نخرج من دمشق فورًا.

طبعًا، أخدت الوثائق، ولم يبق عندي وقت، كان ينبغي أن آخذ وثائق أكثر، حيث كانت هناك وثائق مهمة كثيرًا تُدين النظام، هناك الكثير من العمليات العسكرية خاصة في حمص وفي إدلب وفي دير الزور، والكثير من العمليات التي ربما هي إلى الآن موضع شك في موضوع النظام: علاقة النظام مع ال"BKK "علاقة النظام مع كثير من المنظمات الإرهابية، كانت فيها قرارات من خلية الأزمة، فكان يوجد وثائق مهمة، استطعت أن أحصل على واحدة منها فقط، تخصّ علاقة النظام مع ال"BKK" ، وكانت هناك قضايا لا تُصدَّق عن النظام. فلو كان لدي وقت أكثر ربما كنت حصلت على الكثير من الوثائق الحساسة، ولكن ضيق الوقت وخطورة الموقف أجبراني على الخروج مباشرة. وضعت الوثائق في الحقيبة، وأخذت "الماموري كارد والفلاشة" (أدوات حفظ البيانات الإلكترونية)، وأخدت صديقي، وخرجت من الباب الرئيسي. في الباب الرئيسي، كان الموجودون في القيادة حرس شرطة عسكرية، فطلبت منهم فورًا أن يفتحوا الباب، وخرجت مباشرة إلى كراج" البولمان" (الحافلات)، وحجزت باتجاه حلب مباشرة؛ لأنهم بعد ساعة أو ساعتين سوف يعرفون ماذا حصل في مقرّ القيادة، وخاصة عند رؤيتهم الأرشيف وهكذا. فحجزت في الباص فورًا، وذهبت إلى حلب، وحتى صديقي خرج معي باتجاه حلب، كان لدي أصدقاء في الكلية غادروا فورًا باتجاه حلب؛ لأنهم سوف يحققون مع كل شخص قريب مني أو صديق لي. 

 في هذه الفترة، كان شيء ما قد بدأ يتشكل، مثل: الجيش الحر وبعض المنشقين من الضباط. كان هناك حواجز أمنية كثيرة في الطرقات، كان معي ورقة أو وثيقة تثبت أنني أعمل في خلية إدارة الأزمة، في القيادة، فكنت أحاول أن أستخدمها في الحواجز، وأمنعهم من تفتيش الحقيبة أو تفتيش شيء، أُخرِج لهم الوثيقة فقط. وبقينا هكذا حتى وصلنا الى جسر سراقب قبل حلب بعدة كيلومترات، ففوجئت بوجود ضابط وعناصر منشقين من النظام، أوقفوا الباص، وصعدوا إليه، قال: لا تخافوا. العساكر فقط عليهم أن ينزلوا، نحن الجيش الحر. فأنا ارتحت، فهذا جيد. فكانت هذه أول مرة أشاهد فيها حاجزًا للجيش الحر في سورية، ولم يكن هناك مناطق محررة أبدًا، أذكر أنه كان هناك ثلاثة عساكر في" البولمان"، أخدوهم معهم، وقالو لهم: نحن لن نؤذيكم، سوف نوصلكم إلى أهاليكم. وهذا كل شيء، وطلبوا من سائق الباص ألا يقف عند حاجز النظام، فالسائق أكمل، وذهب إلى حاجز النظام فورًا، وقال لهم: يوجد جماعة أوقفونا وحدث كذا وكذا. وأخدوا ثلاثة عناصر. صعد العناصر الموجودون في حاجز النظام، وفتشوا الباص، وشاهدوا الأوراق، بعدها أكملنا باتجاه حلب.

 وصلت إلى حلب في الساعة الثانية عشر ليلًا، في اليوم نفسه. طبعًا، أصبحت الأمور في دمشق متوترة جدًا، خاصة عندما عرفوا بأنني خرجت من دمشق، وعرفوا أن الكثير من الأوراق مفقودة، وهناك ذواكر (أدوات حفظ البيانات الإلكترونية) مضروبة(تالفة) إلخ؛ فبدأ التحرك في دمشق. وصلت في الثانية عشرة ليلًا إلى حلب، وبعد ذلك بدأ موضوع رحلتي من حلب إلى تركيا، حيث كان فيها مخاطر كثيرة أيضًا. [خرجت من سورية من معبر باب الهوى بتاريخ 8 شباط/ فبراير 2012- الشاهد].

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/06/15

الموضوع الرئیس

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

كود الشهادة

SMI/OH/13-06/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

أيلول/ سبتمبر 2011 - شباط/ فبراير 2012

updatedAt

2024/07/18

المنطقة الجغرافية

محافظة حلب-مدينة حلبمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة دمشق-محافظة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

حزب العمال الكردستاني

حزب العمال الكردستاني

مكتب الأمن القومي في حزب البعث _ النظام

مكتب الأمن القومي في حزب البعث _ النظام

الشهادات المرتبطة