الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

انتقال المظاهرات خلال شهر رمضان إلى حي الرمل الجنوبي في اللاذقية

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:13:29:16

كان يوم الجمعة يسبب حالة أرق لدى النظام، وكانوا يستنفرون من ليلة الجمعة حتى ما بعد الصلاة إلى وقت مغيب الشمس استنفارًا كاملًا، وأعتقد أن فروع الأمن في ذلك الوقت كانت خاوية، وقد يكون فيها عنصرين أو ثلاثة من أجل الحراسة عند الباب، والجميع كان يخرج من الضباط الكبار إلى العناصر، وكنت أسأل كثيرًا بعض العناصر، فعلمت فيما بعد أنهم كانوا يستقطبون مدنيين حتى يذهبوا معهم إلى المساجد؛ حيث كانت 5 سيارات تقريبًا تذهب إلى كل مسجد عدا عن السيارات الجوالة. وفي رمضان، كل يوم أصبح هو يوم جمعة، وبعد كل صلاة التراويح، أصبح يوم جمعة بالنسبة لنا كثوار، وكنا ندعو إلى المظاهرات بعد كل صلاه تراويح في عدة مساجد. وبصراحة، تعب النظام كثيرًا، لأنه كان من الجمعة حتى الأخرى يستطيع أن يرتاح، ولكن في رمضان كان يخرج كل يوم، فأتعبناه، وتوزعنا في المساجد، وكنا متعودين أن نخرج من جامع الطابيات، فأصبحنا نخرج من جامع الحسين، وكنت ممنوعًا عن الخطابة أيضًا في وقتها، وكنت أصلي في بعض المساجد، والناس عندما تراني أنا وبعض أعضاء المجلس المحلي من أمثال الشيخ مصطفى يتشجعون للخروج في مظاهرات، ونحن كنا نخرج معهم.

في إحدى المرات-أذكر هذه القصة جيدًا- في مسجد الحسين، توحش عناصر الأمن بطريقة غير معتادة، فعادة كانوا يطلقون النار بعد خروجنا من المسجد في الهواء، وهذه المرة بدؤوا يطلقون النار بشكل أفقي على نوافذ المنازل، وكان إطلاق النار كثيفًا، وكان الشيخ حسن صاري- رحمه الله-موجودًا، و كان هناك أيضًا بعض الشيوخ، وكنت موجودًا، وبدؤوا يعتقلون الشباب، واعتقلوا شبابًا من المسجد، ووضعوهم في السيارات، و كانوا يضعون الشاب في السيارة في مكان وضع الأقدام، ويجعلون رأسه في الأسفل، ويدعسون عليه؛ حتى لا يستطيع أن يرفع رأسه، وعندها تقدم الشيخ حسن صاري- رحمه الله- بقوة، ووقف أمام السيارة، وقال لهم: لن تتحركوا إلا على جثتي أو تُنزلون الشباب من السيارة، ويجب أن ينزل الشباب من السيارة. وحصلت مشادة كلامية بينهم وبين الشيخ حسن، وحتى إن أحدهم حاول ضرب الشيخ حسن، فأبعده الشيخ حسن بيده، وضرب على السيارة، وقال: والله لن أتحرك، وإما أن تأخذوني معهم أو تمشي السيارة فوقي. وبقينا تقريبًا أكثر من ربع ساعة، وفي النهاية، استطاع الشيخ حسن إنزالهم من السيارة، وكانوا 3 أو 4 شباب، واستطعنا فك أسرهم، وكنت معتادًا عل ذلك في خطب الجمعة، وبفضل الله، حاولت إنقاذ أكثر من شاب، وجاءني منذ شهر شاب، وقال لي: ليمنحك الله العافية، أنت في إحدى المرات، أنقذتني من يد الأمن. فقلت له: أنا أنقذت الكثير، ولكنني لا أذكر جميع الشباب؛ لأنهم كانوا صغارًا في السن.

رب العالمين كان يضع الهيبة في قلوب عناصر الأمن، وخصوصًا عندما كنا نخرج بلباسنا المشيخي، فكانوا يخافون منا، وكان لنا كلمة [مسموعة] عندهم في الشارع.

الذي كنت متأكدًا منه هو أن النظام أصبح لديه نقص في الكوادر؛ لأن عناصر الأمن بدؤوا يخرجون، حيث أصبح هناك حراك في القرى وفي محافظات أخرى، ويستدعون عناصر الأمن من المحافظات التي لا يوجد فيها حراك، واضطر النظام أن يطوّع بعض المدنيين من القرى العلوية، ويسلحهم مباشرة من غير تدريبهم على السلاح، ويعطيهم بطاقة أمنية كمهمات، وأنا متأكد من هذا الأمر، والذي جعلني أتأكد أكثر هو أنني عندما كنت أخرج بعد صلاة الجمعة كان الضابط يقف، والضابط عادة هو أكثر احترامًا من العناصر، وكنت أتحدث معه، وأقول له: لا يمكنهم الدخول إلى المسجد بأحذيتهم، قم بإعادتهم، وأنا سوف أطلب من الناس الهدوء. فكان يأتي عنصر من العناصر، ولا يسمع كلام الضابط، وهذا يدل على أنه ليس من نفس الثكنة أو الفرع الأمني، وإنما هو شخص مدني، ولا يكترث لأحد. وفي الحقيقة، كان العناصر المدنيون قاسين جدًا، ويطلقون النار على اليدين والقدمين وعلى مستوى الإنسان، ولا يطلقون النار في الهواء، وهم جاؤوا من أجل القتل والقيام بجريمة؛ لأنه لا يوجد من يحاسبه، وهو جاء من أجل أن يقبض المال، وكل ظنه أنه يدافع عن البلد والوطن.

هذه قصة مضحكة، وحتى إننا استثمرناها لصالح الثورة، وهذا العنصر الأمني الغبي، وطبعًا بتوجيه من الفرع من فرع الأمن السياسي في ذلك الوقت، قالوا له: يجب أن ترفع دعوى على الشيخ حسن؛ لأنه كسر يدك أثناء قيامه بتخليص الشباب. والشيخ حسن رجل سبعيني، وقارب عمره ال 80 سنة، والآخر هو عسكري متطوع أو مجند، وهذا الأمر لا يقبله العقل ولا المنطق، وحتى لو كان صحيحًا فهذا يعني أن عناصركم مصنوعون من البسكويت، فهل من المعقول أن الشيخ الذي عمره 70 أو 80 سنة يكسر يد عنصر أمن؟! فهذا يعني أن لديكم مشكلة في عناصر الأمن، وطبعًا كنت قريبًا من الشيخ في وقتها وبجانبه، والشيخ دفعه حتى يدافع عن نفسه، ولم يؤذه، ولا يمكن أن يكون قد كسر يده. وفعلًا هذا العنصر رفع دعوى، والشيخ ذهب إلى المحكمة، وحضر المحكمة، وعلى ما أعتقد أن القاضي ضحك من هذه الدعوى الغريبة، وحكم ببراءة الشيخ حسن، وطبعًا الذي دافع عن الشيخ حسن في وقتها أن الحادثة كانت بالقرب من "فيلا" أنس جود، ويوجد هناك الكثير من الكاميرات، وأعتقد أن الشيخ حسن استطاع الوصول إلى الكاميرات بطريقة أو بأخرى؛ حتى تظهر فعلًا أن هذه الدعوى كاذبة وغير صحيحة.

بدأت شعلة المظاهرات في حي الصليبة، وطبعًا كانت بدايتها من جامع خالد بن الوليد الذي هو الجامع الفاصل بين حي الرمل[ الجنوبي] وباقي الأحياء في مدينة اللاذقية، ولكن المظاهرة لم تتجه إلى الرمل وإنما إلى وسط البلد، إلى حي الشيخ ضاهر، ولم تمر بالرمل، وإنما أهالي الرمل شاركونا. والرمل الفلسطيني هو عبارة عن حي سمي بالرمل الفلسطيني أو الرمل الجنوبي؛ لأن معظمه من الفلسطينيين سواء من جماعة فتح أو جماعة غزة وفيه الكثير من الفقراء؛ لأن المنازل فيه رخيصة، وأغلب سكانه من الفلسطينيين أو من الذين جاؤوا من القرى أو من الفقراء الذين لا يستطيعون السكن في المدينة. وأعتقد أنه في حي الرمل يوجد 300 ألف نسمة، وكل المنازل فيه عشوائية وغير منظمة وغير داخلة في التنظيم، والحي فقير جدًا لدرجة أنه في كل فصل شتاء يغرق بالأمطار، ولديهم مشاكل وكوارث بيئية ومنازلهم مهددة، وإذا حصل أي زلزال فيمكن أن تنهار، وهذا الحي -في الحقيقة- أهمله النظام قبل الثورة، وهو حي فقير وشعبه مظلوم ومقهور، والجميع كان يتوقع أن يثور [أهالي حي الرمل الجنوبي]ضد النظام وخاصة أن فيه فلسطينيين، ونحن في الأساس تربطنا علاقة طيبة بالفلسطينيين، ودعمناهم في قضيتهم الفلسطينية وفي قضية غزة كشعب سوري وبشكل خاص لأنهم أهل اللاذقية.

الرمل الفلسطيني في بداية شهر آذار/مارس و نيسان/أبريل، كان يأتيني [أشخاص] إلى جامع الرحمن من الرمل الفلسطيني حتى يشاركوا في مظاهرة جامع الرحمن، وكانوا يأتون من الرمل الفلسطيني إلى ساحة الصليبة وإلى ساحة العلبي حتى يشاركوا في المظاهرات، ولكن بعد أن تم قمع المظاهرات في أحياء المدينة (بعد مجزرة العلبي) حدث عكس ذلك، فأصبح أهل الصليبة والعوينة والأحياء الأخرى يشاركون الرمل في مظاهراتهم التي لم تتوقف، والحقيقة أن مظاهرات الرمل لم تتوقف حتى اقتحام الرمل في شهر آب/ أغسطس على ما أعتقد، وفي هذه الفترة كلها، تحولت المظاهرات في الرمل من مظاهرات أسبوعية كل يوم جمعة إلى مظاهرات مسائية يومية، وكل يوم هناك مظاهرات. وكان هناك مخفر في الرمل، والشباب احتلوا المخفر مباشرة، وطردوا عناصره.

بعد مجزرة العلبي (بتاريخ 17 نيسان/ أبريل 2011) الرهيبة التي شهدتها مدينة اللاذقية ونزول الدبابات والأمن إلى الشوارع، في الحقيقة، أصبح التظاهر كما كان عليه في السابق أمرًا صعبًا جدًا، واتخذ الثوار طريقتين، الطريقة الأولى هي: المظاهرات الطيارة. والطريقة الثانية هي: المظاهرات في حي الرمل. وكنا نذهب، ونشارك مع الشباب في الرمل. والمظاهرات الطيارة في البداية كانت كبيرة، ولكن النظام شيئًا فشيئًا استطاع قمعها من خلال عيونه ومخابراته، ولكنها في البداية كانت كبيرة، وكل مظاهرة طيارة يجتمع فيها تقريبًا 200 أو 300 متظاهر، وعندما يأتي الأمن يتفرقون في الشوارع والأزقة، حتى أصبحت شده القمع تلاحق المظاهرات الطيارة، واستطاع النظام عن طريق المخبرين أن يعرف مكان المظاهرات الطيارة؛ فقد كانت المظاهرات الطيارة سابقًا هي عبارة عن: مرحبًا يا شباب، لدينا لعبة كرة قدم في المكان الفلاني، وارتدوا ثيابكم جيدًا، أو هناك مطر اليوم، وعليكم أن تنتبهوا. وكانت هذه هي العبارات التي يستخدمها الثوار في التجمع للمظاهرات الطيارة، ولكن الجميل أن مجموعة من الشباب الأبطال وهم 10 شباب تقريبًا، وهؤلاء الأشخاص لم تتوقف عندهم المظاهرات الطيارة أبدًا، وإذا لم يستطيعوا التظاهر في الشارع فإنهم يتظاهرون في غرفة أو على شاطئ البحر، وهؤلاء الشباب منهم: لاعب حطين مروان منى، وأحمد زكريا أبو متعب، وأبو متعب عندما كان يقول: الله أكبر. في المسجد كان لديه صوت أشبهه بصوت القعقاع، عندما أرسل عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص في مصر، وطلب له 4000 مقاتلًا، وقال له: أرسلت لك القعقاع بألف مقاتل، وكان بألف في قوة صوته عندما يقول: الله أكبر. و أبو متعب هذا مثل القعقاع عندما يرفع صوته بالتكبيرات، وهذه المجموعة كانت في الأساس هي مجموعة كرة قدم، وهم رياضيون، ففي إحدى المرات، رأيت مشهدًا مضحكًا وجميلًا، وكان أخو الشيخ محمد عطرو- رحمه الله اسمه عبد الستار- رياضيًا وحركته خفيفة، وكان يركض والأمن يتبعه، فيتوقف، ويهرول بهذه الطريقة، وعندما يقترب الأمن منه يركض، ويزيد من سرعته، وكنا نلعب معهم لعبه توم وجيري (القط والفأر)، وكان الأمر نفسه يحدث مع هذه المجموعة المكونة من 10 شباب، فجميعهم كانوا في الأصل في فريق كرة القدم وسريعين جدًا، وكانوا يتظاهرون، ويصورون المظاهرات، ويتفرقون، وعندما يأتي الأمن لا يجد أحدًا، وهذه استمرت، ولم تتوقف حتى اقتحام الرمل، فبعد اقتحام الرمل في الحقيقة، توقف كل شيء في اللاذقية تقريبًا.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/12/08

الموضوع الرئیس

محافظة اللاذقية

كود الشهادة

SMI/OH/60-18/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آب 2011

updatedAt

2024/04/20

المنطقة الجغرافية

محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةمحافظة اللاذقية-الشيخ ضاهرمحافظة اللاذقية-الرمل الجنوبي

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

حركة فتح

حركة فتح

الشهادات المرتبطة