الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

بدء الانشقاقات وإطلاق النظام سراح السجناء الإسلاميين

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:51:02

في تلك المرحلة، يمكنني أن أقول: بدأت بوادر انشقاقات من بعض ضباط الجيش، كانت انشقاقات فردية، وليست جماعية، فيخرج فلان من الضباط، ربما كان حسين هرموش-رحمه الله- من أوائل الأشخاص المنشقين، وبدأت فكرة الجيش الحر تخرج، ليس الهدف منها استخدام العنف، وإنما الهدف هو الدفاع عن المتظاهرين الذين يتعرضون للقتل، وخرج شعار تم نسيانه الآن هو: "الجيش الحر الله يحميك". هذا الشعار خرج في تلك المرحلة؛ لأن هدفه كان الدفاع عن المتظاهرين فقط، وكانوا أفراداً.

في نفس التوقيت، وفي الشهر الخامس، بدأ النظام السوري يفرج عن المتشددين الإسلاميين من سجن صيدنايا، وتم الإفراج عن العشرات وربما المئات من المتشددين المعتقلين قبل الثورة، ومنهم: زهران علوش، وحسان عبود، وآخرون كثيرون من الذين كانوا في سجن صيدنايا. أفرج النظام عنهم لأنه كان يقول: أريد أن أحدث حالة انفراج في البلد، وأريد إن أطلق سراحهم. ولكن النظام مدعٍ، ولا يريد حالة انفراج، ولكنه كان متأكداً من أن هؤلاء الإسلاميين سيلجؤون إلى حمل السلاح، وسيشكلون تشكيلات مسلحة، وهذا كان يخدم هدف النظام؛ لأن ذلك سيسمح للنظام بأن يستخدم القوة العارية في قمع المتظاهرين، ويدّعي بأنه يتصدى لعصابات إرهابية، تستخدم العنف. لأن الحالة السلمية في تلك المرحلة، وفي تلك الشروط، كانت تنال، وتستهلك النظام داخلياً وخارجياً، فأنت تستخدم القمع ضد أشخاص (شباب وصبايا) يتظاهرون، ولا يوجد في شعاراتهم أي ضرر وأذى وعنف، ثم قام النظام بالإفراج عنهم. وفعلاً، بحكم خبرة النظام المخابراتية والأمنية فإن الإسلاميين الذين أفرج عنهم بدؤوا جميعاً يلجؤون إلى تنظيم أنفسهم ضمن جماعات إسلامية مسلّحة، وينطبق ذلك على زهران علوش وآخرين، وأصبحوا جميعاً مؤسسين لجماعات إسلامية، ولكنها لم تظهر بعد الإفراج عنهم مباشرة، وأنا لا أشك بأنه حتى بعد الإفراج عنهم كان النظام يعرف خطواتهم، ويضعهم تحت المراقبة، ويعرف ما يفعلون، وهو راضٍ عن الشيء الذي يقومون به؛ لأن النظام يريد هذا الأمر، يريد أن يتحول الصراع إلى صراع عنيف ومسلح، ويُعطى طابعاً إسلامياً.

هذا الأمر جعلنا في تلك المرحلة التي لم يكن فيها شيء متبلور حتى في انشقاقات ضباط الجيش الحرّ، وكانت الظواهر فردية في مواقع معينة، لا يوجد قطعه عسكرية، وهذا مؤسف، فلم يحدث أن تمردت سرية أو فصيلة أو كتيبة في منطقة معينة، وانضم ضباطها إلى الثورة، وهذا الأمر ربما يدفعك إلى اتخاذ موقف منها، وأن تقول: أنا مع الثورة، ومع هذا الاتجاه، حتى لو أخذت مسار العسكرة. ولكن هذا الأمر لم يحصل. الشيء الذي كان يحصل هو انشقاقات فردية، وهؤلاء الأفراد لم يلتحقوا بالثورة، وكانوا يلتحقون بالثورة كل شخص بحسب منطقته وبلدته، وكل شخص يلتحق بالمنطقة التي ينتمي إليها بشكل عام؛ وبالتالي لم يشكل هذا الأمر تغييراً في المسار في منتصف عام 2011.

كي نستطيع أن نحكم بأن هذه الانشقاقات و ما يسمى بضباط الجيش الحرّ ظاهرة، ويجب أن نبني معها تواصلاً ومواقفاً؛ لأننا حتى ذلك الوقت كنا نعتقد بأن الحراك الثوري السياسي المدني السلمي هو الذي كان يهيمن على المدن والبلدات السورية، وظاهرة العمل المسلح بدأت تظهر في وقت متأخر من عام 2011، وذلك بعد أن تم الإفراج عن الإسلاميين، وبعد أن كثرت الانشقاقات من ضباط الجيش، سواء كان ذلك في نهاية عام 2011، أو في نهاية عام 2012، صارت الانشقاقات في ضباط الجيش الحرّ أكثر بكثير. وفي ذلك الوقت، بدأ الواحد منا يستطيع بلورة رأي أو موقف، و لكن لسوء الحظ، وهذه المشكلة ربما كانت إحدى التحديات التي واجهتها الثورة السورية، والتي شكلت عمليه إعاقة، و هي: أن قادة الفصائل لم يسمحوا بتأسيس إطار سياسي عسكري يكون جزءاً من الثورة؛ لأن قادة الفصائل بحكم عقلياتهم وانتماءاتهم الإيديولوجية كانوا متمسكين بمواقعهم ومناطقهم، ولم يبنوا مؤسسة تجمع كل هؤلاء الضباط المنشقين.

وأعتقد أنني في وقت لاحق- ربما في عام 2018 - حمّلتهم مسؤولية من خلال تغريدة؛ لأنني قلت: لأن ذهنية قادة الفصائل ريفية لم يستطيعوا التفكير في شيء اسمه مصلحة وطنية أو مصلحة عامة أو مصلحه الثورة. كانوا جميعاً يفكرون إما في مصالح فصيلهم أو مناطقهم، ولم يبنوا جسماً عسكرياً، و هذا الجسم العسكري يقوم بتشكيل نواة مؤسسة عسكرية وطنية، تكون نداً لجيش النظام. هذا الأمر مع الأسف لم يكن فقط تحدياً، ولكنه أصبح مطبّاً كبيراً جداً، ساهم في وصول الثورة السورية إلى ما وصلت إليه حتى الآن.

السؤال المطروح حتى الآن: قاده الفصائل لماذا لم يعملوا؟ والفصائل كانت تتشكل منذ نهاية عام 2011، وخاصة في مطلع 2012 وعام 2013 وعام 2014 وعام 2015، لماذا لا يفكرون؟ ولدينا آلاف الضباط المنشقين من مختلف المستويات ومن مختلف الرتب ومن مختلف المناطق، وأغلبيتهم ينتمون إلى نفس البيئات الريفية، لماذا ليس لديكم ثقة في جماعتكم، وأولادكم، وأبناء منطقتكم، وأقربائكم؟ لأن هذه الذهنية لا تقدم تنازلاً لشيء فيه مصلحة أكبر وأعم. لذلك أعتقد أنه -مع الأسف -تم القضاء على ظاهرة الانشقاقات لاحقاً، ونتيجة للصراعات الإيديولوجية تم القضاء على ظاهرة الجيش الحر، وتحولت إلى فصائل، وكانت فصائلاً إيديولوجية مع الأسف، ورفعت شعارات إيديولوجية، لم تكن في صلب الثورة، ولم تكن من روح الثورة، ولم تكن من شعارات الثورة، عندما أصبحنا نقرأ في بيانات الكثير من الفصائل: إن الثورة السورية هي دفاع عن" أهل السنة والجماعة ضد النصيرية والروافض." هذا ليس خطاب ثورة سورية، ولكن هذا الخطاب قادته الفصائل الإسلامية تحديداً، ويمكننا الحديث في وقت لاحق والسؤال: أين الإخوان المسلمون من هذه الظواهر؟ وهم الذين ينادون، ويقولون: نحن مع الدولة المدنية الديمقراطية التعددية. فأين موقفكم من هذه الفصائل؟ إذا انتقدت هذه الفصائل- وانتقدتها لاحقاً في وقت متأخر- فيقولون: سمير نشار علماني، فمن الطبيعي أن ينتقد الفصائل الإسلامية. ولكنني واجهت "الإخوان المسلمين" وقادتهم ومجلس الشورى الخاص بهم وقيادات فيهم، وقلت لهم: أين أنتم من هذه المواقف؟ أين الدولة المدنية الديمقراطية التي توافقنا عليها، ووقعنا أدبيات ووثائق فيما بيننا كثورة سورية؟ "الإخوان المسلمون" شكلوا فصائل مثلهم مثل باقي الفصائل الإسلامية لسوء الحظ.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/10/30

الموضوع الرئیس

البدايات الأولى للثورة السورية

كود الشهادة

SMI/OH/86-18/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

أيار 2011

updatedAt

2024/04/07

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة