وهنا بعد هذه الفترة بدأ النظام يبني جدارًا عازلًا يحيط بالمساكن كلها، وهذا الشيء بدأ يشعرنا بالخوف والقلق بشكل أكبر، وتمّ بناء الجدار وبدأ يغلق الطرقات المؤدية ويبدّلها، أي الطرقات المؤدية إلى المفرزة، وأصبح الناس يلتفون من جهة أخرى. وبدأنا نشعر بخطر أكثر، وبضرورة أن نكون أكثر حنكة بالتعامل مع النظام في المظاهرات والحراك المدني وحتى في إخراج البيانات، وأنا في ذلك الوقت اقترحت أنه يوجد لدينا أصلًا مشكلة في المنطقة، وهي أن مدينة الكسوة فقط هي من يخرج في مظاهرات، يعني يأتي الناس حتى يخرجوا في مدينة الكسوة، ويجب أن ننقل هذا العمل إلى القرى، يعني في يوم من الأيام لو تمّ حصار الكسوة أو تمّ دخول النظام لها سيتوقف الحراك السلمي في كل المنطقة، وبالتالي أصبح من الضروري أن نفكر أيضًا في المدن الأخرى، وأنه يجب أن يخرجوا في مناطقهم، مثل زاكية والطيبة والمقيليبة والخيارة وجب الصفا والحرجلة والعادلية ودير خبية، وكل هذه المدن.. كانت المقيليبة أقرب بلد إلى الكسوة، فاستطعنا أول شيء أن ننقل الحراك إليها. واقترحت أن ننتقل من موضوع التنسيقية في مدينة الكسوة إلى تأسيس مجلس ثوري في مدينة الكسوة وما حولها، وتواصلت طبعًا مع الناس الفاعلين في القرى والبلدات المحيطة، وكانوا متفاعلين جدًا ومسرورين أن الحراك سينتقل إليهم ويستطيعون أن يروا مجتمعاتهم داخل مدنهم وهي تخرج ثورة وتنشّط نفسها، وكان يوجد رغبة لدى الناس، وهذا الكلام بعد شهر أيار أي أواخر شهر حزيران، وتفعّل المجلس الثوري في مدينة الكسوة وما حولها في نهايات شهر تموز بشكل نظامي بدخولنا في شهر رمضان. وكان تشكيله عبارة عن أننا كتنسيقية طرحنا الموضوع لمشاركة الجميع، وكان هناك انقسامات موجودة، طبعًا يوجد مجموعة لم تنضمّ للمجلس ولم تساهم به، كانت مجموعة تنسق مع تجمع أحرار دمشق وريفها، وكان يصلها مال بشكل كبير وتنظم نفسها كعمل عسكري مؤدلج أكثر لجهة إسلامية، وكان يوجد تواصل بشكل مباشر مع الذين يعملون في الخارج في العمل السياسي والتجهيز للعمل العسكري، ولم نستطع أن نقاومهم كثيرًا لأنهم كانوا منظمين أنفسهم بشكل داخلي، وكانوا واصلين في الشارع بدرجة عالية، فالإعلام بيدهم، وأصبح كل شيء ممتلكًا في يدهم بسبب المال، لأننا لم نكن نبحث عن المال ولم نصل إلى موضوع المال، كنا عبارة عن دعم ذاتي من مجموعات من أصدقائنا وأقاربنا فقط حتى يبقى لنا صوت.

نحن في البداية دعوناهم ولم يتجاوبوا مع الموضوع، وكانوا ذاهبين في الأصل إلى العمل العسكري، ولم يكونوا جدًا معتمدين على استمرارية العمل السلمي، فكانوا يركزون على مواضيع أخرى.