الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

خروج أول مظاهرة في مدينة داريا في 25 آذار 2011

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:47:23

في يوم درعا أذكر أنني بعد صلاة الجمعة ذهبت إلى بيت أهلي، وكنت أشاهد مشاهد المظاهرة والغاز المسيل للدموع على "الجزيرة". بالنسبة لي، كان الموضوع قد بدأ، ويوجد شيء في داخلي بأن هذه المرحلة ستكون جديدة، وبالنسبة لعدد من أصدقائي [كان قرارهم]: نحن بدأنا. ولم يبق السؤال: هل سوف يبدأ شيء أم لا؟ فالموضوع انطلق.

 وطبعًا، نحن فيما بعد أدركنا أن الموضوع أوسع بكثير مما كنا نتخيل، وأحسست بأن بعض الأشخاص الآخرين كان لديهم نوع من التحفظ أكثر، بمعنى كانوا يريدون بداية واثقة أكثر قليلًا، لكن بالنسبة لي انطلقت، وأصبح التفكير بأنه يجب أن نقوم بمظاهرة، وفي ذلك الوقت سميناها مظاهرة "النصرة لدرعا أو الفزعة لدرعا" بهذا المعنى، وكانت الغاية منها في ذلك الوقت الاستجابة لما يحصل في درعا فقط؛ من أجل دعم درعا، بدون مطالب سياسية على الإطلاق.

 والأشخاص الذين كانوا يشاركون في هذه الجلسات- وهي كما ذكرت أصبحت متشعبة وواسعة- كانوا بشكل أساسي من داريا، والكسوة، وقطنا، والتل، ودوما، وحرستا. هؤلاء على الأقل من كنت أعرفهم، وصار الاتفاق في ذلك الوقت بأنه يجب أن نقوم بمظاهرة مركزية في دوما، على اعتبار أن دوما هي عاصمة الريف، ونحن لم نكن نفترض أنه سوف يشارك عدد كبير، ونحن نريد على الأقل أن نضمن مائة أو مائة وخمسين شخصًا؛ حتى يكون هناك مظاهرة، ويتم تصويرها، ونشرها، ويظهر على الإعلام أن هناك مناطقًا أخرى تضامنت مع درعا، وأذكر أن الكلمة التي كان يتم ذكرها أكثر شيء هي: "التضامن مع درعا". وفعلًا، بدأنا نخبر [الآخرين] بشكل ضيق جدًا، وبشكل سريّ جدًا، وأننا في يوم الجمعة صباحًا، في تاريخ 25 آذار/ مارس، وقبل الصلاة بوقت معين سوف نذهب إلى دوما، ولكن لا نذهب بشكل جماعي.

الذي حصل أنه في يوم الخميس عصرًا، أو ظهرًا، كنت على موعد مع صديقي معتز مراد، وكان عند معتز مكتب، وهو مهندس ميكانيك، وكان قد أنشأ مع زملائه شركة تصنيع، وكان لديه مكتب في داريا، يجلس فيه، وفي هذا المكتب كنا نلتقي به بشكل متكرر، وذهبت إليه بشكل روتيني، فوجدت شابًا ثيابًا رياضية حمراء، كان نشيطًا، وألقيت عليه التحية، وقال لي معتز: ادخل. وقال لي: إن الشاب اسمه غياث. والشخص الذي عرّفه على معتز هو صديق مشترك بينهما، ويقول: إن لديه خمسين شخصًا، يريدون أن يخرجوا من أجل التظاهر، وقال له قريبه الذي يعيش خارج سوريا: اذهب إلى معتز. على اعتبار أن معتز سجين سابق، ولديه اطلاع. قلت: خمسين! فقال لي: نعم. هو يعمل في ورشة، ولديه معارف. فقلت له: إذا كان لديك هذا العدد فإننا سوف نقوم بهذه المظاهرة هنا. وكنا قد اتفقنا أن تكون المظاهرة في دوما؛ لأن العدد سوف يكون قليلًا، وعدنا، وأكدنا عليه، وقال لنا: طبعًا، أكيد. وهو متحمس، وقال: إن الناس جميعهم سوف يخرجون، وهذا يكفينا. 

والذي حصل أنني تواصلت مع رفاقنا، في التل ودوما، وكان لديهم نفس الانطباع: أنه يوجد أشخاص أكثر سوف يخرجون. وخلال ساعتين، قررنا أن كل منطقه تخرج بمفردها، وهكذا يكون الأمر أفضل، وتكون نقاط التظاهر أكثر، وإذا خرج من كل منطقة مائة شخص فليس شرطًا أن تكون المظاهرة كبيرة، ولكن بدلًا من أن تكون مظاهرة واحدة، يكون هناك أربع أو خمس مظاهرات. وفعلًا، اتفقنا معه، وقلنا له: سوف نخبرك مساء في أي مسجد، ورتب معهم، وأكد عليهم، ولكن يجب أن يكون العدد حقيقيًا. ونحن في هذه الحالة قلنا: إذا كان الحال هكذا فلماذا لا نوسع الدعوة قليلًا في داريا؟ فأخذنا نعيد الاتصالات بالأشخاص الذين كنا قد دعوناهم، نقول لهم: لا تخبروا أحدًا. وقلنا لهم: إذا كنت تعرف شخصًا أو شخصين أو ثلاثة أشخاص مضمونين فإن هناك مظاهرة ستخرج غدًا. وحتى المساء لم نكن متفقين على مكان المظاهرة، وهذه التفاصيل، وأذكر أننا التقينا مساءً، وحددنا المسجد، وكان اسمه مسجد العباس، وهو يقع في وسط داريا، وقمنا بتوزيع الأدوار، وهو مسجد قريب من منزلي نسبيًا، وكان لدي كاميرا صغيرة ماركة" سوني ديجيتال"، بمعنى ليست كاميرا احترافية، وهي كاميرا مستطيلة صغيرة رمادية، ولها عدسة "زووم". وكانت تعدّ في ذلك الوقت (قبيل الثورة) كاميرا" ديجيتال"، ويمكن أن تأخذها في سيران أو مناسبة، فكُلّفت بموضوع التصوير؛ حيث قالوا لي : لأن المظاهرة في حي بيتك، فاختر مكانًا مناسبًا. وفعلًا، اخترت بناءً مقابل بيتي، ويوجد فيه مكاتب تجارية، وكنا نظن أن القمع سوف يكون في أعلى درجة، وحتى لو تم الإمساك بي أثناء التصوير، أو عرفوا أن التصوير كان من هنا، فهو يوم جمعة، والمكاتب مغلقة، بمعنى أنه لن يكون هناك ضغط على أصحاب البناء، ويوجد في البناء أكثر من شقة، ولكنها تعتبر بناءً تجاريًا. ولكن إذا صورت من بناء عادي فقد تورط جميع أهالي البناء، [وسيسألونهم]: لماذا صور فلان من منزلكم، حتى لو لم يكونوا يعرفونه. واخترت هذا المكان، وكان التصوير من زاوية ضيقة، وكان المطلوب مني أن أقوم بالتصوير لمدة دقيقة واحدة فقط، [ليكون هناك] شيء يثبت أن مظاهرة قد خرجت. ونحن كنا نفترض أسوأ الاحتمالات، وكنا نفترض أنه بمجرد أن تخرج المظاهرة فسوف يأتي من يقمعها، ويفرّقها، ونحن نريد إثبات خروج المظاهرة فقط. 

الهتاف الوحيد الذي اتفقنا عليه، وهذه من الأمور التي أفتخر بها، وأنا الذي اخترت هذا الهتاف، اخترنا هتاف "من داريا إلى حوران شعب واحد ما بينهان" 

ضمنيًا، هذا الحراك مؤداه بالأخير سيكون، والناس ارتفعت معنوياتهم كثيرًا بعد ثورة مصر، وخاصة في تونس؛ حيث استغرق الموضوع أكثر من أسبوعين بقليل، وفي مصر ثلاثة أسابيع، وفي ليبيا بدأت مباشرة، وكنا نفترض أن الموجة بدأت تمشي، ونفترض أن الموضوع لن يطول كثيرًا. وكان يوجد شعور ضمني بأننا نعمل على شيء هو: تغيير النظام، ولكن لم يكن واضحًا بشكل مصرح به. فالمظاهرة كانت تضامنًا مع درعا فقط، ونصرة لدرعا، ونريد أن نثبت بأن هناك أكثر من منطقة استجابت، أو تضامنت مع درعا.

وفي الخطبة، كان الخطيب يتكلم عن موضوع معين لا أعرف ما هو، وفي منتصف الخطبة، وقف شخص اسمه معن الشربجي، وهو صديقنا، وأكبر منا قليلًا، وهو أخو يحيى الشربجي، وتم اعتقاله مع أخيه في نفس اليوم، وكان طبعه حادًا، وقال له: يا شيخ، لا يمكن ذلك، ألا ترى ما الذي يحصل في درعا؟! وحمل حاله (لم يكمل الخطبة)، وخرج من المسجد.

 وحصلت بعض البلبلة في المسجد، ويوجد أشخاص معه، وأشخاص كانوا يقولون: لا يمكن مقاطعة الخطيب، وخرج، وتوقف خارج المسجد. وأكمل الخطيب الخطبة بشكل سريع، وانتهت. 

وفي الخارج، نحن كنا مرتبين (متفقين) مع أكثر من شخص أن يتواجدوا، ولكن كان هناك ارتباك إلى درجة معينة حول من سوف يبدأ الهتاف أولًا، وأذكر أنه في ذلك الوقت كان إسلام دباس موجودًا، وغياث شربجي كذلك -أذكر الأسماء الذين لا يمانعون بذكر أسمائهم- ويوجد أشخاص آخرون، ويوجد محمد شركس. والذي علق في بالي تمامًا أن محمد شركس هو أول شخص هتف، ومحمد شركس هو شاب شامي مقيم في داريا، تعرفت عليه في ذلك الوقت، وكان يحمل معه العلم وكان في ذلك الوقت علم سورية الذي نسميه علم النظام، وكان يضعه على كتفه، وبدأ يهتف، وأظن: "بسم الله الله أكبر" ثم "الله أكبر درعا، الله أكبر حرية" والذي وصفه لي أصدقائي: أن أمام المسجد يوجد دوار صغير أو فسحة صغيرة، ويوجد أكثر من طريق. وقالوا لي: إن الناس كانوا متجمعين هنا وهناك، والجميع ينظرون إلى بعضهم البعض، وينتظرون الشخص الذي سوف يبدأ، ويوجد أشخاص آخرون عندما حصلت البلبلة داخل الخطبة خرجوا أيضًا؛ حتى يشاهدوا ماذا سوف يحدث الآن. وعندما بدأ فإن إسلام دباس، ومعتز مراد، وغياث شربجي- هؤلاء الأشخاص الذين أعرفهم، وقد يوجد أشخاص آخرون- صاروا يهتفون معه، ثم تجمعوا، وكانوا يهتفون في مكانهم، ثم بدؤوا يمشون باتجاه شارع الثورة، وهو شارع رئيسي في داريا اسمه شارع الثورة. والبناء الذي كنت أصور منه كان موجودًا في المنتصف، بين الجامع وبين شارع الثورة، وعندما كانوا يقفون أمام المسجد لم أستطع تصويرهم؛ لأنني لا أشاهدهم من زاوية التصوير، وفي وقتها لم يكن يخطر على بالي أن أقف وسط الشارع، وأقوم بالتصوير، كان ذلك خارج تفكيري، المهم أن يكون المكان آمنًا ومدروسًا.

وفعلًا، بدؤوا يمشون، وكان هناك العشرات في البداية، حتى أنهم كانوا أقل من ثلاثين شخصًا، وكانوا يمشون، ويهتفون، وأنا أصورهم، فكان المشهد واضحًا، ولكن الصوت غير مسموع بشكل واضح بالنسبة لي؛ لأن المسافة كانت ثلاثة مائة متر-إذا لم أكن مخطئًا- أو أقل بقليل تقريبًا. ثم بدأ العدد يزداد، وكنت أقوم بالتصوير، وأنا مرتعب؛ لأنني لا أعرف من سوف يأتي، وماذا سوف يحصل، ولكنني سوف أقوم بتصوير مقطع أو مقطعين وبعض الصور الثابتة، ثم أغلقت الكاميرا، ونزلت من البناء.

 وذهبت إلى الشقة التي كنا متفقين أن نلتقي بها، وهناك وجدت شخصًا واحدًا فقط، وانتظرنا قليلًا، ولكن لم يأت أحد. وبدأنا، نسأل: ما الذي حصل؟ ثم خرجنا، وعندما خرجنا وجدنا أن الشباب الذين كانوا يتظاهرون وصلوا إلى شارع الثورة الذي هو الشارع الرئيسي، وكانوا يهتفون هناك، وبدأ العدد يزداد، وربما أصبح مائة شخص أو أكثر تقريبًا، والصوت كان مسموعًا. وكنت مع صديقي في سيارة، وتوقفنا بالقرب منهم.

والذي حصل هو أنه جاء مجموعة من البعثيين أو ممن جمّعهم البعثيون، فهناك الحزبيون، هكذا كنا ندعوهم في داريا (أعضاء في حزب البعث)، وغالبًا هم من المسؤولين، فكانوا قادمين بشكل سريع، وكان معهم رئيس البلدية اسمه: حسن أبو شناق الذي قتل فيما بعد، ويوجد أكثر من شخص، وأغلبهم من جيلنا أو أكبر قليلًا، وكنا نعرفهم. تشعر بأنهم مرتبكون، ويريدون أن يجمعوا [أشخاصًا]، وكانوا قد جمعوا العشرات من الأشخاص وليس أكثر، ولا يعرفون ماذا يريدون أن يفعلوا. والذي حصل أنه في الشارع نفسه كان الذين يهتفون لدرعا هنا، وهناك بدؤوا (البعثيون)، ولا أعرف ماذا كانوا يهتفون في البداية، ولكنهم بدؤوا يجمعون أشخاصًا، ومع مرور الوقت أصبح هؤلاء يمشون بهذا الاتجاه، وأولئك يمشون بالاتجاه الآخر، وكنت موجودًا وحاضرًا هناك، كنت قد وصلت قبل قليل. والمفارقة التي علقت في بالي بشكل واضح أنه أحيانًا يرتفع هذا الصوت، وأحيانًا يرتفع ذاك الصوت، وهؤلاء يقولون: "الله سورية حرية وبس"، وأولئك يقولون: "الله سورية بشار وبس" وتحس أنها مفارقة في البداية، وإشارة لما سيأتي، وكانت الأصوات تختلط، ثم تصبح واضحة قليلًا: [فنسمع]أحيانًا سورية، وأحيانًا بشار، وأحيانًا أخرى حرية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

الحراك في داريامظاهرات داريا

كود الشهادة

SMI/OH/34-02/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/08/23

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة دومامحافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

حزب البعث العربي الاشتراكي

حزب البعث العربي الاشتراكي

الشهادات المرتبطة