الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

تصاعد الانشقاقات وبدء دخول السلاح إلى سورية وأسلمة الثورة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:45:04

كانت الانشقاقات كثيرة في الداخل السوري، وأصبحت حالة ضباط الجيش الحر تتزايد، ولكن كانت كلها انشقاقات فردية، وليست انشقاقات جماعية، بمعنى أنه لم يخرج قائد كتيبة أو قائد فصيل، ويقول: أنا منشق مع عناصر فصيلتي، أو أنا وأعضاء كتيبتي. كان قائد الكتيبة ينفصل وحده، ولكن الكتيبة أو السرية أو الفصيلة لا تنشق معه، فلم يحصل انشقاق قطعات عسكرية، وهذه المحطة يجب الوقوف عندها. لنأخذ تركيبة وبنية جيش النظام الذي استطاع خلال 50 سنة أن يغير تركيبة النظام كلها وتركيبة الجيش كلها وأيديولوجيته، فكان الضابط عندما ينشق فإنه ينشق بمفرده، ويخرج بمفرده، فكانت دائماً أعمالاً فردية فقط، والضابط المنشق دائماً أو غالباً كان ينشق في المنطقة التي ينتمي إليها، فهو بحسب البلدة أو المدينة أو القرية [التي ينتمي إليها] فإنه كان ينشق في قريته، ويترك موقعه العسكري الذي كان موجوداً فيه، ويعود إلى منطقته أو بلدته، ويمارس الانشقاق هناك إذا كان له دور؛ لأن قادة الفصائل قد لا يعطونه دوراً أبداً حتى وإن كان ضابطاً منشقاً؛ لأنه -مع الأسف- في المقابل عدم وعي قادة الفصائل وجهويتهم جعلهم يرون الضباط المنشقين منافسين لهم دائماً، ويمكن أن يأخذوا دورهم؛ لأن قادة الفصائل أشخاص عاديون في علومهم العسكرية أو وعيهم السياسي، فكانوا يرون أنهم منافسين لهم، وكانوا يقولون: إن هؤلاء ضباط حافظ الأسد. فكان هناك نوع من الاتهام المسبق لهم. كانت هذه -مع الأسف- الحالة الغالبة، ولكن ليست المطلقة. فهذه الانشقاقات كانت تشكل حالة غير منتظمة (حالة عشوائية) وحالة لا يوجد فيها تنسيق وترابط ما بين هؤلاء الضباط المنشقين، وأغلبهم لأسباب متعددة ذهبوا بعد انشقاقهم إلى دول الجوار، ذهب عدد كبير جداً من الضباط المنشقين إلى الأردن، وربما ذهب عدد أكبر باتجاه تركيا، وكانت لدى الضباط المنشقين في الثورة آمال بأن يلعبوا أدواراً.

مجمل الظروف والسياقات التي تشكلت فيها الفصائل، والتي تبين أن أغلب قادة الفصائل يحاول مدّ الجسور مباشرة -والقفز على المؤسسة السياسية التي هي المجلس الوطني السوري- والارتباط مع جهات إقليمية ودولية لاحقاً من أجل الإمداد بالسلاح وبناء علاقة مباشرة ما بين قائد الفصيل و الجهة الإقليمية أو الدولية الداعمة.

أولاً: شكل ذلك عجزاً ونقداً للمجلس الوطني السوري، بأنه لماذا لم تلعب أنت هذا الدور؟ ويفترض أن المجلس الوطني هو من يلعب هذا الدور، ولكن أعتقد أن الفوضى في طريقة عمل المجلس الوطني السوري، تحديداً المكتب التنفيذي والامتدادات لأعضاء المكتب التنفيذي وعلاقاتهم مع الدول، وهذه قضية مهمة يجب التوقف عندها، فعلى عكس البدايات، يفترض أن يكون هناك إطار جسم وطني سوري، يعبر عن مصالح السوريين ومصلحة الثورة السورية، كان هناك شيء أيديولوجي يسحبه باتجاهات معينة. كنا نعرف، وتترامى الأخبار بأن هناك سلاحاً بدأ يصل، وكان من ليبيا تحديداً. في المجلس الوطني، كان هناك أشخاص يتم تهريب السلاح من ليبيا تحت إشرافهم بشكل مباشر، وهما: الدكتور نذير الحكيم، والدكتور هيثم رحمة.

في هذا السياق نفسه، وسأتحدث عن موقفي بالذات، حيث كنت أسمع هذه الأخبار، ولا أتوقف عندها كثيراً، ولا أدقق فيها كثيراً، وهذا خطاً أستحق النقد عليه؛ لأنني أشعر الآن بأنه كم كان ذلك الموقف غير مصيب، وهو: الصمت عن القفزات والتجاوزات التي تمت، والتي أدت إلى تراكمات لاحقاً. كنا نضع أمامنا هدفاً: أننا مختلفون مع الإسلاميين كعلمانيين، ولكننا الآن لا نريد أن نُظهر أي خلاف؛ لأن المهم هو إسقاط النظام السوري، وفيما بعد نختلف بأي شكل كان، ليست هناك مشكلة، فلن يصبح الإسلاميون علمانيين ولن يصبح العلمانيون إسلاميين. أظن أنني كنت من أوائل الأشخاص الذين قد يُنتقدوا على هذا الموقف، وهو: سياسة غض النظر عن سلوكيات وتصرفات ومواقف خاطئة صمتنا عنها على اعتبار أنها ضد النظام، وكنا نسمع، ونعرف أن الإسلاميين يهرّبون سلاحاً من ليبيا، ولاحقاً، سمعنا أن الأمريكان يراقبون هذه الأسلحة كلها، ولكن لا يمكن أن يدخل سلاح متطور ونوعي.

في تلك المرحلة، أصبح واضحاً أن الإدارة الأمريكية لا تريد إسقاط النظام، وإنما تريد إدارة أزمة، وتبقى هي متحكمة بقواعد اللعبة واستنزاف الجميع (الأصدقاء والأعداء)، تستنزف الأصدقاء والأعداء. وفي النهاية، لا يمكن إيجاد أي حل للوضع السوري بدون العودة إلى أمريكا، ولكن يكون جميع خصومها وأصدقائها منهكين ومستنزفين. واستمر ذلك خلال فترة سياسة أوباما لمدة 6 سنوات؛ وبالتالي ربما بدأ يتراكم لدى الإدارة الأمريكية موقف سلبي؛ لأنها رأت نمو المنظمات الإسلامية بما فيها المتطرفة، فمنذ مطلع عام 2012 تقريباً، أظن أن جبهة النصرة بدأت تتأسس في سورية، ولكنها لم تتبين بشكل واضح إلا بعد محطتين، وذلك عندما اختلفت المحاور الإقليمية مع بعضها. ولاحقاً، عندما ذهبت مع الجيش الحر إلى حلب، في منتصف عام 2012، تعرفت من خلال لقاء عابر جمعني مع شخص اسمه أبو أحمد البنشي[ النقيب اسامة نمورة]، وهذا سوف يكون قائد جيش الفتح لاحقاً، وهو من جبهة النصرة ومن القاعدة.

شعرت الولايات المتحدة الأمريكية بأن الدفع باتجاه الفصائل في تلك المرحلة أصبح إسلامياً، ولا شك بأنها تعرف أكثر مني وأكثر من الجميع بأن هذه المنظمات كانت مدعومة من قطر وتركيا، وهذا سبّب خلافاً لاحقاً حول دور المجلس الوطني السوري الذي وُضع تحت المجهر، خاصة من قبل الأمريكان قبل الدول الإقليمية، سواء كانت الإمارات أو السعودية أو دول أخرى لاحقاً، فهم يرون أن المجلس الوطني عبارة عن واجهة للإسلاميين و"الإخوان المسلمين" بما فيهم الدكتور برهان غليون، وهو واجهة "للإخوان المسلمين".

تشكّل الانطباع العام، وربما يكون ذلك دقيقاً؛ لأنه وُجهت انتقادات ليس للدكتور برهان غليون فقط، وإنما لصمت "إعلان دمشق" عن هذا السلوك وعن هذه الممارسات. وكما ذكرت: إن "إعلان دمشق" -ليس ذلك تبريراً للأخطاء التي وقعت- كان يضع في نظره أن لدينا المشروع الوطني، ولا نريد إثارة انقسامات بين الإسلاميين والعلمانيين حالياً، ويجب إسقاط نظام بشار الأسد أولاً، ثم نختلف. ولكننا مع الأسف لم نستطع أن نسقط نظام بشار الأسد؛ لأن الحالة الخلافية تجذرت في الواقع على الأرض قبل أن تتجذر سياسياً، فإذا نظرت إليها سياسياً من حيث الشكل فلن تجد تلك الشروخ الكبيرة بين مواقف "إعلان دمشق" و"الإخوان المسلمين"، ولكنك عندما تذهب إلى سورية فإنك ستجد على أرض الواقع أن أغلب الفصائل بدأت تأخذ اتجاهات إسلامية مفاجئة، كأن يقوموا بالتخلي عن علم الثورة السورية، ورفع رايات ذات دلالات دينية. وأصبحت أسماء المعارك تأخذ أسماء ذات دلالات دينية، وأسماء الفصائل أصبحت تأخذ أسماء ذات دلالات دينية، والهيكل التنظيمي لكثير من الفصائل أصبح يأخذ شكلاً ذا دلالة دينية وإسلامية، مثل: مجلس الشورى، وشرعي الفصيل أو الجيش. وبدأ تتأسس محاكم شرعية، وليست محاكماً مدنية. كل هذه الأمور كان "الإخوان المسلمون" يرونها، ويوجد لديهم رضاً داخلي، بمعنى أن هناك صمتاً ورضاً داخلياً بأن تذهب الثورة في هذا الاتجاه ميدانياً، ومن حيث الأدبيات السياسية والتصريحات والوثائق نقول: نحن نريد دولة مدنية ديمقراطية، والإسلاميون والعلمانيون متوافقون في الخطوط العليا ولكنهم في كل ما يندرج تحتها فإن اتجاهاتهم أخذت أشكالاً متناقضة.

في تلك المرحلة، شكلت هذه المحطات كلها مساراً انحدارياً بالنسبة للثورة السورية، بدأ الانحدار في مسار الثورة السورية بالتدرج، ومن الشعارات والأهداف والقوى التي رفعتها اختُطفت هذه الثورة، وشُوّهت شعاراتها ومواقفها، وذهبت باتجاه صراع طائفي ومذهبي، خدم بشار الأسد، و لم يخدم الإسلاميين كم توقعوا أو كما توهموا؛ لأن ردود الفعل والانعكاسات لهذا الخطاب؛ أولاً- على صعيد السوريين كانت ردوداً مستنكرة وشاجبة، وثانياً- تشكل موقف إقليمي ودولي، فلم تعد ثورة كما كانت في البداية عندما انطلقت الثورة السورية في تلك المرحلة، في ربيع عام 2012 ،عندما عُقد مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في إسطنبول حضره مندوبو أكثر من مائة دولة مناصرة لثورة الحرية والكرامة. ولكن مع هذا التحول والانحدار بدأت أعداد الدول تتقلص تدريجياً، واليوم يمكنني أن أقول: نحن في عام 2020، وبعد تسع سنوات من الثورة السورية، ولكن مع الأسف لا توجد حتى دولة واحدة تؤيد ثورة الحرية والكرامة للشعب السوري.

هذه المحطات التي تعرضت لها كانت إضاءة على المرحلة التي كانت ما بين تشكيل المجلس الوطني السوري حتى مطلع عام 2012 ، وبعد اجتماعنا مع أحمد داوود أوغلو، وبعد التمديد للدكتور برهان غليون لمدة شهر، تم الاتفاق على أن يعقد كل من الأمانة العامة و المكتب التنفيذي اجتماعاً في أول شهر شباط، ونتوافق على رئيس جديد بدلاً من الدكتور برهان الذي انتهت ولايته.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/11/06

الموضوع الرئیس

دخول السلاح إلى سورية

كود الشهادة

SMI/OH/86-43/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/04/07

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

المجلس الوطني السوري

المجلس الوطني السوري

جبهة النصرة

جبهة النصرة

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

جماعة الإخوان المسلمين (سورية)

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي

الشهادات المرتبطة