تشييع علي بابنسي في مدينة الرقة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:07:07
في يوم استشهاد علي البابنسي وتقريبًا بعد المظاهرة التي قمنا بها أسفل بيت علي في نفس الحي الذي أسكن به، استمرت الهتافات ورفع علم الثورة وتشكيل حلقات الثورة والأغاني الثورية التي كانت موجودة في وقتها، واستمرينا حتى الساعة 12:00 ليلًا تقريبًا أنا ومجموعة من رفاقي، وكان من ضمنهم الشهيد حمودي القحطان، وكان حمودي يسألني: "في حال متّ هل ستقيمون لي تشييعًا مثل علي؟" وكنا نمزح معه، وقلنا له: "أنت موت ولا تاكل هم". وبقينا هكذا حتى الساعة 12:00 ليلًا، وبعدها عرفنا أنه هناك تشييعًا غدًا، ويوجد وراءنا يوم طويل، وقررنا أن ننام، ونرتاح، و نا رجعت إلى البيت، ونمت، واستيقظت الساعة 07:00 صباحًا، وخرجت من بيتي، وكنت أنظر من جهة بناء علي والبناء المقابل، كان قد رُفع علم كبير للثورة على امتداد البنائين في وسط الشارع، وكانت الضربة الكبرى أنه كان مقابل المخابرات الجوية، كان العلم الكبير مقابل المخابرات الجوية، أنا بمجرد أن رأيت هذا المنظر اقشعرّ بدني، وفعلًا شعرت بالفخر والانتصار، وهذا كان من الانتصارات الكبيرة التي حققناها في وقتها، ودخلنا إلى منطقة التظاهر، وكان هناك عدد كبير من الناس، وجاء موعد صلاة الظهر، وشيعوا علي من مسجد الفواز، وبسبب العدد الكبير لم نستطع الدخول إلى المسجد أبدًا، وحتى إننا لم نستطع [الوقوف] أمام الجامع، وكان المسجد يطل على شارعين رئيسيين، الشارع الرئيسي شارع تل أبيض الذي يستوعب عددًا كبيرًا من الناس، و نحن كنا نقف في الصفوف الخلفية؛ لأنه لا يوجد مكان للوقوف، وصلوا على [الشهيد] علي في المسجد، والناس كانوا يصلون في الشارع على مد النظر، وكانت هناك نسبة كبيرة من النساء وغير مسبوقة، وأخرجوا علي من الجامع، وأصبح العدد أكبر، بدأ الناس يتجمعون، ويأتون من كافة الأحياء، وخرجوا بعلي من مسجد الفواز باتجاه تقاطع "23 شباط" مع "تل أبيض"، ودخلوا في شارع 23 شباط باتجاه سور الرقة، والمسافة من تقاطع"23 شباط" مع "تل أبيض" حتى سور الرقة كانت تقدر تقريبًا بثلاثة أو أربعة كيلو مترات، و نحن كنا في المنتصف (في منتصف التشييع)، وكانت أعلام الثورة مرفوعة، والناس يهتفون للثورة، وأينما يرون صورة لبشار الأسد أو حافظ الأسد على أي دائرة في هذا الشارع كانوا يمزقونها. كان العدد كبيرًا جدًا لدرجة أنك تُصدم بهذا العدد، وأذكر أنني قلت لأحد أصدقائي الذين كانوا معي: ارفعني حتى أرى. فرفعني، ونظرت باتجاه تقاطع" 23 شباط"، والناس كانوا على مد النظر، وعلى الطرف الثاني كذلك الأمر، يعني الناس إلى مالا نهاية. أنا كنت طالب معهد رياضي، وكان غالبية الناس ملثمين، منهم من يضع لفحة أو جمدانة، فيغطي وجهه، ويظهر عيونه فقط، وأنا وضعت لفحة، وغطيت وجهي؛ لأنني طالب ويمكن أن يتم فصلي من المعهد أو الجامعة، وخصوصًا أن مدير معهدنا كان اسمه طارق إسماعيل، كان من القرداحة، وكان متشددًا جدًا خلال الثورة وشبيحًا كبيرًا.
وصل الناس إلى مقبرة تل البيعة، وكان مكاننا في المنتصف، ودفنوا علي، وانتهوا من الدفن، ونحن لم نصل إلى مكان الدفن بعد، فالناس الذين دفنوا علي رجعوا، ونحن لا زلنا ذاهبين إلى الدفن (إلى المقبرة)، والتقى الطرفان، ورجعنا، وكان العدد كبيرًا جدًا، كان العدد يصل إلى 200 ألف نسمة لدرجة أننا قلنا: لم يبق أحد في مدينة الرقة لم يشارك في هذا التشييع. وتوجه الناس إلى شارع 23 شباط، ودخلوا تقاطع "23 شباط" في "تل أبيض"، ودخلوا شارع تل أبيض باتجاه ساحة الرئيس التي يوجد فيها تمثال حافظ الأسد، وكان الهدف هو الوصول إلى ساحة الرئيس وإسقاط تمثال حافظ الأسد، وكانت النقطة الأخيرة التي وصل إليها الناس هي دوار الساعة، والمسافة تقدر ب 200 متر حتى التمثال، هناك الساعة ونزلة (انحدار) تصل إلى التمثال في قلب الساحة، وكان عند التمثال عدد كبير من عناصر الأمن متمركزين من ناحية التمثال ومن ناحية فوج الإطفاء في مدينة الرقة، وكانوا مدججين بالسلاح بشكل كامل، والعدد كبير، وكان آخر خط وصل إليه المتظاهرون هو بداية نزلة (انحدار) الساعة، هكذا نسميها في مدينة الرقة. والمتظاهرون في وقتها هجموا على مقرّ طلائع البعث، وهو مقرّ تابع لحزب البعث، وحرقوا صور بشار الأسد وعلم حزب البعث، وكانت براكية (غرفة مسبقة الصنع يقف فيها الحارس أو الشرطي) شرطي مرور، وضعها المتظاهرون لصد الرصاص، ووضعوها في بداية النزلة (الانحدار) لصد الرصاص، حيث بدأ إطلاق رصاص حقيقي وبشكل مباشر، وهنا سقط حمودي القحطان صديقي الذي كان يقول قبل ليلة: إذا متّ هل ستشيعونني مثل علي؟ وسقط معه شخصان آخران، هذا عدا عن الإصابات في الأقدام بالرصاص، وكان عدد الإصابات 10 أشخاص تقريبًا، وكان إطلاق الرصاص في وقتها لايزال في ذهني، ولم يتوقف، وبإمكانك أن تقول: هناك تقريبًا 100 بارودة تطلق النار بنفس الوقت. وكان حجم الصوت والرعب الحقيقي من إطلاق النار كبيرًا فعلًا، وبدأ الناس ينسحبون، عندما رأوا القتلى وإطلاق الرصاص بدؤوا ينسحبون، وتم تشتيت المظاهرة، فالعدد الكبير الذي كان يقدر بـ 200,000 انخفض إلى 5000 ، والسبب الحقيقي أنه كانت في نفس الوقت "الفرقة 17" قد بدأت بالتمشيط من بداية دوار الدلة، وهذا اللواء كان يتبع للجيش، كان لواء دبابات "الفرقة 17"، وكانوا يقومون بالتمشيط من شمال المدينة، يعني من خلفنا، بشكل مستوٍ مع بعضهم، ويطلقون الرصاص، و معهم سيارات الجيش، يطلقون الرصاص، باتجاه الدوار وصولًا إلى التمثال، وتفرق الناس، وانسحبنا، أنا انسحبت، و كنت ملثمًا، وعدت باتجاه الجيش، و ليس عندي خبر، وأغلب الناس لا يوجد عندهم خبر بأن الجيش نزل للتمشيط، ولم تكن هناك اتصالات، وكانت الاتصالات تتقطع بشكل متعمد، وعلى مسافة 50 مترًا تقريبًا، كان الجيش في وجهي (أمامي)، وأنا كنت ملثمًا، والحمد لله أنني وجدت منفذًا في حارة فرعية، ودخلت فيها بشكل فوري؛ حتى أتوجه إلى بيتي، فكان الجيش منتشرًا حتى في الأزقة والحارات لمنع أي تجمع، واستطعت الوصول إلى بيتي، ولكن بنفس الوقت لم ينسحب جميع الناس، وفي كل حارة، كانوا يهتفون في وجه الجيش، كانوا يهتفون، ويضربون الحجارة على عناصر الجيش، واستمر هذا الوضع حتى الساعة 04:00 عصرًا، حتى عتمت العين (حلّ الظلام)، وتشتت المتظاهرون بشكل كامل، وكانت هذه الأيام أشبه بعطلة رسمية، كانت المحلات مغلقة والدوائر الرسمية مغلقة بشكل كامل.
استمر ذلك بعد التشييع، في اليوم التالي، كان تشييع حمودي، كانت جثته في المستشفى، ولم نستطع الذهاب إليه، والذين ذهبوا إليه هم أهله وأمه وأبوه، يعني النطاق الضيق نتيجة الخوف، فقد تم تشتيت العدد الأكبر والاعتقالات قائمة، واستطاعوا تخريج حمودي من المستشفى، و كان بيته في شارع المنصور للتشييع، والنظام منع التشييع تجنبًا لتشييع آخر مشابه لتشييع علي، ولكن خرج التشييع بعدد جيد، و رُفع بتابوت، وكان مغطى، لكن وجهه ظاهر فقط، والناس كانوا يهتفون، كانوا يحملونه، ويهتفون، ودفنوا حمودي ، وأنا لم أكن موجودًا للأسف نتيجة الخوف، و بعدها بيومين، عدنا إلى حياتنا شبه الطبيعية، فلا يزال التوتر في المدينة ظاهرًا، ليست كل المحلات مفتوحة، كان هناك شبه ركود، ونحن كنا طلاب معهد، و حتى مدير المعهد أذكر إنه كان يحاول إرضاءنا بأي شكل من الأشكال حتى نبقى مستقرين، ونحن لم نكن نستجيب لهذا الموضوع، واستمرت المظاهرات الليلية لاحقًا في 2012 ، و كنا نخبر أساتذة المعهد، ونحن في المعهد الرياضي، وكان النشاط الرياضي كبيرًا، وكنا نقول لهم: ارأفوا بنا قليلًا؛ لأن وراءنا في الليل ركض (يجب أن نركض). وهم كانوا يعرفون أن ركض الليل يعني الهروب أثناء المظاهرات.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/12/18
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في الرقةكود الشهادة
SMI/OH/16-03/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2012
updatedAt
2024/10/25
المنطقة الجغرافية
محافظة الرقة-شارع تل أبيضمحافظة الرقة-مدينة الرقةمحافظة الرقة-الفرقة 17شخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
الفرقة 17 ميكا - نظام