التظاهرات والحراك السلمي في الرقة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:04:01
مع بداية الثورة وخروج أول مظاهرة في درعا، لحقتها مدينة الرقة بعد يومين أو ثلاثة، وخرجت مظاهرة من جامع الفردوس، و كانت هي المظاهرة الأولى، فلم يكن هناك تنسيق معلن أو شيء منسق للتظاهر، ولكن خرجت من جامع الفردوس المظاهرة الأولى، وكان العدد لا بأس به، وكانت الصعقة الأولى في مدينة الرقة للنظام، وجوبهت بأسلوب وحشي من البداية. واستمرت المظاهرات في مدينة الرقة في 2011 في كل يوم جمعة، كل يوم جمعة بعد الصلاة، تخرج المظاهرة، وأنا لم ألتحق مع الأسف بالثورة منذ البداية بسبب الخوف على مصيرك وخوف الأهل عليك، على الرغم من أنه لم يكن أحد يمنعني من شيء، ولكن يوجد خوف كبير، ونحن كنا نرى المتظاهرين كيف يُعتقلون، وكيف يتم وضعهم في السيارة.
أول شيء رأيته كان في مظاهرة خرجت من جامع الفواز في شارع تل أبيض، يعني في الأشهر الأولى من عام 2011، في الشهر الخامس (أيار/ مايو) أو السادس (حزيران/ يونيو) تقريبًا، خرج المتظاهرون مباشرة من الجامع، وصاحوا "الله أكبر". وفي وقتها، لم يكونوا يهتفون بشيء، وكانوا يهتفون "الله أكبر". فاعتُقل الأغلبية، وكان عددهم 30 شخصًا تقريبًا، وكان هناك ازدحام كبير، واعتُقل أحد المتظاهرين، وكان عناصر الأمن يقولون: لا يبدو أنه من مدينة الرقة، ويبدو أنه جاء من درعا. فكانوا يشعرون بأن هناك أشخاصًا يخرجون من مدينة درعا، ويتوجهون إلى المدن السورية لإثارة الشغب وغيره، وكانوا يتكلمون بهذا الشكل، واعتقلوا أول شخص، ولا تزال الصورة في ذهني، وكيف كان يُوضع في السيارة الخضراء نوع "جيب" الخضراء التي كانت تابعة للأمن الجنائي، وكيف كان يُوضع في السيارة، ويُضرب بالعصي بطريقة وحشية.
كان عدد المشاركين في المظاهرات قليل في البداية، والنسبة الأكبر هم الأشخاص المتفرجون على المظاهرات، فإذا كانت المظاهرة في وسط الشارع كان الناس على أطراف الشارع يقفون، وهم مترددون وخائفون، يعني نوع من التردد حول مصيرهم ومن لديه عائلة كما هو حالي، والخائفون لأنهم عاشوا تجربة الثمانينيات وأحداث حماة، ومن يعرف السجون السورية.
في الشهر العاشر (تشرين الأول/ أكتوبر) تقريبًا، كان أول نشاط لي..
كان خروج المظاهرات من أكثر من نقطة، نحن نسكن في مركز المدينة، وكانت المظاهرات إما أن تخرج من تقاطع شارع 23 شباط مع شارع تل أبيض، وإما من جامع الفواز، وإما من جامع الحني، ومن النادر خروجها من جامع الفردوس، وكانت هناك نقطة بعيدة، وهي جامع الشهداء، تشجع الناس، وأصبحوا يخرجون من أكثر من نقطة: من جامع الشهداء، وجامع الحني، وجامع الفواز، هذه هي النقاط التي كانت شبه رئيسية للتظاهرات.
كان هناك حراك مدني، يعني تنسيق للتظاهرات، وكان هناك أشخاص، مثل: خلف الجربوع، وعائلة الحاج صالح، يعني مشاركة ضمن التنسيق بأي شكل، إذا لم يكن قياديًا [فإنه يقوم] بمشاركة ضمن التنسيق فقط.
إبراهيم الغازي المختطف لدى داعش حتى يومنا هذا وبعض الأفراد من عشيرة البياطرة الذين كانوا يخرجون، ولكن أغلبية الناس كانوا يخرجون في المظاهرات بشكل عفوي، فلا يوجد تنسيق؛ لأن الناس يخافون، ولا يوجد عندهم ثقة من هذا الموضوع؛ لأنه كانت هناك مداهمات للبيوت واعتقالات بشكل كبير، أحيانًا يُقطع الإنترنت، فدخلت أجهزة الاتصال الفضائي إلى مدينة الرقة، وكان يحدث تفتيش عنها، وأصبح هناك توزيع مناشير دعوات للتظاهر، وكان منشورًا صغيرًا مثل ورقة بيضاء تدعو إلى خروج مظاهرة من مسجد الحني في الساعة الفلانية، وكانت إما في الساعة 06:00 مساء كل يوم، وإما بعد صلاة الجمعة، واستمر النشاط بهذا الشكل لأشهر حتى استشهاد البابنسي.
قبل ذلك، استمرت المظاهرات بهذا الشكل فقط، ولا توجد أحداث كبيرة، كانت هناك مظاهرات تخرج باستمرار في مدينة الرقة، وتُجابه من قبل عناصر الأمن.
الأشخاص العاديون الذين خرجوا بشكل عفوي فهذا غالبًا بعد أن يتم تعذيبه يخرج، فقد يخرج بعد شهر، وأما الأشخاص الذين أسماؤهم موجودة عند الأمن الجنائي أو الأمن السياسي، مثل: المنسق، أو الداعي، أو المروّج للمظاهرات، أو المروّج للإرهاب (تهمته) فكان يُحوّل إلى مدينة دير الزور، وأنت بمجرد تحويلك إلى دير الزور كان يتصور في ذهنك مباشرة جامع جامع، وهو كان الرعب الحقيقي لأغلبية الناس، وكان معروفًا ماذا يفعل بالمعتقلين عنده، أو يتم تحويلهم إلى مدينة دمشق إلى الأفرع الأمنية، مثل فرع فلسطين. فأحد أصدقائي اعتُقل بتهمة لمجرد تشابه الأسماء لمدة 40 يومًا تقريبًا في أحد أفرع دمشق، ودخل بكامل صحته، وخرج معه السكري والتهاب في الكبد ومعه أكثر من مرض وحتى إنه لا يستطيع أن ينطق.
استمر هذا النشاط والاعتقالات والمظاهرات حتى يوم مقتل البابنسي، والناس تعودت على المظاهرات، وأصبح مطلبها إسقاط النظام بشكل أكثر، في ظل (بينما) كانت المدن السورية الأخرى، مثل: ريف حمص، وريف دير الزور تتعرض للقصف، فكانت المظاهرات تكبر، والنشاط بدأ يكبر، وبدأ علم الثورة يظهر أكثر حتى غاية مقتل الشهيد علي البابنسي في 2012، ومقتل علي البابنسي كان هو الشرارة الأولى الأكبر لخروج كافة المدنيين في مدينة الرقة في مظاهرة وتشييع كبير على مستوى سورية، تجاوز 200,000 نسمة.
كانت المظاهرة في تقاطع" 23 شباط" مع شارع تل أبيض، وعلى الأغلب أصيب البابنسي في منطقة شارع 23 شباط من جهة حارة البياطرة؛ لأن الأمن كانوا متمركزين في هذا الطرف، وكانوا يطلقون النار علينا بشكل متعمد، وكان إطلاق النار كثيفًا ومرعبًا فعلًا،بدرجة أنه شتت المظاهرة وهرب الناس منه، وأنا هربت باتجاه منزلي، وأصيب علي، رغم أنه جاري في الحارة وبنفس الحي الذي أعيش فيه و في نفس الشارع، ولكنني لا أعرف أين، وأُصيب علي بطلقة في الصدر (أسفل الصدر تقريبًا) وحمله المتظاهرون إلى بيته، وأدخلوه مباشرة إلى بيته، كان عمره 14 أو 15 سنة تقريبًا، كان طالبًا في المرحلة الإعدادية أو في الصف العاشر، لا يزال صغيرًا، وأدخلوه إلى بيته، وضجّ الناس، والمتظاهرون ضجّوا كثيرًا، وازداد عددهم، وأهل القتيل بدؤوا يصرخون، وجاءت نساء، وصار تجمع كبير عند بيت علي، ومقابل بيت علي في نفس الشارع يوجد فرع المخابرات الجوية في مدينة الرقة في المجمع الحكومي المقابل لمنزلي بالضبط، وخرج كل عناصر الفرع، وبدؤوا يطلقون النار بشكل عشوائي، و كانوا متوجهين إلى بيت علي البابنسى، ولكن الرصاص كان أغلبه في السماء عشوائي، وكنت في وقتها في بيتي، وكان بيتي مطلًا على الحدث كله في الشارع، وكنت أراهم من الشرفة، كنت أراهم من وراء شادر موجود على الشرفة، فلا يمكنك أن تمد رأسك، وتدخّل رجال كبار في الموضوع، وتوجه ثلاثة أشخاص تقريبًا، وكانوا يقولون للأمن: اهدؤوا يوجد قتيل. ويبدو أنه جاء قرار لعناصر الأمن بالانسحاب إلى المقرات، بمعنى "اتركوهم مع قتيلهم والصباح رباح (حتى الصباح)". وبدأ الناس يتجمعون من مدينة الرقة من كافة الأحياء والتوجه إلى منزل علي البابنسي، فأنا موجود و أرى كيف صاروا يأتون، ومن كان يأتي بالتكسي (سيارة أجرة) كان ينزل في منطقة بعيدة حتى يشارك، وتجمع الناس، وكان هناك تصوير مباشر.
كانت الساعة 09:00 أو 10:00 مساء تقريبًا في تاريخ 15 (آذار/ مارس) 2012، وتجمّع الناس، وبدأ العدد يزداد، وأصبح العدد كبيرًا، وبدأ الناس يشكلون حلقات، ويهتفون للثورة، وعلى الرغم من حزننا على علي كنا فرحين جدًا في نفس الوقت، فكانت المظاهرة الأولى التي تستطيع أن تمارس حريتك المطلقة فيها من حيث الهتافات والرقص، كان شعورًا لا يوصف، وكان التشييع في الليل، وكان هناك تصوير مباشر لإحدى القنوات، والأمن موجود في مقراته، ولم يتدخل، وقد شعر بخطورة [خروج] شرارة مدينة الرقة، هذه المدينة العشائرية و خطر العشائر وثورانها على تواجد النظام.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/12/18
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في الرقةكود الشهادة
SMI/OH/16-02/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2011
updatedAt
2024/10/25
المنطقة الجغرافية
محافظة الرقة-شارع تل أبيضمحافظة الرقة-مدينة الرقةشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية