الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الانشقاق وتفاصيل الخروج من دمشق إلى درعا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:14:31:10

ثم دخلنا إلى منزل أخي، وأجرينا "فرمتة "(مسح كل ما هو موجود على الهاتف) للهاتف مباشرة، وأزلنا الشرائح، وكسرناها، وتركنا الهواتف في المنزل، وقلت لأولادي، وكانوا صغاراً، كان ابني الكبير في الصف السادس، قلت لهم: سنغادر سورية. وكانت صدمة بالنسبة للأولاد، وهم لا يفهمون المسألة كثيراً، وربما يكون الكبار أكثر وعياً من الصغار، وبالفعل، خرجنا من المنزل، وركبنا السيارات التي جهزّناها أنا وأخي، وكل شخص منا قاد سيارة، وخرجنا من المنزل باتجاه البساتين. كنا نظن بالاتفاق مع الإخوة في الألوية أنهم قد رتبوا الموضوع، وقاموا بتأمين الحماية، ولكنني لم أرَ أي تنظيم وأي ترتيب، وللأسف، كانت الأمور غير مأخوذة على محمل الجدّ أبداً، حتى أثناء قيادتي السيارة في الطريق كان عناصر الشرطة يحيّونني. ثم وصلنا إلى هناك، ولم يكن الموجودون يعرفون من أكون، ولم يكونوا قد جهّزوا أنفسهم، فبدأ أخي يتحدث معهم، ويقول: يُفترض أن تكون الأمور جاهزة، ونكون خلال ساعات في عمان. فكان جوابهم: إن الأمور صعبة، وإن هناك تغيّرات حصلت على الأرض في محافظة درعا، والأمر صعب جداً إذا أردتم المغادرة اليوم؛ وبالتالي لا بد من النوم في الطريق في "تل العدس"، وكنت مستاءً جداً من الأمر، ولكنه أصبح أمراً واقعاً، ولا يمكن التراجع عنه. وأمام إلحاحي الشديد، أجروا اتصالات، وبعد ساعة، قالوا: إن زوجتي وأولادي يمكنهم الذهاب إلى درعا لوحدهم. وبعد ذلك، نذهب أنا وأخي لوحدنا، وبالفعل، حصل ذلك، فتمّ نقل زوجتي وأولادي بسيارة، وذهبوا، وكان المنظر مؤثراً جداً، فأنا لا يمكنني طوال حياتي أن أنسى أبداً ذلك اليوم أو تلك الساعات التي مرّت في ذلك اليوم. وبعد ذلك، ذهبت أنا وأخي، وكان السائق الذي ذهب معنا يتحدث مع جماعته، ويقول لهم: لا يوجد عندي وقود، ولا يمكن أن تمشي السيارة أكثر من 20 كيلو متراً. وهم يقولون له: تملؤها بالوقود أثناء الطريق. والسيارة التي تمشي أمامنا كانت سيارة دبلوماسية كانت تحت سيطرة الشباب، وأمامها سيارة ثانية وهي سيارة نصف نقل، وهي من أجل استكشاف الطريق، وعندما رأيت المنظر الذي نحن فيه والحالة التي كنا فيها كنت في غاية الانزعاج والإحباط من كيفية التعامل مع هذا الأمر بهذا الشكل، ولكن هذا الأمر أصبح واقعاً الآن، ولا يمكن التراجع عنه.

كنت أرتدي نفس اللباس، وقمت بتغطية رأسي وارتداء النظارات، وكانوا قد قالوا لجماعتهم بأنني ضابط أمن. وركبنا في السيارات، وكان معنا سلاح، وتوجّهنا، وكنت أظن أنهم درسوا الأمور، ورتبوها، وفوجئنا بأنهم أخذونا إلى حاجز للجيش عند "التاون سنتر" في مخرج مدينة دمشق باتجاه درعا، ومرت السيارة الأولى والثانية، وكنت أقول: هل هؤلاء مجانين؟! وإلى أين يأخذوننا؟ وبعدها وأثناء مرورنا بالحاجز أذّن المغرب من أجل الإفطار، وأصبح العناصر على الحاجز يسمحون للسيارات بالمرور، ونحن من ضمن هذه السيارات، ومشينا، ولم يسألنا أحد، ولم يطلب منا أحد الهوية، وأعتقد أن حصول هذا الشيء هو لطف من رب العالمين. وبعد أن تجاوزنا الحاجز، بدأ الشباب الموجودون معنا يلوم بعضهم بعضاً، ويقولون: كيف تأتون إلى هذا الحاجز؟ وهذا الحاجز ضخم وعليه عناصر، وكانوا بالعشرات، وكان كل طرف يرمي المسؤولية على الطرف الآخر، وبعد ذلك، أخذونا إلى بلدة زاكية، ودخلنا إلى منزل عربي، وقلت لأخي: اسألهم لماذا جئنا إلى هنا؟ فسألهم، وقالوا: سننام هنا. وطبعاً، حاولنا الاعتراض بشكل شديد، وبقيت جالساً في السيارة حتى الساعة 11 ليلاً، وكنت أرفض النزول، وقلت لهم: يوجد شخص واحد يعرف بهذا الموضوع. وهو كان معنا، وهو أخونا أنس البلخي الذي رافقني إلى الحدود الأردنية، وقلت لهم: إن الموضوع سيُكشف، وقلت لهم: بشار يتحدث معي كل يوم في الساعة التاسعة مساءً، وحتماً سيطلبني، وسيسألون عن مكان وجودي، فكم سيتأخر هذا الأمر؟ [فإذا بقي الأمر هكذا] حتى الصباح فإن الموضوع سيصبح مكشوفاً، وسيأخذون احتياطاتهم وكل الإجراءات. وبعد الساعة 11، وجدت أنه لم يعد هناك مجال للحديث، وتمّ الأمر؛ وبالتالي لا يوجد إلا الاستسلام لأمر رب العالمين، وما كتبه رب العالمين علينا سيحصل.

وفي هذه الأثناء، جاءني خبر بأن السيارة التي أخذت زوجتي وأولادي تمّ اعتقال سائقها أثناء عودته من قبل حاجز الأمن العسكري، وهذا الخبر زاد الطين بِلّة، وأصبحت حالتنا يُرثى لها، وبعد ذلك، نزلنا من السيارة، وجلسنا في غرفة، وكان المنزل جديداً، ولا يوجد طينة على الجدران، وكان الطقس حاراً في تلك الأيام، وجلست حتى الفجر تقريباً، وقال الشباب: يجب علينا مغادرة هذا الموقع والذهاب باتجاه درعا. فقلنا: عسى أن تمرّ الأمور بسلام، فهذا أمر ربّ العالمين، وما باليد حيلة. وانطلقنا، ومشينا مسافة ليست بعيدة، وبعدها توقفوا لمدة ساعة يبحثون عن دليل؛ حتى يأخذنا من طرقات زراعية، ولا ندخل في حواجز الجيش. وفي النهاية، جاء شخص، وركب معنا، وهذا الشخص كان يصرّ بشكل كبير على أن يعرف من أكون؛ لأنه قد يحتاج شيئاً مني في المستقبل بعد أن أرجع إلى المهمة، وهو أوصلنا إلى مسافة معينة، وانتهت مهمته، ونزل، وبعدها كان من المفترض أن يكون هناك دليل آخر، ولكنه لم يأتِ، وقام الشباب بتأمين شخص آخر، كان يبيع أسطوانات الغاز، وأخذنا، وسار بنا مسافة معينة، وبعدها بدأنا نتنقل ضمن الطرق الزراعية؛ حتى نتلافى المرور من الحواجز، وأحياناً، تصادفنا حواجز، فكان الشباب يتداركون الأمر، ويغيّرون الطرقات، واستمرينا على هذا الشكل حتى المساء، إلى أن وصلنا إلى "اللجاة".

عندما وصلنا إلى الطريق الدولي المؤدّي إلى درعا كان من المفترض أن ينتقل الشباب من اتجاه إلى آخر، ويجب عليهم العبور من وسط الطريق، وكان وسط الطريق عميقاً، وتجاوزه أمر خطير، وعندما مشينا حتى نتجاوز هذا الموضوع، مع الأسف، كان حاجز أمامنا، وهو ليس بعيداً عنا، وكان عند الحاجز دبابات و"شيلكا"(مضادات طيران)، والشباب لم يعرفوا كيف يعبرون الحاجز، والأمر كان خطيراً جداً، ولكن رب العالمين أخرجنا منه سالمين، ووصلنا إلى "اللجاة". وأخذَنا أحد الشباب إلى منزله، وقال لي أنس: اطمئنّ يا دكتور، نحن الآن في أمان؛ لأن "اللجاة" لا يوجد فيها نظام، وقال: بعد قليل، سنذهب إلى الأهل حتى نراهم. وبالفعل، جلسنا لمدة ساعة أو أكثر، ثم ذهبنا إلى أهلي وزوجتي وأولادي، وعندما وصلت إليهم كان المنظر مؤثراً جداً، وكانوا قد فقدوا الأمل؛ لأن النظام كان يبثّ أخباراً بشكل متواصل عبر التلفزيون، ويقولون: تمّت إقالتي، وتمّ توقيفي، وتمّ إلقاء القبض عليّ. وكانوا بحالة مأساوية، وفقدوا الأمل، وكانوا يظنون أنه تمّ اعتقالي واعتقال أخي، وكان المنظر مؤثراً ولا يُنسى. فاللحظة التي ودّعت فيها أولادي ولحظة اللقاء لا يمكن أن أنساها طوال حياتي، وحتى مجرد التفكير فيها الآن هو ضرب من الجنون.

كان رأي الشباب أن نفطر، وبعد الإفطار نغادر عن طريق "تل شهاب" إلى الأردن، وطلبوا أن يستكشفوا الطرقات في البداية، وعلى ضوء الوضع الموجود على الأرض يتمّ التصرف. وبالفعل انتظرنا، والجماعة لم يقصّروا، و رحم الله صاحب المنزل، فقد استشهد، وقاموا بواجبنا ضمن إمكاناتهم، وعاد الشباب، وقالوا لي: لا يمكن الخروج من "تل شهاب"؛ لأن النظام يقوم بتطويق المنطقة، وبعد ذلك، بدأ القصف على المنطقة، وكانت وجهة نظرهم مغادرة هذا المكان إلى أماكن أخرى أكثر أماناً. وبالفعل، تمّ نقلي أنا وزوجتي وأولادي مع أحد إخوتي، وبقي أهلي في نفس المكان؛ لأنه لا يمكن نقل الجميع، والعدد كان كبيراً، فانتقلنا إلى مكان آخر، وبقينا في هذا المكان حتى الصباح، وأنا أتحدث عن اليوم الثالث من تاريخ مغادرتنا، ولم ننم في أول يومين، وفي اليوم الثالث صباحاً، جاء الشباب، وطلبوا منا الذهاب معهم إلى قرية نصيب، وأحضروا معهم عدداً من السيارات المختلفة: سيارات شحن، وسيارات أجرة، وسيارات عادية أخرى. وركبنا في سيارة أجرة أنا وأخي، وكان كل من زوجتي وأولادي في سيارة أخرى، ومعنا الشباب الثوار، وطبعاً، هم لا يعرفون من أكون باستثناء الشخص الذي جاء معي من دمشق.

وذهبنا باتجاه قرية نصيب، ولكن جزءاً من الرحلة كان على الطريق العام، وسائق سيارة الأجرة لا يعرف شيئاً أبداً، فهو سائق سيارة أجرة وطلبوا منه إيصالنا، ولم يكن مبالياً على الإطلاق، حتى اضطر هذا الشاب إلى أن يُشهر السلاح في وجهه؛ حتى يتعقّل في موضوع القيادة والحركة التي يقوم بها. ثم شعر بالخوف؛ لأن الشاب كان موجوداً في سيارة أخرى، ونزل منها، وركب معنا، وهدّده بالمسدس، وقال له: عليك أن تلتزم بالشيء الذي نقوله لك. وخاف السائق، والتزم فعلاً. وبعد ذلك، دخلنا في طرقات زراعية بعد الطريق العام، ووصلنا إلى قرية نصيب عند المغرب تقريباً، ودخلنا إلى منزل شخص -جزاه الله خيراً- لم يقصّر معنا، وقام بواجبنا، وذبح الخِراف، وبعد ذلك نمت من شدة التعب؛ لأني خلال الأيام الثلاثة لم أنم أبداً، واتفقنا مع الأخوة أن يُحضروا إخوتي وأخواتي؛ حتى نغادر جميعنا باتجاه الأردن، وتأخّروا كثيراً، وانتظرنا ساعات طويلة مع أن المسافة لم تكن بعيدة، وكنت أسأل كثيرا: لماذا لم يأتوا؟ ويقولون لي: سيصلون الآن. وبعدها فهمت منهم أن هناك مشكلة حدثت مع إخوتي، فإحدى الكتائب احتجزتهم، وطلبوا منهم أن يعلنوا أنهم هم من قاموا بتأمين انشقاقي، وكان الأمر سيئاً، حتى جاء قائد المجلس العسكري في المنطقة- رحمه الله- المقدم ياسر العبود، وطلب رؤيتي، و في البداية، رفضت رؤيته، وقلت: لا أريد رؤية أحد أبداً. وبعدها، ترجّاني صاحب المنزل، وقال: ليكن ذلك إكراماً لي، وجاء هذا الرجل إلى منزلي. فقلت: أهلاً وسهلاً. وتعرّفت عليه في ذلك التاريخ مع عدد من الإخوة من قادة الفصائل في منزل هذا الرجل.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

انشقاق رياض حجاب

كود الشهادة

SMI/OH/128-17/

أجرى المقابلة

عبد الرحمن الحاج ، منهل باريش

مكان المقابلة

الدوحة

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

آب 2012

updatedAt

2024/04/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة درعا-نصيبمحافظة درعا-تل شهابمحافظة درعا-اللجاةمحافظة ريف دمشق-زاكية

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة