الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

سجال العنف والسلمية والموقف من المخبرين والعواينية في داريا

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:20:19

في أول مرة جاء [الأمن] إلى المنزل، كان ذلك في بداية شهر (أيار/ مايو) [وتكررت المداهمات] إلى شهر (أيلول/ سبتمبر) أو (آب/ أغسطس) (يصادف شهر رمضان) جاؤوا تقريبًا أربع مرات إلى المنزل، وكان المنزل فارغًا لا يوجد فيه أحد، في بعض الأحيان كانت زوجتي لتأخذ بعض الحاجيات ولكن لا أحد يسكن فيه، وحتى أذكر أنه بعد المرة الثالثة لم نقم بإصلاح الباب، ففي أول مرة أحضرنا نجارًا؛ لأنهم خلعوا باب المنزل وقمنا بإصلاحه، وفي المرة الثانية قمنا بإصلاح القفل، وفي المرة الأخيرة وضعنا قفلًا خارجيًا، ولكن وجدنا أن الأمر قد يطويل (على هذا الحال) فقد جاؤوا أكثر من مرة، وكان واضحًا أنهم يريدون هذا الاسم، وفي إحدى المرات جاء (الأمن) إلى منزل أهلي، واعتقلوا أخي أحمد، وبصراحة حتى الآن لا أستطيع أن أجزم هل اعتقلوه لأنهم يريدونه أم لأنهم يريدون محمد؟ [ولكنهم] وجدوا أحمد فأخذوه! حتى أنني أذكر في يومها قالت لي والدتي: أنه ذهب معهم بطريقة هادئة، وقالت أمي لهم: إنه تم اعتقاله من قبل، وقدمه مكسورة، ماذا تريدون منه؟ ولا أذكر ماذا قالوا لها، فقالت لهم: هكذا رئيسكم [بشار الأسد] يقول لكم؟ ويبدو أن العسكري قام بالصراخ عليها، وقال لها: إن هذا رئيسنا جميعًا ورئيسك، واعتقل أخي أحمد -لا أذكر إذا كان هذا الأمر في حزيران/يونيو أو في تموز/ يوليو- وبدأنا نعيش على أمل خروجه غدًا أو بعد غد، ولكن لم يتم الإفراج عنه، وبعد ستين يومًا لم يفرج عنه أيضًا وطال اعتقاله. 

ومن ضمن الأمور في شهر (أيلول/ سبتمبر) أنني أجريت أول مداخلة، وفيما بعد بدأت أفكر بموضوع [الظهور تحت مسمى] شاهد عيان وماهر الديراني؛ فوجدت أنه من الأفضل أن يتكلم الشخص باسمه الحقيقي، والأفضل أن يوجد أشخاص حقيقيون معروفون يتكلمون باسم الثورة أو بصوت الثورة، ولكن كان أكثر هاجس عندي هو أن أخي في المعتقل، وأنهم قد يشددون عليه [بسبب ظهوري الإعلامي باسمي] ولكن مرّ شهران وثلاثة وأربعة أشهر [على اعتقاله] وطال الأمر، كنت أرى أهلي مرة واحدة كل 3 أو 4 شهور، أقصد والدي ووالدتي، وأما زوجتي وأولادي كنت أراهم مرة واحدة في الشهر على الأغلب، ففي إحدى المرات عندما التقيت مع والدتي في أحد المنازل قلت لها: إنني نويت أن أتكلم باسمي -كان هذا في آخر 2011 قبيل رأس السنة بأيام- وقلت لها: كنت أؤجل الموضوع من أجل أحمد، ولكن يبدو أن الأمر طويل، وإن شاء الله يتم الإفراج عنه، وهي لم يكن لديها مانع، وقالت لي: "الله يحميك ويحميه"، وفعلًا أذكر أنه في الأول من (كانون الثاني/ يناير) 2012 أو في 31 (كانون الأول/ ديسمبر) 2011 تكلمت باسمي للمرة الأولى.

في الأول من (كانون الثاني/ يناير) [2012]، رفع الشباب - أنا لم أكن موجودًا- علم الثورة على سارية عالية في داريا، وكان مشهدًا مميزًا، وأذكر أنه في يومها كان عندي مداخلة وتكلمت عن هذا الحدث، وقلت: إنني محمد شحادة من داريا، وأحيانا كانوا يقولون: "لجان التنسيق"، ولكن غالبًا ما يقولون: [معنا]محمد شحادة من داريا، وكانت المفارقة أن أحمد خرج في اليوم التالي في الأول أو الثاني من شهر (كانون الثاني/ يناير) يعني هذه من الأمثلة التي كنا نستشهد بها على أنك لاتستطيع أن تتوقع حدوث بعض الأمور، فقد كنا نخاف أن يكون مفعولها عكسيًا، لكن الحمد لله أنه خرج في بداية السنة، وكانت جريدة "عنب بلدي" في بداية تأسيسها، وبعد أن خرج أخذ بعض الوقت لاستعادة لياقته، ثم دخل فيها، ولاحقًا بعد أشهر أصبح مدير التحرير فيها، وكان أخي أحمد يعد خسارة بالنسبة لي على المستوى الشخصي بالإضافة إلى كونه خسارة على مستوى الثورة، فعلاقتنا كانت قوية جدًا، وكانت هناك أشياء نكمل بها بعضنا، واستشهد أخي أحمد لاحقًا في الحصار.

أريد أن أتكلم عن ثنائية السلمي- المسلح، في البداية كان الخطاب سلميًا، وكنا كثيرًا ما نرفع لافتات (لإن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) و" سلمية سلمية" وما يشابه هذا الكلام، وهذا الشيء استمر ولم يكن موضوع نقاش أو اعتراض، في إحدى المرات، كان في أحد الهتافات -وهذا الأمر في مرحلة مبكرة في شهر (أيار/ مايو) أو (حزيران/ يونيو)- "قولوا للشبيحة نحن ذبيحة " وحتى أذكر أحد الفيديوهات كان يوجد وكالة اسمها "وكالة طل للأنباء" أنشأها بعض الشباب ومنهم معارفنا، ووضعوا منشور تنبيه "أن هذه الممارسات غير مقبولة" ونحن حاولنا في داريا أن نوضح أن هذا الكلام غير معقول؛ فأنت لا تتكلم مع كثير من الناس من حيث المبدأ، ولكن تتكلم معهم من مبدأ براغماتي (واقعي) تقول لهم: أنت بهذه الطريقة تستعدي الناس عليك بأنك تقول لهم أنا قادم لأقتلكم، وهذا ما لا نريده، فكان الأمر لا يخلو من التجاوزات هنا وهناك، ولكن الخط العام كان جيدًا.

أذكر أول نقاش حضرته أنه كان اعتراضًا -كان في شهر رمضان بعد السحور في الشهر الثامن (آب/ أغسطس)- كان بعض الشباب من الناشطين في الحراك السلمي يقولون: وماذا بعد؟ ويجب أن نجد حلًا، وهذا لا يكفي، وإلى أين سيوصلنا هذا؟ (إظهار مثالب لاسلمية) وكان العنف في وقتها مثلًا: أن تضع المسامير على الأرض أمام سيارات الأمن، وكان يوجد طريقة أخرى لتعطيل السيارات، وعلى الهامش يوجد أمر طريف: في إحدى المرات شارك معنا الناشطون في مصر منشورًا [يتضمن] نصائحًا من أجل ناشطي سورية وكان منها: أن تأخذ معك البيض حتى تضرب به سيارة الأمن عندما تأتي؛ وهكذا تحجب الرؤية عن السائق، فيضطر للوقوف، وقس على ذلك، أو نملأ بالونًا بالحبر، وفي وقتها كان البعض يعترض على موضوع [استعمال] المسامير؛ ويعده عنفًا وغير مسموح به، فكان الجواب عليهم: وليكن، ماذا سوف يحصل لو أن السيارة تعطلت أو حصل حادث؟ لن يموت أحد! وحتى إذا حصل حادث وأصيب (عناصر الأمن) فهم في الأساس جاؤوا حتى يقتلوننا!

على الأقل أذكر أنه في شهر رمضان (آب/ أغسطس) كانت بدايات هذا النقاش (السلمية والعسكرة) وفي شهر رمضان أيضًا حضرت لقاءً في الليل قبيل السحور، كنا في مزرعة في أرض مشرّق (داريا الشرقية)، ذهبت مع معن شربجي وأظن كان غياث مطر موجودًا، فهم كانوا قد نسقوا الاجتماع قبل ذلك مع أحد المشايخ، وهو شيخ يقيم في داريا ولكنه ليس منها، وكان الموضوع حول العواينية (الواشين للنظام) لا أعرف إذا كانوا متفقين معه من قبل، ولكن قال الشيخ: يجوز التعزير، وهو بالفقه عقوبة دون الحد، بمعنى أنه إذا كان حد السرقة هو قطع اليد، فالأقل منها يكون تعزيرًا، فيمكن تعزير هؤلاء (الواشين) إذا ثبت ضررهم، ولكن يوجد شروط الذي أذكره منها (الفتوى) يجب ألا يسبب (التعزير) إعاقة دائمة، ولا تقطع طرفًا، فكان الشيخ يبرر استخدام الضرب أو نوعًا ما من الإيذاء الجسدي، بحيث لا تصل إلى عاهة دائمة، وكانت في ذلك الوقت بدايات الكلام عن قتل العواينية (الواشين للنظام). 

أذكر في شهر رمضان، عندما بدأت المظاهرات بعد صلاة التراويح، بدأ شيء سميناه لاحقًا  "درع داريا" وهي مجموعة تضم أحد الشباب -أظنه استشهد رحمه الله- ومعه معارفه، كانوا موجودين في مناطق مختلفة، كان لديه مجموعة غير رسمية في البداية وفيما بعد أصبحت رسمية، كل شخص موجود في منطقة على مدخل بلد أو شارع، كان يخبر البقية إذا مر الرتل أمامه؛ حتى يتم إنهاء المظاهرة، ولاحقًا سميت" بالدرع" وأصبحت مرتبطة باللواء (لواء شهداء الإسلام) في 2013، كان هذه بدايات التركيز على الناحية الأمنية أكثر، فأنا كنت في هذه الجلسة ذو مشاعر مختلطة قليلًا، بين أن الموضوع (العزوف عن السلمية) مربكًا، وبين أنك تمشي في طريق (الثورة) الذي [يحتم عليك] في النهاية أن تتعامل مع هذه المواقف، وبنفس الوقت يجب أن يكون هناك شيخ يفتي، حتى لو أن هذه الفتوى ليست دقيقة 100%، لكن ذلك أفضل من أن تكون الأمور بدون فتوى، كان قبل عيد الفطر الأول.

بعد رمضان خرجت من داريا ولم أعد أحضر هذه اللقاءات المباشرة، ولكن كان يوجد مجموعة" فيسبوك" كانت [النقاشات] محتدمة حول هذا الأمر غالبًا، وأحيانًا يكون هناك الكثير من المزاودات، فالذي يتكلم لا يريد أن يفعل شيئًا. أذكر في إحدى المرات أن شابًا من أقاربي كان في الجيش، أو انتهى من الخدمة العسكرية، فكان يقول لي: يجب أن نفعل شيئًا، -كنا نتكلم على" الإنترنت"- فكنت أقول له: يمكن أن تجد طرقًا من أجل تأخير مرور السيارة (سيارة الأمن) فقال لي: يا أبا يامن -كان اسمي أبو يامن حينها- الناس تموت وأنت تقول لي مسامير! [فقلت]: ماذا سوف أقول لك؟ هل أقول لك اذهب واقتلهم؟ هو كان يريد فتوى ثورية، ولا يتكلم معي كمرجعية دينية.

كان يوجد نقاشات "أونلاين" أحيانًا تكون محتدمة وتكون سيئة أحيانًا أخرى، هذه في مجموعة مغلقة لشباب داريا، ولكن أغلب أعضائها لا أعرفهم، وأغلب الأسماء وهمية. 

زاد النقاش [حول جدوى السلمية] عندما استشهد غياث مطر؛ لأن [استشهاده] أخذ مباشرة صدىً عربيًا ومحليًا وحتى عالميًا، وهناك أشخاص كانوا يبالغون بسلمية غياث، والبعض أصبح يعتبر اسم غياث [قد] استخدم وجُير لصالح جهة معينة من اللجان، أو تنسيقية داريا، أو جماعة عبد الأكرم القديمة، مع الأسف هذا الذي كان يحصل.

بعد استشهاد غياث بفترة قصيرة، كان يوجد شاب من داريا اسمه أسامه الشيخ يوسف، كان طالبًا في مسجد المصطفى ومدرس بنفس الوقت، كان طالبًا جامعيًا، فهو من أوائل الأشخاص الذين اتجهوا لحمل السلاح بشكل سري، وهو أستاذ في مسجد وموثوق وأصبح هناك أشخاص يساعدونه -أنا فيما بعد عرفت هذه التفاصيل- واستطاع شراء أكثر من قطعة [سلاح] مع بعض رفاقه كان ينسق الموضوع، وأظن أن هذا الكلام كان في (تشرين الأول/ أكتوبر) 2011 -لست متأكدًا من التاريخ تمامًا ولكن من السهل الحصول عليه- قام مع بعض رفاقه بعملية مسلحة على أحد حواجز النظام على أطراف داريا، حاجز بعيد اسمه حاجز "الفصول الأربعة" موجود بين داريا والجديدة، على أساس أنه قد خطط للعملية، كان يوجد عدد من العناصر [على الحجاز] وكأن الخطة كانت عدم قتل العناصر، ولكن يقومون بتقييدهم وأخذ أسلحتهم، ولكن العملية فشلت، لا أعلم إذا كان [السبب] سوء تخطيط أو قلة خبرة، ولا أعرف ماذا حصل بالضبط، ولكن حتى أسامة قتل، وبقيت جثته مع الجيش، وفيما بعد أحضروها، عندما قتل غياث كان هناك تشييع محدود، وقام الأمن بتهديد أهله: إذا قمتم بالهتاف على أنه شهيد فإننا سوف نطلق النار، ولكن عندما [استشهد] أسامة الشيخ يوسف أظن أنه لم يكن هناك تشييع، وتم السماح لعدد محدود من أهله بدفنه فقط. ولكن في وقتها جرى نقاش كبير حول غياث وأسامة، وهذه الثنائية (سلمية/ عسكرية) يوجد أشخاص يقولون: لماذا أصبح غياث مشهورًا جدًا؟! والشخص الذي يعمل في" الجهاد" (أسامة الشيخ يوسف) لا يتم التركيز عليه! منذ ذلك الوقت بدأ هذا الانقسام، يبدو مع الأسف كان هناك طبقات مختلفة، بعض منها هو خلاف شخصي بين أشخاص، ومنها موضوع جماعة مسجد أنس القديمة وجماعة أخرى، ومنها ما هو [خلاف بين] تنسيقية وتنسيقية أخرى، تراكمت فوق بعضها؛ فكان هذا الخط العام، فإلى حد ما قبل (أيلول/ سبتمبر) ولكن الأمر توضح[أكثر] في (أيلول/ سبتمبر) و (تشرين الأول/ أكتوبر) وأصبح يوجد ثنائية تنسيقية لجان/ وتنسيقية الإسقاط، كانت توصف تنسيقية اللجان بأنها علمانية وسلمية -التي بدأت تصبح وصمة- والأخرى هي الإسلامية الجهادية، ولا أقول الجهادية بمعنى سلفية، ولكن الجهادية تعني العنف من منطلق ديني.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/27

الموضوع الرئیس

الحراك في دارياالمقاومة السلمية في سورية

كود الشهادة

SMI/OH/34-16/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/03/16

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

لجان التنسيق المحلية في سوريا

لجان التنسيق المحلية في سوريا

عنب بلدي

عنب بلدي

لواء شهداء الإسلام

لواء شهداء الإسلام

تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام

تنسيقية مدينة داريا - الشعب يريد إسقاط النظام

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

تنسيقية داريا - لجان التنسيق المحلية

الشهادات المرتبطة