الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

انسحاب قوات الأمن من درايا وانتعاش النشاط المدني ومشاكل كتائب الجيش الحر

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:20:09

كنت أتكلم عن نشاط الجيش الحر في ربيع وصيف 2012، تحديدًا في الصيف حيث ازاد نشاطه أكثر، وبنفس الوقت زادت التجاوزات، ففي تلك الفترة عام 2012 قتل أكثر من عوايني (واشي للنظام) والحقيقة أنه يوجد أشخاص قتلوا لأسباب قد لا يكون لها علاقة بالثورة، بمعنى أنه ليس مؤكدًا هل هو عوايني (واشي للنظام) أم لا،في أحد الأمثلة، فقد مات شخص -بحسب ما أذكر- من عائلة خولاني؛ فاتهموا الجيش الحر بذلك، ثم تبين فيما بعد أن القصة هي موضوع خلاف قديم على عقارات ونصب وما شابه [وعليه] تمت تصفيته، [لكن] هل هو قتل عن طريق الجيش الحر؟ لا أحد يستطيع أن يجزم في وقتها.

وكذلك موضوع سرقة السيارات -هم كانوا لا يستخدمون كلمة سرقة ولكن يستخدمون كلمة أخرى لا أذكرها- ولكنهم كانوا يستبيحوا ويأخذوا سيارة فلان لأنه موظف [في الدولة]، في إحدى المرات أخذت سيارة لشخص من (منطقة) صحنايا، وحصلت وساطات لإخراجها. أحيانًا تكون الحجة أنه (صاحب السيارة) يضع صورة بشار الأسد على السيارة، ولكن هذا الأمر ليس بمبرر.

وفي إحدى المرات أخذت إحدى المجموعات سيارات لتاجر مشهور في دمشق، دخلوا إلى مزرعته في داريا، وأخذوا سيارتين وأشياء موجودة في المزرعة وذهبوا، ثم تواصل معي قريب هذا التاجر، وكان يقول لي: إن هذا الرجل قد تبرع كثيرًا من أجل الثورة، صحيح أنه لا يستطيع أن يعلن موقفه، ولا يوجد مبرر [لهذا الفعل]، وعندما تكلمت مع قائد المجموعة (أبو نضال) قال: هو(التاجر) عندما دخلنا إلى المزرعة كان يظن أننا من الأمن، وقال: انتظروا حتى أتكلم مع فلان، واتصل مع ضابط في المخابرات، فقلت له: هذا الأمر طبيعي؛ وجميع التجار لديهم علاقات، وهو كان يظن أنكم من الأمن، فاستمر الموضوع ست أو سبع جلسات؛ حتى استطعنا إقناعه أن يعيد السيارات إلى صاحبها. فلم يكن هناك سلطة، وهذه المبررات الضعيفة أو الواهية، كانت تحتاج الكثير [من الحنكة والصبر والدهاء] للتعامل معها، وحتى أنني أذكر أنه يوجد أشياء لم يعيدها، أو أنه كان يوجد أغراض مفقودة لم يجدوها.

من أحد التجاوزات [أيضًا] كان هناك ضابط من بيت خولاني -بصراحة، لا أعرف أين [كان]موجودًا هذا الضابط وحتى أنه ليس معروفًا كثيرًا ضمن داريا؛ فعمله في دمشق- جاء الخبر أنه قُتل في شارع الثورة في داريا حيث كان منزله، لم نفهم ما الذي حصل مباشرة، [لكن] شخص من المعروفين في قيادة الجيش الحر كتب: نحن ليس لنا علاقة، ولم نشارك، فيما بعد تبين أن هذا الشاب الذي كنت أتكلم عنه (قائد المجموعة) كان هدفهم سرقة المسدس أو ربما سرقة السيارة نسيت -لست متأكدًا- ولكنهم برؤوا أنفسهم، [بادعاء أن الضابط] هو الذي حاول أن يستخدم مسدسه؛ واضطروا لإطلاق النار عليه، وكأنهم يلومونه! وأن العملية بالأصل بهدف أخذ المسدس أو السيارة، ولم يكن المقصود قتله. وكان يحصل تعمية كبيرة على الموضوع، وحتى أنه حصل نوع من التواطؤ، مع الأسف وحتى أنني لم أستطع أن أتأكد من هو الشخص حتى بعد مرور أسابيع، بعد أن تم فتح الموضوع بصراحة أكثر، وكان يحصل نوع من التعمية. كان يوجد قسم يقول يجب أن نغطي على هذه التجاوزات؛ لأنها تسيء لسمعة الجيش الحر، وقسم من مبدأ اجتماعي حتى لا يعرضوا هذا الشخص للمسؤولية -وهي مجموعة وليست شخصًا واحدًا- والأسوأ كان -بحسب ماذُكر- أنه [الضابط] كان يريد أن يوصل ابنته إلى المدرسة أو الروضة، وكانت معه في السيارة وشهدت الموقف، فبصراحة، كان الموقف سيئًا جدًا، وفي ذلك الوقت لم يكن يوجد آلية للمحاسبة، ولا يوجد حتى آلية للاعتذار أو التعويض.

حصل أكثر من مرة أن يدخل الجيش الحر إلى محل، ويأخذ فلانًا أو يضربه، وتجد دائمًا جميع الروايات [التبرير] إما أن هذا الشخص عوايني (واشي) ومتعامل [مع النظام] أو أن هؤلاء الأشخاص ليسوا من الجيش الحر، يعني تجد [مبررات] من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبصراحة في تلك الظروف لم يكن يوجد قيادة مركزية، ولا يوجد آلية لضبط الموضوع ولا للتحقيق فيها.

في الشهر السابع (تموز/ يوليو) بحسب ما أذكر، عندما دخل الجيش الحر إلى حي الميدان (في دمشق) كان المزاج الثوري في قمته، فساعة الصفر تقترب والانشقاقات تزداد، والمناطق تحرر في سوريا وماشابه، وجاء دخول حي الميدان… وبالنسبة لي كان الأمر مفاجأة، مع أنهم انسحبوا خلال أيام. وبعدها بفترة (أقل من شهر)، حصل تفجير خلية الأزمة؛ وكان المزاج العام يوحي بأن الثورة بدأت تقترب من النصر، وكانت سمعة الجيش الحر عالية جدًا أيضًا، ولسبب معين لم يعد يدخل الأمن إلى داريا، ففي الأشهر السابقة كان يدخل رتل إليها بشكل دائم، وكانت التعزيزات على الحواجز جاهزة للتدخل في أي وقت، ولا أحد يستطيع الاقتراب من الرتل، وهو كان يدور (ينفذ دوريات في شوارع المدينة)؛ حتى يخيف الموجودين، ولا يوجد هدف معين، ولكن أحيانًا تصلهم إخبارية؛ فكانوا يذهبون لاقتحام منزل أو اعتقال أشخاص، في إحدى المرات -لست متأكدًا- سمعت أنهم اقتحموا منزلًا كان يوجد فيه شاب صغير، عمره ثمانية عشرة عامًا أو أقل، حتى لا يمسك به فقام برمي نفسه من شباك منزله ومات بسبب محاولته الهروب، فقد كان الاعتقال هاجسًا مخيفًا جدًا، وبنفس الوقت لا أحد يستطيع أن يفعل شيئًا: لا نستطيع أن نتظاهر أو [نقوم] بـنشاط داخل المدينة، أو إذا أردنا أن يكون هناك نشاط فإنه يكون في أطراف المدينة، وحتى إذا أردنا التنقل فإننا نتنقل غالبًا ليلًا في وقت متأخر كثيرًا، ونتقصد تجنب الأماكن الرئيسية.

في نهاية الشهر السابع (تموز يوليو) وشهر رمضان الذي امتد من الشهر السابع إلى الشهر الثامن (آب/ أغسطس) حصل فراغ أمني كبير، فالنظام لا يدخل إلى داريا -وبصراحة لا أعرف السبب- فأصبح هناك حرية كاملة في الحركة، وهذه الحرية انعكست على ثلاثة مستويات: استعيد الحراك السلمي بشكل كبير، وازداد الحضور المسلح -لا أقصد العمليات- وأيضًا بدأت الكثير من الاجتماعات بهدف تنظيم أو إنشاء مجلس جديد أو ما شابه. بالنسبة إلى الحراك السلمي، وجدنا من غياب الأمن فرصة؛ فبدأنا بالخروج في مظاهرات مسائية أو نهارية، وحتى في هذه الفترة أذكر أنه دخل أكثر من صحفي أجنبي إلى داريا، وقام بالتصوير و[أجرى]مقابلات، وأذكر دخول [مراسلي] قناة" السي إن إن" [وجريدة] "الواشنطن بوست" و صحفيين عرب وغيرهم.

وقمنا بأكثر من حملة من أجل تنظيف الشوارع، سمينا إحداها " إذا البلدية لم تعمل فالبركة بالشباب" بمعنى أن البلدية لا تقوم بدورها المطلوب، واتفقنا على[تنظيف]أحياء معينة خلال ثلاثة أيام، في كل يوم نقوم بتنظيف حي، وبعد ذلك أقمنا دعوة[مضمونها] كل شخص [يقوم بالتنظيف] في منطقته وشارعه هو وجيرانه، وفعلًا كان يوجد استجابة في أكثر من حي.

كان للتنسيقية دور كبير ولكنها لم تكن وحدها، فمع الوقت وخاصة بعد تلك الجهود والتنسيق والتواصل والتعارف بين الكثيرين، وجدت دائرة يهمها العمل أكثر من أن يكون همها المسميات.

التنسيقية كانت حاضرة في المركز، ولكن كان يوجد دوائر أخرى مثل أبو النور قريطم (محمد قريطم) -رحمه الله- كان له دور كبير في هذه النشاطات وهو عمليًا من الأشخاص الذين حافظوا على النفس(التوجه) السلمي بشكل كبير جدًا، فتحس أن هاجسه أن نقوم بنشاطات ومبادرات سلمية أكثر، ففي إحدى المرات اقترح أن يقوم بمظاهرات فزاعات، يعني فزاعة يلبسها الثياب المدنية… وأعتقد أنهم وضعوا تسجيلًا صوتيًا- لست متأكدًا- وفعلًا كان الأمن يظن أن هناك مظاهرة، وجاء الأمن وقام بتكسيرهم، هو (محمد) عندما طرح الفكرة سخروا منه، وفيما بعد عندما حصلت- يوجد فيديو وهو تصوير ليلي وبسيط- ربما حينها قدمت العربية تقريرًا كاملًا عنه، فقام الأشخاص الذين كانوا يسخرون [من الفكرة وصاحبها] بالتسابق على نشر الفيديو ومشاركته.

 كان كل همه أن يكون هناك مبادرات سلمية إضافية، وكان هناك موضوع تنظيف الشوارع، وفي أحد النشاطات قمنا بتنظيف المنطقة التي هي منطقة الترب (المقابر)، وهي المفرق الأساسي في داريا، قمنا بتنظيفها وطلاء الشارع، ورسمنا عليه علم الثورة (على طوله) وبتنا نعلق صور الشهداء في هذا الشارع وشوارع أخرى،  فكانت المبادرات من هذا النمط [وأيضًا] وضعنا لوحات يوجد فيها صور كل الشهداء في ذلك الوقت، أو الذين توفرت صورهم، واستمرت حملات التنظيف أكثر من يوم في أماكن مختلفة، [في بعض تلك الحملات] كان يأتي بعض شباب الجيش الحر، فتجد أن الصور التي تظهر شخص يوجد سلاح على ظهره وهو يقوم بالتنظيف، بعض الأشخاص يعجبهم هذا الأمر، وأشخاص يعتبرون ذلك تبييضًا أو تلميعًا للجيش الحر، ولكن كان الأمر عادي [لدرجة] حتى أنه في مرحلة معينة جاء أبو تيسير وغيره -لا أقول: إنهم شاركوا في التنظيف- ولكن جاؤوا بشكل طبيعي وجلسوا ودردشنا.

ففي هذه الفترة أخذ الجميع مجده وراحته، وحصلت مجموعة نشاطات ولقاءات نقاش.

بالنسبة للجيش الحر كانت هذه فترة ترف، وعمليًا كل مجموعة لها مزرعة معروفة أو أكثر من مزرعة، والجيش لا يتدخل، فبدؤوا يشعرون بأمان أكثر، وفي رمضان تجد أنه في كل يوم يوجد وليمة عند شخص ما، إما من قبل أصحاب مطاعم أو أشخاص يشترون (الطعام) ويرسلونه لهم، أو هناك من يعطيهم المال، كانوا كل يوم إما مدعويّن أو داعين أحدًا، لدرجة أنني كنت أشعر بأن هناك مبالغة في الموضوع، وحتى أن كل مجموعة أصبح لديها أكثر من سيارة، ففي إحدى المرات كان هناك شخص اسمه أبو صدام -استشهد فيما بعد رحمه الله وغفر له- كان من قادة المجموعات الأوائل وكان مقربًا من أبي تيسير ولديه الكثير من التجاوزات، ففي إحدى المرات كنت ذاهبًا إلى اجتماع في الأرض الغربية مشيًا على الأقدام لمدة نصف ساعة، وأنا لا يوجد عندي سيارة، وشاهدني أثناء مروره في منتصف الطريق، وقال لي: اركب معي إلى أين أنت ذاهب؟ فقلت له: إنني ذاهب إلى المكان الفلاني بجانب المسجد، فقال لي: يجب أن نجلب لك سيارة خاصة يا أستاذ، وبإذن الله أنا سوف أجلب سيارة لك، فقلت له: إذا كانت من سيارات صحنايا فأنا لا أريد. وهذه كانت رمزية (ترمز لاعتراضي على سلوك بعض عناصر الجيش الحر). فجماعة التنسيقية أخذوا الصيت والاسم، ولكن عمليًا المظاهر المادية كلها عندالــ… (الجيش الحر) في تلك الفترة على الأقل، أنا لا أنكر أنه فترة ما كان البعض منهم في ظروف صعبة، ويجلسون في مزارع في البرد. ولكن هذه الشهور كانت فترة صعود [بالنسبة لهم].

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/08/28

الموضوع الرئیس

الحراك في داريا

كود الشهادة

SMI/OH/34-24/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

أيار- حزيران - تموز - آب 2012

updatedAt

2024/03/16

المنطقة الجغرافية

محافظة ريف دمشق-مدينة داريا

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش السوري الحر

الجيش السوري الحر

واشنطن بوست

واشنطن بوست

الشهادات المرتبطة