الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

المشاركة في مظاهرات الرقة ودير الزور

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:11:16:06

في الرقة ودير الزور لم يحصل مجازر في هذه الفترة، يمكن سوء تنظيم في الرقة والانقسامات بين الناس، وحتى الانقسامات العشائرية بين مؤيد للثورة ومؤيد للنظام، وهذا الانقسام لا يمكنك أن تخلق فيه سردية واحدة. الطبيعة لدى الناس سوف تختلف؛ يعني يخافون على البنات كثيرًا، وأنا كنت أسمع هذا الكلام، وأحيانًا كنت أشعر أن بعض المناطق أو بعض الأشخاص ما عندهم نخوة، مثلًا كنا نخرج مظاهرات أنا وبنات، ونرى بعض الشباب واقفين (يتفرجون). ومرة في واحدة من المظاهرات كان معي تسع صبايا بشارع فرعي –وهذه المظاهرة سيتذكرها الأشخاص الذين شاركوا فيها- بين شارع الوادي وشارع تل أبيض قدَّام بيت أهل قاسم الخطيب، وأتذكر حتى الآن الشاب الذي كان يجلس على الرصيف، وينظر إلينا، ولم يتحرك، ونحن خرجنا من المظاهرة، وأصبحنا نهتف وجاء الأمن، انزعجت من موقفه على الأقل قم من الكرسي الذي تجلس عليه، وهذا عكس الذي حصل تمامًا في دير الزور.

ذهبت إلى دير الزور لأنه كان هناك تشييع شهيد من عائلة خرابة، كانوا شهيدين واحد منهم من عائلة خرابة، وأخوالي يعيشون في دير الزور، وأيضًا أخي عامر، وقالوا: غدًا يوجد تشييع، فذهبت إلى دير الزور بحجة أنني مدعوَّة إلى منزل عامر على الغداء، وقلت لوالدتي رحمها الله: إنني أريد الذهاب إلى منزل أخي عامر، وقد كنت أسمع عن مظاهرات دير الزور، وأريد الخروج في مظاهرة كبيرة وأهتف بصوت عال. فذهبت إلى دير الزور، وهناك أخذت عباية من بنات خالي ولبستها ووضعت الخمار حتى لا يعرفني أحد؛ لأنني سوف أخرج في مظاهرة لا أعرف فيها أحدًا، ولا أريد من أحد أن يعرفني، حين وصلت إلى المظاهرة، ورأيت مجموعة من النساء في المظاهرة التي كانت قدَّام جامع عثمان بن عفان، ومن الجامع سوف يخرج التشييع، وركبت في تكسي وذهبت إلى جامع عثمان، حين وصلت إلى هناك ورأيت الناس يخرجون، كان يوجد مجموعة نساء مجتمعات فوقفت معهن وبدأ الشباب يكبرون، وأنا بدأت أهتف: "يا شهيد نام مرتاح ونحن نكمل الكفاح"، وبدأ الناس ينظرون إليّ، وكل واحدة من النساء تنظر إلي أنه من هي هذه المرأة، وكانوا يسألون بعضهم: هل هناك من يعرفها؟ وحتى الشباب كذلك الأمر، ولم يسألني أحد أيَّ شيء، وبدؤوا يردِّدون خلفي وأنا أهتف.

وأكملنا، قالوا: إنه من جامع آخر سوف يخرج الشهيد الثاني ونلتقي في النقطة الفلانية، وأنا ذهبت مع هؤلاء المشيعين، وأخرجت هاتفي وأطفأت الاتصال، وشغَّلت التصوير حتى أصوِّر التَّشييع كاملًا؛ رحم الله الشهداء، ولكنهم كانوا يعطونك دفعًا كبيرًا لأجل الاستمرار. والهتاف الذي يخرج أثناء تشييع الشهيد تشعر بأنه يخرج من قلبك، وتشعر بإيمان، هذا ما قلته وما كنت أشعر فيه، والشباب والبنات الذين كانوا يهتفون، وكنت أشعر بأن كل شخص منهم مؤمن، وأنه "يا شهيد نام مرتاح ونحن نكمل الكفاح"، وفعلًا نحن كنا مصرين على استمرار الكفاح مهما سقط من عندنا شهداء.

وأنا كنت أقوم بتصوير التشييع وأمشي على الرصيف وأصوّر من بدايته إلى نهايته. مشينا مسافة طويلة لمدة ساعة تقريبًا، وبعدها طلعت الجنازة الثانية وجثمان الشهيد الثاني، وأكملنا الطريق وكنت مستمرة بالتصوير. الأعداد كانت رهيبة فعلًا، ولم تكن هذه الأعداد موجودة في الرقة، ولكنني رأيتها على التلفزيون في حماة وفي حمص، ولم أرها في الرقة، ولم أتخيل أنني سوف أراها في الرقة، وكنت أقول: إنني صحيح أنا هنا في الرقة ولكن أخوالي من دير الزور.

وأنا أمشي جاء شخص وأمسك يدي، وقال لي: امشي معي من غير أي كلمة. كان يعتقد أنني سأخاف وأذهب معه. فأبعدت يده، ولكنه أخذ الهاتف مني، وقلت له: من أنت؟ فقال: امشي معي بدون ضجة، فأمسكت يده حتى آخذ الجوَّال، وهو قام بلَيِّ يَدي، وبدأت أصرخ وقمت بعضِّه من يده ووقع الهاتف من يده وأخذت هاتفي، وهذا الشخص كان عنصرًا في الأمن، فاجتمع الناس حولي، وسألوني: هل أنت بخير؟ فقلت لهم: هذا الشخص يقول لي: امشي معي وأنت ساكتة وأخذ الهاتف مني. وسألوني: هل تعرفينه فقلت لهم: لا، لا أعرفه جاء وأمسكني من الخلف من يدي ويقول: امشي معي، وقال له أحد الشباب: تعال إلى هنا ماذا تريد منها؟ من أنت أيها الكلب؟ وقال له: تمشي مع رجال أو مع أولاد صغار، فقال له: إنها تقوم بتصوير وجوه الناس، فقال له: ما علاقتك بنا؟ ونحن فرحون أنها تصوِّرنا، وقال له: غادر المكان أو أدعو الناس حتى يدوسونك بالصَّرامي (الأحذية)، أنت لا تستأهل أن تخرج مع الشهيد، ثم أخذت أضحك، ولكن قلبي صار يرجف ثم سألوني الناس الموجودون: من أنت؟ وسألوني: هل يوجد معك أحد؟ فقلت لهم: لا، جئت وحدي، فقالوا: امشي قدَّامنا ولا تعملي لنا مشاكل؛ لأننا مشغولون. فمشيت أمامهم ثم وصلنا قريبًا من المقبرة، فقالوا لي: إلى أين تريدين الذهاب؟ فقلت لهم: إلى بيت جدي؟ فقالوا لي: تعرفين الطريق؟ قلت لهم: نعم ولكنني سوف أركب تكسي. وفعلًا قال لأحد الشباب: أوقف لها سيارة تكسي، ثم ذهبت، وكان عامر أخي وأولاد خالتي وأولاد خالي موجودون، وسألوني: لماذا لا تردِّين على الهاتف وتلفونك مغلق؟ فقلت لهم: كنت في تشييع شهيد فقالوا: والله توقَّعنا هذا الشَّيء؛ لأنه كان يوم جمعة، وقالوا: لقد قلقنا عليك، لماذا لا تردِّين؟ فقلت لهم: حتى لا تتصلوا ويفصُل التَّصوير، وخلاص في النهاية سأرجع، وإذا حصل لي مكروه سأعطيكم خبرًا.

في يومها كان يعرف [أخوها عامر] أنني قادمة إلى دير الزور. بنات خالي وهن فقط من يعرف أنني سوف أخرج في التشييع؛ لأنهن هن اللواتي أخبرنني بالتشييع، وكان يوجد شاب من الرقة اسمه سليمان الترن، فك الله أسره، إذا لا يزال موجودًا [على قيد الحياة]، ورحمه الله إذا استشهد؛ لأنه معتقل منذ عام 2011، وهذه هي قصة دير الزور، ولكن فعلًا كان شعور جميلًا جدًّا أن تخرج بكامل حريتك، والناس حولك جميعهم مساندون وداعمون، ولا أحد يسألك والناس يدافعون عنك على عكس الذي صار معي عندما عدت في مظاهرة المشلب.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2020/02/10

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في الرقة

كود الشهادة

SMI/OH/145-06/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/03/21

المنطقة الجغرافية

محافظة دير الزور-مدينة دير الزورمحافظة الرقة-مدينة الرقة

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة