استمر هذا الشيء (النشاط المدني) وكتبنا كلمات دعم للنساء في باقي المحافظات في بيوتنا، يعني مثلًا نقول كلمات دعم ونكونُ مجموعة من النساء ونوجِّه إلى النساء في باقي المحافظات رسائل أنه نحن نساء الرقة معكن ونساندكن، كان في بيت مفيدة الخطيب مرَّة، وبيت فراس الحاج صالح مرة، وشاركَت فيه أخت فراس اسمها رفعة وسعاد نوفل وزهية الحجو وأنا ورمال النوفل، وقمنا بسهرة ثورية عندي بالبيت، وطبعًا كل الأغاني ثورية عن الثورة، واشتغلنا خلال الجلسة أشغالًا يدويّة، سنارة ومخرزًا أعلام ولفَّاحات (وِشاحات)، وأيضًا أطباق الاستعمال لمرة واحدة لوَّنَّاها بعلم الثورة، وبُثت هذه السهرة الثورية على القنوات الإعلامية، شاركنا فيها أنا وسعاد ورمال وزهية ورفعة وزبيدة، لكنها كانت مخاطرة؛ يعني الناس صاروا يقولون لي: الغرفة واضحة، غرفة الضيوف عند الشَّارع، ولكن هذا الكلام كان في آخر 2011، وطبعًا أنا كنت أنكر للشخص الذي معي، وأقول: هذا النشاط ليس في بيتي، وأنا البارحة تابعت هذا الشيء، ولا أعرف وليت عندي هذه الجرأة حتى أفعل هكذا شيء؛ لأنه لم يكن عندي ثقة بالأشخاص رغم أننا أحيانًا كنا نتصرف بغباء شديد ونثق [بالآخرين]، لكن الحمد لله مرَّت على خير، وصوَّرها نور -الله يرحمه أو الله يرجعه إذا ما [قتِل]- الذي اعتقله تنظيم داعش، ولكن السهرة كانت جميلة، حتَّى ألَّفنا مقاطع على نغمة الموليَّا، وهي أغانٍ ثورية، مثل: الُمول مُول الهوى ... عيني يا موليَّا ... مَحْلى بنات الرقة تنادي للحرية .. وأكملنا المقاطع. وفي يومها رمال غنت لأجل إدلب ورمال وسعاد من إدلب فغنوا لإدلب وتفتناز وبلدات ومدن إدلب، فخلصت (انتهت) هذه السهرة الثورية، واستمررنا في بعض الأمور، وكنا لا نتوانى عن أي شيء نفعله، ونخترع أشياء وكنا نروح إلى أهالي المعتقلين ونجمع التبرعات ونرسلها إلى أهالي المعتقلين الذين نعرفهم دون أن نخبرهم من نحن، وكان يوجد دفع كفالات للمعتقلين يتم جمعها من الناس ويتم دفعها كفالات للمعتقلين، لأن الكثير من المعتقلين لم يكن عندهم قيمة دفع الكفالة، وكان مكلفًا بدفع الكفالات المحامي عبد الله الخليل الله يرجعه.

فعلنا الكثير من الأمور في عام 2011 وهي كلها مسائل (أمور) سلمية من التظاهر إلى الاعتصامات والمنشورات ومساعدة الناس، وأيضًا بدأ الناس ينزحون من حمص أولًا، وبدأنا نساعد الناس باستئجار بيوت، فرش، ألبسة، وكل مستلزمات الناس، وبنفس الوقت الناس النازحون ليس بالضرورة أن يكونوا من الثوريين، ولكن نحن ما كنا نسألهم: هل أنتم مع الثورة؟ ونحن فقط نعرف أن في هذا المنزل أو هذا المكان نازحين أو أشخاصًا يحتاجون إلى أي مساعدة؛ كنا نذهب ونساعدهم ولا نسأل عن أسمائهم، وأنا كنت أستخدم اسم أم عمار في الإغاثة، وما أذكر اسمي الحقيقي منى فريج؛ لأننا ما نعرف ردة الفعل لا عند الناس ولا عند النظام؛ أنه أنا أم عمَّار لمَّا أعطي رقم تلفوني أنا أم عمَّار،كان يوجد الكثير من الأطباء تبرعوا لمعالجة النازحين والفقراء والمصابين بشكل مجاني، ومنهم الدكتور عماد حديدي، الدكتور إسماعيل الحامض، الدكتور صفوان الحمود، والكثير من الأطباء والطبيبات النسائية، وكانوا يعالجون بشكل مجاني، ولكن أكثر تواصلي كان مع الدكتور إسماعيل الحامض، وكنت أخبره عن الحالة من النازحين والمتظاهرين، وأي إصابة تصير كنت أخبر الدكتور إسماعيل الحامض، وهو يدلُّني على من يجب أن أذهب أو أتواصل أيضًا. والدكتور الجراح مهيدي القبع كان يساعد الناس كثيرًا في الطبابة والمعاينات المجانية ويعطي أدوية من عنده، ويرسل إلى الصيدليات، الأطباء الذين كانوا متعاونين كانوا كثيرين، وكنت أتعامل معهم، ولا يتوانون ولا ينزعجون لا في الليل ولا في النهار ولا بالتكلفة ولا شيء، ولا يسألون شيئًا أبدًا.