الحراك الطلابي ومظاهرة في كلية الطب بمنطقة المزة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:13:06:23
من الذكريات أيضاً في 2011، في فترة مابعد خروجي من السجن، ذكرت أن هناك هذا الرابط الوشائجي أو هذا الانتماء للأصل، فذهبت إلى أصدقائي في سكن الدراسات العليا في المزة، واجتمعت هناك مع حسين جوابرة، وهو صديقنا منذ زمن.
كان يتكلم بشيء [اسمه]: "اتحاد الطلبة الأحرار"، وأننا سنبدأ. وفي تلك الفترة، بدأت أرجع إلى كلية الطب؛ لأنه كان هناك شخص من المعضمية، أتحفّظ على اسمه؛ لأنني لا أعرف أين هو الآن، وهو كان مراقب الدوام في بناء المدرّجات، وصديقي جداً فكنت أذهب، وهو يخبرني من المعضمية ما يلزمهم من أغراض أو إذا أرادوا شيئاً، فأنا أحضر، وهو يؤمن، [يقول:] أكون أنا في المكان الفلاني، وسأعطيك إياهم. وهو يؤمّنهم، فكنت ذاهباً إلى كلية الطب من أجل ذلك، كي أرى أبا شحادة، وفجأة، بدأ ينزل من البناء -يا ليتني أستطيع أن أرسم كلية الطب، ولكن الذين يعرفونها...- بناء المخابر، وهي ثلاثة أبنية: بناءان متقابلان وبناء المدرجات هنا، فكنت أقف هنا، وبدأ ينزل من بناء المخابر أوراق ملونة أوراق صغيرة، وجميعها مكتوب عليها: "يسقط النظام" مثلاً أو كذا كذا، فامتلأت الكلية بها، امتلأت أرض الكلية بالأوراق الملونة، وكلها مكتوب عليها...، وأي شخص يأتي، يمسك ورقة، ويقرؤها، كان هناك من يخاف، وأنت تريد فقط أن تشاهد منظر ساحة الكلية، هناك من يخاف، وهناك من يغضب من الموالين للنظام مثلاً. وفجأة، ظهر بعض الأشخاص يهتفون، ولكن في لمح البصر كان الأمن قد ملأ المكان.
[كان الهتاف]: " الشعب يريد إسقاط النظام"، كانوا طلاباً، ولكنك لا تعرف من جاؤوا، هل هم اتحاد طلبة؟ هل هم أمن؟ ولكن فجأة، تشاهدين هراوات في الشارع، فهناك صبية أتذكر أنها كانت قطعتها ناعمة (صغيرة الحجم)، وكانت خائفة وقادمة نحوي. وفي كلية الطب، توجد المطبعة التي يطبعون فيها المحاضرات لنا، وكان اسمها: "العائدي"، وكان من يجلس فيها اسمه أبو إبراهيم، أعتقد أنه مات بمرض السرطان، ولكن أبا إبراهيم شاب فلسطيني، طبعاً، كان مع الثورة قلباً وقالباً، حتى أنه أحياناً كان يطبع لنا بعض الأمور عنده، فأدخل البنت إلى المكتبة، وهي بنت جسمها صغير، فخبّأها خلف آلات الطباعة، وقلت له: ماذا؟ فقال لي: يا حريري، تعال، تعال. فأدخلني إلى المكتبة بحجّة أنني أعمل معه بالمكتبة، و كنت أجلس في المكتبة، وأسمع صوت الضرب، وفي يومها، أعتقد أنهم اعتقلوا طالبات في كلية الطب، أتذكر أن هناك بنتين اعتقلتا، وحصل ضرب للطلاب، وأتذكر أن هناك طالب ضربوه لدرجة أنه أُغمي عليه، كان في ساحة الكلية، ثم سحبوه، ولكن كل هذا أو الدرجة التي كان النظام يسعى لضبط الجامعات فيها، هذا كله كان لمدة ربع ساعة، وانتهى، ثم جاء عمال النظافة، وقاموا بلمّ الأوراق، وتغلّبوا (تحمّلوا مشقة)؛ لأن كلية الطب فيها شجيرات صغيرة وحدائق، فهناك ما هو عالق في الشجرة، هذا ما جعلهم يحتاجون وقتاً طويلاً.
أنا ذكرت هذا الشيء؛ لأن مظاهرات كلية الطب كانت ظريفة (جميلة)، واعتُقل عدد من الطلاب فيها، ويهمّني أن نشير إلى هذه الشخصيات التي كانت مع الثورة، والذين يذهبون، ولا يُذكرون، مثل: أبي إبراهيم، وهذا المكان هو في النهاية أنقذ شخصين من الاعتقال، هذا ما فعله، يعني هذه هي الثورة. وفي تلك الفترة، أحسّ أن الثورة كانت في كل مكان، والناس جميعهم ثورة، والشبيحة فقط هم كانوا شبيحة والأمن أيضاً، والناس كانوا ثورة.
تعرّفنا على حسين جوابرة في تلك الفترة- وهذا الكلام الذي أقوله لك عن المظاهرة كان بين شهرَي أيار وحزيران عام 2011 – قال حسين جوابرة: نحن اتحاد الطلبة الأحرار. فقلنا له: حسناً. فقال: يجب أن ننسق لمظاهرة. طبعاً، معه شباب لا أذكر أسماءهم للأسف، كان معه 3 أو 4 شباب، قال: يجب أن ننسق مظاهرة في اليوم الذي تنتهي فيه الامتحانات. ذهبنا، ونسّقنا اجتماعاً، وتكلّمت مع عدنان حمدان، فقال: يا أخي، أحضرهم إلى بيتي، نجتمع في منزلي، ونتكلم، واجتمعنا في منزل عدنان بعد العصر تقريباً، كان أهله قد خرجوا، ونحن لوحدنا في المنزل، وبدأ التخطيط: ما هي الشعارات التي سنرفعها؟ كان من الشعارات "الحرية" مثلاً، أي كان الشعار العام الموجود في الشارع، ولكن رأي الشباب كان أننا نحتاج إلى شيء طلابي، يعني شيء يميز أن هذه مظاهرة طلبة، شيء يتكلم عن التعليم وعن مشكلات التعليم، وكُتبت صيغ لا أذكرها في وقتها. وفي اليوم الثاني، كانت المظاهرة ستخرج، وتمّ الاتفاق على أن تكون المظاهرة عند كلية الاقتصاد، وغالباً، كان السبب هو أن آخر امتحان سيكون في كلية الاقتصاد، وهو آخر امتحان في الجامعة.
من طرفنا (جهتنا) نحن كنا سنشارك، وأرسلنا حسام موصللي - هو في السويد الآن- وأحضرنا له كاميرا -عدنان أمّن له كاميرا- حتى يصوّر المظاهرة يقيناً منا أن الحراك الطلابي ضروري، يعني نحن مثلاً: كنا نسمع أن هناك مظاهرة في كلية الطب البشري، في جامعة دمشق، واعتقال فلان وفلان، ولكنك لا ترى الفيديو، ربما صُوّر فيديو مرة واحدة من فوق، ولم يكن مهماً، فكان همّنا أن ننقل بأن هناك حراكاً طلابياً في الثورة، وقام عدنان بتأمين كاميرا، وكان حسام سيذهب من أجل التصوير.
في اليوم الثاني، ذهبنا، وكنا قادمين من جهة البرامكة، وفي ذلك اليوم في البرامكة، رأيت أمراً، كان هناك شخص يضع بسطة (يبيع على الرصيف)، ولا أذكر إذا كان يبيع دخاناً أو شيئاً [آخر]، ولكنني رأيت تحتها روسية (سلاح كلاشنكوف)، ورأيت هذا الأمر بعيني في نفس اليوم، كنا قادمين من جهة البرامكة، من الزاوية، وعرفت أنها روسية (سلاح كلاشنكوف)؛ لأنه في ريف درعا كانت الروسية (سلاح الكلاشنكوف) أمراً معروفاً جداً بالنسبة لنا، فميزتها مباشرة لأنني رأيت طرفها الخلفي، كانت "أخمص طي"، وكنا ذاهبين إلى المظاهرة، وهي لا تبعد 200 أو 300 متر عنه (كلية الاقتصاد عن زاوية البرامكة).
مشينا بجانب كلية العلوم، وطبعاً، حصلت في كلية العلوم مظاهرات مهمة، ولكنني لم أكن موجوداً فيها، وقبل أن نصل إلى الزاوية، حصلت ضجة من عند كلية التربية إلى كلية الاقتصاد، كانت هناك ضجة وحركة كثيفة حتى الخارج إلى المكان الذي ينبغي أن يحصل فيه [التظاهر]، وهو طرف فيه ساحة بجانب كلية الاقتصاد. حدثت ضجة، وبدأ الناس يركضون، فكانت الحالة واضحة بأن هناك أمناً يعني أمن وشبيحة، يكونون اتحاد طلبة على الأغلب. فعدنا، نتصل، ولكن لم يحصل شيء، وكان الخبر في يومها على "الفيسبوك" أن هناك مظاهرة عند كلية الاقتصاد، واعتُقل شخصان أو ثلاثة، ولا أذكر أسماءهم، ولكن للأسف لم تحصل مظاهرة، فقد كانت ستبدأ، أعتقد أن أحداً هناك هتف أو لم يهتف، وكأن الأمن على دراية بالموضوع، نحن في تلك الفترة شككنا بالاختراق، فنحن المجتمعون ربما كنا 5 أو 6 أشخاص، أكيد (حتماً) أحدهم أخبر [الأجهزة الأمنية]، لأن الأمور كانت معروفة جداً، أو ربما كانت الأمور تشيع أكثر، وأنت في النهاية تتكلم عن طلاب ومدينة جامعية، وقد يكون الموضوع وصل.
نحن بقينا ننتظر حسام، نتصل به، ولكنه خارج التغطية، وكنا نظن أن حسام اعتُقل، وحتى المساء، تكلم معنا حسام، فكان قد دخل مع كاميرا إلى بناء، واختبأ في الأعلى عند باب السطح، وبقي حتى المساء، وقال: إنه كان يشاهد الأمن، فظلوا، وانتشروا، و[استمر ذلك] لفترة طويلة، قلنا له: هل صورت شيئاً؟ فقال: للأسف، لم أجرؤ. فهو كان يخشى أن يتمّ الإمساك به، فلا يريد أن يكون معه شيء.
في أحد الأيام، في سكن الدراسات العليا، أنا لا أعرف أن هناك مظاهرة مساء، كانت على الأغلب في شهر أيار أو حزيران، ولكنها قبل مظاهرة [كلية] الاقتصاد، وقبل نهاية الامتحانات. كنت أجلس في سكن الدراسات، وبدأت أسمع صوت دقّ، ونزلت إلى الشباب في الأسفل، كان محمود الزعبي وأيهم عمارين، وسألتهما: ماذا يحصل؟ فقال لي محمود: يوجد مظاهرة في المدينة الجامعية. محمود عضو مكتب إداري، وهو نفسه الذي تكلمنا عنه في موضوع الهيئة الإدارية، ولكنه الآن أصبح عضو مكتب إداري، فقال: يوجد مظاهرة في المدينة الجامعية، يجب أن أذهب. فنزلنا، وقفزنا إلى السور، ودخلنا، وكانت وحدة سكن طلاب الطب هي الوحدة الأولى، والوحدة 15 هم الذين يعملون، وكانت البنات في الوحدة الثالثة هن اللواتي بدأن بالمظاهرة، ولكنهم أغلقوا الأبواب عليهم، وفي وحدة الطب، أنا لم أرَ، ولكن الناس في الداخل يقولون ذلك: إنهم ألقوا قنابل غازية على الغرف (على السكن)، وهو مغلق، وكان هناك صراخ وهتافات تخرج من الغرف من الوحدات نفسها، [كانت الهتافات]: "واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد". ولكن كان هتاف: "الشعب يريد إسقاط النظام". وفجأة، دخل من الباب الشمالي، ليس من الباب الذي من جهة أوتوستراد المزة، وإنما من الباب الذي من جهة الطريق العادي، دخل كمّ مهول من الشبيحة، [يحملون] الحديد والسكاكين والسيوف الكبيرة التي ذكرتها، طبعاً، نحن نتكلم بعد نصف ساعة، فبعد نصف ساعة، كان الناس يهتفون، وأغلق أمن السكن الجامعي الوحدات عليهم.
أحضروا الشبيحة من حي المزة 86، ودخلوا إلى الوحدة الأولى لكلية الطب، ويوجد صديقنا منصور أو مهران على الأغلب، لا أذكر كنيته، وعلى الأغلب كُسرت يده، فكانوا قد أغلقوا عليهم الأبواب في الوحدات السكنية، وأدخلوا الشبيحة عليهم(الطلاب)، وفي يومها، اعتُقل شباب وصبايا، ويوجد شباب ضُربوا في السكن الجامعي.
أنت دخلت إلى السكن الجامعي، وكنت في الخارج، ولكن المظاهرات كانت في الوحدات، والوحدات مغلقة. فأنت عملياً تشاهد فقط، وفي الخارج، كانت الحالة العامة [مكونة] من اتحاد الطلبة والأمن الجامعي الذي يتبع للفروع الأمنية، وليس أمناً جامعياً "كيوت". فنحن بقينا، وعندما حصل ذلك، هجموا، وصرنا نشاهد أنهم يُخرجون من الوحدات أشخاصاً يُضربون، ويأخذونهم، فأردنا أن نخرج، ولا أذكر من كان معي، لا أذكر الشاب، ولكنني كنت مع شخص آخر، وهو من الشباب الذين يسكنون في الدراسات العليا، فكنا نريد أن نذهب، وبدأ يقفز من السور أشخاص، بدؤوا بضربنا وتعرضنا للضرب المبرح، ولكن فيما بعد ذهبنا، ضربونا، وذهبوا.
[كانوا يقولون لنا]: يا خونة، يا كلاب. وتعرّضنا لضرب شوارع، وليس ضرب شبيحة، بل كأنك تتعارك مع شخص، وسأذكر لاحقاً أن أحدهم سيكون مع الثورة، ، يجب أن أذكره لأنه حدثني بالتفصيل لماذا انقلب، فقد كان مع الشبيحة أصدقائه، ثم انضمّ إلى الثورة، ثم أصبحنا أصدقاء، وهو الذي ضربني. وفي إحدى المرات لاحقاً، كنت أحدثه عندما أصبحنا في جنوب دمشق، قلت له: في إحدى المرات حصل كذا كذا في السكن الجامعي. فقال: والله، هذا أنا، لقد كنتما شخصين، وأمسكنا بكما وضربناكما. قال: هذا أنا وأصدقائي، ثم فيما بعد أصبح مع الثورة، وبقي حتى النهاية وهو الآن في أوروبا، خرج معنا في التهجير.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/23
الموضوع الرئیس
الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/53-26/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
أيار - حزيران 2011
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مزة 86محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة دمشق-البرامكةمحافظة دمشق-المزةشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
جامعة دمشق
الاتحاد الوطني لطلبة سورية
اتحاد الطلبة السوريين الأحرار