الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

إطلاق كرات الحرية و المناطيد في دمشق

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:03:17

بالمناسبة حين قمنا بمظاهرة أمام القصر الجمهوري بصيف 2011 كان الموضوع خطيرًا ومرعبًا، ولكن بعد اعتقالي، والشبابِ الذين تابعوا معنا بالحراك وشركائنا بالحراك - وكنا قد عملنا مع بعض- قاموا بالخروج بمظاهرات أمام باب القصر، وفي إحدى المرات قطعوا الطريق بالدواليب (الإطارات) المشتعلة؛ يعني طق عرق "الحياء" والخوف عند الشباب وأصبحوا لا يكترثون.

بالعودة إلى كرات الحرية، كانت لجغرافيا دمشق دور مساعد بأنك تقوم بعدة أنشطة، وجبل قاسيون كان مكانًا مفيدًا لأن نطلق ألعابًا نارية ضمن حملة معينة بالتزامن مع روزنامة الحرية، واتفقنا أن نطلق ألعاب نارية في قاسيون والصالحية وركن الدين بلحظة معينة بنهاية صيف 2011 أو في الشتاء، ونطلق ألعابًا نارية بوقت معين بعد إطفاء أنوار جبل قاسيون كلها من ركن الدين، من برزة للمهاجرين، كل الأحياء تنطفئ في وقت واحد وتصير عتمة احتجاجَا على المجازر التي تحدث بحمص مثلًا أو في اللاذقية، وبعدها يصير إطلاق للألعاب النارية تعبيرًا عن صوتنا حتى بالمفرقعات، وفيما بعد استفدنا من جبل قاسيون وكرات الحرية كانت ضمن هذه الفائدة، فمثلًا منطقة المهاجرين فيها مثلًا 15 نزلة قاسية ( طريقًا منحدرًا) ؛ فهي على سفح الجبل وكانت منحدرة بشكل مخيف جدًّا، وأنه لماذا لا نستفيد من هذه المنحدرات بأن نرمي الكرات على سفح كل منحدر من هذه المنحدرات، وتتدحرج باتجاه دمشق مثل شخص في طائرة ويرمي منشورات فكانت فكرة معقولة.

وأتذكر أننا نزلنا واشترينا من العصرونية في الشام 5000 كرة بينغبونغ (تنس طاولة)، واستغرب صاحب البضاعة، وسألنا: لماذا تريدون هذه الكمية؟ هل أنتم تجار؟ قلنا له: لا ولكن لدينا صالة رياضية وسيتم استهلاكهم، واشترينا النوعية الخفيفة جدًّا؛ لأن مصيرها الإتلاف، ووزعنا الكمية على عدة عائلات ثورية من عائلات الشباب، وتم العمل على الكرات: كل شخص هو وزوجته من الشباب الذين عملوا على هذا الموضوع يظلون يومًا أو يومين بالعمل بالكرات ليلًا، ويكتبون على الكرات: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"عاشت سورية ويسقط بشار الأسد"، و"حرية"، و"الشعب السوري ما بينذل"، و"خاين يلِّي يقتل شعبه"، و"ارحل". كتبنا على 5000 كرة، ووزعنا الكمية على 10 عشرة منحدرات أو أقل بقليل. تقريبًا كانت حصة كل منحدر 500 كرة، وأتذكر أنه قبل أذان الفجر توجهنا نحو 4 أو 5 سيارات، وفي كل سيارة مجموعة من الشباب، وواحد يقوم بالرصد، والثاني يصور، والثالث ينفذ، وانتظرنا بين أذان الفجر والإقامة حتى ذهب المصلون إلى الصلاة؛ دائمًا بين الأذان والإقامة هناك نصف ساعة في كل مساجد دمشق وسورية بشكل عام، وزامنا التوقيت وتحركنا مع دخول المصلين، وبمجرد أن تمت إقامة الصلاة كنا قد رمينا الكرات، ولم يعد من الممكن أن يكون هناك أحد من المصلين، ولا أحد من خدام الجوامع في الخارج، لأنه بالعادة خدام الجوامع للأسف الكثير منهم موظفين لدى الأمن.

رمينا الكرات وصورنا العملية -وهي موجودة على اليوتيوب- وانسحبنا بالسيارات باتجاه منطقة مشروع دمر إلى منزلي في مشروع دمر، وكان هناك اجتماع لتقييم العملية، ثم أرسلنا شخصًا إلى المهاجرين ليعرف ما يجري ويتنقل في كل الشوارع، وكانت هناك كرات قد وصلت إلى باب القصر الجمهوري والحرس مستنفر؛ لأنه طريق منحدر، وتنزل الكرات بلا حدود حتى تصل لمنطقة مستوية، وكان القصر الجمهوري بأسفل النزلة (في نهاية المنحدر)، فوصلت له الكثير من الكرات، ولكن في الشارع العام لحي المهاجرين كان يوجد العشرات من الكرات أو المئات، وكان الأمن مستنفرًا في السادسة صباحًا، ويسب ويكفر وكانت المحلات التجارية تضحك على الأمن وحدث استنفار أمني.

كانت سيارات الأمن في المنطقة منتشرة، وتقف وينزل عنصر الأمن لالتقاط الكرات وجمعها، ورصدنا أحد عناصر الأمن، وكان يقول لزميله وهو يشتم قائده: إنه يجب إيقاظهم من الصباح الباكر، وبدأ يشتم على من رمى الكرات، و لم يكن هناك أي اعتداء على أحد أو أي انتهاكات بحق أهالي المنطقة، ولكن كان هناك غضب من الأمن، مثلًا سيارة أمن تسير ويرى كرة فيتوقف في منتصف الطريق وينزل ليلتقطها ويكمل طريقه وهكذا.

طبعًا هناك أمر حاولنا القيام به ثم فيما بعد، ثم أنا تم اعتقلت ولم نستطع، وهو مشابه أنه بيوم ماطر نشتري آلاف من أقراص السي دي ونكتب عليها شعارات ونرميها تحت السيارات في كل الحارات، وحينما يصبح السي دي على الأرض يصبح من الصعب على عامل النظافة إزالته والأمن ويرتبكون أيضًا، بحيث إنه يلتصق بالأرض، ووقتنا النشاط في يوم ماطر ولم يأت يومًا ماطرًا، وأنا كنت اعتقلت فبل تنفيذ الفكرة، وطبعًا الكرات تكررت في ركن الدين وقدسيا هذه المناطق فيها منحدرات.

الهبرلورات (مكبرات الصوت) أيضًا وأول مرة حدثت في ساحة عرنوس ليلة عيد الأضحى عام 2011، في هذه الليلة وضع الشباب مكبر الصوت فوق مبنى نقابة المهندسين في ساحة عرنوس، والشيء المضحك أن الشباب بعد وضع مكبرات الصوت.. وكانت تجربة جديدة، وكانوا هم من قام بتركيب مكبرات الصوت؛ لأنها جاءت من السوق بشكل مفكك، وهناك نوع جاهز له مؤقِّت، ولكن فيما بعد وجدنا مكبرات لها مؤقت وجلبناها، وبعد تركيب مكبرات الصوت على سطح نقابة المهندسين وعند النزول كانوا يصبون المازوت على كل الدرج، وكان محتوى المكبرات الصوت أغاني للقاشوش أو قاشوشيات، وأنا في هذه العملية ما كنت بشكل مباشر، وأعرف الشباب الذين عملوا عليها غالبًا "شباب الصالحية ربما إن لم تخني الذاكرة"، وأعرف حيثيات قبل تنفيذ العملية كانت هناك فكرة يتم العمل عليها وكنت فقط من المتابعين.

وعندما أتى الأمن لم يكن يعرف المكان؛ لأن منطقة عرنوس مكتظة ليلة العيد، وجميع الناس يتبضعون للعيد بأعداد هائلة من الناس، وكانوا يستمعون للقاشوشيات في منطقة الصالحية، عرنوس، والشهداء، وكان هناك استنفار أمني شديد، وكان هناك شخص من شباب الحراك في تلك المنطقة، وأخبرنا أن الأمن مستنفر بشكل شديد، وقال أن المساعد في الأمن فرز 3 عناصر من أجل تأمين تمثال حافظ الأسد، ففرزوا مجموعة للتمثال وعدم مغادرة المكان ولنتابع الأمر، وبقوا فترة زمنية جيدة ليعرفوا من أين مصدر مكبرات الصوت، وبشكل غير مخطط أو مدروس كان الصوت يخرج بطريقة لا يمكن معرفة مكان الصوت، ولكن عندما عرف الأمن مكان الصوت الذي هو مبنى نقابة المهندسين، وصعدوا للأعلى وعند صعودهم وقعوا، بسبب مادة المازوت وأثناء النزول أيضًا وقع عدة عناصر منهم.

كانت هذه القصص في تحدٍّ للدولة ونواجه الدولة بطرق بسيطة وسلمية بنفس الوقت، ولكن تواجه دولة مجرمة في النهاية، وبغير محافظات ترتكب جرائم، وبنفس الوقت كانت مثارًا للتنذر والنكت، وتحول الموضوع لمتعة أنه أنت تكسر عين الأسد بأمور ممتعة أنه أنت تذهب لقاسيون للمناطق السكنية والمخالفات، وعلى ظهر المغارة التي فوق قاسيون تضع علم الثورة وتهرب، وأنه أنت مثلًا تتفق بالمزة والميدان والمهاجرين ويمكن كفرسوسة ونسيت الحي الخامس، حيث أتينا بمناطيد كبيرة، وكان يكلف المنطاد مبلغًا كبيرًا في ذلك الوقت تقريبًا 20000 أو 25000 ليرة سورية لكل منطاد، في ذلك الوقت كان الدولار بقيمة 50 ليرة، وهذه الخمس مناطيد اتفقنا أن نطلقهم بيوم معين بشتاء 2011، تقريبا في آخر 2011 هذه المناطيد كانت كبيرة وتنطلق بوقت واحد بعد طلوع الشمس بقليل، وفي داخلهم آلاف المنشورات، وهناك علم من أعلام الاستقلال تمت خياطته وتكون قماشة خاصة بالأعلام تكون خفيفة وترفرف، وتجهيز حاملة العلم، وهي قطعة حديد. وأنا أتذكر في وقتها جاءت عبوات الغاز الخفيف (الهليوم)، وتوزعت في ليلة واحدة على النقاط الـ 5 وجهزناها أنا والشاب -والذي استشهد فيما بعد معي عندما كنا في السجن، كان ابن حماي- وجهزنا العبوات وأطلقناها في نفس الوقت، وطارت فوق دمشق عددها 5، وعليها أعلام الثورة ترفرف فوق دمشق، وبعد الإطلاق وعند نزولي للحارة رأيت شخصًا من الجوار كبيرًا بالعمر فقال لي: قبل قليل كنت أتمشى أنا والجيران ورأيت 4 أو 5 مناطيد فوق دمشق وعليها أعلام الثورة. وقال: إن أحد المناطيد خرج من المنطقة (قريب من البيت الذي أطلقناه منه). وقال: لكن الحرس الجمهوري القريب من جبل قاسيون أطلقوا على المنطاد حتى أصابوه، وكان تصميم المنطاد عند انفجاره تسقط المناشير، وفي حال بقائه سيرفرف العلم، وبكل الأحوال لديهم مشكلة فإن بقي في السماء هناك مشكلة، وإن انفجر هناك مشكلة.

كانت الفكرة أن العلم من ارتفاع عالٍ جدًّا بقي ينزل ببطء ويرفرف حتى وصل الأرض، كان وقتًا طويلًا أكثر من نصف ساعة، وأثناء سقوط العلم من السماء كان الحرس الجمهوري يطلق عليه النار. كل هذه الأمور وأثناء تقييمنا لها كان التقييم لا يخلو من الضحك؛ يعني نحن ماذا فعلنا بالنظام.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/08/19

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في دمشق

كود الشهادة

SMI/OH/131-25/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/05/06

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

الشهادات المرتبطة