الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

قمع مظاهرة الحميدية وخروج مظاهرة في الحريقة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:11:17

وعندما وصلنا إلى الميكروباص، كان لونه أبيض، [من نوع] " تويوتا"، كبير يتسع ل 24 راكباً، كانوا قد أصعدوا قسماً منا، وكنت قد ركبت الباص، وجاء الضابط، وهو ملازم أول، أعطانا الهويات، وقال لنا: انقلعوا. فقلت له: وهاتفي. فضربني، (وكأنه يقول لي: وما زلت تريد الهاتف؟)، ونزلنا، وهم ذهبوا باتجاه الحريقة. ونحن فكرنا لوهلة إلى أين سنذهب، وذهبنا باتجاه الحريقة إلى مكان الصوت، وذهبنا إلى هناك، وكان صوت المظاهرة قد وصل إلينا، وأثناء مرورنا في الشوارع، كان واضحاً أن الناس تهتف، وبدؤوا بهتاف: "وينك يا سوري وينك" وكنت كلما أقترب أسمعها أكثر، وعندما وصلنا كان عمر شميس هو الذي يصور، وهناك شباب يحاولون أن يحموه، وهو يصور المظاهرة، وكان هو أول شخص انتبهت له، ورأيته وهو يصور. وكانت مروة الغميان أيضاً وبجانبها شاب شعره طويل، عرفت من هو لاحقاً، واسمه سامي دريد، والناس تهتف، وبالرغم من شدة سعادتي في البداية أصبحت الآن أكثر سعادة؛ فقد جاء أحد آخر غيرنا، ولم نكن لوحدنا، وكان ذلك الجزء قد أفسد عليّ فرحتي [في البداية]؛ لأننا كنا قليلين، ولكن المجموعة هنا كان عددها أكبر، وكانوا 50 شخصاً تقريباً بين المجموعتين، لأن قوات الأمن فرقتهم؛ فكان عدد المجموعتين 50 شخصاً تقريباً، ومعهم صبايا، وناشطون معروفون، ومعهم أشخاص لا أعرفهم أبداً. وكنا الحقيقة فرجة للناس، سواء الذين أحبوا نشاطنا، ويظهر عليهم أنهم متضامنون معنا، متضامنون معنا، أو الناس المشدوهة. وبصراحة في مثل هذا الموقف، أنا لو كنت شخصاً غريباً فإنني سأصدم، لا أعلم شيء (لا أعلم ما سأفعل)؛ فعندما تأخذ قراراً في دقائق، وتنضم لمظاهرة، فهذا الشيء ليس سهلاً.

عندما وصلنا كانت المظاهرة تنفض، حيث كان الأمن يقوم بفض المظاهرة، وفصلها، ولم نلحق مشاهداتها الأولى: كيف بدأت، وكيف تجمعت، وكيف دخلوا أصلاً، ووصلوا إلى سوق الحريقة، لم أشاهد ذلك، ولا أعرف كيف حصل ذلك. قامت قوات الأمن بتفريقهم، واعتقلوا في وقتها في الدقائق الأولى التي حضرتها مروة وسامي دريد.

طبعا أنا لم أستطع سماع هذا الكلام كله منه [سامي دريد] بلحظتها، ولكن فيما بعد شاهدت الفيديو وسمعت عمر ما كان يقوله فيه، كان عمر شميس يقول: نحن هنا. ويقول: يا شعب يا سوريين، نحن هنا سنة وعلويون ومن كل الطوائف أتينا لنسقط النظام. الحقيقة أن البوصلة كانت واضحة من الدقائق الأولى، وحتى قبل الثورة وقبل 15 آذار/ مارس، كانت الناس تعرف لماذا تخرج، كانت الأمور واضحة بالنسبة لنا، ولم نخرج من أجل إصلاح نظام بشار الأسد، ولا من أجل تغيير محافظ حمص، ولا من أجل تغيير رئيس الوزراء، ولا من أجل إلغاء محكمة أمن الدولة ووضع قانون إرهاب أبداً، كان هدفنا فعلاً، أن هذا النظام بأكمله عليه الذهاب، والدنيا اختلفت، ولم نعد نقبل [به].

بعد أن أصبح هناك اعتقال لمروة وسامي دريد تفرق الناس؛ لأن قوات الأمن كانت تضرب الناس بعنف، ويبدو أن لديهم تعليمات ألا يعتقلوا الكثير من الأشخاص؛ لأنهم لو كانوا يريدون اعتقال كل المشاركين فإن الأمر متاح لهم بصراحة، وكان لساحة الحريقة ثلاثة مداخل، وجميعها مغلقة تماماً من قبل قوات الأمن، وهذا لا يعني بأنهم كانوا يمنعون أحداً من الدخول، ولكن كانت أعدادهم كبيرة جداً جداً. وعندما فضوا المظاهرة في المرحلة الأولى بدؤوا يركضون على الناس الذين كانوا يحملون الهواتف، ويبدو أن الشباب رجعوا لإعادة تشكيل جديد، واجتمعوا مع بعضهم، وأنا في وقتها كنت أحاول أن أصور من خلال هاتفي ما يحدث. وجاءت موجة جديدة من الجانب الجنوبي لمدخل ساحة الحريقة، وصار قسم شرطة الحريقة على الجهة اليمنى، وبمجرد أن دخلوا خرج حتى العناصر الذين كانوا في قسم شرطة الحريقة، وبدؤوا يضربون الناس، واعتقلوا شاباً معارضاً معروفاً ناشطاً اسمه صبر درويش، وأدخلوه على محل ألبسة في الساحة، ووضعوا شرطياً واحداً فقط على باب المحل للحراسة. وحاولت أن أدخل لأرى صبر، أو أن أتكلم معه، ولكن منعني الشرطي. وفي ذلك الوقت كانت قد انفضت المظاهرة، وحاول الشباب قدر المستطاع الابتعاد بسرعة عن الساحة؛ لأنه في الحقيقة، الأثر الذي كنا نتوخاه [نرجوه] من المظاهرة الأولى -لنسميها كذلك- حدث. تجمع الناس بشكل رهيب جداً، كانت أعداداً هائلة جداً جداً من الناس، تستطيع القول: كل الناس الرواد في سوق الحميدية، والجابية، وسوق الخياطين، وسوق الحريقة، وفي الشوارع الفرعية التي حول سوق الحميدية، أصبحوا جميعاً في هذه الساحة. وجميهم شاهدوا ما شاهدوه، وسمعوا الذي سمعوه، وهذا كان الهدف الأساسي الحقيقي للمظاهرة؛ أن تسمع الناس هتاف: "حرية" ويسمع الناس مطالبات من هذا النظام بأنه "آن أوانك". ومن بعد هذه المظاهرة، كل شخص توجه إلى مكان، وأنا بقيت في الساحة ومعي عمر سليمان؛ لأن تواصلنا مع بعضنا انقطع بعدها، ولم نعد نعرف كيف نتواصل مع بعض، وليس معنا هواتفنا، والهاتف الوحيد الذي كنت محتفظاً به هو في الحقيقة هاتف رديء جداً، ولا يوجد في داخله شريحة اتصال، كان معي احتياطاً؛ فربما يحدث شيء حتى أصور به.

توزع الشباب، ولم نستطع الوصول للجميع، وبقيت أحاول أن أراقب قدر الإمكان من الذي سيأخذ صبر درويش، أو من الذي سيتركه. وبعد أن انفض الناس من الشارع وساحة الحريقة، خرجت الشرطة، وكان [عناصر] الأمن يركضون وراء الناس الذين معهم هواتف، ويأخذونها منهم إذا كانوا قد صوروا بها، ومجموعة من عناصر الأمن أخذوا صبراً، أخذوه باتجاه الشارع، باتجاه جامع باب الجابية، وأخذوه في سيارة، وذهبوا، ولم أستطع أن أصل له لأن كثافة الأمن كانت عالية جداً، فالذين رافقوا صبراً، والذين يمشون خلف الدورية أكثر من ثلاثين أو أربعين عنصر أمن، كانت أعدادهم هائلة جداً، وفي الشارع (في الخارج) كان المنظر أيضاً عبارة عن حشود من قوات الأمن، كان شيئاً رهيباً و أعداداً رهيبة، وهنا يمكننا أن نقول: إن المظاهرة انتهت.

كان شيئاً كالخيال، وكيف كان الناس يتداولون، ويتكلمون، واتجهنا أنا وعمر سليمان باتجاه، والاتفاق كان في الأصل، أننا في حال استطعنا أن نخرج من المظاهرة، وبقينا مستمرين، أن نجتمع بعد المظاهرة، في مقهى الكمال في دمشق. وذهبنا باتجاه مقهى الكمال، وعبرنا ساحة المرجة، وفي ساحة المرجة أيضاً، كانت هناك استعدادات قوات الأمن لمظاهرة المليون. وفي الحقيقة، هذه المظاهرة خرجت بالعشرات، وعلى الرغم من جمالها كنا نتمنى أن تكون أجمل فيما لو كان يوجد مشاركة أكبر. واتجهنا إلى مقهى الكمال، واجتمعنا هناك في جلسة سريعة -عدد من الناشطين- لالتقاط الأنفاس (كما يقولون). وكان شعوراً غامراً بالسعادة، وبنفس الوقت [هناك] حالة إحباط؛ لأنه كان يوجد وعود من قبل الكثير من الناشطين والقوى السياسية، ليست قوى سياسية رسمية، ولكنهم أعضاء في تجمعات سياسية، وكان يجب أن يكونوا حاضرين.

وكان اتصال سهير بعد ساعة تقريباً من المظاهرة، وأنا لم أسمعه، ولكن الشباب سجلوه. وعندما وصلت إلى حمص سمعته مباشرة، ولكنهم أخبروني أن الإعلام أصبح لديه خبر، وإحدى الأشياء التي تسببت لنا براحة نفسية في الحقيقة هي أن ناشطينا استطاعوا أن يوصلوا فيديو مسجلاً للمظاهرة، وجاء حديث سهير الأتاسي مع قناة الجزيرة عن المظاهرة؛ ليعطينا راحة بأن نشاطنا قد وصل، وهذا كان جزءاً مهماً جداً من الحراك (أن يصل للإعلام).

وفي المساء، كان حديث سهير أتاسي لقناة الجزيرة، والتقرير الذي قامت به قناة الجزيرة عن المظاهرة تمت إعادته خمس أو ست مرات، وارتحنا كثيراً؛ لأن النظام لم يستطع أن يغطي على عملنا أو نشاطنا. وإعلان إطلاق الثورة كان على الرغم من تواضعه من حيث المشاركة الشعبية قد اكتسب حضوراً؛ لأن الشباب استطاعوا أن يوصلوه إلى وسائل الإعلام، وتعاونوا مع وسائل الإعلام.

وبالمناسبة، إحدى التحضيرات التي كانت سابقة للحراك الثوري: هي التواصل مع عدد من الصحفيين والإعلاميين الذين كانوا في وسائل إعلام عالمية معروفة، سواء في BBC، أو فرانس 24، أو قناة الجزيرة تحديداً، وعلى الصعيد الشخصي، مثلاً: تواصلت مع هيفاء راضي في قناة الحرة؛ لتغطي حراكنا، وتواصلت مع إحدى الشخصيات التي كانت موجودة في قناة BBC .

عملياً، قناة BBC انضمت لتغطية الحراك اعتباراً من 18 آذار/ مارس، ولكن الجزيرة بدأت تغطي [التطورات] بشكل جيد من 15 آذار/ مارس، ومرت بفترة لم تواكب فيها نشاط الثورة إعلامياً، ولكن في البداية، كانت تغطيتها جيدة، ومن البداية، كان يوجد تواصل بيني وبين إيلاف ياسين، كانت محررة في قناة الجزيرة، وهذا الكلام (التواصل) قبل الثورة، وقلنا: إنه يجب أن يكون لدينا تواصل مع وسائل الإعلام، واتفقت معها على أن نرسل لها أول فيديو أو أي فيديو أولاً فأوّلاً؛ من أجل تغطيته في القناة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/07/29

الموضوع الرئیس

الحراك السلمي في دمشق

كود الشهادة

SMI/OH/4-07/

أجرى المقابلة

سامر الأحمد

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

آذار 2011

updatedAt

2024/08/14

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة دمشق-باب الجابيةمحافظة دمشق-الحميديةمحافظة دمشق-الحريقة

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

قناة الجزيرة

قناة الجزيرة

قناة ال BBC

قناة ال BBC

قناة الحرة

قناة الحرة

قناة فرانس 24

قناة فرانس 24

الشهادات المرتبطة