وائل سعد الدين صديقي، وهو نازح من أبناء الجولان السوري، من بلدة اسمها مسحرة تابعة على الأغلب إلى "جباتا الخشب". وفي أحد الأيام، قال لي وائل: يجب أن نذهب، ونزور شخصاً في الزاهرة. وفي تلك الفترة، كنا نجلس في منزل حي "الصناعة"، فكان المكان قريباً، ركبنا في السيارة، وذهبنا، ودخلنا إلى "الصناعة"، وكانت هناك حديقة بجانب البيت، وصعدنا إلى الطابق الثاني أو الثالث، وفتح لنا الباب شاب أصلع وأبيض وطويل، واستقبلنا بابتسامة، وقال لي: هذا ابن عمي يونس سعد الدين. وتعرّفنا على بعض، وجلسنا، وكان يسكن لوحده، وكان واضحاً أنه منزل شخص أعزب، فيه غرفة جلوس، ولكن لا توجد الكثير من أدوات المطبخ، هناك فقط أدوات القهوة والشاي، ولا يوجد أثاث آخر. وقال: إنني أجهز البيت لأنني خطبت، وأريد أن أتزوج، ويونس خريج كيمياء، وكان قد درس ماجستير كيمياء.

سبب زيارتنا ليونس هو: عندما أعطاني الدكتور جلال [نوفل] ونور عقاد رسوم أبناء الشهداء، فقال يونس: أحضروا لي 25، هناك شخص سيدفع مبلغاً من المال مقابلهم. وهذه كانت على الأغلب هي الـ 18500 ليرة سورية التي كانت معي عندما اعتُقلت، والتي أعطاني إياها يونس، هذا أغلب الظن إما منه أو من الدكتور حسن، ولكن أغلب الظن أنها هي؛ لأن يونس قريب جداً من اعتقالي في هذه الفترة.

فيما بعد، وبعد أن خرجت من السجن، بعد سجني بنحو 15 يوماً تقريباً، قال لي وائل: توقعت أن تكون أنت من اعترف على يونس. وأنا لم أعترف على يونس، ولكن على ما يبدو جاء الأمن إلى البيت، وأخذوا يونس، وقال لي وائل: إنه تعرّض للضرب كثيراً، واحتمال كبير أن يكون قد استُشهد على الطريق قبل أن يصل إلى فرع الأمن. ولكن من المؤكّد أن يونس استُشهد إن كان في الفرع أو غيره، وأتذكر عندما وصل خبر استشهاده قمت بوضع صورته على صفحة "الفيسبوك"، وهناك من نعاه. عندما خرجت من السجن أخبرني وائل، وقال لي: بعد أن اعتُقلت بنحو 15 يوماً. فقلت له: على العكس، حتى أنه لم يسألني أحد عنه،