الأيام الأولى في معتقل المخابرات الجوية
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:09:04:18
فتحوا باب الجماعية رقم 5 ، وفيما بعد نقلوني إلى الرقم 4 ، وكان المنظر غريباً جداً، ودخلت فأمسك بي المساجين، شخص يشمّ عطري في القميص، ويرحبون بي، وأنا متفاجئ، وبعد فترة، عندما خرجنا إلى هنا، وكان وائل سعد الدين قد سُجن لمدة ثلاث سنوات، وكان قد صنع فيلم: "أنا أصفر"، وفي آخر لقطة من الفيلم، يدخل شخص إلى السجن، ويقوم المساجين بالإمساك به، ويكون لونه طبيعياً، فيبدأ المساجين بأخذ ضوء من اللون الطبيعي، فيشحب لونه، فكان نفس التمثيل [ما حصل معي]، و لا يمكن أن تكون هذه [اللقطة] إلا إذا عاشها شخص، وجرّبها، ومن المؤكد أنه حصل مع وائل نفس الأمر؛ لأن المساجين أمسكوا بي، وأصبحوا يشمون رائحة العطر، ويقولون لي: بطن كبيرة. وهناك شخص اسمه أبو سليمان، وأول وجهين محفورين في رأسي (ذاكرتي) شخص من جوبر له شارب أسود، وأبو سليمان من القصير. كان الشخص الذي من جوبر يشمّ رائحة عطري، وأبو سليمان يقول لي: لديك بطن كبيرة. وقال: غداً يكبر 5 سم. فقلت: ما هو الذي سيزيد 5 سم؟ وقال: بعد شهرين، سنتكلم، وعندما قال بعد شهرين [صُدمت].
بسبب كثرة تعرّضي للضرب جلست خلف الباب، وقالوا: دعوه يرتاح يا شباب. وأول سؤال سألتهم إياه: أين أنا؟ فقال أبو سليمان وهو يضحك: أنت في [المخابرات] الجوية، وكانت الصدمة. وكان الوقت ليلاً، وغالبية المساجين كانوا نائمين، ثم اكتشفت أن هناك شخصين يناوبان اسمهما حرس ليلي، فهذا الذي من جوبر وشخص آخر، والذين كانوا بجانب الباب قاموا، وأبو سليمان الذي هو رئيس الجماعية، فجعلوني أنام بجانب الباب، وكانت سعة المكان 3 صفوف، ننام بالطول، 3 أشخاص ينامون خلف بعضهم بالطول، وكانوا بنفس طولي يعني 172×3، وإذا كانوا أطول من ذلك فإما أن تصطدم قدماه برأسك أو يطوي جسمه. فنمت بجانب الباب، ولكنني لم أنم بشكل تسييف (النوم على الجنب وليس الظهر)، وإنما بشكل عادي، ولكن بجانب الباب، الباب نفسه الذي كلما فُتح يجب أن أقوم، ويوجد "بيدون" يُستخدم من أجل التبول، ويوجد "بيدون" صغير لشرب الماء، وبقيت في هذا المكان 3 أيام.
طبعاً، إن ما يجعلك تنام في أول يوم هو التعب، ولكن رأسك يعمل مثل المرجل، [الأفكار] تأخذك يميناً ويساراً، وهل اعتُقل وائل [سعد الدين] أم لا؟ وهل اعتُقل جلال [نوفل] أم لا؟ وهل سيسألونني عن هذا اللقاء الصيني؟ وهل سيسألونني عن أبي العباس؟ وما هو السبب، وأنا حتى الآن رأيت مهند [درخباني]، وكل الأسئلة تتجه إلى التنسيقية [تنسيقية أطباء دمشق]، ولكنني في فرع [أمني]، وكل الاحتمالات مفتوحة، ما الذي سينفتح علي؟
وقبل اعتقالي بهذه الطريقة، كنا نهرب من الحواجز، ونحن مدركون أننا مطلوبون، ويوجد أكثر من ملف سيكون علينا (ضدنا). ونمت، واستيقظت صباحاً، وكانت الجماعية مكتظة، طولها 7 أمتار تقريباً، والعرض ذكرته، وتراوح عددنا في الفترة الكاملة في هذه الجماعية ما بين 48 إلى 81 معتقلًا، وصحوت صباحاً، وكان أقلّ شخص سُجن قبلي من المساجين في هذه الجماعية ولد أو شاب، ثم اكتشفت أن والده ضابطاً معنا في جنوب دمشق، بُترت قدم والده أيضاً، كان شاباً في الصف العاشر، واعتقلوه من المدرسة، حتى أن كتبه معه في الأمانات وبدلة المدرسة، وكان يلف شيئاً، ويضعه تحت رأسه، كانت سترة المدرسة التي لونها أزرق، وهو من داريا، وهو قبلي في السجن، منذ 4 شهور، ولا أعرف [لماذا هو معتقل]، تظاهر أم [لسبب آخر].
لاحقاً، يكون والد هذا الشاب معنا اسمه العقيد أبو هاشم، وهو من داريا، ولكنه كان معنا في جنوب دمشق، وبُترت قدمه لأنه أُصيب في إحدى المعارك. وفي أحد الأيام، كنت أتكلم معه عن السجن، وهذا في المرحلة الأخيرة قبل أن نخرج، وكنت أقول له: كان معنا شاب من داريا. فقال لي: إن هذا ابني، في أي سنة؟ وفي أي وقت؟ فقال: انه ابني. وفعلاً، خرج ابنه بعد أن تمّ اعتقالي بمدة 15 يوماً.
جاء شباب من درعا ليسلّموا علي، وطبعاً، أبو سليمان رئيس الجماعية في اليوم الثاني [قال لي]: مرحباً، ما اسمك؟ وماذا تعمل؟ وأنا كنت قد أخذت من أبي النصر في السجن الأول في [فرع] أمن الدولة... كان يقول لي: يوجد مخبرون في السجون. وأنا لا أعرف ما خطر ببالي عندما سألني عن اسمي، فقلت له: عبد الله الحريري. فقال: ماذا درست؟ فقلت له: هندسة طبية. وأنا اخترعت كذبة، وأصبحت هنا شخصية جديدة، اسمي صحيح فقط، وعندما سألني: لماذا أنت هنا؟ كذبت عليه أيضاً، وقلت: إنني كنت أمشي في الطريق الفلاني، وأنا ليس عليّ أي شيء، يعني عدة أيام وسأخرج. فضحك، وقال: كيف ستخرج خلال عدة أيام؟ الجوية لا يخرج أحد منها قبل 6 شهور. وأنا انتكست عندما سمعت ذلك، وقال: انظر هذا الشاب، وهنا عرّفني على الشاب، وقال: هذا جاء قبلك، هذا هنا منذ 4 شهور، وهو طالب في الصف العاشر.
تعرّف علي شباب من درعا، سلموا عليّ، كانوا مجموعة حاملي سلاح من طفس، وأتذكر أن اسمه إما سفيان أبو معاوية أو معاوية أبو سفيان من آل حريدين غالباً، ومعه مجموعة، و على الأغلب هم أقارب، وكانوا مجموعة مسلحة في شهر نيسان 2012 ، كانوا مجموعة مسلحة معتقلة، ومن الشخصيات التي لفتت نظري شخص نحيف أبيض، ولكن بسبب السجن أصبح أصفر، ولم يكن له اسم، كان له رقم 2251 ، وكانت هناك مجموعة من داريا [مكوّنة] من 7 أشخاص معتقلين، أحدهم ختيار (كبير في السن)، اسمه أبو محمود وشباب معه لا أذكر أسماءهم، ولكن هؤلاء الشباب كانوا يعملون في تأمين السلاح، واعتقلوهم من "كازينو" في الغوطة، هكذا قالوا لي، وأبو محمود اعتقلوه من البيت، من داريا، ولكن أعتقد أن الشباب كانوا يسهرون، ولكنهم يعملون في تأمين السلاح، وأخبرني أنهم عندما كانوا عائدين بالسيارة تمّ نصب كمين لهم أثناء رجوعهم من "الكازينو"، وأخبروني القصة: كيف كانوا سكرانين، واعتقلوهم عند السومرية، وأبو محمود أخذوه من البيت ، وأمسكوا السلاح يعني التهمة كانت ثابتة عليهم.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/23
الموضوع الرئیس
الاعتقال في فرع المخابرات الجويةكود الشهادة
SMI/OH/53-32/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
نيسان 2012
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة ريف دمشق-مدينة داريامحافظة درعا-طفسمحافظة دمشق-جنوب دمشقشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
إدارة المخابرات العامة / أمن الدولة
فرع المخابرات الجوية في دمشق
تنسيقية أطباء دمشق