قصص بعض المعتقلين والمتعاونين الأمنيين
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:07:51:01
زادت العلاقة بيني وبين يمان الفقير، وفي أحد الأيام، وفي الفرع، تعيش الوهم المستمر [الذي يقول أنه]: في اليوم الأول من الشهر يوجد عفو، وفي 15 الشهر يوجد عفو، وفي 20 الشهر يوجد عفو، ولا أعرف لماذا هذه التواريخ؟ ولكن دائماً هذه الشائعة يصدرها المساجين، ويصدّقونها، ومستمرة دائماً. وحلمت حلماً، رأيت في المنام يمان، وهنا تصبح لديك كثافة أحلام فظيعة (كبيرة جداً)، والجميع كان يحلم، وتصبح متمسكاً بالأحلام، وتحاول أن تبحث لها عن تأويلات، ومتى ستخرج [من المعتقل]؟ وهل ستموت أم لا؟ كل هذا يحصل. ورأيت يمان في الحلم، فقلت له: رأيتك في الحلم. فابتسم، وأصبحت بيننا صحبة، وقلت له: إنني طبيب. وهو قال لي إنه طبيب أسنان. وهو يمان الفقير، ابن أخ أستاذنا الجامعي دكتور الأشعة علي الفقير، وأبوه أستاذ رياضيات، وهو الوحيد لأمه وأبيه. وهذه أول معرفتي به، وفيما بعد، قال لي يمان: كان هناك شخصان سيأتيان أحدهما مهندس، كانا يريدان أن يأتيا من تركيا إلى مطار دمشق الدولي، وطُلب مني أن أستقبلهما في المطار، وأحضرهما. وقال: ذهبت حتى أستقبلهما، فأمسكوهما، وأمسكوا بي، وهما الآن موجودين هنا. وقال: منذ بداية قدومنا ونحن أرقام، ممنوع أن نقول أسماءنا. وقال: إنه لا يعرف الموضوع، وفيما بعد عندما وثق بي أكثر قال: إن أحدهم خبير مواد كيميائية. وقلت له: وهل أنت تعرف؟ فقال: نعم، كنت أعرف، وذهبت حتى أحضرهم بالسيارة، وأعطاني رقم أهله، وقال: إذا خرجت [أرجو أن تكلمهم]. فقلت له: أنا أتيت إلى السجن حديثاً، طبعاً، عندما دخلت إلى السجن كان يمان معتقلًا منذ 6 شهور في السجن، فقلت له: إنني أتيت حديثاً. وقال: حتماً ستخرج قبلي. وهو كان يعرف ملفه، وفعلاً، عندما خرجت رأيت والده ووالدته، وأخبرتهم، وفيما بعد خرج يمان من السجن، ووصلني خبر أنه اعتُقل مرة أخرى، وبعدها لا أعرف ما حصل معه.
هناك أبو سليمان، وهو أحد الناشطين في "القصير" على ما يبدو، وناشط جيد، وتمّ الإمساك به، ووضعوه رئيس جماعية، وأبو سليمان إما أن يكون حجم الشيء الذي فعله قد أخافه، أو أنه يريد أن يخرج مهما كان، ورأى أن الحل الأمثل أن يمارس دور العوايني (المخبر)، ولكن الحقيقة: هل هذا الشخص سيئ؟ لأننا الآن سنتكلم عن مخبر آخر، وهو سيئ، ولكن أبا سليمان كان يقصد السلامة، يريد سلامته الشخصية، يعني هو سيئ؛ لأنه فضّل سلامته على سلامة الآخرين، وليس لأن طبيعته عوايني (مخبر). فكان يأتي، وقد يكونون هم الذين يدفعونه للخروج؛ لأنه كان يخرج فجأة، حيث يُفتح باب الجماعية، وكانوا ينادون شخصين إلى الخارج قبل أن يأتي الثالث، وهما إبراهيم من "منبج" وأبو سليمان، كانوا يخرجون لمدة ساعة، ثم يعودون. وفي إحدى المرات، انتهينا من طعام الغداء، وبعد الغداء كنا [عادةً] نمشي خلف بعضنا في الجماعية، وفي حال فُتح الباب فجأة نجلس مباشرة، وجاء، ومشى بجانبي، وقال لي: ما هذا الوضع؟! وبدأ يتكلم عن الجيش الحر، ويجب أن نحمل سلاحاً، وقلت له: يا أبا سليمان، أنا ضد هذا الموضوع، وأنا ضد حمل السلاح. وصحيح أنه يوجد في الخارج حراك، ولكن حتى أنا غير مشارك به، وأنا أتيت بالغلط؛ لأنني كنت متوجساً منه، وعلى ما يبدو أنه كان ينقل هذه الأخبار.
إبراهيم الذي يخدم في الجوية و أخذوه من عند الباب كان لئيماً جداً، يعني فيه مواصفات عنصر الأمن الحقيقي، حتى إنه مسجون معنا، وموجود معنا في السجن، حتى الكيلوت (لباس داخلي سفلي) الذي ألبسه أتذكر أنني كنت ألبس بوكسر (لباس داخلي سفلي) ماركة "400" قام بأخذه مني، وأعطاني كيلوت خاص بالسجن لونه أبيض، وبعد عدة أيام يصبح لونه رمادياً، وكان شكله مثل الكتان، وأخذه مني بالسلطة الممنوحة له فقط، وهو سجين معنا، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً. وهو شخص تافه ، ولكن في السجن لديه سلطة، وهو موجود لأن قنبلة على باب مطار المزة انفجرت، من أجل ذلك أحضروه [إلى السجن].
الشيء الغريب أنهم يجرّدونك من إنسانيتك، ففي أول دخولنا قالوا: من أنت؟ فقلت: أنا الدكتور عبد الله الحريري. طبعاً، هذه المقولة تتعرّض من أجلها للضرب كثيراً، فعندما تقولها تتعرّض للضرب، فهذا التعامل المباشر معك واللا إنساني مقصود، وليس لأنه شخص ينظر إليك [نظرة دونية بصفته] عنصر أمن، وإنما ينبغي أن يتعامل معك [هكذا]، وهو جزء من عمله الوظيفي أن يقوم بهذا الشيء معك، ويأتي إبراهيم، ويتصرف بهذا الشكل.
لاحقاً، جاء شخص، وسأتكلم عندما تحولنا إلى مطار المزة ثم عدنا، جاء شخص اسمه أنس مسالمة، وهو سائق براد شحن على خط الإمارات سورية، وهناك مجموعة داعمة أو سوريون كانوا قد اتفقوا معه، ووضعوا في جدار البراد العازل أقنعة للتعامل مع الغازات المسيلة للدموع وأجهزة اتصالات أي أمور لوجستية. وجاء أنس، وقد حوّلوه من مطار المزة إلينا، وكان يتكلم.، عندما جاء لم يبدُ عليه التعذيب الشديد؛ لأن الذين كانوا يأتون من مطار المزة فإنهم من المؤكد لديهم إشكالية، ولم يعاملوه هنا بشكل سيئ أبداً، فقال: أنا أتيت إلى الحدود. وقال: أنا قلت (أخبر المخابرات من تلقاء نفسه - الشاهد) أن فلان وفلان أرسلوا معي كذا وكذا هذه الأغراض. فقال: ولكنهم لم يصدقوني، وأوقفوني في درعا 4 أيام، ثم حوّلوني إلى مطار المزة، ثم أتيت إلى هنا، وأنا بعد فترة سأخرج، يتكلم بشكل علني في الجماعية، وهذا عوايني (مخبر) أيضاً، فأصبح لدينا 3، ولكن أبا سليمان أرحم.
ردّة فعل المساجين: في أحد الأيام، جاؤوا وأحضروا إبراهيم وأنس في نفس اليوم، وخرجا، وبنفس اليوم قالوا لهم: طلعة (إخلاء سبيل)، أي جاؤوا وقالوا لهم: وضبوا أغراضكم طلعة. فخرجوا، وبقي أبو سليمان، ورغم وجود أبي سليمان، ولكن الجميع قام وصلى ركعتين قياماً؛ لأنهما خرجا، والقصد أننا نعرف بأن أبا سليمان هكذا، ولكن أبا سليمان لديه جانب أخلاقي يبقى [موجوداً]، يعني إذا لم يُطلب منه شيء فهو لا يبادر، ويتكلم بشيء لم يُطلب منه، ولكن الشخصين الآخرين كانا... وقام [السجناء] في الجماعية، وصلوا ركعتين [شكر لله] قياماً لأنهم خرجوا، ولأنهم فعلاً كانوا قد أنهكونا.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/10/23
الموضوع الرئیس
الاعتقال في فرع المخابرات الجويةكود الشهادة
SMI/OH/53-37/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
النصف الأول من العام 2012
updatedAt
2024/05/06
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
فرع المخابرات الجوية في دمشق
مطار المزة العسكري