الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الإحالة إلى القصر العدلي والإيداع في سجن عدرا

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:07:11

في أحد الأيام، كان يوم خميس، وكان دورنا بالاستحمام، وكانوا 8 [حمامات]، ولكن أحدهم كان معطّلاً، فكنا نخرج سبعة سبعة، يعني نفس مبدأ التواليت (المرحاض)، فخرجت الدفعة الأولى، وأنا في الدفعة الثانية، وفتح الباب. والقاعدة في الفرع أن يوم التحويل إلى القصر العدلي يكون إما يوم أربعاء أو يوم أحد، هكذا هي القاعدة، قد يكون بسبب الدوام، ولكن يومها كان يوم الخميس، وصارت الساعة 1:30 ظهراً، وفتح السجان الباب، فقال: عبد الله موسى الحريري. ويعني ذلك تحقيق، وأنا الذي يلعب (يدور) برأسي أن يُعتقل وائل [سعد الدين]، فالأشياء المهمة عندي لم أقلها، يعني لم أقل موضوع الاجتماع مع الصينيين، ولم أقل موضوع التواصل مع الجيش الحر في الشمال، ولم أقل موضوع أبي العباس، فأنا كنت مرتاحاً، ولكنني كنت خائفاً من أن يُعتقل أي شخص له علاقة بهذه المواضيع فيفتحها عليّ. وكنت أقف على دور الاستحمام، وصُدمت من ذكر اسمي. في البداية، أخرجني، فخرجت بالشورت (السروال القصير) الذي يقدموه لنا، لأنني ظننت أنني ذاهب إلى التحقيق، فأعادني، وقال لي: اجلب أغراضك وتعال. فقلت له: ليس لدي أغراض. وكان معي فقط هذا البنطال الوحيد، وهم كانوا يخرجون الثياب للتشميس، يسمونه يوم الغسيل، وهو ليس غسيلاً، وإنما من أجل القمل، يتمّ نشر الثياب على الشمس من أجل أن يسقط القمل، ولكن القمل يبقى، فقال لهم: ألبسوه أي شيء. أحد المساجين القدماء قدم لي بيجامة من الصوف، ولكن لها سحاب وممزقة من هنا إلى هنا، يعني الطرف اليسار ممزق ومعلق فقط من المطاطة الموجودة فيه، وشخص أعطاني قميصاً داخلياً ممزقاً من هنا إلى هنا، طمشونا (عصبوا عيني) مباشرة، وأوقفوني مع أشخاص، يعني يوجد أشخاص بجانبي، وكنت أحاول أن أنظر من طرف عصابة العين، ولكن لم أعرف أحداً، فجاء مدير السجن، طبعاً، يقدمون لنا وصلاً للأمانات في أول دخولنا، ورغم أننا نلبس سليب (لباساً داخلياً) فقط، ولكن يجب أن تحافظ على الوصل. فسأل: هل وصولات الأمانات معكم؟ وبقينا لمدة ساعة، وجاء الغداء، وأدخلوا الغداء للناس، ونحن جالسون، وبعد ذلك رجعنا، وبعد قليل، جاء باص، وركبنا في الباص، وكان أسوأ مشوار يمرّ في حياتي؛ لأن الباص مقاعده ضيقة، وأنت تتكلم عن أشخاص نحيلين جداً، و كان وزني عندما خرجت من السجن 67 كيلو، طبعاً، عندما دخلت كان 97 كيلو، فكنا هزيلين جداً، فوضعونا في الكراسي، وبدؤوا يضغطون رأسنا للأسفل بشكل قوي، وبقي الباص يمشي، ولا نعرف إلى أين، وفجأة، وجدنا أنفسنا ننزل أمام الغرفة الصغيرة التي هي نفسها عندما ذهبنا إلى مطار المزة، هي نفسها غرفة الأمانات، وأنزلونا، وعندما ركبنا كلبشوا (قيدوا) كل شخصين معاً، وقيدوني مع عبادة الدهنة [قيدوا] يدي بيده في كلبشة (قيد) واحدة من حديد، فجاء اسمي أول اسم: عبد الله الحريري، وفكوا الكلبشة (القيد)، ودخلت، فنظرت إلى الطاولة، فرأيت نظاراتي وجزداني يعني أغراضي، فأنا لم أكن أجرؤ على أخذهم، كانت عدسات النظارة -لأنني تعرضت للضرب وهي في جيبي- قد انفكت، ولكنها ليست مكسورة، فقال لي: خذ أغراضك. فأخذتهم، ووضعتهم في جيبي، فقال لي: عدّ مالك. فقلت له: لا داعي. فقال لي: لا، عدّ مالك، غداً تقولون: إننا سراقون وحرامية. فأمسكت المال، وعندما تمّ الإمساك بي كان معي 18500 ليرة و525 ليرة، فوجدتها فعلاً كما هي، فقلت له: تمام (المبلغ صحيح) فوضعتهم في جيبي، وعدت، وتمّ استدعاء باقي الشباب، وركبنا الباص نفسه.

نحن أخذنا أماناتنا، ولكننا مازلنا خائفين، يعني الباص يمشي، وفي الشام في الفترة التي اعتُقلنا بها في البداية لم تكن هناك حواجز في منتصف الشام، ولكن الباص بين الحين والآخر يلتفّ بنا، وكنا نقول: هل أدخلونا إلى فرع جديد أم يأخذوننا إلى صيدنايا؟ يعني هكذا كان يخطر ببالنا، وفجأة، سمعنا صوت جوارب جوارب، وصوت قرآن، فعرفت أننا قرب محل بجانب القصر العدلي الذي ذكرت أن له ذكريات عندي، والموجود في الزاوية. أدخلونا، توقف الباص، ودخل إلى القصر العدلي، وهنا قالوا: ارفعوا الطميشات (عصائب الأعين)، فرفعناها، فرأينا شخصاً يلبس بدلة لونها خاكي، ولا يمكن أن تتخيلي كم تحبين الشرطي في هذا الظرف، فنحن الآن في باص الأمن الذين يلبسون اللباس المدني، وينتظرك في الأسفل الذي يلبس بدلة الشرطة الخاكي، وعندما نزلنا قمت بإلقاء التحية عليه، [وقلت]: مرحباً، كيف حالك. والشرطة- طبعاً، تكتشف فيما بعد- أنهم من أجل المال رحبوا بنا، ويقولون: أنتم في أمان الآن، ولن يضربكم أحد. فتبقى وجلاً... طبعاً، في القصر العدلي يوجد هذا القفص الموجود في الداخل الخاص بالإيداع أو النقل، فأنت لا تزال خائفاً، وتتصرف بطبيعة الفرع، يعني هل أتصرف هكذا؟ هل أفعل هكذا؟ هل يمكنني أن أحمل الهاتف؟ وكنا كل قليل نسأل الشرطي، فقال: هنا لن تتعرض للضرب. كان هاتفي موجوداً، ولكن عندما تمّ الإمساك بي كان معي الخط المضروب، وربما أخذ كل من عبادة [الدهنة] ومحمد زريق هواتفهما، لا أذكر بالضبط، ولكن كنا نريد أن نتصل، وأدخلونا إلى القفص، وجاءت الشرطة، وبدؤوا بالكلام معنا: هل تريد اتصالاً؟ هل تحتاج إلى سجائر؟ أعطونا باكيت سجائر نوع "ونستون" ثمنها 2000 ليرة، ومن دفع قيمتها هو عبادة الدهنة. سألونا: من يحتاج إلى اتصال؟ فقلت: أنا أحتاج إلى اتصال، فأخذني باتجاه المراحيض، فأعطاني هاتفه، فاتصلت على رقم متولي [أبو ناصر]، فكان خارج التغطية، ولكنه أخذ مني 1000 ليرة، قلت له: هذا الرقم خارج التغطية. فقال: جرّب مرة ثانية. واتصلت على أخي أيضاً، كان خارج التغطية، ولكنه أخذ 1000 ليرة مني، وأحسست بالغربة كثيراً، فعبادة الدهنة جاء والده، ومحمد زريق جاءت خالته، كانت محامية وجميلة، وأنا في هذا الوضع التعيس مع ثيابي الممزقة، يعني هي أتت لترانا وترى جميع الشباب المعتقلين، طبعاً، نحن خرجنا في يومها 7 أشخاص: أنا، وجلال نوفل، ومهند درخباني، ومحمد زريق، وعبادة الدهنة، وكنا قد اعتُقلنا لمدة 81 يوماً. فجاءت حتى ترانا، فقالت: ما هو اسمك؟ فقلت لها: عبد الله الحريري، وصحيح أن مظهري هكذا، ولكنني طبيب. وهي جميلة جداً، وهذا الشيء كان سببه أنني وجلال ليس معنا أحد، يعني لا يوجد أحد من أقاربك هنا، ولكن ربما لأن الشباب هذه أول دعكة (تجربة قاسية) لهم، ولأنهم أصغر منا فكان حولهم فورة [من الناس]، فشعرت بغصة في القلب، ثم ربطونا بجنزير، وأخذونا إلى باص، ثم توجّهوا بنا بهذه الحالة إلى عدرا، وفي الباص، تعرفنا على شخص أو تكلمنا معه من آل الراجحي، ونحن في الباص، كنا ننظر إلى الشام لنرى إن كان هناك شيء متغير فيها. في السجن، عندما يأتي إلينا شخص، ويقول: تفجير خلية أزمة وإضراب دمشق والمظاهرات في كل مكان، فنحن كنا ننظر، والشيء الذي كان مختلفاً علينا هو كثرة الحواجز التي يمرّ بها الباص، ولأنه باص دولة فكان يمشي مباشرة، ولكننا كنا نرى حواجزاً لم نرها من قبل، ففي هذه الأشهر الثلاثة تغيرت كلها. رأينا شخصاً من آل الراجحي، وسألناه عن وضعه، ولم يتكلم، وقال: إنه مسجون، ولديه قضية. فعرف أنني طبيب ومهند درخباني طبيب، ودخلنا، ووضعونا في قسم الإيداع، والراجحي بقي في الأعلى، ونحن أنزلونا إلى القبو، ويكون الكثير من الأشخاص في قسم الإيداع، وهو عبارة عن ثلاث صالات كبيرة، و[نتكلم عن سجن] عدرا، ويوجد فيه حمام، ويوجد ماء ساخن، كان هناك حمّامان، وكنا بحاجة للاغتسال، ومباشرة دفعنا المال للشرطة، ما عليك إلا أن تعطي الشرطة مالاً، قيمة الصابونة 5 ليرات، فأخذوا 25 ليرة، فطلبنا سجائر، وطلبنا صابوناً، يعني كل شخص طلب شيئاً يحتاجه، ولكن أنا وجلال خصوصاً كنا متلهفين للاستحمام.

في هذه الفترة كلها، لم نرَ الضوء الحقيقي، وكان تأقلم العين مع الصالات الموجودة تحت الأرض. خلعت البيجامة (ثوب النوم) الصوف، ولا يمكن أن تتخيل كم فيها من القمل، كانت ممتلئة، ثم شلحت سروالي الداخلي، ورأيت كمية القمل والصئبان عند أماكن الخياطة، في البداية حاولت تنظيفه، ولكنني لم أستطع أن ألبسه، ودخلت، واستحممت بماء ساخن، يعني لم أقبل أن ألبسه، وثيابي الأخرى من الصوف ممتلئة بالقمل أيضاً، ولكنني لبستها بدون سروال داخلي، فقال لي شخص: ضع ثيابك على الشباك ستضربها الشمس، ويخرج ...، وبقينا في هذه الحالة، وجلسنا، في البداية، كنا فرحين، قدموا لنا الفول باللبن، وجلسنا، وأكلنا، وبقينا في نوبة من السرور، وأتذكر أنني ذهبت إلى غرفة جانبية، كان فيها تجار مخدرات، فقلت: أفضل أشخاص أمزح معهم هم تجار المخدرات. فدخلت إلى الصالة، وألقيت عليهم التحية، وأنا غير متخيل خطورة هؤلاء الناس الذين أمزح معهم، ولكنني خرجت من فرع أمن، يعني أكيد (حتماً) هؤلاء لن يكونوا أسوأ من فرع الأمن، وجلسنا، وبدأ التفكير: غداً سنذهب إلى القصر العدلي، هل سيحكموننا أم لا؟ ماذا سيحدث؟ هل سيأخذنا الأمن من جديد أم لا؟ وكلما زادت فرص النجاة كلما زاد القلق، فأنت أصبحت على أهبة الخروج، [فكنت أفكر]: إذا تمّ الإمساك بفلان، واعترف، فإنهم سيأخذوننا قبل أن نخرج، وإذا القاضي حكمنا ثم تمّ الإمساك بشخص... فقررنا أن نروّح عن أنفسنا بشيء، فقلنا: يجب أن نوصيه على شدة (أوراق اللعب)، فأحضرنا الشرطي، وأوصيناه بأن يحضر لنا شدة (أوراق اللعب)، وحاول الشباب اللعب، ولكننا لم نستطع أن نلعب. واليوم الثاني، كان يوم الجمعة، ولا يوجد قصر عدلي.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/10/23

الموضوع الرئیس

الإيداع في سجن عدرا

كود الشهادة

SMI/OH/53-42/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

النصف الأول من العام 2012

updatedAt

2024/07/18

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

خلية إدارة الأزمة (خلية الأزمة)

فرع المخابرات الجوية في دمشق

فرع المخابرات الجوية في دمشق

سجن عدرا المركزي - مكرر

سجن عدرا المركزي - مكرر

القصر العدلي في دمشق

القصر العدلي في دمشق

سجن المزة العسكري

سجن المزة العسكري

الشهادات المرتبطة