وصول المظاهرة الأولى إلى ساحة الشيخ ضاهر في يوم جمعة العزة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:10:42:02
في نهاية الطريق في منطقة العوينة حتى وصلنا إلى ساحة تسمى ساحة الشيخ ضاهر وهي تعد أهم وأكبر الساحات الرئيسية في مدينة اللاذقية لعدة أسباب: أولًا كون موقعها الجغرافي الذي يوزِّع الشوارع الرئيسية، هناك ساحات أخرى في مدينة اللاذقية ولكنها صُنعت بسبب الشارع الرئيسي وتفرع منها شوارع رئيسية، وأما ساحة الشيخ ضاهر هي التي صَنعت الشوارع الرئيسية، وهي ساحة بيضوية الشكل وفي طرفها الغربي جامع العجان ومبنى السيرتيل الكبير، وفي طرفها الشمالي كاملًا مدرسة جول جمال. والباحثون في التاريخ السوري يعلمون أهمية هذه المدينة التي درس فيها حافظ الأسد ودرس فيها سياسيون كبار، أعتقد أديب الشيشكلي وغيرهم درسوا في هذه المدرسة، ولديها تاريخ، وهي نقطة علَّامة في التاريخ السوري المعاصر، وفي طرفها الشرقي هي قريبة جدًا من الشرطة العسكرية، وفي طرفها الجنوبي الأسواق والشارع الذي حصلت فيه المجزرة، والطرف الجنوبي يؤدي إلى شوارع اللاذقية الأخرى، وفي منتصف هذه الساحة هناك تمثال كبير لحافظ الأسد، وكل هذه المميزات جعلت من ساحة الشيخ ضاهر مرمى أنظار الناس -الثوار والنظام- والذي يسيطر أو يفرض سيطرته حتى لو كانت سيطرة نفسية على هذه الساحة، فقد كسب رهانًا كبيرًا، ولا ندعي أن مرورنا بهذه الساحة كان هدفه البقاء في هذه الساحة، وإنما التعليم على الساحة (إثبات وجود) والمرور بجانبها والمرور بجانب حافظ الأسد والمرور بجانب جول جمال وفي شارع رئيسي، وفي منتصف هذه الساحة يوجد تمثال حافظ الأسد وحوله بحرات وإضاءة ونوافير.
وعندما وصلنا إلى ساحة الشيخ ضاهر ووصلت المظاهرة بسعتها الكبرى 17 أو 18أو 20 ألف -لا أعلم الرقم الحقيقي ولا أدعي معرفته- وجدنا أن قوات حفظ النظام في الخط الأول، ثم أفراد من الجيش ثم قوات الشرطة العسكرية ينتظروننا أمام مداخل الساحة، وسيارات شرطة عسكرية حمراء كانت منتشرة في عدة مناطق، وضباط الشرطة العسكرية، وأنا في ذلك الوقت لم أكن أعرف الشرطة العسكرية، ونحن نعرف حفظ النظام في الملاعب ويحملون الهراوات، ولكن قوات الشرطة العسكرية أنا لم أكن أعرف الشرطة العسكرية وكلهم جيش، ولكن هناك من يرتدي قبعة حمراء وهناك من لا يرتدي قبعة حمراء، وهناك من على كتفه إشارة حمراء وآخر ليس لديه هذه الإشارة، ولاحقًا أصبح لدينا هذا التمييز بين الشرطة العسكرية والجيش، وأصبح لدينا هذه الخبرة بأسماء الضباط [ الرتب] وفروع الأمن والأسلحة والرصاص.
وبدأت أول مواجهة مباشرة مع أشخاص لا ينتمون لهذه المظاهرة، يعني خلال الساعات الماضية كل الناس الموجودين معنا هم مع هذه المظاهرة، وكانت الأمور جيدة وجميعنا في نفس الخندق، وفي تلك اللحظة تواجهنا مع أفراد أو أشخاص أو مكان لا ينتمي إلى هذه المظاهرة، ماذا سوف يحصل؟ لم يكن لدينا هذه المعلومات. وهل سنصطدم معهم أو نتركهم؟ وهل سنقنعهم؟ وهل سنتحدث أو نرمي على بعضنا الحجارة أو نضرب بعضنا؟ لا نعلم. ووقفنا أمام الخط الأول وبدأت الهتافات تعلو من أجل الاجتياز إلى الساحة، وقوات حفظ النظام انتشرت في البداية ومنعت الاقتراب من الأرصفة لأنه يوجد محلات تجارية، وفي البداية كان يوجد عدة ضباط من قوات الشرطة العسكرية، والناس لم تكن تتوقع أنهم سيمنعوننا، وهم فقط موجودون حتى يحفظوا النظام، وبكل عفوية دخلنا بينهم وسلمنا عليهم إلى ساحة الشيخ ضاهر، وفي هذا الوقت بدأ صَدُّنا وأنه ممنوع الاقتراب، وعرفنا أنها منطقة ممنوع الاقتراب منها ولكن نريد الدخول إليها، وكل ممنوع مرغوب، ولو أنهم لم يمنعوننا قد نمر منها ونذهب باتجاه شارع الأمريكان ونلتف من شارع 8 آذار إلى شارع بغداد ونكمل طريقنا، ولكن منعونا من الوصول لذلك نحن نريد الوصول.
وأصبح يوجد ضغط في البداية، وكنا نظن أن الموضوع لعبة أو أن الموضوع لن يتطور أكثر من ذلك لأننا سلميون، يعني لم نكن نتوقع أن يواجهنا أحد بشيء أكثر من ذلك، ودخلنا بينهم وأصبحوا يصدوننا، ولكن نحن لن نفعل شيئًا ولن نكسر ولن نخرب، أصبحوا يصدون، وتسلل بعض الناس ووصل أكثر من شخص إلى تمثال حافظ الأسد وبدأوا يضربونه بالأحذية، وأحد ضباط الشرطة العسكرية كان في البداية وأنا ما زلت أذكره.. وأنا من الأشخاص الذين لم أتجرأ على المواجهة البدنية مع قوات حفظ النظام، وأنا كان عمري 19 سنة في ذلك الوقت وصغير البنية، وأنا أريد الدخول مع الناس ولكن لا أستطيع التلاحم جسديًا مع قوات حفظ النظام أو مع الضباط، وكنت في الصف الأول، وأنا كنت موجودًا مع الناس، وهذا ليس ميزة ثورية أنني في المقدمة وأنني أفضل من الأشخاص الموجودين في الصف العاشر أو ال 20، ولكن أنا كنت أقترب حتى أصبحت في الصف الأول، وقال لنا أحد ضباط الشرطة العسكرية: ارجعوا. وهو كان يتكلم باللهجة العلوية: ارجعوا ولا تقتربوا ولا تجعلونا نطلق النار. ولكن الناس لا يردون عليه، وأنا كنت أقف على الجانب الأيمن من الطريق وكنا نريد الدخول إلى الساحة، وهنا تمثال حافظ الأسد، وأنا كنت على الجانب الأيمن من هذا الرصيف وأمامي الضابط والناس، وأنا لم ألتحم بدنيًا، ولكن كنت أهتف في مكاني، وكنا جموعًا كبيرة، وتراجع [الضابط] خمس خطوات إلى الوراء وكان خلفه خط من العساكر، واستمر في الرجوع حتى فتحوا له المكان وأصبح وراءهم وأعطى أمرًا بإطلاق النار، ورفع يده وقال: نار. وبدأت الرمايات، وكان ذلك أول عهد لي بسماع أصوات الرصاص الحي في الثورة السورية وفي حياتي، ومع بداية إطلاق الرصاص.. لم أكن أعرف قبل ذلك سوى صوت الألعاب النارية.. يعني بالرغم من أنه أصبح يوجد قصف لاحقًا وقتل وحلب دُمرت والكيماوي والنووي والقذائف والبراميل، ولكن يبقى للوهلة الأولى لو تكررت مئات المرات يبقى للوهلة الأولى خصوصيتها، وفي تلك اللحظة كُسِر شيء كبير بيننا وبين النظام ومن يقف معه، يعني لو لم يطلق علينا الرصاص كان يمكن حتى هذه اللحظة أن أجلس في غرفة واحدة مع شخص يؤيد النظام ويقول: أنا أحب بشار الأسد، وأنا أريد بشار الأسد. هذا حقك وأنا لا يمكنني سلبك حقك لو لم يطلق علينا الرصاص في ذلك الوقت، ولاحقًا تجاوز الرصاص إلى القذائف والصواريخ والطيران والكيماوي والبراميل والحاويات، وإلى التدخل الروسي ب[الصواريخ] الفراغية والسوخوي، ولو أنه لم يستخدم آلة القتل لما كان بيننا مشكلة حتى بعد 10 سنوات، حتى لو هُجِّرنا بطريقة ما بدون قتل ما كان عندي مشكلة أن أجلس مع شخص يؤيد بشار الأسد لأنه لم يقتلنا ولا يوجد دماء بيننا، ولكن لحظة إطلاق الرصاص كسر فينا تلك الشعرة التي كانت تصل بيننا وبين من يؤيد هذا النظام.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2021/06/23
الموضوع الرئیس
محافظة اللاذقيةجمعة العزةكود الشهادة
SMI/OH/59-09/
أجرى المقابلة
يوسف الموسى
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/04/22
المنطقة الجغرافية
محافظة اللاذقية-مدينة اللاذقيةمحافظة اللاذقية-الشيخ ضاهرشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
الشرطة العسكرية - نظام
قوات حفظ النظام في اللاذقية