التوثيق الإعلامي لمجازر قوات النظام بحق المدنيين واستهداف الإعلاميين والصحفيين
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:43:11
لو تكلمت عن المواقف والأمور التي وثقتها، والتي كانت مواقف يمكن أن تكون مؤثرة على الصعيد الشخصي، وطبعًا وثقت أشخاصًا استشهدوا بتاريخ 31 كانون الثاني/يناير 2013 كنت في المنزل وبدأت تطلق راجمة الصواريخ من قرية بريديج التي كان يسيطر عليها نظام الأسد، واشتغلت القبضات (اللاسلكي) أن أسرعوا سيارة إسعاف سيارة إسعاف قرية شورلين، يقولون يوجد شهداء في قرية شورلين، فركبت دراجتي النارية وكان الطريق مستهدفًا فوصلت أول القرية ورأيت دراجة نارية متفحمة على قارعة الطريق، والذي كان يقود الدراجة قد استشهد طبعًا، تابعت السير قليلًا لم يكن يوجد أحد في القرية، وصلت إلى منتصفها كان يوجد آثار قصف من الراجمة، وقالوا: إن هناك شهداء في القرية التي بعدها (قرية كوكبة) فأكملت طريقي ووصلت إلى هذه القرية، وصلت إلى هناك ووثقت الشهداء، شهداء قرية شورلين وكانوا أربعة شهداء وثقتهم، والشيء المحزن الذي وثقته أنه من بين الشهداء الذين كانوا موجودين هو ابن خالتي وهو بكرها -رحمه الله- كان أديبًا جدًا وكان عمره 17 سنة، وعندما كنت أصوره كنت أتخيل خالتي وهي قلبها رقيق جدًا وحنون، ماذا سوف تفعل، فعندما أصل فإن أمي سوف تعرف أن إبراهيم استشهد، فماذا سوف يكون موقفها لو بكت أمك فأنت سوف تبكي من داخلك، فهو موقف مؤثر فعليًا، وبعد هذه المجزرة أصبح هناك سلسلة أشخاص استشهدوا وأشخاص أصيبوا، وأصبح يوجد قصف وأصبح أمر روتيني جدًا، لدرجة أنه إذا نادوا في المسجد أن فلانًا الفلاني توفي اليوم مثلًا الساعة كذا وستكون الصلاة عليه فأنت تقول: هل حدث قصف ليقتل هذا، [فيقولون:] لا توفي وفاة ربه بجلطة، [أقول:] بجلطة؟! [يقولون:] نعم بجلطة، أم تعودتم كسوريين ألاتعرفوا إلا بشار الأسد يقتل بكم ويرتكب المجازر.
بعدها كان يوجد معارك مهمة جدًا في ريف حماة معركة بدر الشام الكبرى (تموز/ يوليو 2014)، وكان يوجد معارك على سهل الغاب، فكان الأمر روتيني وكنا نذهب ونوثق، ونصور شهادات لناس، وكانت المعارك الجميلة في 2015 في سهل الغاب أثناء معركة تحرير القاهرة وتل واسط والزيارة والمنصورة وهذا الخط الذي كان فعلا خط قاتل للثوار، فكنت أيامها أظهر بشكل شخصي أمام الكاميرا وأتحدث، طبعًا كنت أظهر منذ عام 2012 ولكن أتحدت عسكريًا كنت أظهر وأغطي هذه المعارك وأتحدث عن أعداد القتلى بحسب القادة العسكريين، والغنائم والمناطق والحواجز التي حررت، والقرى التي تمت السيطرة عليها من قبل الثوار، فكانت أيامًا جميلة جدًا، فتارة أنت تشعر بالحزن إذا حصل شيء مؤلم، ولكن من جانب آخر أنت تشعر بالسعادة أنه كان الثوار يسيطرون ويحررون ويغتنمون، وهذه كانت من أجمل الأمور التي تشعرك بالفرح والنشوة والسعادة.
في الأشهر اللي بعدها؛ وطبعًا هذا الكلام في شهر نيسان/ إبريل 2014 كان بتاريخ 25 نيسان/ إبريل (معركة بدر الكبرى في تموز/ يوليو 2014 - المحرر) هذا الذي ذكرته قبل قليل، كان بعد أن جاءني الولد الأول الذي هو ابني عرب بـ 11 يومًا تمامًا.
بعدها بأشهر صارت معركة في ريف حماة الشمالي، وتحررت مدينة مورك على الأوتوستراد الدولي بين معرة النعمان طريق حلب بين معرة النعمان ومدينة حماة، وأصبحت المعارك على مدينة صوران، وتحررت [قرية] سكيك وتل سكيك وأم حارتين وهذه المنطقة في ريف حماة الشمالي وحماة الشرقي، فذهبت أنا وأصدقاء كنت أنا وعلي الفاروق، والصديق قاسم ومحمد الصالح، وشاب يعمل مع [وكالة] سمارت أحمد أبو الحمزة -تقبله الله- وهو صديق عزيز جدًا فكانت هذه رواية أخرى مختلفة تمامًا، وهي من الأشياء المحزنة والمؤثرة.
أتينا لندخل إلى مدينة مورك وكانت قد تحررت حديثًا ولم يسمح لنا الثوار لأنه يوجد ترتيبات عسكرية وقصف، [قالوا لنا:] خوفًا على حياتكم يجب أن تتجنبوا وتذهبوا إلى منطقة ثانية، وإذا أردتم العودة فيمكنكم، فقررنا أن نذهب إلى تل سكيك وأم حارتين اللتين تحررتا حديثًا، ووصلنا إلى قرية السكيك وكنا نركب على الدراجات النارية، يوجد اثنان من الشباب جميلان من الثوار مع الجيش الحر، فأوقفناهم: مرحبًا يا شباب، [فأجابونا:] أهلًا أهلًا وتعرفنا، الشابان أحدهما اسمه معد والثاني اسمه رعد وكلاهما أولاد خالة من مدينة خان شيخون، وكانا يعملان آنذاك مع "فيلق الشام"، والشباب حتى لو كانوا من مدينة خان شيخون باعتبارها قريبة (مدينة) من هذه المنطقة، ولكن في الوقت ذاته ليس لديهم الخبرة الجغرافية، فركبنا حتى نذهب إلى أم حارتين فذهبنا من جنوب التل بدلًا من أن نذهب شمال التل، ونحن فعليًا متوجهان نحو معان وهي قرية موالية وثكنة عسكرية للنظام، ولكن للأسف الشديد لم نصادف أي أحد من الشباب من شباب المنطقة، فقلنا للشباب: قبل أن نكمل إلى أم حارتين سوف نذهب إلى [قرية] عطشان وبعدها إلى أم حارتين وهي مناطق حررها الثوار حديثًا، دعونا نذهب إلى تل سكيك نوثق ونصور مع الشباب وبعدها ننزل، فقالوا: لا مشكلة، فانطلقنا وأثناء صعودنا على التل -والصور موجودة- كان أحمد أبو حمزة -تقبله الله- يصور بكاميرته، وأنا كنت في المثل مع علي الفاروق… الصور متبادلة بين الطرفين ونحن نصعد للتل، فوصلنا وبدأنا نأخذ مقابلات، أنا أمسكت كاميرتي بهذا الشكل وبعد متر يأتي الضيف المقابل فضغطت على الكاميرا (للتشغيل) حتى يتكلم، وكان على يساري بعد مترين أحمد أبو الحمزة ورعد وأمامي معد، وعندما أردت أن أبدأ التصوير لم أرَ شيئًا ولم أسمع شيئًا ولم أحس بشيء إلا فقط مثل هول من أهوال يوم القيامة، هكذا غبار خرج من تحتي وكأنك تمثل في فيلم وسكتت هذه السكتة ولم أعد أشعر بالرعب ورأيت الشباب مستلقين على الأرض وأصوات الشاب الذي كنت أريد تصويره، وطبعًا بما أنني متحكم ولم أُصَب فأنا متحكم بأعصابي، ولم أقم بتشغيل الكاميرا أو بالأحرى عندما أشعلت الكاميرا أطفأتها مباشرة، والشاب الذي كان على يساري قاسم كان على الأرض وأصابته شظية أصابت رأسه ولكنها لم تؤثر به وأنا لم يحصل لي شيء، والشاب الذي أمامي أصيبت يده والشاب الذي على جانبي أيضًا أصيبت قدمه قليلًا والشباب الاثنان اللذان كانا قريبين على القذيفة، اللذان هما رعد وأحمد استشهدا مباشرة، أحمد كان يصور بكاميرته وجاءته شظية وضربته وخرجت من خلف رأسه شظية صغيرة أفقدته حياته أحمد أبو الحمزة، وبقينا قرابة ساعتين ونحن نحاول أخذ الجثث ولا نستطيع، لأن التل بدأ يتم استهدافه إما بقذيفة مدفعية أو بالراجمة (راجمة صواريخ)، وتارة يضرب بالمدفعية وتارة بالراجمة، ونحن في جرف على جنب التل جالسين وننتظر حتى جاء "فيلق الشام" وأنزلنا شخصين، ولم نستطع إنزال الشخص الثالث لأنه كان استشهد أحمد أبو الحمزة، وجاء الدفاع المدني من بلدة التمانعة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي وذهبنا إلى التل، وأنزلنا أحمد أبو الحمزة وكفناه، واستشهد أحمد أبو الحمزة، وهو لوحده قصة مختلفة، فقد كان مصابًا قبلها بمعركة بدر الشام الكبرى في شهر نيسان/ أبريل من العام 2014 (تموز/ يوليو 2014 - المحرر) كان مصابًا بصدره ومع ذلك لم يتوانَ وأكمل طريقه بالعمل الإعلامي، وكان جدًا شغوفًا وجدًا قلبه قوي وجدًا يحب أن يصور ولو فيديو ولو صورة، وكان كذلك له مداخلات على الإذاعات المحلية المناصرة للثورة السورية، فهذا الموقف أنا كشخص قد أثر بي جدًا.
حاول نظام الأسد جاهدًا متعمدًا بكل ما أوتي من قوة أن يقتل كل ناشط إعلامي وكل حامل للعدسة وكل شخص يظهر على شاشات التلفزة، ابتداءً من درعا البلد التي قتل فيها كنان المحاميد كان يوثق المظاهرات، مرورًا بدوما محمد سعيد الذي كان يظهر دائمًا على شاشات القنوات المحلية والقنوات العربية والقنوات الغربية، محمد سعيد من مدينة دوما الذي قتل مع مجموعة من رفاقه في مزارع الشيفونية على ما أعتقد في عام 2013، بالإضافة إلى مصور قناة الجزيرة في محافظة درعا، بالإضافة إلى مصورين موجودين في مدينة حلب وغيرها من باقي المحافظات السورية، ومن كان يحمل عدسة أو يخرج بصوته ليدلي بأي شهادة تنص على ذكر نظام الأسد ولو بكلمة واحدة، كان نظام الأسد يحاول جاهدًا اعتقال هذا الشخص أو قتله، ولا سيما نحن نتذكر في أحد مقاطع الفيديو في المكتب الإعلامي في مدينة حمص عاصمة الثورة السورية، كان يجلس الساروت مع المكتب الإعلامي، فسقطت القذيفة في المنزل عندهم، فهو كان فعليًا يستهدف المكان الذي تخرج منه الصورة، فهو لا يريد الصورة اليوم أن تظهر، ونحن مر علينا حدث في 2012 حيث انطفأت الكهرباء في كل سورية، ولم يعد يوجد كهرباء نهائيًا ليوم كامل، والسبب كان أن نظام الأسد قد ارتكب مجزرة في مدينة حمص ولا يريد للنشطاء هناك أن ينقلوا هذه المجزرة للعالم الخارجي، كانت المجزرة في حي الخالدية وأعتقد كذلك في حي باب سباع في مدينة حمص.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/11/04
الموضوع الرئیس
النشاط الإعلاميكود الشهادة
SMI/OH/148-15/
أجرى المقابلة
إدريس النايف
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
2013 - 2014
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة حماة-عطشانمحافظة إدلب-سكيكمحافظة حماة-صورانمحافظة حماة-موركمحافظة إدلب-كوكبةمحافظة إدلب-جبل شحشبومحافظة حماة-سهل الغابمحافظة إدلب-شورلينشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
الدفاع المدني السوري ( الخوذ البيضاء )