هي طبعًا ليست قصة واحدة، ولكنها عبارة عن مظاهر رافقت العصيان المدني والأيام والوقفة على الحواجز وتلك اليوميات والتفاصيل الصغيرة نتيجة طول الفترة في البداية؛ لأنها كانت ارتجالية استمرت يومين أو 3، وبعد ذلك صارت أطول، وردًا على دعايات النظام على الإعلام بوجود إرهابيين ومسلحين اختطفوا البلد كانت تخرج مبادرات جميلة من الشباب على الحواجز كل حاجز على حدة بالسخرية على هذه الادعاءات، مثلًا: كان النظام يتكلم عن تزويد المدينة بأسلحة ومقاتلين، وهذا لم يكن موجودًا، فكانوا يحضرون بواري (أنابيب) الصوبيا (المدفأة) أو أنابيب مياه الصرف الصحي، ويلونونها، ويصنعون مجسمات مثل الصواريخ، ويصورونها، ويقولون: انظروا إلى هذه الصواريخ. وكان يقول إنها مدعومة بعد زيارة السفير الأمريكي والفرنسي لحماة، كان النظام يروّج أنَّها مدعومة بسلاح ومضادات طائرات، فكانوا يصنعون هياكل بلاستيكية بشكل مضحك لتلك الأسلحة يحاكونها بشكل مضحك، يصنعون صواريخًا، وأحضروا أزان (سخان المياه) إلى الحاجز عند شارع صلاح الدين، أحضروا "أزان" أو مرجلًا -هكذا نحن نسميه في حماة- أو سخان المياه الذي يوضع في الحمامات، وصنعوا له مخروطًا، ودهنوه بشكل يظهر فيه مثل السلاح، وصاروا يصورون فيديوهات مضحكة أنه تم تزويدنا بصواريخ نووية، عند منطقة العيادات الشاملة أيضًا بين حي التعاونية والأندلس كان هناك تقاطع، يوجد هناك حاجز، أحضروا غسالة قديمة غسالة حوض، وركبوا عليها لاقط بثّ القنوات الفضائية، ولونوه، ووضعوا فيه أزرارًا ملونة وأضواء تضيء، وتنطفئ، وصار يدور، و بعض هذه الفيديوهات مازالت موجودة على "يوتيوب"، ويصورون هذه الفيديوهات و"السكتشات" البسيطة، وهذه الأمور التي كان بعض الشباب يقومون بها على الحاجز، خلق نوعًا من المنافسة بين الأحياء، وكل حي يريد أن يظهر بشكل متميز عن باقي الأحياء، ويزينون تلك الحواجز، وهناك أشخاص يصنعون حاجزًا متحركًا بشكل كهربائي، مثلاً: في حي الحميدية، كان هناك أبّهة عند الحاجز وجماجم مرسومة وشكل من أشكال الرسم، ربما كانت إرهاصات للذي قد ينتشر أكثر "الغرافيتي" وغيره، ولكن صارت هذه المنافسة، ولاحظنا هذا الشيء، وكانت مجالًا للتندر بيننا: أي حاجز أجمل من الثاني؟ وصرت أتجول أنا وصديقي ناصر- فك الله أسره- صرنا نتجول على كل حواجز حماة، ونقول للشباب: ابتعدوا كي لا تظهر وجوه الأشخاص الواقفين على الحاجز؛ وبالتالي الأمن يستهدفهم، ونصور الحاجز بأشكال مختلفة، وكنا سنقيم مسابقة لأجمل حاجز في حماة، أذكر أحد الحواجز في بداية "طلعة الجلاء" التي تخرج من الكراجات باتجاه المحطة، فكل الطريق من أوله إلى آخره والشارع طويل بنوا بالبلوك (طوب البناء) زكزاك ( متعرج) كي تخفف أي سيارة قادمة من سرعتها، وكان جميلًا جدًا، وكأنه لوحة مرسومة بالبلوك. في مدخل حي جنوب الثكنة، عمروا أيضًا بالبلوك(طوب البناء) مثل دهليز بين البلوك، صاروا يتفننون بأشكال هذه الحواجز، والناس الجالسون بطبيعة الحال والشباب يتسلون، ويملؤون وقتهم في تزيين الحواجز، وهناك حواجز كانت توزع على المارة، مثل: حاجز على حي البعث، كانوا يوزعون سكاكرًا (حلوى) على كل المارة، وظهرت بعض الممارسات من البعض وكانت مسيئة لهذا الحراك، فيدققون كثيرًا على الأهالي المارين، ويطلبون هوياتهم، وهم أبناء الحي أنفسهم، وقد ينتقل من حي إلى آخر، ويكون معروفًا، يطلبون الحواجز، ويبدو أن البعض حين شعر بأنَّ لديه سلطة ما فإنه سيمارسها بكل هذا المرض الموجود عند النظام، وظهرت هذه الأمور، لا نخفي هذا الأمر، وبعض محاولات التضييق على الأهالي أنفسهم من الواقفين على الحواجز والذين هم من أهالي الحي ذاته، فهذه المظاهر التي رافقت هذا الأمر، وصارت هناك إعاقة لحياة المواطنين؛ لأنه عصيان في نهاية الأمر، وهذه بعض الهوامش عن أيام العصيان المدني.