أيامها كانت حافلة بالنصر، ولكن كان يوجد جوانب معتمة ومؤلمة وهذه الجوانب تغطي عليها، كانت مدينة اللطامنة والقرى المحيطة و[قرية] الأربعين و[مدينة] كفرزيتا و[قرية] الزكاة كانت تُقصَف بشكل جنوني، فمطار حماة العسكري قريب ومطار الشعيرات شرق حمص كذلك يعتبر قريب، فكانت فعليًا المطارات هي موجهة على مدينتي اللطامنة وكفرزيتا، مروحية تأتي ومروحية تذهب، وطائرة حربية تضرب وطائرة حربية تعود، فمدينة كفرزيتا أُطلق عليها لقب أنها كانت مدينة البراميل كمدينة سلمى في ريف اللاذقية أشبه بها، كانت مدينة براميل فعليًا، يعني إذا الطائرة سوف تذهب إلى مكان في جبل شحشبو أو في جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، يجب أن تترك برميلًا معها في العودة لأجل مدينة كفرزيتا، والسبب أن مدينة كفرزيتا هي مدينة ثائرة بالعموم، وكذلك كل الريف، ولكن كفرزيتا تحررت باكرًا قليلًا، سيطر عليها الثوار بالإضافة إلى أنه كان يوجد فيها تجمع للثوار في منطقة وادي العنز شمال غرب كفرزيتا، بالإضافة كان يوجد فيها مشافٍ ميدانية، والنظام كان ناقمًا عليها، وكذلك هي تعتبر طريق إمداد للثوار باتجاه مدينة مورك، وهذا بالنسبة لعام 2014 الذي لم أنتهِ منه بعد.

في نهاية عام 2014 كنت في يومها أعمل كمراقب مع إحدى المنظمات في منطقة سهل الغاب، وكنت في قرية التوينة، ثم بلدة الشريعة، وكنت عند أحد الأصدقاء أنا وابن عمي وهو صديق كذلك، وكنت أنا وقاسم هناك والرجل قال غداءكم عندي، وبعد أن انتهينا من العمل هي كانت حملة شتوية تحديدًا في 24 كانون أول/ ديسمبر 2014 فجلسنا وتغدينا فدخل أحد الأشخاص قبل أن نشرب الشاي وقال: السلام عليكم، وقال: إن الطائرة ضربت في شهرناز، يعني قريتي، والشخص انتبه على نفسه وقال: ولكنها ضربت خارج القرية يعني على أطرافها براميلًا، فقلت اخرج يا أبو محمود وقول يا رب، وطبعا الناس قد يقولون براميل وقرية وطبعًا القرية عدد سكانها 2500 نسمة يعني أنت عندما تتحدث عن براميل يعني ضحايا من الأقارب، فركبت على الدراجة النارية وانطلقت بسرعة والدراجة لم تعد تسير فعليًا يعني بكل ممكن أنا وصلت إلى 120 (عداد السرعة) ولكن فعليًا أشعر أنه لا يسير نهائيًا، ووصلت فعليًا إلى القرية ولا يوجد فيها أحد وكان يوجد دكان بجانب المدرسة وسقطت جدران المدرسة، ووصلت يا جماعة يا شباب ماذا حصل؟ وكان هو ابن أختي الذي أسأله، أخبرني باستشهاد ثلاثة أشخاص، وطبعًا الخبران مزعجان، طفلان هم لوالدهم لم يكن يأتيه أولاد، فقط سلالته هي إناث وجاءه ولدان فكان سعيدًا جدًا، وهذان الولدان قضيا بالبرميل وحتى إنهم لم يجدوا لهما أثرًا نهائيًا، لا رجل ولا يد ولا إصبع ولا شعر أبدًا، لأنه بحسب الشهود الذين ينظرون من مسافة بعيدة البرميل سقط عليهم على الطفلين، بحيث مسحهم والناس يقولون: هل سوف تعودون في يوم من الأيام وتصالحون بشار الأسد، ولكن على ماذا؟ ولماذا الناس اليوم يتحدثون عن موضوع المصالحة أو ممكن المسامحة؟، لا بشار الأسد لا يمكن إلا أن يرحل ونفضل أن يحاسب، ولكن هيهات بسبب العهر الدولي أن يحاسب بشار الأسد، ولكن نحن نفضل أن يحاسب ويقتل ويصلب ويفعل به كل شيء عندما أتذكر هذه المواقف.

الشخص الثالث الذي استشهد هو ابن عمي وهو كان يعمل في المجال الإعلامي، محمود كان يعمل في المجال الطبي ترك كلّيته [الجامعية] في حماة، وكان يعمل في موضوع الطبابة والمجال الإعلامي كذلك، وكان خبر استشهاده فاجعة بسبب أن محمود كان شخص غالي جدا، كان أديب ولطيف وكل الصفات الجميلة فيه، وسقط عليه برميل متفجر وفقدنا محمود فكانت قصه ألم فعلا لا تنسى.

في اليوم الثاني تتكرر المأساة، وجاءت طائرة مروحية كذلك وألقت برميلين وسقطوا قريبًا من هذا المكان، واستشهد في وقتها طفل وشاب، كان يوجد نفوق كبير للمواشي من أبقار وأغنام ودمار في المنازل، وهم أقاربي طبعًا، والشيء المؤثر أن شخصًا من الذين أصيبوا أصيب في سمعه لم يعد يسمع، وهو شخص كان صديقًا وبعد فترة طويلة استطاع أن يعود سمعه قليلًا، فأنت كنت تعاني.. الذي استشهد تقبله الله وهو مؤلم جدًا، وخاصة الطفل الذي استشهد وكذلك الدمار الذي نتج وقتها، أنت عندما تتحاور مع هذا الشخص، وهو شخص مثقف وواعٍ وكان أستاذًا في المدرسة وأصبحت تتعامل معه وتكلمه: آه نعم؟ (لا يسمعك) فهو شيء مؤثر ومحزن جدًا، هو فقد سمعه بسبب هذا الحقد، وأنا عايشت هذا الموقف، وكان في الحقيقة شيئًا مؤلمًا جدًا ومن المواقف التي لا تنسى في عام 2014، يعني انتهى عام 2014 فعليًا بمأساة.