اللقاء مع اللواء محمد ناصيف
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:14:50:06
نزلت مع ذلك الرجل واسمه حسن، والشارع كان مقفرًا في الليل ومقابل المكتب لم يكن هناك شيء ولا يوجد سيارات ولا عناصر أمن، ويبدو أنه شعر بي وقال لي: حقيقة ليس هناك عناصر أمن وأنا لست أمنًا، وأنا أحدّث نفسي أنني لو أعرف ذلك لما نزلت معه (يضحك)، وكان ذلك غريبًا. فقلت له: أنا آسف وتهمني البلد، وكنت أحدّث نفسي من باب الطرفة أن البلد فعلًا أهمّ من الحمام (الاستحمام) وأن تحلق وتلك الوطنيات، ولكن حقيقةً لن تخرب البلد إذا ذهبت وتحممت ونمت عدة ساعات، وفي قلبي كنت أقول: 50 عامًا وهم يخربون البلد، هل ستقف علي أنا إذا نمت عدة ساعات واستحممت! وقلت له: حقيقة أفضّل أن أذهب وأنا ذهني أفضل، وأكون قد أخذت قسطًا من النوم وارتحت، فرفض وقال: إنه ليس هناك مجال. فكان معه سيارة نيسان أو ميتسوبيشي تكسي ومهترئة وهنا لم أعد أفهم وشعرت أنَّ هناك شيئًا غير طبيعي، والشباب سيخرجون ورائي وفعلًا ذهبنا إلى قرى الأسد وبيت اللواء محمد ناصيف، وفيلا وحرس وسيارات أكيد ليسوا تكاسي. ودخلت أنا وهو، ووجدت صالونًا ضخمًا وكبيرًا وجلسنا على الأرائك، وكان قد فتح الباب شخص واضح أنَّه عامل في المكان واختفى، وجلسنا وقال لي: أنا ما كذَّبت عليك أنا لست أمنًا ولست عسكريًّا ولست سوريًّا، وأنا اعتبرني واسطة خير، وأبو وائل شخص محترم ويحترم والدك ويريد أن يراك، قلت له: ولكن الساعة 1:30 فجرًا وأنا مرتدٍ ثياب السجن. ونزل على الدرج شخص يلبس جلابية بيضاء ومشلح، وشخص كبير في العمر وتشعرين أن شكله شكل الجد، وقال: مرحبا يا ابني، قالها بهذا النفَس وهو يشعرك أنَّه جدك. وكان يقول: الله يرحم والدك كان رفيقًا عزيزًا، صحيح نحن اختلفنا منذ عام 1970، ولكن يبقى شخصًا من الرفاق والجيل الأول من البعثيين، وهذا الكلام. ونعرف أنَّك تنشط للغاية وتدعو للتظاهر، فأحببت أن أراك وأتعرَّف عليك وأسمعك. وحكا تقريبًا ساعة ونصف وهو يتكلَّم ولم يسمعني نهائيًا، وتكلَّم عن "مؤامرة بندر والصهيونية والعالمية" بنفس المنطق الكلاسيكي لدى النظام ونفس الكليشيهات (العبارات الجاهزة). وكان يشدّد على بندر والسعودية والرجعية العربية وإسرائيل والصهيونية وتحدث عن العراق واحتلال بغداد والتدمير، وحكى عن سورية و"قلعة الصمود وخط المواجهة"، وحكى عن حرب حزيران [تموز] في لبنان والمقاومة، وتكلَّم طويلًا أكثر من ساعة بكل هذه الكليشيهات (العبارات الجاهزة) التي نعرفها وكلها مع بعضها، وكان يحكي بهذا المنطق وتشعرين أنَّه شخص كبير في العمر مثل (الجد) يحكي وحالة أبويَّة، ويقول: أنتم الشباب نفهمكم. ولما انتهى قلت له: هل تسمح لي بأن أتكلَّم؟؟ وقال: بالتأكيد، أنا أريد أن أسمعك. وبدأت أنا هنا أتكلَّم بهدوء عن البلد، وقلت له: أكيد ليس هناك داعٍ لنتكلَّم عن أنَّهم "يأخذون 500 ليرة سورية ليخرجوا مظاهرات وسندويشة فلافل ومؤامرة بندر"، وهذا الكلام لن أتكلَّم به. فقلت: لا لن أتكلَّم به لأنه كلام غير مناسب، فلنقفز عنه، فهل أقول لك: إنه لم يعطني أحد 500 ليرة ولم آكل سندويشة؟ فلنخرج من هذا المنطق. وعمليًا أنا تكلَّمت من عام الـ 2000 وقلت له: الرئيس الجديد وكنا نمدّ الأيادي ومتفائلين خيرًا، وقلت له: في كل المحطات كنا نكبس على الجرح ملحًا، ونقول: البلد والإصلاح، ومرة إصلاح سياسي، ومرة اقتصادي، ومرة إداري، وقلت له: في عام 2003 نحن كنا ضد الاحتلال [الأمريكي للعراق]، وفي عام 2005 لم نستثمر بموضوع اغتيال رفيق الحريري و[تقرير] ميليس، وفي عام 2006 ما حملنا سلاحًا وذهبنا لنقاتل ولكننا على الأقل فتحنا منازلنا للذين أتوا من لبنان، ولن أتكلَّم في البديهيات أنَّني ضد إسرائيل ومع حق الفلسطينيين واسترجاع الجولان. وقلت له: عمري أربعون سنة، وكم أربعون سنة يوجد في عمري لأنتظر كل هذه الوعود؟ واعتبر أن كل مطالبنا عبارة عن مؤامرة، وأن بندر هو الذي قال لنا [طلب منَّا] أن نفعل ما نفعله. وقلت: هل أُذكِّرك بخصوص الاجتماع الأخير في حزب البعث؟ أعتقد أن سيادتك كنت حاضرًا فيه. فقال: [قل]عمِّي أبو وائل، قلت: لا، أفضّل [أن أقول] سيادة اللواء، وسيادة اللواء أنت كنت حاضرًا في المؤتمر القطري الأخير، وأنتم قلتم في المؤتمر القطري ستصدرون قانون أحزاب، وأنتم قلتم في المؤتمر القطري أنكم ستلغون حالة الطوارئ، وأنتم قلتم في المؤتمر القطري أنكم ستعدّلون المادة الثامنة [في الدستور]، وأنا أريد أن تنفّذوا قراراتكم أنتم، ولتفترض أن كل شيء أقوله بندر علَّمني إياه، وكل مطالبي من الموساد آتية، ولكن لست أنا من حضر في المؤتمر [القطري] العاشر، بل كان رئيس الجمهورية وحضرتك وكانت القيادة القطرية واللجنة المركزية، أنتم كنتم موجودين وأنتم لا أظن أنكم عملاء لبندر وتأخذون 500 ليرة وتأكلون سندويشة. هل هناك إمكانية لتنفيذ قرارات المؤتمر العاشر لحزب البعث؟ إلى متى سننتظر؟ أربعين سنة قادمة لا يوجد أربعينات كثيرة في عمر الشخص، وما هو الخطأ في تطبيق قراراتكم؟ وإذا تقول لي: ما هي رؤيتك لسورية؟ أنا رؤيتي تتضمن [تعديلات وإصلاحات] أكثر من ذلك بمليون مرة، وتعديلات وإصلاحات أكثر من هذا بمئة مرة، ولكن لننحِّ ذلك جانبًا، ما هي المشكلة في تطبيق ما تحدثتم عنه: هذا يجب القيام به؟ نحن في العام 2011 وقراراتكم حتى الآن لم تنفذوا منها أي شيء، أتعلم أنَّ قانون الأحزاب هو من أساسيات الحياة في أي دولة؟ إذا لحد هذه اللحظة لم تضعوا قانون أحزاب فلماذا لا ننزل إلى الشارع؟ وإلى متى سننتظر؟ فقال لي: هناك شيء مما تقوله صحيح، ونحن تأخّرنا ولكن الظروف والوضع واحتلال العراق وحرب تموز والمؤامرة، وهناك أشياء أنتم لا ترونها ولا تعرفونها. وقلت له: الحمد لله علاقاتكم مع أوروبا ممتازة منذ عام 2007 فصاعداً، وكذلك مع تركيا ومع أمريكا فما هي المشاكل؟ فقلت له: سورية لم تكن مرتاحة بالمعنى السياسي مثل آخر 3 سنوات، لا إقليميًا ولا دولياً ولا سياسيًا، فعربيًّا العلاقات جيدة وحتى مع تركيا التي كانت في السابق متوترة، ولكنها اليوم جيدة، وكذلك مع أمريكا ومع فرنسا حتى ساركوزي جاء [إلى سورية].
فكان يستمع ويهزّ رأسه، وحكى عن الظرف والشروط وهناك أمور لا تعرفونها. وقلت: إلى حد الآن لا أعلم لماذا أنا موجود هنا، ولا أعلم إذا كنت تريدني أن أقول لك: ليس معنا حق أن ننزل إلى الشارع. فنحن حاولنا كل شيء، ولا أعرف إذا أنت متخيل أنَّني أنا من أنزل الناس [إلى الشارع] وأخرجهم منه! فأنا واحد من الناس أشارك وأحكي، ولكن لا أكبس زر وأُعيد الناس إلى بيوتها.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/10
الموضوع الرئیس
قمع الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/90-39/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/07/12
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
القيادة القطرية لحزب البعث