التحقيق في فرع المداهمة (الفرع 215) واستدعاء اللواء محمد ناصيف
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:51:09
لم يكن مفاجئاً أن اعتُقل بعد أن خرجت [على الإعلام] وتحدثت عن مجزرة صيدا [مجزرة الأربعاء الدامي]، [وكان يقول لي ذلك الشخص]: أنت تخرج على الإعلام وتتحدث ضد بلدك وتبثّ أخباراً كاذبة يا كذاب. ومتوقع هذا الموضوع، وفعلًا بدأ من هنا [التحقيق]، والاتهامات: التحريض: "تقومون بالتحريض والتأليب".
في ذلك الوقت كان قد أصبح هناك شهداء ودم، ونحن نتحدث عن اليوم الثاني من مجزرة صيدا [الأربعاء الدامي]، وكانت مجزرة وليس مجرد عدد محدود [من الشهداء]. والحقيقة لا أعرف كيف هذا أصف الشعور بين أنه ليس مفاجئًا ما يقومون به بالمعنى العقلاني ونحن نعرف النظام وطبيعته، وواحدة من الأشياء التي كانت بذهننا باكرًا بشكل واضح ودقيق وهي العسكرة والعنف، وكنا قد كتبنا بخصوصها، لذلك من ناحية هو غير مفاجئ، ولكن من ناحية أخرى عندما تواجهه بشكل فعلي وحقيقي فهو غير عادي وليس مقالًا نقرؤه عن مكان ثانٍ وبلد ثانية (أخرى)، وكل المخاوف والهواجس كانت تحضر وكان يقول الشخص: لا، فاليوم ليس الثمانينيات وليس حماة، والنظام لا يمكن أن يعيد نفس الشكل والأدوات، ولكن بعد ذلك ويومًا بعد يوم كانت الوقائع تقول: بلى، يمكن ذلك، والنظام يمارس نفس الأشكال. وحقيقة كنا بين النارين: منطقيًا حين نفكر ونحلل فالنتيجة ليست مفاجئة، وعندما تواجهها من منطق ليس هو منطق التحليل، بل منطق المواطن السوري وابن البلد، فالحالة هنا معقدة ومختلطة.
كان [المحقق] يتكلَّم ويتحدث عن مؤامرة وأن هناك من لا يعرفون وجاهلين، ولكن أنت والذين مثلك أنتم متقصِّدون، وأنتم محور المؤامرة وأنتم تعرفون ماذا تعملون ومع من تتعاملون ومن هذا الكلام، وكان الحديث عن بندر [بن سلطان] في تلك الفترة، وسريعًا [كان الحديث عن] مؤامرة بندر والسعودية وأميركا والإمبريالية، وإسرائيل كانت حاضرة في كل جملتين أو ثلاثة وبشكل كثيف.
وبعد ذلك بدأت الأسئلة، وهي أسئلة عامة، والحقيقة كان انطباعي العام أنَّ هذا الشخص "لم يقم بوظيفته" ولا يعلم ملفِّي ويسأل أسئلة بديهية [موجودة] منذ قرن عند الأمن، وكان هنا انطباعي أنَّه هذا الشخص لم يقم بوظيفته وليس هناك تبادل معلومات وهذا كان مريحًا بالنسبة لي، فهو ليس آتيًا بملفي من أمن الدولة أو الأمن السياسي أو الأمن القومي، ولم يطل اللقاء ولم يطل الاعتقال كثيرًا أيضًا، وبعد يومين أو ثلاثة أيام من هذا التحقيق أظنُّ خرجت بثينة شعبان على التلفزيون وقالت: "سنطلق سراح المعتقلين"، وأخرجوني ليلًا. وفي ثاني يوم أو ثالث يوم سمعت صوتًا من زنزانة يقول: "أنا لؤي حسين أريد دواء الضغط"، وبصوت عال، ففهمت أن لؤي معتقل في نفس الطابق، وفهمت أنَّها واحدة من الأشياء والدروس أن تجعل الآخرين يعرفون أنَّك موجود، وعندما خرجت علمت أنَّ هناك معن عاقل قد اعتُقل هو وآخرون، وخرجت كانت الساعة 10 أو 10:30 ليلًا، واتصلت مع يارا وقالت: الحمد لله على السلامة. وقلت: كيف عرفتِ؟ فقالت: خرجت بثينة شعبان، وقالت: إنه سيتمّ إطلاق سراح المعتقلين وخرج معن ولؤي حسين، وكنا بانتظار خروجك، وقلت: آتي إلى البيت، فقالت: لا. تعال إلى المكتب فكل الشباب بانتظارك، والمكتب قريب من البيت في شارع 29 أيار.
وذهبت إلى المكتب وكان هناك العديد متواجدين شباب وصبايا، والمفاجأة أنّه الساعة 11:30-12 ليلًا يُطرق باب المكتب، واعتقدنا أن أحد الشباب الزائرين، وأتى وائل سواح وقال لي: مازن هناك شخص غريب يريدك. ونحن بناية المكتب كلها مكاتب وتحتنا دار نشر ويديرها شخص عراقي، وهي دار المدى والبناية كلها مكاتب، ولا يوجد جيران ينزعجون من الأصوات بهذا الوقت، فخرجت إلى الباب فرأيت شابًّا أنيقًا جدًّا والبدلة من الجوخ الإنكليزي مع الصدرية والكرافة (ربطة العنق)، فقلت: أهلًا وسهلًا، وقال: مرحبًا، أنا اسمي حسن وآتٍ أخذك إلى أبو وائل، فقلت له: عفوًا، من أبو وائل؟ فقال لي: سيادة اللواء محمد ناصيف. فقلت له: الآن ستأخذني إلى "سيادة اللواء" محمد ناصيف؟ فقال لي: الرجل ينتظرك في بيته. فقلت: سيادة اللواء أبو وائل محمد ناصيف ينتظرني في بيته لحدّ الساعة 12 ليلاً، طبيعيٌّ برأيك، وأنا خارج من السجن ولم أغير ملابسي؟! وأجاب: نعم، فقلت له: حضرتك مع أي فرع؟ فقال: أنا لست في الأمن، وأنا صديق وجئت لآخذك إلى المنزل، وقلت له :واضح أنَّ هناك فرعًا قرر أن يخرجنا، وهناك فرعًا لم يعجبه الموضوع، ولكن على الأقل أعرف إلى أي فرع تأخذونني، ولن أقاوم أيًا يكن، وفي الآخر أبو وائل أبو محمود.. أبو سعيد باستطاعتك أخذي، ولكن احترم خبرتي وتجربتي، أي فرع أنتم؟؟ من أصدر قرار الاعتقال؟ فقال: ليس هناك اعتقال، وأنا لست أمنًا، أنا مدني، وحقيقة أبو وائل ينتظرك في البيت. ولهجته تعطي على لهجة المنطقة الشرقية، فقلت له: بإمكانكم أن تأخذوني، فقال: أنا لوحدي، وليس هناك أحد قد جاء ليأخذك غصبًا عنك. وفعلًا كانت الحالة غريبة، وقلت له: شكرًا أنا لا أريد الذهاب الآن، وأنا آتٍ من السجن، ورائحتي أكيد تشمها. وإذا المسألة هكذا أفضل أن أذهب إليه في غير يوم، وأنا أفضّل بالتأكيد أن أذهب إلى منزلي وأستحم وآكل وأحلق وأنام، فقال: لا، الموضوع يستحقّ والبلد تحترق. فقلت: على عيني، صباحًا الساعة 7 أو 8 ليس هناك مشكلة. فقال: الموضوع مهم ويجب أن تأتي، وهذا التعبير له معنى أن هناك اعتقالًا، وبنفس الوقت هناك كثير من الناس في المكتب، ولا أريد أن يصعدوا هم (الأمن) إلى المكتب ويرون الشباب.. فدخلت وتحدثت مع وائل ويارا وحسن كامل، وأخبرتهم بما يجري، وقال حسن: لا تذهب، فقلت لهم سأنزل ولكن أريد من يمشي ورائي فوراً، ووائل أنت معك سيارة، فقط أريد أن تعرفوا إلى أين يأخذونني، أو تنظرون من البلكون (الشرفة) ومن الممكن أن يكون هناك سيارات أو عناصر أمن.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/03/10
الموضوع الرئیس
قمع الحراك السلميكود الشهادة
SMI/OH/90-38/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
باريس
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/07/12
المنطقة الجغرافية
محافظة دمشق-مدينة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
فرع المداهمة والاقتحام 215- شعبة المخابرات العسكرية