قال: أنتم الشباب الوطني المتعلم الذي يفهم، تأخذون البلد إلى أماكن لا يستفيد منها غير إسرائيل، والسيد الرئيس سيقوم بإصلاحات وسيزيل حالة الطوارئ، وأنا كنت اليوم في اجتماع قيادة، وطرح السيد الرئيس رفع حالة الطوارئ، وأنا كنت ضد رفع حالة الطوارئ، وأنا تحدثت بعكس إرادة أو مشيئة السيد الرئيس، وقلت له: سيادتك الآن هناك حالة طوارئ، وإذا لم يكن هناك قانون طوارئ فالآن يجب أن نصدره، فكيف نلغي حالة الطوارئ؟ ولكن السيد الرئيس يريد الإصلاح، وحالف يمين عظيم وما في مجال [للتراجع] (ساخرًا). فقلت له: إن شاء الله، ولكن أنت ماذا تريد مني أن أفعل؟ قال لي: ما هي مطالبكم؟ قلت: أنا بإمكاني أن أقول مطالبي أنا مازن أحمد درويش. وأنا كنت لا أريد أن أقع في فخ أننا عبارة عن حالة، فتاريخيًا كان يُقال لنا: إياكم أن تقعوا بتلك المطبات مع الأمن. فقال: أنتم هؤلاء الشباب الذين تدعون للمظاهرات، وتعرفون بعضكم وتعملون مع بعضكم منذ زمن، ولم تخرجوا فقط في هذين الشهرين، بل طول عمركم موجودون، أنتم هؤلاء ما هي مطالبكم؟

فقلت له: مطالبنا ليست وليدة هذه الشهور، ونحن طالبنا بها طيلة عمرنا ونطالب بها: التعددية السياسية الحقيقية وتعديل الدستور بشكل حقيقي وتوازن في السلطات والسلطة التنفيذية وأجهزة الأمن وقانون الطوارئ، وأنت تعرف طلباتنا جيدًا. والآن اليوم هناك دماء، وما عادت المسألة طلبات سياسية باردة. هناك شيء يجب أن يتمّ فعله بهذا الخصوص. وقال: نحن الآن جالسون لنرى ماذا سنفعل في البلد، فأنت ترى هناك حالة غليان ودماء، وأجهزة الدولة وعناصر الدولة تتمّ مهاجمتهم. فقلت: يجب أن تتحمّل الدولة مسؤولياتها، وهؤلاء الناس الذين ماتوا ما ماتوا في فيضان أو زلزال، بل ماتوا بإطلاق رصاص من عناصر وأجهزة الدولة. فقال: أبدًا، ليسوا عناصر الدولة. فقلت: لا أعلم ماذا أقول لك، ولكن يجب أن يكون هناك بالحدّ الأدنى تحقيق مستقل وليس تحقيقًا مثل تحقيق "المساعد جميل"، بل تحقيق تحدَّد فيه المسؤوليات، ولكن لا يمكن أن يمرّ الوضع هكذا والسلام.

وقال: ما هي مطالبكم أيضًا؟ وقلت: أنا لا أستطيع أن أتكلَّم باسم أحد، حتى هؤلاء الذين تتكلم عنهم: الحقوقيون والمدافعون عن حقوق الإنسان، لا أستطيع الحديث باسمهم، ولست مكلّفًا بذلك. قال: بلى، بإمكانك فعل ذلك. قلت: إذا كنت تريد بإمكاني أن أسألهم، أمَّا إذا كنت تريد معرفة كيف يمكن أن نحقن الدماء فبالدرجة الأولى يجب أن توقفوا هذا التعاطي الأمني. فقال: هناك مندسون وعملاء للموساد وإرهابيون وجهاديون يطلقون النار، وقلت له: عندي حل، أعطونا ساحة، ونحن نكون مسؤولين عنها ونضمن أنه لن يدخل أي شخص إلى هذه الساحة لا من الموساد ولا مسلّح، وتكون داخل الساحة مسؤوليتنا وخارج الساحة مسؤوليتكم، والمسألة تكون واضحة. فهذا الـ "جدو" الهادئ تحوَّل إلى كائن آخر، وضرب بيده على الطاولة، وكل فناجين القهوة التي على الطاولة انتفضت، وقال: "ساحة يعني إسقاط نظام، إيَّاك أن تفكر بالساحة"، فأصبح هناك تحوَّل [بشخصيته] 180 درجة بتلك الخبطة وصار وجهه الأحمر، وجه رجل الأمن المختنق، وكل ما كان يسيطر عليه تحت السطح ويضبط نفسه مدة ثلاث.. أربع ساعات وهو يستمع لهذا الـ "ولد"، انفجر عند سماع كلمة "نريد ساحة".. فقلت: تمام، وقال: حسن أرجعه إلى بيته، وغدًا الظهر الساعة 2 مرّ عليه، [وتوجه لي] وقال: غدًا تأتي إلى مكتبي وتجلب طلبات مكتوبة، فقلت له: موافق.

وخرجنا ليس مثل ما دخلنا ولا بنفس الترحاب، وطلع على الدرج، ولم ننزل في التكسي المهترئة، بل في سيارة دفع رباعي موديل 2011، وقال لي حسن: هل أوصلك إلى مكتبك أو إلى بيت أهلك في المزرعة أو إلى بيت حماك في صحنايا أو إلى منزلك في الضاحية أو منزلك بجانب المكتب؟ وأحسست هنا أنه يريد أن يقول إنني [مرصود]، فقلت له: أريد الذهاب إلى منزلي في شارع 29 أيار، وليس إلى بيت الضاحية. وقال لي: الساعة 12 كن جاهزًا.. ووصلت كانت الساعة الرابعة فجرًا، ودخلت إلى البيت وكانت يارا مستيقظة، وكذلك والدها ووالدتها، وهم معتقدون أن هناك فرعًا آخر قد اعتقلني، وسألوني إن كان هناك أحد معي أو أنهم آتون بي ليفتشوا المنزل، فقلت لهم: لا، أنا هنا وحدي.