دوما هي منطقة حيوية، ودوما بالنسبة لنا منذ ما قبل 2011 بقيت محافظة على مساحة من النشاط السياسي في سنوات معينة قبل 2011، وإذا تكلمنا عن حزب الاتحاد الاشتراكي كانت مركز ثقله في دوما، ودوما أيضًا [كان فيها] كثير من الشباب والصبايا من دوما أو من سكان دوما، مثلًا وائل حمادة في دوما وناظم [حمادي] في دوما وعدنان وهبة وكثير من الشباب، وفي مرحلة معينة رزان [زيتونة] ووائل سكنا بين حرستا ودوما. وصار حقيقة ما يشبه الانشقاق بين شباب الاتحاد الاشتراكي و القيادات السياسية (قيادة الحزب)، فقد كان موقف القيادة السياسية للاتحاد الاشتراكي متمهّلًا بما يخصّ المظاهرات والانخراط في التظاهر، وكان هناك تعميم وطلبوا من الكوادر ألَّا يشاركوا وأن يكون هناك تمهُّل، ولكن شباب الاتحاد كانوا في مكان آخر، وكان وائل لديه دور كبير في هذا الموضوع؛ كونه الوحيد بيننا الذي كان في حزب وكان في حزب الاتحاد الاشتراكي، وكان يقوم بحلقات سياسية للشباب الجدد، ولا أعرف تنظيميًا ما هو مسماه، ولكن كنا حين نريد أن نلتقى قبل 2011 كان وائل دومًا يقول لدي اجتماع مع مجموعة من الشباب في الاتحاد.

فهذا كان له دور في دوما، وكان هناك كثير من الشخصيات في دوما فاعلة ومؤثرة، وكانت جزءاً من التركيبة بالمعنى العام، تمامًا كداريا وهي أيضًا كانت منطقة صديقة منذ اليوم الأول ومجال حيوي ومجال حركتنا الأساسي. وأذكر مرة من المرات كان هناك مظاهرة في درايا و[كنا] فرحين وعائدين وكنت أقول: في الحقيقة هذا ليس إنجازًا؛ الإنجاز أن نخرج مظاهرة في [حي المزة] 86، أما [أن نتظاهر] في داريا فهو[أمر] عادي وطبيعي، فإذا أردنا أن نقوم بخرق يجب أن نخرج من مساحة الأمان من المناطق التي هي مساحة أمان بالنسبة لنا، ونحاول أن نرى كيف نقوم بخروقات في مناطق غير صديقة. وعملنا خروقات قد لا تكون من خلال المظاهرة، ولكن قمنا بخروقات في أماكن جيدة، وحقيقة حتى في اللاذقية وجبلة كان هناك مشاركة من طبيعة ما، وحمص نفسها وفيما بعد كان هذا الموضوع إشكاليًّا مع المعارضة الكلاسيكية والتقليدية.

منذ اليوم الأول، ومن يوم 18 آذار أنا بالنسبة لي هناك شيء مختلف عن كل شيء قبل ذلك، وليس لأنَّ 15 أو 16 آذار غير مهم، بل وكل التاريخ السوري، وأنا لا أرى المسائل منفصلة عن حراك الـ 2000 والمنتديات، وعن ما قبل حتى العام 2000 والحراك في فترة حافظ الأسد أو غيره، ولا أقرأ التاريخ إلَّا كسلسلة متصلة وخطوات [مترابطة]، ولكن 18 [آذار] كان شيئًا مختلفًا، وفي ذلك التاريخ كان هناك شيء محلي، وليس نحن الذين نعرف بعضنا، وليس الطبقة والنخبة السياسية والحقوقية. وعندما تنزل إلى الشارع وتصرخ "حرية" وبأعلى الصوت ومعك ناس آخرون لا تعرفهم، والخوف دائما موجود، ولكن هناك حالة القوة ولديك القوة التي تطغى على خوفك وتجعلك تصرخ وتمشي وتعلم أنَّه ممكن أن يأتي الأمن وممكن أن [تأتيك] رصاصة، وهذا الأدرينالين هو شيء مختلف.