الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

التوثيق الحقوقي وفكرة الانتقال من منطق الضحية إلى منطق الشراكة

صيغة الشهادة:

فيديو
صوتية
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:10:46:09

في مرة من المرات قال لي ملهم الحسني: لماذا تقول إنك لست ضحية، أنت اعتُقلت فطبعًا أنت ضحية. وأنا هنا لا أتكلم بالمعنى الحقوقي فبالمستوى الحقوقي وحين نوثّق نتكلم عن ضحايا، ولكن لا أرى نفسي بمعنى من المعاني ضحية، بل أرى نفسي صاحب مشروع وصاحب قناعة وخيارات، وهذه الخيارات أعرف أثمانها. فأنا أخترت بهذا المعنى، وأنا أدفع ثمنًا أعرفه وأدفعه بإرادتي. وفي إحدى الاعتقالات وواحد من المحققين قال لي: لا تأتِ أنت أيضًا وتقول لي: تشابه أسماء. قلت له: أنا عامل "الستة، ولكن ليس السبعة وذمتها"، فقال: جيد كي لا نبدأ التحقيق وأنت تقول إنه عبارة عن تشابه أسماء وأتوا بك على الحاجز. قلت له مازحًا: لا، نحن متجاوزون هذه المرحلة بالتأكيد، وهناك تاريخ طويل وعِشْرة عمر بيننا.

فبهذا المنطق عندي مشكلة مع منطق الضحية، حتى حين نقدّم مطالباتنا، والشباب في المركز السوري [يعرفون ذلك]، ولغتنا خلال الاجتماعات تقول إنني لا أريد تعاطف الآخر معي لأنَّني ضحية، وهذا المنطق لا أحبه ولا أشعره. وكنت أقول لهم: حتى لو كنتم تريدون مخاطبة الأوروبيين أو الأمريكان أو العرب لا تبنوا المسألة على منطق الضحية والمظلومية، وأن النظام ابن كلب ونحن تعذبنا والنظام حقير، فهذا يأتي بتعاطف، ولكنه لا يجلب شراكات، بل تعالوا نبنِ على أساس أن هناك تقاطعًا بالمصالح بيننا وبين هذا الآخر، فأين تتقاطع مصالحي ومصالحك؟ [ومن تلك التقاطعات] مشكلة إعادة اللاجئين، فهي المشكلة التي تُثار في أوروبا والحديث عن إعادتهم خلال السنوات الماضية، وعندها لا أريد أن أذهب إلى الأوروبي وأقول له: حرام ونحن نُظلم ونُضطهد، على الرغم من كون ذلك حقيقيًّا، ولكنني لا أريده أن يستقبل اللاجئين لهذا السبب، بل أذهب وأقول له: أنا لاجئ وأريد العودة [إلى سورية]، فأنا أكرهكم وأكره اللغة والطعام، والمكتب صغير والبيت عبارة عن غرفة 18 مترًا مربَّعًا، بينما في سورية عندي 3 بيوت، وأنا أريد أن أعود ولا أريد أن أكون لاجئًا، ولكن تعال نرَ ماذا يمكن أن نفعل حتى أستطيع العودة، وأنت لديك مشاكل داخلية ولها علاقة باللاجئين واليمين يستثمر بها، وأنا معك بكل هذا الكلام، فأنت لك مصلحة في وقف اللجوء وعودة اللاجئين وأنا لي مصلحة، وأنا لاجئ أريد الرجوع [إلى بلدي]. وأنا بعيدًا عن فضل رب العالمين لا أعرف لماذا مازلت حيًا حتى يومنا هذا، وفي مرحلة من مراحل اعتقالي وبعد نقلي من [مقر] الفرقة الرابعة إلى إدارة المخابرات الجوية وبعد ثالث أو رابع يوم اعتقدوا أنني قد توفيت وتمّ وضعي مع الجثث، وأنا لا أعرف –مرة ثانية- بعيدًا عن إرادة رب العالمين لا أعرف كيف أنني مازلت حيًا، فهل من المنطقي أن تقول لي: اذهب وخذ أولادك معك، فالنظام لم يقتلك في المرة الأولى، ولربما تعطيه فرصة ثانية ليقتلك أنت وأولادك. [ولذلك أقول] إنه كي تعيد اللاجئين ويتوقف اللجوء أنا بحاجة لواحد، اثنين، ثلاثة. وهنا في هذه المساحة لدينا مصلحة مشتركة، وتعال نرَ ما هي المصالح المشتركة وكيف يمكن أن نعمل عليها لنوقف اللجوء وننهي مسألة اللاجئين لدينا احتياجات، فأنا لا يمكن أن أرجع من دون أن أكون آمنًا، فلن أعود مرة أخرى للموت.

ولذلك أنا لدي مشكلة، ليس مع مصطلح الضحية بالمعنى القانوني الذي أستخدمه كل يوم، بل مع منطق الضحية، وبعيدًا عن الجانب القانوني أنا لا أرى نفسي ضحية بكل ما حدث لي، بل أرى نفسي أنني صاحب خيار، ومن البداية أعرف أنَّ هذا الخيار له أثمان، وأعرف ذلك من أبي وأمي ولم أقرأ عن ذلك في الكتب، بل أعرفه بشكل مباشر، وأخذت خيارًا وسأدفع ثمنًا مستحقًا لما أؤمن به. وتاريخيًا حتى قبل العام 2011 كان هناك الكثير من التقارير التي نعمل عليها ونجهزها ونرسلها إلى الفيدرالية [الدولية لحقوق الإنسان] والآمنستي و[الهيومن رايتس] ووتش، ونقول لهم: أصدروها باسمكم ولا نريد إصدارها باسمنا. فنحن كنا نلعب تلك اللعبة دائمًا، وبعد الثورة اخترنا لمركز توثيق الانتهاكات اسم "المركز" من أجل أن نبتعد أمنيًا عن الـ SCM [المركز السوري للإعلام وحرية التعبير]، لنقول: إن هذا جسم آخر ولا نعرف لمن هو، ومع ذلك في الآخر عندما اعتُقلنا وفي شهر شباط عام 2012 كانت تلك واحدة من الأشياء التي ووجهنا بها.

حقيقة لم يكن الجانب الإعلامي [هو الهمّ الأول]، وكان يتم الحديث عما يحدث أثناء المظاهرة من ضرب الرصاص وسقوط شهداء، وبالتالي الجانب الإعلامي ليس الهمّ الأول؛ لأنَّ هذا كان متحققًا بمعنى من المعاني، بل همّنا أن يكون لدينا معلومات، فهناك [مشاكل] واجهناها، مثلًا تأتينا المعلومة أن "أبو محمد السالم"، ونحن نقول لهم هذا غير ممكن، نريد الاسم [الفعلي]، وكان يُقال لنا: وهل تريدون أيضًا اسم الأب واسم الأم، فنقول: نعم، نريد هذه المعلومات، وهكذا نوثق نحن، وكان لدينا خانة لرقم الهوية والرقم الوطني ونقوم بتحميل صورة الهوية [إلكترونيًا]. وكان لدي هذا الهمّ ألا تكون المسألة مثلما كانت سابقًا وفي الثمانينيات، وهي ليست مجرد روايات، بل هنا يوجد توثيق قانوني بكل التفاصيل: المكان، والساعة و... كل تلك التفاصيل والتي الآن وفي يومنا هذا عندما أرى مستوى العمل وأنني أنا طلبت برمجة هذا النظام، [لا أجد نفسي راضيًا عنه]. ففي كل اجتماع نقوم به لتطوير هذا النظام، أقول: حقكم علي يا شباب، أنا الذي أتحمّل المسؤولة، وأنا المخطئ، لكن والله لم يخطر في بالي [حينها] أن تذهب القصص بهذا الشكل. وواحدة من الأشياء التي تعلّمتها جيدًا، قبل العام 2011، وخلال فترة قصيرة وعبر تجارب فيما يخصّ جنوب إفريقيا وفيما يخصّ دارفور والسودان أن هذا النوع من الصراعات تأخذ فيه الجوانب الحقوقية وجوانب العدالة 10 و20 و30 و40 سنة ليتحقّق جزء منها، ومن البداية أنا أعرف هذا الأمر، ولذلك حاولت أن أعمل بشكل آخر. وفي مرة من المرات قالت لي علا البرازي: "هلكونا شبابك العاملون في التوثيق، فهم يطلبون مليون تفصيل، فماذا تفعلون بكل ذلك؟ فقلت لها: تعالي لأريَكِ ماذا نفعل كي تستطيعوا أن تقدّروا [تلك المتطلبات]. وكانت حينها الأسماء الحركية دارجة، وكلنا كان لدينا أسماؤنا الحركية، ولكن نحن لا نوثق اسمًا حركيًا، وفي حال اعتُقل أو استُشهد أحدهم لا يمكن المطالبة باسم حركي. وأتت رزان [زيتونة] معها في ذلك الوقت، وعملنا لهما جولة داخل مركز التوثيق، وكان لدينا نسخة إنكليزي ونقوم بالترجمة، وقالت علا: "واو، أنتم تفعلون هذا كله؟"، وأجبتها: نعم، الشباب يقومون بكل هذا العمل، ولذلك يضغطون عليكم [بهذه التفاصيل]، أنا أعرف كيف الوضع لديكم فأنا موجود في الطرفين، وهنا لا يوجد هذه القصص، أن نقول "محمد الشامي" بينما لا يوجد أحد بهذا الاسم، فهنا هم يعملون بطريقة مختلفة.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/03/16

الموضوع الرئیس

النشاط الحقوقي

كود الشهادة

SMI/OH/90-79/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

باريس

التصنيف

مدني

المجال الزمني

2011

updatedAt

2024/04/18

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

إدارة المخابرات الجوية

إدارة المخابرات الجوية

مركز توثيق الانتهاكات في سوريا

مركز توثيق الانتهاكات في سوريا

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

الفرقة الرابعة دبابات (مدرعات) - نظام

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

المركز السوري للإعلام وحرية التعبير

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة