أحداث مظاهرة "جمعة العزة" في مدينة حمص
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:07:41:11
خرجت الساعة الرابعة فجراً، كان يوماً ماطر جداً جداً، "يوم سماء وماء" كما يقولون. ووصلت للبيت، واستحممت وغفوت لأنني منذ أربعة أيام لم أنم، وصحوت قبل صلاة الجمعة بقليل، فقط أريد التفاهم (التواصل) مع الشباب؛ حتى أعرف مكان المظاهرة. وفيما بعد، خمنت أنه يجب أن يكون حسب اتفاقنا سابقاً، [أي] جامع خالد وإن تعذر نذهب إلى جامع الدالاتي، وإن تعذر فإلى الجامع الكبير، وإن تعذر فجامع الدروبي [كانت هذه المساجد] بنفس الساحة (ساحة البلد). وفعلاً، ذهبت إلى جامع سيدنا خالد، ولم يكن هناك أحد، يمكن القول: إن صلاة الجمعة أقيمت بالعشرات. والجامع الذي كان يوجد به دائماً عشرات الآلاف أو آلاف المصلين أصبح الآن لا يوجد فيه أحد؛ لأنه كان مطوقاً من قوات الأمن، فالناس لم تأت لتصلي فيه، فذهبت باتجاه جامع الدالاتي، ولم أر وجوه الشباب الذين أعرفهم، وهذا الكلام في وقت الصلاة تماماً، وعندما لم أر بين المصلين أياً من شبابنا الذين أعرفهم، ذهبت إلى جامع الدروبي، ويبدو أنهم أخذوا الخيار الأخير من البدائل. وفعلاً، وجدت في جامع الدروبي معظم الشباب الذين أعرفهم، وكنا قد تواصلنا مع بعضنا، ومن هناك خرجت المظاهرة.
طبعاً، خرجت أيضاً مظاهرة من جامع الدالاتي، وخرجت مظاهرة من الجامع الكبير، ولم تخرج مظاهرة من جامع خالد بن الوليد؛ لأنه لم تكن هناك صلاة أصلاً، والناس لم تذهب للصلاة فيه، فهو بقي فارغاً يوم 25 آذار/ مارس. ولكن يوم 18 آذار/ مارس خرجت مظاهرة من جامع خالد بن الوليد، ولكن بالمناسبة، مظاهرة 25 آذار/ مارس هي مظاهرات، وليست واحدة، وهي التي خرجت، وتجمعت في ساحة الساعة، في حمص التي شهدت عشرات الآلاف. كانت مظاهرة كبيرة جداً، وكانت مفاجئة للناس ولنا، والأعداد الهائلة التي خرجت فيها كانت صادمة في الحقيقة.
من جامع الدروبي رأيت وجوه شبابنا الذين أعرفهم، وفهمت منهم أنه يوجد مظاهرات ستخرج من أماكن أخرى، وأثناء غيابي كان الشباب في الحقيقة قد قاموا بعمل جبار، وتواصلوا مع الأحياء، أي مع الناشطين الذين يعرفونهم في بقية الأحياء، وجرى الاتفاق على أن تكون صلاة الناشطين الذين سيخرج معظمهم في المظاهرات قريبة من المساجد التي في ساحة حمص، فتجمعوا في جامع الدروبي، وجامع الدالاتي، والجامع الكبير (جامع النوري الكبير) هكذا كان اسمه. وهذه المظاهرة كانت لافتة جداً، وكذلك أعداد الناس المشاركين فيها، واللافت فيها أيضاً، أن النظام كان قد حشد مسيرة مؤيدة بنفس الوقت، وبالتزامن معها، فجاءت مسيرة المؤيدين بعدنا بدقائق. وصلنا للساحة، وتجمعنا فيها، وبدأت المسيرة المؤيدة تأتي. ويبدو أنهم كانوا ينتظرون خروجنا حتى يأتوا، وكان جميعهم قد أتوا بسيارات، وبمرافقة سيارات الشرطة، حيث جاؤوا من حي الزهراء مروراً بحي الحميدية، ومشوا في اتجاه معاكس للسير، ووصلوا إلى شارع شكري القوتلي الذي يصل بين الساعة القديمة والساعة الجديدة في مدينة حمص، وهو الشارع الرئيسي في مدينة حمص، في وسط مدينة حمص التجاري. وكانت أعدادنا كبيرة جداً؛ فقامت الشرطة بعمل خط فصل ما بين الطريق ذهاباً وإياباً، ونحن أخذنا اليمين الذي هو ذاهب باتجاه الساحة، وتجمعنا فيه، وامتلأت الساحة، وهم أخذوا شارع الإياب (الفرع الثاني) وكانوا بجانبنا، وخلال 5 دقائق من الهتافات التي هي: "الله سورية حرية وبس" و"حرية حرية" و"الشعب يريد إسقاط المحافظ "هكذا كانت بداية المظاهرة. وحدث هجوم من الشبيحة علينا، كان من مؤيدي النظام الذين خرجوا بمسيرة تأييد مع أن أعدادهم قليلة، ولكن جرأتهم على اعتبار أن قوات الأمن معهم والشرطة، وهجموا علينا، وبدؤوا بضربنا فوراً، وقامت قوات الأمن بضربنا بقنابل مسيلة للدموع، وبدأ الناس يهتفون بإسقاط النظام، وتحولت الجموع كلها باتجاه شارع عبد المنعم رياض الذي يصل ما بين ساحة حمص الرئيسية الجديدة وجورة الشياح، عبر الشارع الذي يوجد به البريد، والذي يوجد به نادي الضباط. وعند وصول الناس إلى نادي الضباط كان يوجد لوحة عليها صورة بشار وحافظ الأسد على باب نادي الضباط (السور الخارجي) وربما كنتم تذكرون جميعكم هذا المشهد الشهير، عندما تسلق شاب البوابة، وبدأ بضرب اللوحة بقدميه، ومزق هذه الصورة، وكان لذلك أثر هائل جداً على المتظاهرين عندما رأوا الصورة تتمزق، وأصبح الهتاف بحالة غير طبيعية.
كنت في وقتها أقف وأمسك بيدي أحد أقلام التصوير، وأصور هذا المشهد، وكنت أصور المشهد من بدايته حتى بداية هجوم قوات الأمن، وضرب الناس، وقتل الناس.
وقتل شخص، وهو نزيه إيبو، كان حارساً لمبنى نادي الضباط، وقتل برصاص قوات الأمن. فأنا رأيته أثناء إصابته، كان يهرب، ودخل المتظاهرون إلى مدخل نادي الضباط، وهو خرج ليهرب ومعه بندقية، وواضح أن قوات الأمن اعتقدت أنه مسلح، وأطلقوا عليه رصاصتين فوراً، فوقع أمامي تقريباً.
كنت أتمنى لو أن معلومات الفيديوهات التي كانت لدي موجودة الآن، واستطعت أن أحافظ على" الفلاشة"؛ لأنه يوجد بها مشهد إصابة نزيه، وهو أول شخص قتل بمدينة حمص في المظاهرات، وهو حارس أو أحد عناصر حراسة مبنى نادي الضباط، وهو عسكري موجود في نادي الضباط، وهو قتيل الخطأ.
ردّ الشباب في وقتها على قوات الأمن، وقلبوا واحدة من سيارات الأمن، وأحرقوها، وبدأ بعدها الناس العقلاء بمنع الشباب من استخدام الحجارة، وأخرجناهم. أنا أحد الأشخاص الذين ساهموا في إبعاد الشباب عن الساحة؛ لأننا لا نريد أن تصبح مواجهة، ولا نريد أن يكون هناك قتل. وفي ذلك الوقت، ساهم الكثير من الناشطين في تهدئة الشباب، ومنهم: منصور أتاسي، والأستاذ ياسر الملحم، والأستاذ محمد محفوظ، والأستاذ نجاتي طيارة. وهؤلاء ساهموا في إبعاد الشباب عن الساحة قليلاً؛ حتى لا يحدث مشادة، أو تتحول إلى مجزرة. ومضى يوم 25 آذار/ مارس -الحمد لله- بهذا القتيل فقط لا غير.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/29
الموضوع الرئیس
الحراك السلمي في حمصجمعة العزةكود الشهادة
SMI/OH/4-13/
أجرى المقابلة
سامر الأحمد
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
آذار 2011
updatedAt
2024/08/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة حمص-الزهراءمحافظة حمص-الحميديةمحافظة حمص-جامع خالد بن الوليدشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية