كما قلت لك: كانت أول مظاهرة أشارك بها وأول مظاهرة في مدينتي في 22 نيسان/ أبريل "الجمعة العظيمة"، كان الناس غير متوقعين أبداً... كانوا يسمعون، قسم كبير وصلهم كلام أنه يوجد تنظيم لمظاهرة، ويوجد أشخاص يحاولون أن تعرف كيف تكسر حاجز الصمت الأول، ثم ننتظر ما سيحصل، كانت الناس فعلاً غير متوقعين، والناس كانوا يتوقعون 100 شخص أو 50 أو 200 ولكن عندما رأوا أن العدد وصل في الساحة الرئيسية إلى 1500 ؛لأن الناس جاؤوا من جوامع أخرى فكانت صدمة كبيرة، بنفس الوقت أصبح هناك تخوف لدى الجميع، أصبح تخوف لأنه لا يوجد مخفر ولا يوجد لدينا مفارز أمن والعدد كان كبيراً، وهذه المظاهرة تُصنف من أكبر المظاهرات التي خرجت في هذه الفترة، وهي أكبر من مظاهرة حماة بكثير وأكبر من مظاهرة السلمية اللتان سبقتاها بأسبوع، فإن شيئاً ما سيحدث، ولن يسمحوا بأن يحدث شيء أكبر من ذلك، وننتظر ما سيحدث، فربما يقتحم الأمن المدينة، أو يطلب الناس، ويستدعيهم، وإذا استدعاهم وذهبوا فلن يرجعوا، ودخلنا في هذا النقاش، وحدث خوف كبير إما من الشباب الذين خرجوا، وهو أقل من الخوف الذي سبق المظاهرة والتجهيز لها، ولكن المدينة بشكل عام عاشت حالة الخوف، وأعتقد أنه كان نوعاً من الإشاعة الممنهجة صدرت من مخبري النظام وعملائه في المدينة؛ حتى ينتشر هذا الكلام كي لا [يحدث شيء] على الأقل في الجمعة القادمة.

وهنا كان أول عمل لي كمواطن صحفي، صورت المظاهرة بجوال "إن 73" على وجه الدقة، كان من أفضل الهواتف في ذلك الوقت والموجودة بين أيدي الشباب، كانت كاميرته" 3.2 ميغا"، وصورت المظاهرة كاملة، وأعرف أن هناك شيئاً اسمه "فور شيرد" حتى تقوم بتحميل صورة أو ملف أو فيديو، ووضعت الموضوع في بالي أنني يجب أن أصور ولو 10 ثوان، وأقوم بتحميل الفيديو، وأذكر أنني رجعت إلى البيت، وذهبت لرؤية الشباب، وأقمنا جلسة بعد المظاهرة قبل المغرب بقليل، ومن بعد المغرب وحتى الساعة 4 فجراً تقريباً 11 ساعة كنت جالساً أفتح إنترنت "ديل أب" الذي سرعة التحميل فيه أعتقد 10 لـ 15 كيلو بت في الثانية فقط، والمقطع حتى الآن أتذكر حجمه كان 24.6 ميغا، وبعدها نسيت الكثير من الأرقام، ولكن هذه أحفظها جيداً، وفشل التحميل أكثر من 100 مرة، كان من النوع الذي لا يكمل يعني عندما يتوقف الإنترنت يبدأ من الصفر، حتى استطعت أن أحصل على 4 ساعات متواصلة، بعد الساعة 12، خف الضغط في سورية على الإنترنت، وارتفع، وأخي في السعودية كان ينتظر الرابط؛ حتى أرسله له، وعندما اتصلت به قلت له: انتهيت، تم التحميل، والفيديو جاهز. وهو رفعه إلى "يوتيوب"، وفي ذلك الوقت "شبكة شام"، كانت هي الوحيدة، وكان يكفي أن يصل هذا المقطع إلى شبكة شام حتى يُعرف أن هذه المدينة سُجل فيها نقطة تظاهر، وهذه المدينة أعلن شبابها أو قسم كبير من شبابها اصطفافهم مع الثورة السورية. وأخبرت الشباب أيضاً، كانوا جميعاً في ذلك الوقت يتصلون بي حتى يعرفوا ما حدث في المقطع؛ لأنها مشكلة، فأنت في النهاية في مدينة -ريفياً- كبيرة، ولكن كمدن سورية [تعدّ] صغيرة، وربما قسم كبير لا يعرفها، فكل عملك وكل هذا الذي حصل إن لم يخرج للإعلام فأنت نتيجتك ضعيفة.

الفيديو يوم السبت أو الأحد بدأ ينتشر على قنوات "الجزيرة" و"العربية" و"فرانس برس"، وصديق أخي في السعودية كان قد أمن هذه التواصلات، وكان في "الجزيرة" -أعتقد- خالد الدغيم في تلك الفترة، وهو أمّن تواصلاً كبيراً للشباب حتى يرسلوا لهذه القنوات، و بعد جمعتين طُلب منا اتصال ، في 6 أيار/ مايو (جمعة التحدي) حيث خرج عبد الستار.