الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

مقتل المتظاهرين بيوم الجمعة العظيمة في الزبلطاني والعزاء الجماعي

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:12:01:192

اليوم المفصلي في الغوطة هو يوم 22 نيسان/أبريل 2011، حيث كان يوم الجمعة العظيمة، وكان في وقتها المخطط له أن تخرج المظاهرات بكثافة، وأن تخرج من بلدة إلى بلدة، وخرجت مثلًا المظاهرات من كفربطنا ومن جسرين، والتقت في سقبا في ساحة الجمعية، ورفدتها بعد ذلك حمورية، فأصبح هناك كتلة بشرية كبيرة حوالي 10 آلاف [متظاهر]، وفي الطريق، كان الناس يرفدونها، والبلدات التي لا يوجد فيها مظاهرات كان الناشطون فيها يأتون للتظاهر في البلدات التي فيها مظاهرات، وفي وقتها، كانت مظاهرة كبيرة فعلًا. وعلى خط آخر، كانت كل من زملكا وعربين وحرستا ودوما، وكانت في وقتها الفكرة هي الوصول إلى دمشق والاعتصام، فبمجرد أنك اعتصمت فإنك بدأت تبني النواة الصلبة التي تقوم عليها صورة ميدان التحرير في مصر. وفعلًا في وقتها، نزلت كتلة بشرية كبيرة، وقطعت مسافة 6 او 7 كم مشيًا وهي تهتف. وكان هناك شيء [له علاقة] بالحس الجمعي، فبمجرد أن هذه المظاهرة قد نزلت مثلًا: تجد أثناء المظاهرة أن هناك من يوزع زجاجات الماء للمتظاهرين، فقد كان السير لمسافة طويلة، وهناك من يوزع بسكويتًا وتمرًا، وهنا تشاهد المبادرات الفردية عندما تتوفر بيئة مناسبة لها، وحينها ترى كيف يظهر معدن الناس وحقيقة توجههم، ويشاركون. 

فكانت هذه المظاهرة في ذلك الوقت إذا وصلت واستطاعت القيام بالاعتصام، فإننا نحن أمام بداية نهاية النظام وسيكون ذلك بالتظاهر السلمي، فإذا فتشت هؤلاء (العشرة آلاف شخص) من أولهم لآخرهم فلن تجد معهم سكينًا، وحتى إنني أذكر أنه كان هناك شباب يحملون أغصان الزيتون أو أغصان شجر بمعنى؛ أننا نزلنا فقط لنتظاهر. 

وصلت المظاهرات إلى محلق التقاطع مع الغوطة، وخلفه توجد ثكنة اسمها كمال مشارقة، وتصل بعدها إلى سوق الهال والزبلطاني. وبعد أن قطعت المظاهرة المحلق، قام بعض العناصر الذين كانوا في الثكنة بتنبيه المتظاهرين، وقالوا لهم: ارجعوا هناك كمين. ولكن المتظاهرين فهموها أن هذا الذي يلبس بدلة عسكرية، ويقول: ارجعوا، هو لا يريد أن نكمل المظاهرة، فلم يكترثوا للأمر، وعلى ما يبدو أن هذا الكلام كان صادقًا، وكانت فعلًا نيته النصيحة؛ لأن الذي حدث أنه عندما تجاوزت المظاهرة منطقة مشارقة من عند المحلق، ووصلت إلى الزبلطاني كان قناصة النظام وشبيحته منتشرين عند مجمع 8 آذار، وبدأ إطلاق النار على المظاهرة من الجوانب من ناحية الثكنة ومن الزبلطاني، وكانت هذه المظاهرة هي أول مجزرة جماعية تتعرض لها مظاهرات الغوطة، وسقط فيها شهداء من مختلف البلدات، وطبعًا سقوط الشهداء من مختلف البلدات ترتّب عليه شيء فيما بعد. 

في وقتها، انفضّت المظاهرة، وانشغل الناس بإسعاف الجرحى، والبعض هرب عبر النهر، والبعض عبر البساتين، والبعض اعتقل، وبهذه الطريقة تمت مواجهة [المظاهرة]. وفي بداية إطلاق النار، أغلب الشباب كانوا يقولون: ليس معقولًا... فلم يتخيلوا أن النظام يطلق النار عليهم، وكانوا يقولون: إطلاق النار في الهواء فلا تخافوا يا شباب، ثم لاحظوا أن هناك من يسقط، وهنا انشغلوا بإسعاف المصابين، وانتهت المظاهرة. 

المرحلة التي تلت مظاهرة يوم 22 نيسان/ أبريل كان لها نتائج: الأمر الأول: أنها ولدت نقمة عارمة على النظام وطريقة تعاطيه في الغوطة، وهذا الأمر الذي ساهم فيما بعد في أن يكون حراك الشارع أقوى محليًا، والأمر الثاني: أنه بعد سقوط الشهداء، ظهرت ظاهرة في الغوطة وهي العزاء الجماعي للشهداء، فمثلًا: سقط من عندنا 4 شهداء فأقمنا لهم تعزية جماعية برعاية الثوار الشباب الذين بدؤوا بالحراك، وفيها شعارات، وفيها كلام واعٍ لمتابعة مسيرة الثورة، وأن دم الشهيد دين علينا. في نفس الوقت، كان هناك من بين الشهداء بعض الشهداء من سقبا فأقاموا لهم خيمة عزاء في الساحة العامة، وكذلك في دوما وفي مختلف المناطق. 

وعندها بدأ التواصل العفوي بطريقة روح الفزعة بين المناطق، فمثلًا [كانوا يقولون]: يا شباب، يجب أن نذهب لتعزية شهداء سقبا. فتجد أن الذهاب للتعزية أصبح مظاهرة بحد ذاتها، واستقبال أهالي البلدة الفلانية للقادمين للتعزية من البلدة الفلانية هو مظاهرة أيضَا. والعزاء لم يكن تقليديًا يقتصر على قراءة القرآن وأشخاص يجلسون، ويقولون: لا حول ولا قوة إلا بالله، ليرحمه الله. بل كان هناك كلام، وكان هناك أشخاص جريئون تحدثوا، وحاول بعض "مشايخ الرز بحليب وجماعة الله يطفيها بنوره" (ليس لهم موقف واضح) أن يقولوا: إنها فتنة. وطبعًا في التعزية دائمًا يتقدم الشيخ للحديث، فكان بعض هؤلاء المشايخ بمجرد أن يتكلم بهذا المنحى يقف الشباب في وجهه، ويقاطعونه، فيشكر الله أنه لم يتعرض لأذى. 

أصبحت موجة التمرد علنية وظاهرة، وأصبح لدى الناس القدرة على قول كلام الحق، [ويقولون]: لا تقل مؤامرة، عن أي مؤامرة [تتحدثون]؟! هؤلاء أولادنا الذين قُتلوا، ومن قتلهم معروف. 

هنا أذكر حادثة حصلت، في تعزية شهداء بلدتنا، حيث كان في قريتنا الشيخ بسام ضفدع صاحب قصة حركة الضفادع التي ساهمت بانهيار الغوطة في النهاية، وهو من المشايخ الذين تنقّلوا بالهواء، وانتهوا بالصوفية الخزنوية، ولكن خلال المظاهرات من بداية الثورة وحتى الجمعة العظيمة كانت الخطة أن تخرج المظاهرة من الجامع القديم، وتتجه نحو الجامع الجديد، ويرفدها المصلون من هنا، ثم بعدها تقوم بالدورة المقررة، ويتمّ الهتاف، وتنتهي المظاهرة. فهو كان يطيل الخطبة حتى يملّ المتجمّعون خارج المسجد، وكان [يمارس] هذا السلوك السلبي، ويتكلم عن مندسين ومؤامرة. وفي شهداء الجمعة العظيمة، كان هناك استياء عام من هذه النوعية من المشايخ بحيث أنهم إذا أتوا فنحن لا نستقبلهم، أو لا نقدمهم للتكلم، وأذكر في آخر 3 أيام من التعزية أنه جاء بسام ضفدع، وعند دعاء الختام قال أحد الأشخاص: إن الشيخ بسام سيقوم بالدعاء، وقد يكون ذلك نوعًا من التوريط للشيخ بسام بأنه جاء وقدّم العزاء بشهداء الثورة، فيحثونه للمضي بركب الثورة، ففي وقتها دعا دعاء قال فيه: اللهم ارحم هؤلاء الأموات وأموات المسلمين، وهذه الدعوة تذمّر منها الكثيرون أنه من المعيب أن يقول عنهم: أموات. فأنت لم تأتِ لتعزي بموت طبيعي، وإنما أنت آتٍ من أجل أشخاص قُتلوا وهم شهداء وقاتلهم معروف. 

في الفترة ما بين 18 آذار/مارس -فعلًا أنا أقول إن الجمعة العظيمة هي محطة فارقة- والجمعة العظيمة كان هناك سعي في المجتمع- طبعًا حدث هناك بعض الاعتقالات- يقوده المشايخ والفرقة الحزبية وجماعة النظام، [ويقولون]: يا أخي، لا تخرجوا في مظاهرات، واهدؤوا قليلًا فقد وعدونا بإخراج المعتقلين من السجن إذا لم تخرجوا بمظاهرات، وكلام من هذا القبيل.

أذكر أنه بعد جلسة لمدة ساعتين أو ثلاث، وكان فيها هؤلاء التابعون للنظام الذين أتوا لتبليغ رسالة هي: لا تدعوا أحدًا يتظاهر، ولا تقومون بالمظاهرات كي يطلقوا سراح المعتقلين، وإذا تظاهرتم سيستمرون باعتقالهم، وفي النهاية، قلنا لهم: ما رأيكم أن نذهب للتعزية بشهداء سقبا؟ فقالوا: نعم. وذهبنا، وهنا حصلت حادثة لها علاقة بسام ضفدع.

ذهب الشباب، وكانت هناك طريقة بروتوكولية، فيقولون [لأهالي الشهداء]: نحن قادمون إليكم، ويرحم الله شهداءكم. ويكون الردّ: أهلًا وسهلًا. وهو نوع من التراث، وهناك نَفَس الحرية والثورة، ونحن كنا نمشي والشباب أمامنا يهتفون، فنظرت إلى [بسام ضفدع]، وقلت له: هل ترى هؤلاء الشباب؟ قال: نعم. قلت له: هل برأيك أن هؤلاء مندسون ومؤامرة؟! هؤلاء شبابنا ليحميهم الله، ويجب أن نكون نحن إلى جانبهم، ودعنا نخرج من نظرية المؤامرة. فنعرني بمعنى أنه لا يريد الحديث [بالموضوع]، وقال: نتكلم فيما بعد. وفعلًا، بعدها بيومين أو ثلاثة، اتصل بي، وقال: أريد أن ألتقي بك.، فقلت له: "على عيني" (بكل سرور)، وذهبت إليه.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2019/07/04

الموضوع الرئیس

مظاهرات الجمعة العظيمة

كود الشهادة

SMI/OH/52-07/

أجرى المقابلة

سهير الأتاسي

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

مدني

المجال الزمني

نيسان 2011

updatedAt

2024/04/08

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-الزبلطانيمحافظة دمشق-مدينة دمشقمحافظة ريف دمشق-مدينة دومامحافظة ريف دمشق-حرستا القنطرةمحافظة ريف دمشق-عربينمحافظة ريف دمشق-زملكامحافظة ريف دمشق-حموريةمحافظة ريف دمشق-سقبامحافظة ريف دمشق-جسرينمحافظة ريف دمشق-كفر بطنامحافظة ريف دمشق-الغوطة الشرقية

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

ثكنة كمال مشارقة

ثكنة كمال مشارقة

الشهادات المرتبطة