استمرّ [المجلس] بالمظاهرات إلى أن توقفت المظاهرات في الكثير من المناطق، وتمّ عسكرة المظاهرات، والعسكرة والأسلمة بدأتا معاً. وعندما بدأت عسكرة المظاهرات وإطلاق الرصاص وغير ذلك، ورُفعت شعارات بعض فصائل الجيش الحر، وكأن الناس قد أخذوا انطباعاً بأن هذه ثورة إسلامية، وليس بالضرورة أن تكون وطنية. وطبعاً، دائماً في المفهوم النظري الإسلامية يجب ألا تختلف مع الوطنية، ولكن الجيش الحر حمل طابعاً إسلاموياً (إسلامياً) أكثر مما هو مدني، وعليه توقفت المظاهرات خوفاً من الرصاص.

أكاد أن أقول: عند انشقاق العسكريين من جيش النظام كانت النسبة الكبرى من العسكريين الكرد قد انشقوا، وعندما انشقوا عادوا إلى الجزيرة وعفرين وعين العرب/كوباني، وخوفاً من ملاحقة النظام لهم تسلّلوا إلى إقليم كردستان العراق، وهناك تمّ الاتفاق الوطني مع إقليم كردستان العراق أنّ يُدرّبوا، و[ذلك] بُعَيد هذه الانشقاقات، وأنا لا أذكر التواريخ بدقة، وتمّ احتواء هؤلاء العناصر في إطار القوى العسكرية السورية وبالاسم الكردي: "بيشمركة روج آفا"، و"روج آفا" تعني الغرب أي المنطقة الكردية في سورية أو كردستان سورية، وهي تعتبر القسم الغربي من كردستان، فأُطلق عليهم: "بيشمركة روج آفا" يعني مقاتلو الغرب، و"روج آفا" هو عبارة عن اتجاه والمقصود فيه الجهة الغربية، ويعني غرب كردستان، واسم كردستان سورية كلها هي "روج آفا"، وكلمة "روج آفا" تعني الغرب، وكلمة "آفا" هنا لا تعني الماء إذا كان هناك أي التباس.

عندما انشق الضباط الكرد، لم يكن هناك ضباط كرد في منطقه الجزيرة، وكانوا قلّة، وكان هناك ضباط كرد في منطقة عفرين، وجزء منهم على الأقل كان منتمياً للمجلس العسكري الكردي الذي تشكّل في المناطق التابعة لحلب ومنها عفرين، وكانوا يميلون إلى الجيش الحر. وعندما أرادوا أن يخرجوا من سورية نحو كردستان العراق، وكان عددهم بحسب معلوماتي ثمانية ضباط، منهم على الأقل عمداء وعقداء وحتى رتبة ملازم، ولكن بحسب المعلومات التي قرأتها استلمهم الاتحاد الديمقراطي، وحتى هذه اللحظة لم يظهر لهم أثر، وهو أخذهم عند البوابة عند حدود منطقة الجزيرة مع إقليم كردستان في "سيمالكا"، وأُلقي القبض عليهم، وكان من المفترض أن يُحاكموا، فالانطباع السائد على الأقل عند الناس وأهلهم أنه إما أنهم سُلّموا للنظام أو تمّت تصفيتهم، و الاتحاد الديمقراطي دائماً يقول: لا علم لنا بهذا الموضوع. وأما بقية العسكريين فبعد أن تمّ التفاهم بشكل واضح والاتفاق مع النظام من قبل الاتحاد الديمقراطي، واستلموا المناطق الكردية بدءاً من 19 تموز 2012 وبشكل واضح، فإن العسكريين الكرد عندما كانوا ينشقون كانوا يحسبون 100 حساباً للنظام ولسلطة الوكالة المتمثلة بسلطة الاتحاد الديمقراطي.

في البداية، لم يمنعوا (حزب الاتحاد الديمقراطي) المظاهرات، ولكنهم أخذوا الأعلام واللافتات، وقالوا: إذا أردتم الخروج تحت هذه الشعارات فهي ممنوعة، ولكن لا توجد مظاهرة بدون شعارات. وفي وقتها نحن أصبح لدينا خبر، ورأينا أن هؤلاء لديهم أسلحة، وعرفنا أن هناك اتفاقات غير علنية مع النظام، وشيئاً فشيئاً بدأت هذه الاتفاقات تصبح علنية، واستلموا المخافر الحدودية، وتلقّت المخافر الحدودية الأوامر من قيادات الشرطة في القامشلي وديريك وعامودا بأنه عليكم إفراغ المخافر الحدودية لجماعة الاتحاد الديمقراطي، وحصل هذا في عام 2012، وهم أسموها: "ثورة روج آفا"، وكانوا يدّعون أنهم قد تغلّبوا على النظام، ولكن نحن معلوماتنا المؤكدة أن الأمر كان عبارة عن استلام وتسليم، سواءً مع الفروع الأمنية (المفارز الأمنية الموجودة في الأطراف)، وخاصةً في ديريك وعامودا والقحطانية والجوادية ورأس العين. وهؤلاء المنشقون كانوا يحسبون حساباً (يخشون علي حياتهم)، وكان وضعهم قد أصبح صعباً جداً جداً، والمنشقّ كان يأتي، ويختبئ، وكان يذهب إلى كردستان إما عن طريق تركيا في المراحل الأولى، أو عن طريق الحدود الشرقية مع إقليم كردستان، وكانوا يذهبون إلى المعسكر الذي خُصّص لتدريب بيشمركة "روج آفا"، وسُمّيت فيما بعد: "بيشمركة روج" فقط، وروج تعني بالكردي الشمس.

  أعلن "بي واي دي" (حزب الاتحاد الديمقراطي) شيئاً فشيئاً سلطة واضحة جلية، وأقاموا الكومينات، وأقاموا "مالا غل" أي بيت الشعب، وبيت الشعب يُعتبر مثل مجلس البلدية الذي يدير حياً من الأحياء، ثم أقاموا شيئاً خاصاً بالمرأة سمّوه "بيت المرأة"، وكل هذه "المؤسسات" التابعة للاتحاد الديمقراطي كانت موجودة فقط في الأحياء الكردية في البداية، وبعدها أقاموا السجون أيضاً، وأي مخالفة [تحدث] أصبحوا يدّعون أنه قد أصبح لديهم سجون، ويزجون الناس بها، ولديهم قوة عسكرية شيئاً فشيئاً، وسمّوا الكثير من المسميات، وقوى كثيرة جداً، و[بالنسبة] للأعلام فالاتحاد الديمقراطي معروف بها، ومنهم من قال أن لديهم 70 علماً، وحتى هم لا يعرفون كيف يميزونها، وبدؤوا بفرض إرادتهم.

في البداية، كانت علاقتهم الواضحة فقط مع النظام، وكانوا يدّعون أنه لا علاقة لهم مع النظام، ولكن شيئاً فشيئاً بدأت [تظهر] سياراتهم وأسلحتهم بشكل واضح جداً، وقاموا بتقسيم الأحياء، ففي مدينة القامشلي والحسكة، كان النظام متواجداً فيها إلى درجة أنه في القامشلي كان معروفاً أن الشارع السياحي [يتبع لـ] شرطة مرور النظام، وهم كانوا يسمونهما "الترافيك" فهم يستخدمون الكلمات التركية، وتقاسموا المدينة في كل المجالات، وبعدها سموا البلدية، وأقاموا البلديات شيئاً فشيئاً، والبلديات كانت تقدّم الخدمة فقط. ولكن المعروف أن الحكومة مثل القضاة والمحاكم الرسمية ومراكز الكهرباء والماء الرئيسية بقيت مع النظام، ولكن الناس رفضوا دفع فواتير المياه والكهرباء، وبعدها جاء جماعة الاتحاد الديمقراطي حتى يقومون بجباية فواتير الماء والكهرباء، ولا أعرف بأي طريقة، وبدؤوا بتوزيع فواتير خاصة بهم، وبدؤوا يطالبون برخص القيادة والسلاح بأسمائهم. وهنا أصبح المواطن الكردي في المناطق الكردية، وأنا أقول: المواطن الكردي، ولا أعرف إذا كان هناك أحد سوف يصحح لي، وأظن أنه حتى غير الكردي أيضاً فيما بعد في المناطق التي تحت سلطة الإدارة الذاتية أصبح مطلوباً منه رخصة سلاح خاصة بالنظام ورخصة سلاح ب "بي واي دي" (حزب الاتحاد الديمقراطي)، أي رخصة قيادة للطرفين، ويدفع ضريبة للطرفين، و[بخصوص] الدكاكين كان يدفع للطرفين، الأمر الذي أثقل كاهل المواطن الذي يعيش في تلك المناطق، وأما المواطن الكردي بشكل خاص حتى نعطي الموضوع حقه، فقد فُرض عليه فيما بعد موضوع التعليم.