فعلاً، وصلنا إلى الشام (دمشق)، وحتى سائق الباص كان مستغرباً من هذه الأغراض، فقال: حمّل، حمّل. قمنا بتحميل الأغراض إلى الباص المتجه إلى لبنان، وعند كل حاجز كان سائق الباص يقول لنا: يا جماعة، [العناصر الموجودون] على الحواجز سيوقفوننا، وسيقومون بتفتيش الأغراض، اجمعوا من كل شخص 1000 ليرة، وأنا سأوزع هذا المبلغ على الحواجز، وقال: أنا أعرفهم حتى نكون في أسرع وقت على الحدود اللبنانية. وطبعاً، حاجز الفرقة الرابعة يجب الوقوف عنده بألف ليرة أو بدون ألف، ونحن دفعنا مبلغ ألف ليرة عن كل الطريق، وعندما نزلنا على حاجز الفرقة الرابعة كان الطقس بارداً و مظلماً، كانت الساعة 2 ليلاً تقريباً، وكان البرد شديداً، وتوجد على الحدود آثار ثلج والأرض كلها طين، عندما توقفنا كان يوجد عدد رهيب من الحافلات أمامنا، فقلت لأمي: ربما لا نلحق الطائرة، انظري إلى الحافلات كيف تقف.

قلت للسائق: متى سنخرج؟ فقال: لا عليكم، أنا سأحل الأمر. ولكن التفتيش هنا إجباري، إن دفعتم مالاً أم لم تدفعوا سيتم تفتيشكم، وتنتظروا. وسألته: ما الحل؟ فقال: يمكننا المرور بشكل أسرع، ولكن التفتيش إجباري. ومباشرة جاء العسكري، وقال: ضعوا الحقائب بالدور، وكانت مهمة العسكري فتح الحقيبة، وتفتيشها، وإخراج ما في داخلها، ويجب أن يجد كل شيء جاهزاً. وبالفعل، قمنا بصفّ الحقائب، وفتحها، والعسكري يقوم بالتفتيش فقط، هذه هي مهمة العسكري، وكان العسكري يشتم، ويكفر، والأرض كانت طينية، وكان العسكري يضع يده في الحقيبة، ويرمي الأغراض على الطين، وهكذا يتجه إلى الحقيبة التي بعدها، هكذا كان حاجز الفرقة الرابعة، وقال لنا الشرطي: ابتعدوا عنه، ودعوه يفتش براحته، ونحن كنا مبتعدين عنه، والحقيبة التي لا تعجبه كان يرفسها بقدمه، ويلقيها جانباً.

وانتهينا من التفتيش، وقال: رتبوا أغراضكم. وكانت حالة الحقائب مأساوية، ورتبنا أغراضنا بسرعة، وهو لم يفتش الطعام، وكنا نضع الطعام في سلال بلاستيك، وكان واضحاً ماذا يوجد بداخلها، وقال: رتبوها بسرعة، وسيقوم بتمريرنا. والحافلات الأخرى لا تزال تنتظر، استغربت كيف استطعنا أن نمر، فجمعنا الأغراض، ووصلنا إلى الحدود اللبنانية، كانت ورقة الوصاية [الشرعية] التي معنا التي كلفتنا 40 ألف وثاني يوم 17 ألف لم تطلبها الحدود السورية ولافي الحدود اللبنانية سألوا عنها، وكل هذا التعب كان بلا قيمة، حتى إنني قلت له: معي هذه الأوراق. فقال: ماذا أفعل بها؟!

وعندما وصلنا إلى الحدود اللبنانية كان هناك قرار بمنع دخول السائق السوري إلى لبنان، فكان السائق السوري يتوقف، قضينا ليلة كاملة على الحدود اللبنانية، يعني الباص السوري يتوقف عند الحدود اللبنانية عند المصنع، وجاء باص آخر لبناني، ونقلنا الأغراض إلى الباص الثاني من أجل إكمال الطريق إلى لبنان، وكنا 4 أو 5 شباب في الباص، وكل الموجودين في الباص عائلات وأطفال صغار، فنحن نقلنا كل الأغراض من الباص الأول إلى الثاني، وأكملنا طريقنا إلى لبنان، وهذه أول مرة أدخل إلى لبنان، ومثل العادة كان قد اتفق مع صرّاف، قمنا بتحويل النقود السورية التي معنا إلى دولار. كانت لبنان جميلة من بين الجبال والشجر، وهذه أول مرة أرى جبال الثلج في لبنان، وكانت جميلة جداً، والتقيت بأخي، كنت منذ سنة ونصف لم أره، وعندما وصلت إلى المطار، وأنا قمت بتفعيل الخط الدولي، والمكالمة كانت تكلفتها 500 ليرة لكل دقيقة خارج سورية، واتصلت بأخي في لبنان، كنت أريد الحديث لمدة دقيقة، قلت له: نحن وصلنا إلى المطار، ونحن عند الباصات. في وقتها، جاء أخي إلينا، وسلم علينا، وأدخلنا إلى المطار، وكان قد بقي للطيارة نصف ساعة فقط، وقمنا بتوديع أخي، وأنا منذ سنة ونصف لم أره، ودعته، وحملنا الأغراض، وكان هناك طابور جميعهم سوريون ذاهبون إلى تركيا في تاريخ 6 كانون الثاني/يناير، وكانت معي بنات أخي الصغيرات، والحقائب في عربات المطار، وأنا كنت أمسك اثنتين من بنات أخي، وأمي وأختي يدفعن العربات، وكانت بصراحة رحلة تعب غير طبيعية، وطوال الطريق لم ننم.