النشاط في جامعة دمشق قبل الثورة
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:12:01:14
يمكن أنه تشكل لدي في الفترة الأخيرة فكرة، أن الإرهاصات (التنبؤات) التي كانت تؤدي إلى ثورة قادمة، هي كانت موجودةً كل يوم، ولكن وعينا باتجاه لحظة أو باتجاه مشاهدتها، هو الذي كان يتبدل، على سبيل المثال عندما خرجت من حمص إلى دمشق -كطالب في الجامعة عام 2002-، دخلت إلى الجامعة، وقرأت برنامج المحاضرات، فكان لدي محاضرة في السنة الأولى، لمادة اسمها تاريخ الأفكار الاقتصادية، والدكتور عارف دليلة سيدرسها، فدخلت إلى المحاضرة بنفس اليوم -أو الذي بعده-، فقالوا لي: ليس هذا هو المحاضر؛ يعني لم أجد نفس المحاضر المكتوب في البرنامج، فسألت: من هو عارف دليلة؟ أين هو؟ فقالوا: اعتقلوه، فاستغربت، ماذا يعني اعتقال! لماذا اعتقلوه؟وهنا كانت توجد فكرة أن أقرأ أكثر، وأنت يجب أن تطلع إلى ما يحدث في المجتمع والقضايا، وكانوا يقولون: إنه ناشط أو لديه أفكار تحررية -بين قوسين لا تناسب الحزب الحاكم-، ولا يؤيد حزب البعث كثيرًا، وهذه الأفكار بدأت تتجمع لدينا.
لا أذكر أنه كان يوجد نقاش، لأنه في تلك المرحلة كان يوجد خوف كبير جدًا من الآخر، نحن كسوريين لا نعرف بعضنا، وأنا كنت أخاف من أصدقائي، حتى الذين من حمص، كانت أصلًا توصيات والدتي -كان الجزء الأكبر منها-، أكاد أجزم نصف التوصيات عدا "كل جيدًا وتغطَّ جيدًا"، كان جزء كبير جدًا: "انتبه من الكلام أمام أصدقائك، لا تعرف من الذي سيأخذك إلى السجن، والحيطان لها آذان (كناية عن وصول كلامك للمخابرات عن طريق الوشاة)، وامش الحيط الحيط وقل يا ربي السترة (كناية عن الابتعاد عن المشاكل والمتاعب)"، كانت هذه (العبارات) كنت أسمعها، أكاد أجزم كلما ذهبت إلى والدتي إلى المنزل -كل أسبوع أو كل نهاية أسبوع -، كنت دائمًا أسمع هذه العبارة.
حقيقةً نحن يعني كأسرة لا والدي ولا والدتي ولا إخوتي ينتمون إلى أحزاب -إلا ما كان نتيجة الظروف-، أنا أذكر في الصف العاشر، وضعونا في حزب البعث، ولكن كان شكليًا مثل جميع الناس، ولكن لا أذكر أن أحدًا من عائلتي كان في حزب، حتى على مستوى أعمامي كانوا بعيدين عن السياسة، ولكن والدي يرى أخبارًا؛ يعني كانت لديه نشرة الأخبار مقدسًة، وهذه هي النافذة السياسية الوحيدة التي كنا نراها، طبعًا أية نشرة أخبار، كان لدينا قناة أولى نسميها -إجباري (مُجبرين)- واحد، وقناة ثانية نسميها -إجباري- اثنان، يعني يجب أن تتفرج (نشاهدهما) عليهما، فلا أظن أنه كان يوجد غيرهما في الساحة، حتى خرجت قصة القنوات اللبنانية، كان من الممكن أن تتطلع على أخبار ثانية من نوع ثان، وكان الجيش السوري أصلًا أظن عندما كنا صغارًا، كان مازال موجودًا في لبنان، وحتى الأخبار كان لها طبيعة معينة.
لم يكن يوجد لقاءات بيننا وبين أحد من الطلاب، ولا أذكر أنه كان يوجد نقاشات حول الموضوع -في السنة الأولى والثانيةعلى الأقل- في السنة الرابعة أعتقد أن وعينا زاد (ازداد) قليلًا، لأننا كمجموعة شباب (يجب أن) نفعل شيئًا، فكان يوجد 4 أو 5 شباب أثق بهم بشكل جيد جدًا، كنا نخوض بعض النقاشات السياسية، ونسترجع بعض الأحداث التاريخية، وأحيانًا ننتقد بشار أو والده، بشكل مباشر وعلني في جلستنا الداخلية، ونقول إنهم غير شرعيين، ولم يأتوا إلى السلطة إلا ليكونوا استمرارًا للاستعمار، فكان يوجد فكرة -ليست فكرة سياسية بالمعنى الحرفي-، وإنما فكرة مشاركة بالعمل العام، يعني تعالوا يا جماعة نشارك بالعمل العام، ونظهر كشباب على الواجهة، فعملنا مجلةً اقتصاديةً -مشروع مجلة اقتصادية-، باعتبار أننا طلاب اقتصاد، وأقمنا أول نشرة، وكنا نريد أن نطبعها، ونوزعها داخل الكلية، وإذا وجدنا أن الأمر جيد، ممكن أن نحصل على تمويل أكثر، ونطبعها كصفحات ونوزعها حتى خارج الكلية، فسألنا شخصًا من إدارة الكلية، فقالوا: هذا الكلام لا يمكن، ويجب أن تذهب، وتسأل اتحاد الطلبة في الجامعة، فذهبنا إليهم إلى مكتبهم، فقالوا: يجب أن تذهب إلى المركز الرئيسي، يوجد شيء اسمه مكتب الإعلام، وذهبت إلى مكتب الإعلام، ومعي شخص آخر، وقلنا لهم، فقالوا: لا يمكن أن تكون لكم جريدة، وهذا الأمر ممنوع، وفي البلد لا يمكن أن تخرج جرائد، وبعد أن جلسنا معه، وأقنعناهم بالفكرة، وأنها مجرد توعية وتثقيف، فقال: يوجد فكرة واحدة من الممكن أن تطبقوها، وهي جريدة حائط، وأكثر من ذلك لا يمكنكم أن تفعلوا، فقلنا له: هذا جيد لا بأس، يعني فقط نعرضها على الحائط، ونكتب مقالات، فذهبنا وتكلمنا مع شخص، وأخذنا إطارًا -مساحة صغيرة جدًّا- على حائط الكلية، وأصبحنا نكتب بعض المقالات، لم تكن سياسيةً، ولكن كانت منوعةً، وأحيانًا كانت تجميعًا، وأحيانًا كانت لدينا محاولات حتى نقوم نحن بالكتابة، وكنا حريصين نسبيًا على أن نحاول- قدر الإمكان- أن نقدم أسلوبًا وتصميمًا جديدًا، بحيث نجذب الطلاب حتى يشاركوا، وكان هذا همنا، وفيما بعد قمنا بتفعيل هذا التيار في الجامعة، وكان هناك من يريد أن يقلدنا من قسم آخر -نحن كنا في قسم الاقتصاد-، وفي كلية الاقتصاد يوجد أكثر من قسم، ويوجد شباب من قسم المحاسبة أيضًا قالوا: إنهم يريدون أن يفعلوا نفس الفكرة، فأنشؤوا موقعًا على الإنترنت -كان لديهم شاب يعرف بالبرمجة- فأنشأ موقعًا على الإنترنت، وبدأ ينشر به أخبارًا عاديًة عن الطلاب، ولكنه ارتكب خطأ عندما كتب الإعلان، كان قد كتب موقع قسم المحاسبة لطلاب السنة الرابعة -كان قد كرر كلمة السنة-، (طلاب السنة السنة الرابعة)، فتم استدعاؤه إلى مكتب الطلاب، فقال لي: يا أبا الوليد أنتم قلتم لنا أنها فكرة جيدة، وليس عليها مشاكل، فقال لي: اذهب معي يا خالد (كنت معروفًا باسم خالد بالجامعة)، فذهبت معه إلى المكتب، وأنا كنت سأذهب إلى المكتب بالأصل، فقلت له: خيرًا، هذا في النهاية موقع، وليس مجلةً، ولا يوجد أية مشكلة، فقال: إن المشكلة ليست في الموقع، أنت كيف تكتب لطلاب السُّنة في السنة الرابعة! فقلت له: أين كُتب هذا؟ فقال: هنا، مكتوب طلاب السُّنة السَّنة الرابعة، فقلت له: هذا واضح أنه خطأ كتابي، فقال لي: لا هذه يتم فهمها أنها السُّنة، وأنك لا تريد العلويين، فقال له: لا نحن لدينا من كل الطوائف، ونحن أصلًا كلمة علويين لم تكن تخرج من فمنا، ولا كلمة سنة في ذلك الوقت، وكان هو علويًّا، وهو في اتحاد الطلاب، وحدث بعض الصدام، فقال: إن هذا الموقع لا يمكنه الاستمرار، ويجب أن تغلقه، فقال له: إن الموقع لا يوجد به شيء أبدًا، فقال له: إما أن تغلقه، وإما تتحول إلى جهة أخرى، وأنا ليس لي علاقة في هذا الأمر، وكان يقول: المخابرات، فقال له: لماذا ماهي الفكرة؟ فقال: أنا أريد أن أسألك سؤالًا: أنت لديك منتدًى للنقاشات حول العلامات وحول المواد، وحول المحاسبة الضريبية وحول المحاسبة الحكومية، وهي موادكم التي تدرسونها، وإذا جاء شخص، وسب بشار الأسد، ماذا ستتصرف؟ فقال: أحذف له التعليق، فقال له: وإذا لم تكن صاحيًا (مستيقظًا) من النوم، وجاءت الشتيمة في الليل، هل ستبقى الشتيمة حتى الصباح، إلى أن تصحو من النوم؟ فقال له: إن الموقع لايجب أن يبقى، ويجب إغلاقه، وعاد الشاب، وكان لون وجهه أصفر، وأنا لون وجهي أحمر، وأغلقنا الموقع.
مجلة الحائط بقيت فترًة جيدة، وكان يوجد شباب توجههم قومي، أيضًا كان لديهم مجلة أخرى، ولكن ليست اقتصاديةً، كانت منوعات، وأيضًا كانوا يكتبون، ويوجد شخص منهم أخذه الأمن -اسمه سلام-، كانت قد كتب مقالًة قاسية، أو أنها لم تعجب الأمن، فأخذه الأمن، ونحن هنا خفنا أن نتأثر، وخاصةً أنه كان أحد المواضيع التي نكتبها، أنه يوجد تقرير صدر من شركة يابانية، بأن شركة سيريتل (شركة خاصة مشغلة للهاتف المحمول في سورية) عندما طرحت أسهمًا في السوق، هذا بحد ذاته نصب (احتيال وسرقة)، لأن القيمة السوقية للسهم أكبر بكثير من القيمة الفعلية للسهم؛ يعني تقدير القيم السوقية يوجد به نصب بشكل كبير جدًّا، وفي وقتها تُقدر القيمة الفعلية واحد، والقيمة السوقية 10 أضعاف، يعني بمعنى آخر أنت يجب أن تشتري السهم الذي سعره 25 ليرةً، بقيمة 250 ليرة، فأنت تدفع 225 ليرة إلى رامي مخلوف، و25 ليرةً هي حصتك في الشركة، التي ستأخذ عليها أرباحًا!
فكنا نتداول هذا الكلام، ونحن لم نكن نعرف رامي مخلوف، ولم نكن نعرف ما يحصل، ولا نعرف ما سيأتينا من أضرار من خلال هذا الرجل، فكنا نقول: إنه يوجد تقرير خرج عن الموضوع، وسننشره وسنكتب عنه مقالة، ولكن -الحمد لله- لم نكتبه، وفيما بعد أغلقناها لأن هذا الشاب تم اعتقاله، واكتشفنا أن القصة بسببها يوجد شخص انشال (أُقيل من منصبه)، وفي مجلس الشعب كان يوجد نقاش حول الموضوع، وأحد أساتذتنا تكلم -فيما بعد- وقال لنا: لا تتكلموا في الأمر، يعني تكلم عن موضوع سيريتل، ولكن فيما بعد جاءه تنبيه، فقال لا تتكلموا عن الموضوع، لأن عملنا هنا هو محاضرات، وبعدها أغلقنا الموضوع -لم يقم أحد بمضايقتنا-، ولكن خفنا أن تحدث معنا مشاكل، وفي نفس الوقت كان الأمر بالنسبة لنا، يوجد به كسل نسبيًّا أن نتابع، أو يوجد بها قلة تحد، ولم يكن يوجد أحد يريد أن يخاطر بالكتابة، حتى لو أنها مواضيع عامة، واستمررنا طبعًا بالنقاشات، بالتأكيد لم تتوقف، ولكن المجلة -بحد ذاتها كمجلة حائط- توقفت، فكان المشروع فعلًا غير ناجح، وكانت خيبة أمل على الإطار العريض.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2019/07/30
الموضوع الرئیس
النشاط قبل الثورةكود الشهادة
SMI/OH/95-4/
أجرى المقابلة
سهير الأتاسي
مكان المقابلة
اسطنبول
التصنيف
مدني
المجال الزمني
قبل الثورة
updatedAt
2024/04/14
المنطقة الجغرافية
محافظة حمص-مدينة حمصمحافظة دمشق-جامعة دمشقشخصيات وردت في الشهادة
كيانات وردت في الشهادة
جامعة دمشق
حزب البعث العربي الاشتراكي
الاتحاد الوطني لطلبة سورية
شركة سيريتل