الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

الحياة في سوريا في عهد حافظ الأسد والاعتقال 10 أيام عند سرايا الدفاع

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:09:27:07

منذ أن وعيت على الدنيا (إدراكي للحياة) شعرت بأنَّ الوضع في بلدنا غير طبيعي، وأنَّ هناك حالة ظلم وقهر، ويجب على الإنسان أن يرفضها. وأذكر في الصف التاسع أنني كتبت موضوعًا عن الظلم، وجاءت الموجهة وقالت: إيَّاك أن تكتب مثل هذه المواضيع مرة ثانية، خصوصًا أن أوراق [امتحان] الشهادة الإعدادية، سواء في الصف التاسع (الثالث الإعدادي) أو البكلوريا (الثالث الثانوي) تذهب إلى التصحيح في محافظة ثانية، وقالت: نحن أوراقنا في دمشق تذهب للساحل، وتُصحّح هناك، فإيّاك أن تكتب مثل ذلك. فحذرتني بشكل لطيف. 

عاصرت فترة الثمانينيات، كان عمري 12 سنة حين جرت الأحداث، والوالد اعتقل لفترة قصيرة (أسبوعين)، لكنه اعتقل مرتين، اعتقل مرة أسبوعًا، وفي المرة الثانية، اعتقل أسبوعين، لكنه في المرة الثانية اعتقل في ليلة العيد (عيد الأضحى) على ما أذكر، حيث دخلوا إلى بيتنا، وأخذوه. طبعًا، فترة الثمانينيات كانت فترة صمت، لم يكن هناك مجال لأيّ نشاط، وأذكر عندما دخلنا في حقبة الثمانينيات كنت في مسجد الحي، وكان لدينا حلقات لحفظ قرآن، وأذكر أن أحد الأشخاص الذين تم اعتقالهم هو مدرّسي في الحلقة، وأذكر عملية الاعتقال كيف تمت؟ فقد هرب من المخابرات، وأطلقوا عليه النار، وأصابوه في رجله، واعتقل فيما بعد ـ ليذكره الله بالخير ـ مازال موجودًا في دمشق، واعتقل 12 سنة في تدمر، ونجا بأعجوبة من إصابته، ولكن رب العالمين عافاه، وهو الآن يمشي بشكل طبيعي، وقصته قصة فريدة، كيف نجا من البتر، ونجا من الموت في ذلك الوقت. فترة الثمانينيات كما قلت لك: فترة صمت وقهر، ولم يكن هناك شيء.

كنت في الصف العاشر، وكنت خارجًا أنا ومجموعة من أصدقائي في رحلة جبلية في جبل الأربعين، وكان الصراع في ذروته بين حافظ ورفعت، وهذه المنطقة معروفة أنها لسرايا الدفاع، وهي منطقة جبل الأربعين، وهي مطلة على ركن الدين، ويبدو أننا دخلنا إلى منطقة عسكرية محظورة، فاعتقلونا، وتعاملوا معنا بقسوة مع أننا كنا أطفالًا، وضربوني بكبل حديدي على ظهري، ظلت آثار الضرب أشهرًا، أخذونا في البداية إلى مبنى أعرفه، بيتي في خورشيد الأولى وهناك جامع الحمد (في خورشيد الأولى)، وبعد جامع الحمد مباشرة، يوجد جبل قاسيون، كان هناك بناء في أعلى هذا المكان، وكنا نعلم أن هذا المكان للسرايا، ويبدو أن قيادتهم في هذا المكان، وأذكر أنهم أخذونا إلى هذا البناء، علمًا بأن هناك أقوالًا تقول: إنَّ بشار الأسد حتى في أوقات الثورة يذهب إلى هذا المكان، ويداوم في هذا المكان, ربما تكون صحيحة وربما لا، هذا المبنى معروف عند أهل المهاجرين وعند أهل خورشيد الأولى بالتحديد، أخذوني إلى هذا المبنى بالذات، وهناك أمر فريد، فعندما دخلت ـ طبعًا سرايا الدفاع يلبسون لباسًا يختلف عن لباس الجيش، كانوا يلبسون لباسًا مموّهًا- إلى الغرفة وفيها رُتب عالية لا أذكرها، ربما كانت رتبة عقيد، عميد، وكانوا جالسين، و يتابعون على التلفزيون برنامجًا لمحمد متولي الشعراوي، وهذا لفت نظري، فهؤلاء الجماعة نعرف بأنه ليس لهم علاقة بالدين، فلفت نظري أنهم يشاهدون محمد متولي الشعراوي، صار تحقيق بسيط معي، وبعدها أخذوني إلى جبل المزّة، وكان جبل المزّة تحت سيطرة السرايا، ووضعوني في غرفة فيها ثلاثون أو أربعون شخصًا، كنت طفلًا، وكلهم كبار، وهذه الغرف عادة يتناوبون عليها في النوم، كان هناك اكتظاظ شديد، وأرادوا أن يعرفوا كيف دخلنا إلى المنطقة، وهناك معي شخص -أحد الأصدقاء- عليه إشكال ما، فتعرَّض للتعذيب والتعذيب أذكره تمامًا، حيث كان على الشكل التالي: تعرّض للتعذيب بالكهرباء، فوضعوا ملقطين؛ ملقطًا بإذنه، وملقطًا بلسانه، وكان يحرّك الكهرباء بيده بهذا الشكل، وهذا ما أذكره تمامًا، وبسبب هذا التعذيب صار يتلعثم في الحكي، وأصبح لديه كثرة تبوّل، يذهب كثيرًا إلى الحمام، وما لفت نظري في الضابط الذي كان يحقق معنا في ذلك الوقت أنه مهووس بالأفلام، فأذكر تماماً، وكان عنده تلفزيون وفيديو، وكان الفيديو جديدًا في البلد، وكان هناك جدار مليء بأفلام، ودائماً حين ندخل إليه نجده يشاهد فيلمًا فيتوقف، ويتكلم معنا، فهذا لفت نظري، ولفت نظري أيضًا في إحدى المرات وهم يأخذوننا إلى التحقيق أنَّهم كانوا يشوون سلاحف، ويأكلوها في سرايا الدفاع. 

ومن الأمور التي لفتت نظري، أنهم كانوا دائماً يقولون: القائد القائد. ويقصدون به رفعت، ولم تكن تأتي على لسانهم سيرة حافظ في ذلك الوقت، وكان الولاء واضحًا بأحاديثهم لرفعت الأسد، وهذه الأمور التي لفتت نظري في فترة الاعتقال والتي استمرت عشرة أيام، والوالد قام بواسطة فخرجت من خلالها وذلك عن طريق محمد الخطيب، كان وزير الأوقاف، لم تكن هناك صداقة بين والدي ومحمد الخطيب، وكان هناك صداقة بين والدي وتاجر من بيت الطباع ـ لا أذكر اسمه ـ وكان صديقًا لمحمد الخطيب، فتكلَّم معه، وخرجنا في ذلك الوقت بعد عشرة أيام . 

غالبا سألوني عن الشخص الذي كان معي، ويبدو أن عليه إشكال ما، وهو شخص كردي من ركن الدين: من أين تعرفه؟ ومنذ متى؟ وماذا تعرف عنه؟ فغالبًا كان التحقيق عن الشخص الذي كان معي. 

في التعليم في المرحلة الابتدائية في الصف السادس، أخذونا إلى مدرسة غير مدرستنا لنشاط له علاقة بطلائع البعث، طبعًا وأنا أكره أي شيء له علاقة بالبعث والطلائع، ولم أتحمّل الوضع، وقفزت من سور المدرسة ـ على ما أذكر ـ ورجعت إلى البيت، وعند عودتنا إلى مدرستنا قاموا بالتفقد، ولم يجدوا ياسر العيتي، فقامت الدنيا ولم تقعد في ذلك الوقت، وبعد ذلك جئت إلى المدرسة، وأذكر أن الآنسة (المعلمة) أخرجتني أمام الطلاب، وكان ذلك في ذروة الأحداث، وتم ضربي أمام كلّ الطلاب، و[كانت تسألني]: كيف تخرج؟ وكيف تترك؟ وبعد ذلك شرحت لي أنَّ هذا لمصلحتك حتى لا يحصل عليك إشكال. هذا أيضًا من الأحداث التي أتذكرها، وفي الجامعة أيضاً أذكر شيئًا أثّر بي، في إحدى المرات، أخذونا إلى...، وكان هناك ضيف قادم ولا أعرف من هو -ربما يكون تشاوتشيسكو(الرئيس الروماني السابق)- وكان حافظ قد خرج ليستقبله، ونحن كما جرت العادة خرجنا لنحيي الضيف، فحدث إشكال بين أحد أصدقائي وبين ضابط، وكنا خارجين في التدريب الجامعي ومعنا ضباط التدريب الجامعي، فحصل إشكال، فضربه ضربًا شديدًا، وصفعه، وركله، ونحن لأول مرة نرى أشخاصًا يضربون بهذا الشكل أمامنا لسبب بسيط، وهذه أيضًا من المشاهد التي أثرّت بي خلال فترة الدراسة الجامعية. 

عملت من عام 1993 إلى عام 1994، سافرت إلى أميركا، وعدّلت الشهادة، وحصلّت قبولًا في جامعة أوكلاهوما في الأمراض العصبية، وعدت لآخذ زوجتي وابني فلم يعطوني فيزا (تأشيرة دخول)، فذهبت إلى السعودية لآخذ فيزا من السعودية ولم تتيسر الأمور معي، فاضطررت للبقاء في السعودية خمس سنوات، وعملت طبيبًا في مستشفى في الرياض، طبعًا عندما يراجع الشخص الأحداث، لو أخذت الفيزا ربما كان خط حياتي كلّه أخذ منحىً آخر، فكلّه كان لخير، فجلست خمس سنوات، وفي عام 2000-2001 تخصصت في الأمراض الداخلية في بريطانيا، وبعدها عدت إلى سورية.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2022/02/21

الموضوع الرئیس

أحداث الثمانينياتالأوضاع قبل 2011

كود الشهادة

SMI/OH/73-2/

أجرى المقابلة

يوسف الموسى

مكان المقابلة

اسطنبول

التصنيف

سياسي

المجال الزمني

قبل الثورة

updatedAt

2024/08/13

المنطقة الجغرافية

محافظة دمشق-مدينة دمشق

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

سجن تدمر

سجن تدمر

سرايا الدفاع

سرايا الدفاع

الشهادات المرتبطة