الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

اقتحام مدينة نوى في 16 أيّار/ مايو 2011

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:15:42:04

بتاريخ 16 (أيّار/ مايو) 2011، جهّز النظام قواته على مداخل ومخارج مدينة نوى من جميع الجهات؛ من تل الهش وتل أم حوران وتل الجابية، وتل جموع وكتيبة الدبابات في الشيخ سعد، والأمن العسكري من جهة الأمن العسكري، وكتيبة الكونكورس والرحبة والطبية، وجميعها كتائب عسكرية، تلة حرفوش وتلة الهش وتلة أم حوران وطخة المي، وكلها كانت نقاطًا عسكريةً محيطةً بمدينة نوى، وقاموا بتجهيزها، وإعطاء ساعة الصفر، والساعة 5:00 فجرًا مع أذان الفجر، بدأ الاقتحام وإطلاق النار بشكل كثيف على نوى من جميع الجهات، ويقول لنا أجدادنا: إنه في حرب تشرين التحريرية لم يحصل هذا الأمر، والوضع كان صعبًا، ويوجد خوف شديد، وأنا وإخوتي وعائلة عمي جميعنا مجموعون في منزل واحد، وكانت منازلنا قريبةً من بعضنا، واجتمعنا في منزل واحد، وكان الرصاص يصيب الأبنية، وهو كان شيئًا مرعبًا، وأول مرة نراه في حياتنا، واستمر الأمر على هذا الحال تقريبًا ساعتين وأكثر، وبعدها خرج إطلاق نار من جانب مدرسة منشأة حديثًا عندنا في الحي، وبدأ النظام يطلق نحوها قذائف حقيقيةً، وهو في البداية أطلق القذائف الصوتية عن طريق الدبابات، وبعدها بدأ يطلق قذائف حقيقيةً، عندما خرج إطلاق النار من جانب المدرسة، ودمر المدرسة بشكل شبه كامل بالقذائف والرشاشات الثقيلة، حتى إن النظام أطلق قذيفةً عن طريق الخطأ، وقتلت عناصر من النظام تابعين له، وبدأ النظام يقول: إنهم اشتبكوا مع المسلحين، حتى يغطوا (يستتروا) على بعضهم، لأنهم قتلوا بعضهم.

هنا بدأ اقتحام النظام، وبدأ يدخل إلى المنازل، من قبل ألوية مختلفة من الجيش والمخابرات الجوية، والأمن القومي والجنائي والسياسي، ورأينا عناصر لأول مرة نراهم يضعون شارات خضراء وزرقاء وحمراء، واقتحموا نوى منزلًا منزلًا، ولأن نوى محاصرة، فبدأوا يقتحمونها من جميع الأماكن، ويفتشون المنازل، ودخلوا وتمركزوا وبدأوا يقتحمون بالدبابات على الطرقات وبين الحواكير الجنائن نحن نسميها حواكير، وبدأوا يفتشون المنازل، ولايوجد بيت إلا وقاموا بتفتيشه، ونوى 100 ألف نسمة، واستمروا على هذا الحال 3 أيام بلياليها، وهم يفتشون. 

جاءت إلى منزلنا 3 جهات للتفتيش، مكافحة المخدرات ومكافحة الشغب، وفي البداية دخلوا إلى منزل أخوالي، ونحن بيوتنا عربية جميعها، وكمشوا (واعتقلوا) أحدهم أثناء خروجه من الحمام كان ذاهبًا ليغسل يديه، وسحبوه وسألوه: هل لديك إخوة؟ فقال: عندي 3 إخوة في داخل المنزل، وأحدهم ذو إعاقة، وأنا هنا كنت أراقبهم من النافذة، وكنت أشعر [بالغضب]، رأيت أنه يوجد تقريبًا 7 عناصر قد اعتقلوا خالي، وبدأ هؤلاء العناصر بضرب خالي بالبندقية وبأرجلهم وأيديهم، يعني شيء غير طبيعي! وأنا هنا كنت أريد أن أفتح الباب، وأخرج حتى أضربهم، أو أفعل أي شيء أريد أن أفك (أنقذ) أخوالي، ولكن أهلي منعوني، وقال لي والدي: إن الدور سيأتينا، فازداد توتري، فقلت لوالدي: أريد أن أخرج حتى أشعل سيجارةً (لفافة تبغ)، -وأنا لم أكن أدخن حينها إلا بشكل خفيف-، وبسبب خوف والدي عليّ أعطاني سيجارةً وأشعلها، وأنا صُدمت لم أكن في وعيي، وبعد فترة فكرت كيف والدي أشعل لي السيجارة، وأعطاني إياها، وكيف قمت بالتدخين أمامه! -ليس خوفًا منه لكن احترامًا له-، وأنا صُدمت من تصرف والدي، وقلت: من الجيد أنني لم أخرج، لأنه كان من الممكن أن يقتلوني.

قام عناصر الجيش بجمع أخوالي الآخرين، وبدأوا بضربهم، وكان لديهم دراجة نارية أخذها الجيش، ووضعها مع 30 دراجةً ناريةً أخرى تقريبًا، تم جمعها من الحي أمام البيوت، ومشت فوقها الدبابات، وبعدها قاموا بسكب البنزين (الوقود)، وإشعال النار بها.

الحالة كانت مأساويةً، هنا جاء دورنا، ونحن كان عندنا مكبس بلوك (آلة صنع حجر البناء) في منزلنا، ونحن معروفون أننا نبيع البلوك (حجر البناء)، لدينا مكبسان، وساحة منزلنا كبيرة تقريبًا مساحتها دونم (1000 متر مربع)، وكلها بها (ممتلئة) بلوك، ونحن أيضًا قمنا بإخفاء الموتور (دراجتنا النارية) الذي اشتريناه حديثًا، وعندما دخل عناصر الجيش لم يجدوه، ولكنهم وجدوا مفتاحه أثناء تفتيشهم، وهم ينبشون كل شيء، فسألوا عن الموتور (الدراجة النارية)، فقال له والدي: لقد بعناه، فقال له العسكري: كذاب ولاك (عبارة تستخدم لإهانة المخاطَب)، وهنا أنا وقفت حتى أتكلم، فضربني بأخمص البندقية، فقعدت في مكاني، أنا هنا صُدمت، الشعور في قمة الذل، وأنا أراهم يذلون أبي.

بعد لحظات أيضًا وجدوا مفتاح الترك (الجرار الزراعي)، فسأله العسكري عن الترك، فقال له والدي: إنه موجود في الخارج، وقاموا بتفتيش بقية المنزل، وأخذوا الهويات (البطاقات الشخصية)، وقاموا بتفييشنا (فحص الأسماء في قوائم المطلوبين)، ولكننا لم نكن مطلوبين، وأعطيتهم بطاقتي الجامعية، وقلت لهم: أنا طالب جامعة، وهذه هي الجهة الأولى التي جاءت، وقامت بالتفتيش، ومضى اليوم الأول على هذا الشكل، وكان كله اقتحامات وتفتيش، وأيضًا شاهدت منظرًا لجيراننا حيث قاموا بتجميعهم بجانب الدراجات النارية -قبل حرق الدراجات النارية-، وكانت عائلتهم كبيرةً مكونةً من 15 شابًّا، وأولاد إخوة وهكذا، وكلهم شباب، وهم من عائلة الطماس، وجميع هذه العائلة قامتهم قصيرة، تعرف مقطع بانياس المعروف عندما رموهم على الأرض، وبدأوا يدعسون عليهم (يدوسونهم)، نفس الأمر فعلوا هنا، جمعوا العائلة جميعهم مع جيرانهم حوالي 25 شخصًا في ساحة بجانب المنزل، وبدأوا يدوسونهم ويرفسونهم، ثم ركب عناصر الجيش دراجةً ناريةً، -رأيت ذلك بعيني-، وبدأوا يدعسون عليهم بموتور ريكس (دراجة نارية نوع ريكس).

وبعدها جاء الليل، ولم تكن هناك أية حركة بسبب القناصين، ونصبوا حواجز في نوى، وأصبح يوجد تقريبًا 35 حاجزًا في نوى، وكل حاجز عليه دبابة وعربة بي أم بي (عربة قتالية) وعناصر.

بين منزلنا الموجود في المنطقة الصناعية ومنطقة المستشفى يوجد مسافة 250 مترًا، في هذه المسافة يوجد حاجزان عليهما دبابة وعربة بي أم بي وقناصون متمركزون، ويبعدون عن الثكنة 150 مترًا.

في اليوم الثاني لا يوجد خبز، ونحن كنا في حصار، فأحضر لنا الخبز أحد الأقرباء الذي كان يتعامل مع المخفر وعناصر الجيش، يعني يوجد معرفة بينه وبينهم، فجاء مع أحد عناصر الجيش على دراجة نارية، وأحضر لنا 05 ربطات خبز، ونحن أعطينا جيراننا وأقاربنا من هذا الخبز، وأبقينا لنا بعضًا منه، وعندما غادر قريبنا، جاءت دورية ثانية، وبدأت تقوم بتفتيش المنازل، وهذه الدورية كانت أرحم من الدورية الأولى، وهم جاؤوا إلينا بأدب، وقالوا: نحن جئنا إليكم من طرطوس، ويقولون: هل تعرفون أننا كنا نظن أنكم تعيشون في خيام؟ وكانوا يرتدون إشارات خضراء، وكان على لباسهم طبعات (علامات) خضراء، ولا أذكر إذا كانوا من مكافحة الشغب أو مكافحة مخدرات، أو قوات خاصة أو قوات المهام الخاصة، لا أذكر بالضبط، وقالوا لنا: هل تعرفون ماذا فعلنا بالحي الجنوبي عندكم في نوى؟ قالوا: خلطنا الزيتون مع المكدوس (طعام شامي يصنع من الباذنجان)، واللبن مع المربى، وقمنا بإتلاف المؤونة في اليوم الأول، لأننا كنا نظن أنكم إرهابيون، ولكن وجدنا أنكم أشخاص جيدون، فقال لهم والدي: جزاكم الله خيرًا، ونحن ليس لنا علاقة، وهناك بعض الأشخاص قاموا بالتخريب، فقال له عناصر الجيش: إذًا ضعوا لنا طعام الفطور، وكان يوجد تقريبًا 15 عسكريًّا، فقلنا لهم: إنه لا يوجد لدينا خبز يكفي، فذهب أحدهم، وأحضر لنا 10 ربطات (أكياس من الخبز) حتى يأكلوا، وفعلًا جلسوا، وبدأوا يأكلون، وقالوا: نحن لأول مرة نأكل هذا المكدوس، وهذا اللبن الطيب! وقالوا لنا: يا أهل حوران لماذا قمتم(خرجتم بالثورة)، أنتم لديكم منازل ونحن نظن أنكم تعيشون في الخيام والصحراء، وكان يتحدث بلهجة أهل الساحل، وهو علوي.

أنا هنا تحسنت قليلًا، وقررت الخروج إلى الطريق، حتى أعرف ماذا يحصل، ورأيت أن الطريق محفور بسبب مرور الدبابات عليه، وهذا الطريق الذي خرجت إليه هو طريق أوتوستراد (شارع عريض) معبد، ونحن منزلنا يقع على طريق الأوتوستراد على الشارع الرئيسي، وهذا الطريق يأتي من جاسم ومن القرى الشمالية، ويؤدي إلى درعا؛ يعني طريق أوتوستراد معروف، وعندنا مستشفى ومنطقة صناعية، فنظرت إلى يمين الطريق، فرأيت على مد النظر الكثير من العساكر، على يمين الطريق وعلى يساره وفي المنتصف، وأقسم بالله أنني خفت، وكنت أسمع أصوات صراخ، ونظرت على مسافة 150 مترًا أو أقل، ويوجد عمودان كهرباء، فرأيت مجموعةً تقوم بضرب أحد الأشخاص، ويوجد الكثير من الجيش، وهنا قررت الدخول إلى المنزل، أحسست بالخوف الشديد، ولم تعد تحملني قدماي، وهنا رأيت ضابطًا علويًّا قصيرًا، ويمشي خلفه 05 عناصر يحملون بنادق أطول منه، فنادوني وقالوا لي: "حيوان ولا (كلمة تقال للإهانة)" تعال، قلت لهم: أنا!! وكانت المناداة من أجلي،

وأنا خرجت من المنزل حتى أرى عمي شريف، فعندما جاء عناصر الجيش الذين أفطروا عندنا، نحن قلنا لهم أنه قد سُرق من عندنا جهازي لاب توب (حاسب محمول) وموبايلين (هاتفَين محمولَين)، وأنه قد يكون عناصر المخابرات أخذوها عن طريق الخطأ، فقالوا: لا لقد سرقوها، فقال لي العناصر: اذهب معنا حتى نعيدهم لك، فذهب معهم عمي شريف، وأنا خرجت من المنزل حتى أبحث عنه، ولكنني لم أره، وفي هذه اللحظة نفسها ناداني أحد العساكر، وقال لي: أعطني هويتك (بطاقتك الشخصية) أيها الكلب، ونظر إليها، وقال: بصيري! وقال: لدينا شخص مطلوب من عائلة البصيري، هيا اذهب معنا، فأخذوني معهم، وهنا رأتني والدتي، وبدأت تصرخ لوالدي، وتقول: يا صايل لقد أخذوا ابنك، وأبي بدأ يصرخ: لماذا خرج؟ وقد قلت له ألا يخرج، ألم يقل بأنه خرج فقط ليدخن، لماذا خرج؟ وسمعه العساكر، وهنا بنفس اللحظة سمعني العساكر، فقالوا: أسكتوا هذا الكلب، وهذه أول مرة نسمع فيها إهانةً، وهنا أدركت أنه يجب علي السكوت، لأنهم الآن في مظهر القوة، ونحن في مظهر الضعف، والحقد كان موجودًا في قلوبنا.

هنا جاء عمي شريف، ومعه العناصر، فناديت عليهم، وقلت: كنت خارج المنزل، وأخذوني، فقال لهم: اتركوه، هذا عمه كان معنا، وخرج ليسأل عنه، فقال له الضابط -أعتقد اسمه أبو حيدر-: اذهبوا، وبعد قليل سوف نرسله حتى نقوم بتفييش اسمه، وعندما انتهى من التفييش (البحث عما إذا كان اسمه من بين المطلوبين)، ولم يجد علي شيئًا، قلت لهم: أنا طالب جامعة، وخرجت من المنزل حتى أبحث عن رفاقي، من أجل أخذ محاضرة حتى أقرأها، قلت له ذلك حتى أخلص نفسي، لأن هؤلاء وحوش، وهنا قال لي: معك 5 ثوان، وإذا استطعت خلالها الوصول إلى منزلك، فلن أطلق عليك النار، ولكن يجب عليك أن تنطلق عندما تسمع صوت إطلاق النار، -وهو يتكلم بلهجة علوية-، فأطلق النار في الهواء، فركضت بسرعة، ووصلت إلى المنزل، والمسافة من 150 إلى 200 متر، قطعتهم بأقل من 5 ثوان.

معلومات الشهادة

الموضوع الرئیس

اقتحام المدن

كود الشهادة

SMI/OH/81-07/

أجرى المقابلة

بدر طالب

مكان المقابلة

اعزاز

التصنيف

مدني

المجال الزمني

16 أيّار/ مايو 2011

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة درعا-تل الهشمحافظة درعا-تل أم حورانمحافظة درعا-تل الجابيةمحافظة درعا-تل الجموعمحافظة درعا-نوى

شخصيات وردت في الشهادة

لايوجد معلومات حالية

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

مفرزة الأمن العسكري في نوى

مفرزة الأمن العسكري في نوى

كتيبة الدبابات- درعا- الشيخ سعد

كتيبة الدبابات- درعا- الشيخ سعد

الشهادات المرتبطة