نحن كان لدينا نظرة أننا لن نخرج مظاهرات؛ لأننا كنا نتخيل أن النظام متفهم، وبشار الأسد هو طبيب ولديه وعي ولن يجعل البلد تصل إلى هذا المكان، وسوف يزيح إياد غزال وأمثاله، وتكون الأمور أوتوماتيكيًا (تلقائيًا) سهلة جدًا، ويتطلع أين يوجد ظلم للشعب وظلم للناس، وهو يبادر بإزاحة هؤلاء الأشخاص، ويبقى البلد يمضي كما هو، وننتهي من الظلم ومن القمع اللذين كانا موجودين، وأنا أتكلم كابن حمص بأن إياد غزال [ظالم] طبعًا كان موجود [كذلك] أفرع المخابرات كلها والأمن العسكري والجوية ودمشق ودرعا وحلب واللاذقية [أيضًا تظلم الناس] ونحن قلنا: صحيح أنك لم تمت ولكن ألم تر من مات، وترى المظاهرات في تونس ومصر وانتفاض الشعب! وبشار الأسد بالتأكيد سوف يغير ولن يجعلنا نصل إلى هنا، وللأسف لم يتم التغيير، وبدأت في درعا، وعاطف نجيب كان هو سبب شرارة الفتنة والدماء في سورية عندما قام أطفال [درعا] بالكتابة على الجدران واستدعاهم، والجملة التي قالها عاطف نجيب هي: أحضروا نساءكم حتى نعطيكم نطفًا صالحةً للبلد بمعنى الإساءة للأعراض وشتم [الرجال]، وهنا حصل غضب شديد، ونحن عندما خرجنا مظاهرات في حمص لم تكن ضد النظام، بل نحن نريد "الشعب يريد إسقاط المحافظ" هكذا كانت هتافاتنا "الشعب يريد إسقاط إياد غزال" وتفاجأنا بالرد بالقتل، ونحن لم نتوقع أن الأمور ستصل إلى القتل، ومن هنا بدأت بعدها بحوالي أسبوع "الشعب يريد إسقاط النظام"؛ لأنه بدأ بقتلنا، ورده في درعا: أنه من أجل عاطف نجيب قتل أهل درعا، وقتل أهل حمص، وهذا يعني أننا ذاهبون إلى مكان، وحسم الأمر، والنظام وإياد غزال وعاطف نجيب وهذه التركيبة كلهم نحن اعتبرناهم شخصًا واحدًا، وكلهم نفس الفئة قتلة ودمويين ولن يستجيبوا للشعب؛ لأنهم اعتبروها [إهانةً]، وأصبحنا ننظر أننا مزرعة وهم أسيادها، والشعب السوري عبد عندهم، ومن هنا انطلقت الثورة السورية لأننا أبناء المنطقة ونرفض الاعتداء على أعراضنا، ونرفض القتل، ونرفض قتل أطفالنا، ونرفض الاعتداء على المدنيين، ونرفض كل هذا، وكانت سلمية بكل ما تعني الكلمة، ولم يخرج أحد بأي اعتداء على النظام أو الأفرع الأمنية، وكانت سلمية، وكنا نطالب بحقوق مدنية، وتفاجأنا بالقتل بالرصاص الحي، واستمرت مدنية والقتل مستمر ومع ذلك استمرت مدنية.

وفي شهر نيسان/أبريل 2011 بدأت المظاهرات في حمص، وأنا كنت في القريتين كنت أعمل في مجال التجارة، ولكن لي صديق وأخ في حمص في منطقة البياضة اسمه يوسف، وأنا أذهب يوم الخميس بعد الظهر إلى حمص بشكل طبيعي ولا أحد يعرف شيئًا، وأذهب في اليوم الثاني إلى المظاهرة مع يوسف بشكل خفي، وفي البداية كان يوجد رعب، وأعود بالباص (الحافلة) إلى القريتين، وكأنه لا يوجد شيء، وأدعي أنني كنت في عملي وتجارتي، ولكن المظاهرات التي حضرتها وهي 3 مظاهرات في حمص فقط، إحداها كان يوجد تنسيق بيننا بأن نجتمع كلنا عند الساعة الجديدة، ونحن كنا 10 شباب تقريبًا و الشباب هم من أقرباء يوسف، وكان يوجد الكثير من السرية والتحفظ، وتفاجأنا بالرد بالضرب بالعصي من مدنيين من [حي] الزهراء، وكانوا مستعدين يعني أثناء نزولنا اصطدمنا بهم، وكان الضرب بقصد القتل حتى من المدنيين من أهل الزهراء، والمظاهرات كانت كلها سلمية -التي شاركت فيها في حمص- ولم يكن يوجد أي دموية وأي عنصرية، وبدايتها كانت كلها إسقاط للمحافظ بعدها تحولنا إلى إسقاط للنظام.

وعندما تم الاعتداء علينا بالضرب أنا قررت عدم العودة؛ لأنني أصبحت أتأذى في حمص، وأنا كنت أخرج بشكل غير معروف، وتوجهت إلى القريتين وكنا نجهز ولكن بطريقة سرية بين بعضنا وبين عدة أشخاص، وهم أشخاص معدودون على الأصابع كنا نجهز حتى نخرج بالمظاهرات في القريتين، ولكن يوجد خوف، وبصراحة يوجد خوف حتى من ردة فعل أهلنا -أهل القريتين كبار السن- لأنه لا أحد يتقبل الفكرة منهم، يعني: عندما نقول نريد أن نخرج مظاهرة يقولون حذار، يعني الخوف كان يسيطر على كل الشعب السوري تقريبًا؛ بسبب الهيمنة وغطرسة النظام التي لها عشرات السنين من زمن حافظ الأسد.

وصلنا إلى الجامع الشرقي اسمه "الجامع الشرقي" وتم التنسيق، وكبرت الناس، وكان يوجد تنسيق بين الشباب، وخرجت مظاهرة تليق بأهل القريتين، وكان خيرة شباب القريتين ورجال القريتين في الصف الأول كانوا متكاتفين يدًا بيد من أطباء ومهندسين ومحامين، من جميع الفئات والشرائح في القريتين، وخرجت تعبر عن القريتين كاملة، وكانوا من خيرة رجال القريتين وشبابها ولا أخيرهم على أحد.

بدأنا بالتنسيق ..أنا من خلال الأصدقاء والأصحاب ولم نعتمد العائلية بالموضوع، وكل شخص بدأ يستقطب، هذا يستقطب أخاه، وذاك يستقطب صديقه، يعني بدأنا مجموعة باستقطاب الأشخاص، والتجهيزات تكفل بها أشخاص من الشباب، وقالوا: نحن نجهز اللافتات، وكل شخص كان يحمل على عاتقه مسؤولية شيء معين، وبدأنا بالدعوة، ونحن مرتان كنا نتهيأ للخروج [في المظاهرة] ولا تتيسر ..يوجد شيء لا ينجح معنا، وتشعر بأن الخروج لأول مرة سيكون صعبًا جدًا أو يمكن (ربما) الأهالي لا يتقبلونه، أو فجأة الأمن العسكري الموجود في القريتين يداهمون المكان ونؤذي الناس في المسجد يعني كل منا كان له تخوفاته، ورأينا دمويتهم وكيف يطلقون النار، ونحن نتحسب لشيء كبير، ولكن بفضل رجال القريتين الذين تجاوبوا وشبابها وأطفالها وشيابها نسبة كبيرة جدًا كانت مع خروج المظاهرة، والحافز الأكبر جاء من كل الناس والنعم منهم، ولكن نسبة المثقفين جعلتنا نرتاح نفسيًا؛ لأنهم واجهة البلد وسوف يكونون حاضرين في المظاهرة، ولكن كل شخص كان يقول: أنا تكلمت مع فلان وفلان، على هذا المبدأ، ونحن ذهبنا إلى الجامع الشرقي، و90% كنا نعتمد أن المظاهرة ستخرج وبشكل ضخم جدًا، والتنسيق تم بأمور بسيطة وبدائية وفردية.

في زمن المدارس عند النظام كان يوجد شيء اسمه تعاون ونشاط، وعلى مبدأ التعاون والنشاط تم التنسيق للمظاهرة بيننا، وفي الجامع الشرقي كان يوجد أريحية أكبر، وخطيب وإمام الجامع معنا قلبًا وقالبًا، ونحن خفنا من ردة فعل الشيخ أسعد وهو إمام البلد -رحمه الله- في الجامع الكبير خفنا ألا يتجاوب معنا، وهو شخص سيكون الوسيط، ودائمًا هو الذي سوف يكون تواصله مع النظام، ولا نريد أن نضعه أولًا في مكان على عداوة معهم، يعني جعلناه طرفًا موجودًا يستطيعون الحديث معه، ونحن نستطيع التحدث معه، وبنفس الوقت إمام الجامع الشرقي كان متجاوبًا معنا، ومن الناس التي شاركت وأنا لا أريد أن أذكر أسماء أشخاص غير مصرح لي بذكرها ولم أشاورهم، ولكنهم معروفون، والنعم منهم ومن كل شخص ساندنا، وكان يدًا بيد معنا من المظاهرة الأولى إلى تاريخ اليوم.