الذاكرة السورية هي ملك لكل السوريين. يستند عملنا إلى المعايير العلمية، وينبغي أن تكون المعلومات دقيقة وموثوقة، وألّا تكتسي أيّ صبغة أيديولوجية. أرسلوا إلينا تعليقاتكم لإثراء المحتوى.
ملاحظة: الشهادات المنشورة تمثل القسم الذي اكتمل العمل عليه، سيتم استكمال نشر الأجزاء المتبقية من الشهادات خلال الفترة اللاحقة.

دور المشايخ في الثورة وقرار الانشقاق

صيغة الشهادة:

فيديو
نصوص الشهادات

مدة المقطع: 00:08:57:13

 عندما ذهبت إلى قطعتي [في قاعدة حميميم العسكرية]، وجاء القرار بعدم النزول [في إجازات]، فأنا كذلك غائب عن أهلي ووالدي وزوجتي وأولادي، وأتحدث عن تجربة شخصية بالنسبة لي، وخرج الكثير من المشايخ، وتكلموا بموضوع المظاهرات ما بين محرّم وما بين من أعطى تحليلًا أو جواز الخروج على الحاكم، ولكن -سبحان الله- بالنسبة لي وقبل الثورة السورية بخمس سنوات حصلت معي انتكاسة داخلية في منزلي، [انتكاسة] اقتصادية كبيرة، وهذا جعلني أتقرب بشكل كبير إلى التوجّه الديني؛ لدرجة أنني لمدة خمس سنوات لا أذكر أنني كنت أشاهد  التلفزيون، وأنا ضابط وعلى رأس عملي، وأهل منزلي كان لهم سلوك واضح، وهو الدروس والتدين، وكان عندنا وبدون أي تطرف وبدون معاداة للآخرين، ولكننا كنا نرتاح بهذا الوضع، وهذه السنوات الخمسة جعلتني قريبًا جدًا من مشايخ حمص الملتزمين ومن أصحاب الدين ومن مرتادي المساجد مع أنني ضابط وابن دولة، وأنا ضابط ليس في أي مكان عادي، وهذا بالنسبة لنا مكان حساس، وتوجد دراسات بشكل دائم، وأنا لم أشعر بيوم من الأيام أن النظام يخفى عليه هذا التوجه الموجود عندي، ولكنه لم يكن في يوم من الأيام بالنسبة لي يشكّل مشكلة لدى أجهزة أمن النظام وما شابه أو هي مثار ريبة، وربما كان مردّ ذلك إلى تميزي بالعمل وتفوقي وجهدي والمثابرة والإخلاص، فيقولون: لو أن عند هذا أي شيء فلا تكون هكذا سلوكياته. [بالإضافة] إلى علاقاتي الكبيرة مع الضباط والعلويين والمسيحيين، والحقيقة أن علاقاتي الاجتماعية كانت كبيرة جدًا، وعندما يقومون بأي نوع من التحقيق فيجدون أنني متعايش مع الجميع ومحبّ للجميع، ولم يكن عندي مشكلة بهذا الموضوع، ولكن تديّني وقربي إلى الدين جعل قراري في الثورة السورية ليس قرارًا عاطفيًا، وفي الحقيقة، كان قرار انشقاقي قرارًا شرعيًا 100%.

عندما كنت أسمع بالخالدية أنهم هكذا فعلوا، وهكذا حصل، وهذه المظاهرات، كنت أتوق من كل قلبي حتى أكون معهم مع المتظاهرين، ولكنني أيضًا كنت أسمع الدعاية السلبية التي يبثّها النظام عن طريق المخبرين، وأنه يوجد فيهم أشخاص كذا وأشخاص يشربون الحشيش، ويحملون السلاح، فتصبح لديك عملية التردد باتخاذ القرار؛ لأن القرار الذي سوف تتخذه هو قرار مميت وقاتل، فكيف لضابط أن ينشق؟! فأنت لست قاتلًا لنفسك فقط إذا تمّ اعتقالك، ولكن عائلتك وزوجتك وبناتك وأهلك ووالدك، وأنت ستأخذ قرارًا عن العائلة بشكل كامل، والعائلة ممسوكة بيدهم؛ لأنهم ضمن المدينة وبكل بساطة سوف يتمّ اعتقالهم. وبالتالي كنت بكل هدوء أرى: هل حانت الفرصة أم لا؟ وسبحان الله! عندما كنت أشاهد قناة العربية، وقبلها كان هناك هجوم للنظام على حي الخالدية، وارتكبوا مجزرة في الخالدية، وقصفوا الخالدية بالهاون، وكان هناك عدد كبير جدَا من الشهداء والمصابين، والحقيقة أن تلك كانت مجزرة بكل معنى الكلمة، وأنا كنت في نقطة حراسة على مهبط الطائرات، وكان بجانبي أصدقائي، وجاءني اتصال من زوجتي وهي تبكي، وقالت: كذا وكذا يحصل. وكان بجانبي العقيد أحمد عليا، وأنا أذكر اسمه؛ لأن أخاه اللواء مالك عليا والذي هو قائد الحرس الجمهوري حاليًا، وأخوه كان له شأن كبير في قمع الثورة السورية من بداية الثورة ومن جهات موثوقة جدًا لدى الإيرانيين، فكان بجانبي العقيد أحمد عليا، فسمع الاتصال، وسمع أم عبادة، وهي تبكي، وسمع ما يحصل، فأغلقت الهاتف، وأنا أقوم بتهدئتها؛ لأنهم كانوا يسمعون أو زميلي كان يسمع على الأقل، وقلت لزوجتي: لا بأس، ويجب أن تأخذوا حذركم، وابتعدوا عن الأماكن التي يوجد فيها إصابات، وحاولي الخروج من الحي، ومن هذه الإرشادات. وأنا لم أكن أريدها أن تسهب في عملية الشرح: لأن الأمور أصبحت واضحة وما يفعله النظام. 

وبعد أن أغلقت الهاتف وأثناء مشينا على المهبط، قال لي: يا أبا عبادة، أنا أنصحك أن تُخرج زوجتك من المنطقة، والمنطقة عندكم فيها مسلحون ومتظاهرون، وأعتقد أن أجهزة الأمن ستحرق المنطقة بكل معنى الكلمة، وأنت ضابط وزوجتك وأولادك هم هدف للمتظاهرين. وطبعًا، هو لا يعرف أن زوجتي وأولادي مع المتظاهرين، وهم ممن يقودون، وزوجتي كانت تطبخ للمتظاهرين، وتوزّع لهم الطعام، وعندما حصل الاعتصام في منطقه الخالدية، كانت ابنتي الكبرى هي من ألقت الخطابات، وكانت ترتدي الخمار، وخرجت على التلفزيون، والطفل الذي كان يظهر مع عبد الباسط ساروت في إحدى المظاهرات هو ابني عبادة (الكبير)، فكانت التركيبة كلها تدلّ على أننا منخرطون للنخاع في هذا الموضوع، ولكنني أتحين [الفرصة]، فكيف لي وأنا موجود في اللاذقية في مطار بهذه الأهمية، وتتمّ مراقبتي، و هم موجودون في بؤرة كلها توتر ومحاصرة، وكل يوم يوجد قتلى ومصابون، وأين سنلتقي؟ وكيف سوف ننشق؟ وكل هذه الترتيبات. وأنا كنت أفكر بالأمور بهدوء، وبعد يومين، كنت أشاهد قناة العربية فخرج الشيخ عائض القرني، وخرج بفتوى [ذكرها] بكل وضوح، وقال فيها: يحرم البقاء لكل شخص في صفوف النظام إن كان في الجيش أو الأمن أو مؤسسات الدولة السورية، ويحرّم تحريمًا قاطعًا. وكنت أتفرج، وألهمني الله أن أشاهد التلفاز في هذا التوقيت، وسمعته في نشرة الأخبار وهو يتحدث، فبالنسبة لي حُسم القرار، وأنا كما ذكرت كنت أحتاج إلى مرجعية دينية على مستوى مثل مستوى الشيخ عائض يتكلم بهذا الموضوع لسبب بسيط: أنني لا أريد أن أموت وقد خسرت آخرتي؛ لأنني عندما أريد أن أنشقّ فإنني أخذت قراري، وهو طلب الشهادة، ولا أريد أن أعيش وأنشقّ وأخرج وأكون حياديًا وسلميًا، وأريد اللحاق بحسن عبد العال -رحمه الله- زميلي المنشق في المطار، وهذا القرار قبل أن آخذ قرار الانشقاق، فانشقاقي من أجل الشهادة. 

فبالتالي كانت زوجتي تسمع هذا الكلام فاتصلت بي، وقالت لي: هل شاهدت الأخبار؟ فقلت لها: نعم، وسمعته. فقالت: لا تتأخر، نحن جاهزون. وهي أيضاً عندما سمعت عرفت ما وقْع ذلك على نفسي، فنحن انتهينا من الموضوع، ونحن لا نستطيع الحديث إلا بالألغاز.

معلومات الشهادة

تاريخ المقابلة

2021/04/21

الموضوع الرئیس

الانشقاق عن النظام

كود الشهادة

SMI/OH/115-14/

أجرى المقابلة

إبراهيم الفوال

مكان المقابلة

أنطاكيا

التصنيف

عسكري

المجال الزمني

2012

updatedAt

2024/08/09

المنطقة الجغرافية

محافظة حمص-الخالديةمحافظة اللاذقية-مطار حميميم العسكري

شخصيات وردت في الشهادة

كيانات وردت في الشهادة

الجيش العربي السوري - نظام

الجيش العربي السوري - نظام

قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية

قاعدة حميميم العسكرية الروسية - مركز العمليات الروسية

قناة العربية

قناة العربية

معلومات الشاهد

الموضوعات المرتبطة

الكلمات المفتاحية

الشهادات المرتبطة