أثناء وجودي عند أبي جهاد [زغيب] -كل هؤلاء الأشخاص توفوا- دخل شخص اسمه أبو الزبير، وهذا الشخص لاحقًا هو أصبح مؤسس جبهة النصرة في حمص، وأبو جهاد لاحقًا هو قائد من قادة داعش في حمص، وطبعًا هنا لم يكن [في هذه الفترة] جبهة النصرة موجودة، ولا يوجد [تنظيم] القاعدة، ونحن نتحدث في شهر حزيران/ يونيو 2012، ففي كل حمص، أعرف أن هناك كتائب الفاروق فقط، وأعرف أن هناك مجلسًا عسكريًا يقود حمص كلها بقيادة العقيد قاسم سعد الدين [وهو] طيار، وهذا كل ما أعرفه. وعندما دخلت، وجاء أبو الزبير، سأل أبو الزبير أبا جهاد، وقال: من هو هذا الشخص؟ فقال: هذا عقيد، ويريد الذهاب إلى قاسم سعد الدين فقط. ولم يذكر له اسمي، وهذا كان نوعًا من الحذر الثوري؛ لأنني لم أعرّف بنفسي، وبالتالي يظن أنني سوف أُحرج، وهو لا يعرف أين زوجتي وأولادي، وأبو جهاد لا يعرف القصة كلها، وأنا لا زلت أتحدث عن اليوم الأول.

جاء أبو الزبير، وسألني، وقال: هل يمكنني أن أعرف من أين أنت؟ فقلت له: أنا من حمص من الخالدية. فقال: وهل يوجد في الخالدية ضباط؟ وهل يوجد في المدينة ضباط؟ فقلت له: أنا وهناك ضابط أو ضابطان غيري في كل المدينة، وأحدهم برتبة لواء وهو نزيه العضيمة، وطبعًا هو مع النظام، وشخص آخر من عائلة مراد. فقال: وإلى أين تريد الذهاب؟ فقلت له: إلى قاسم سعد الدين إلى الرستن. فضحك، فقال: سأتحدث معك بصراحة، بما أنك من الخالدية، وبما أني عرفت عائلتك. وقال: أنا أعرف أقاربك. وقال: إن الوضع هناك لن يعجبك، يعني لن تستطيع التماشي معهم ككل، وأنا حتى الآن لا أستطيع التماشي معهم، ونحن عدة أشخاص من المدينة مجتمعون حول بعضنا، ونجلس في ذلك المكان، وعندما تريدنا وبعد أن تقوم بجولة، وتتأكد من الكلام الذي أقوله فنحن موجودون في ذلك المكان، وقل لأبي جهاد أن يوصلك إليه.

وطبعًا، كنت أسمع فقط لسبب، وهدفي هو أنني ضابط ويوجد رئيس مجلس عسكري، وأنا أريد أن أذهب إلى الضابط الذي يشبهني؛ لأنني لا أعرف شيئًا، ولكن أصبح يأتي أشخاص، وريثما تم تأمين السيارة حتى أنتقل إلى القرية الثانية، لأنه يجب عليّ الذهاب في ممرات وطرق حتى أصل إلى الرستن،  جلست عند أبي جهاد حوالي أربعة أيام، فكان الشباب يترددون من جماعة أبو الزبير، وبالفعل كانوا من عائلات حمصية راقية ومن النخب وأغنياء، ولم يكونوا عاديين، وهذا شجّعني لأن هناك أشخاصًا من جميع الفئات والطبقات، ولكن لم يكن في بالي موضوع الريف والمدينة وهذه الأمور، وما هذه التنظيمات؟ فذهبت لزيارة أبي الزبير، وأذكر أنهم كانوا يضعون راية سوداء، وهي راية العقاب، فسألته: ما هذا أليست هذه راية أسامة بن لادن؟! فقال: تشبهها وليست رايته. وفي وقتها، كانت الثورة في مصر، ونجح [محمد] مرسي بالانتخابات، وهم كانوا يشتمون مرسي، وأنا كنت أسمعهم، وأقول: من هؤلاء؟ وإذا كانوا يشتمون مرسي...! ومنهم من كفّره واعتبره مرتدّاً، وأنا جالس. فقلت له: أليس هو من الإخوان [المسلمين]؟! فقالوا: وهل الإخوان جيدون. فقال لهم: لا تشوشون عليه اتركوه، وهو ضابط، ويريد أن يذهب إلى الرستن. فسألته عن العلم، فقالوا: إنه شيء يتضح مع الأيام، وقالوا: قد نتقاتل مع مرور الأيام، ونحن الآن أصحاب، ولكن بعد فتره طويلة قد تجدنا ضد بعضنا. وأنا في الحقيقة لم أكن استوعب هذا الكلام الذي يقولونه، ولكن بعد فترة عرفت ما هو قصدهم، وهو صدام الجيش الحر مع التنظيمات المتطرفة.

هم كانوا من جبهة النصرة، ولكن لم يكن يوجد أمر لإعلان جبهة النصرة، ولم يكن [أبو محمد] الجولاني قد أعلن [عنها] بعد، وفي وقتها، يوجد أمور حصلت معي وكانت دقيقة جدًا في هذا المجال.

وصلت إلى الرستن بعد مسيرة طويلة، وذهبت إلى تلبيسة قبل أن أذهب إلى الرستن، وقبل يومين، كنت في قرية، وكان قد بدأ تحرير الحواجز في تلبيسة، وكان من يقوم بذلك هم "الفاروق"، وسمعت أنه يوجد كتيبة اسمها كتائب الفاروق، وهي التي ستبدأ بتحرير الحواجز في الرستن، وحرروا حاجزين، وبعدها حرروا خمسة حواجز في نفس اليوم، وأعلنوا تحرير تلبيسة، وأصبحت تلبيسة محررة. وأنا كنت أريد الوصول إلى الرستن، فأصبحت المنطقة مستقيمة أو سهلة، فجاء السائق، وقال لي: الآن تستطيع الذهاب، ولكن يجب أن نمرّ بتلبيسة حتى ترى كيف تحررت. فمررنا على الحواجز والمدارس، وبدأت أرى [أماكن] الطلقات وهذه الأمور، وذهبت، ووصلت إلى الرستن، وهذا بعد وصولي إلى ريف حمص الشمالي بـ 10 أيام، حتى استطعت الوصول إلى قاسم سعد الدين.