لحظة التهجير القسري من مدينة حلب وركوب الباص عام 2016
صيغة الشهادة:
مدة المقطع: 00:06:27:24
أنا أتذكر أشخاصًا كثيرين، راحوا (ذهبوا) إلى مناطق سيطرة النظام، وتمّ اعتقالهم، أو استهدافهم بالقناص على الطريق، ومنهم من عادوا، وهم مصابون.
وكان يوجد حادثة أتذكرها في حي المشهد -بالتحديد- في مدينة حلب، كان يوجد شخص يبيع القهوة، وللأسف بعد خروج الأشخاص الذين خرجوا من مدينة حلب وتهجروا، هو بقي في مدينة حلب، وسمعنا بعد فترة أنه تمّ اعتقاله من قبل قوات النظام، بتهمة أنه كان يبيع القهوة للإرهابيين، فكانت التهم باطلة وغير واقعية وغير منطقية، ولكن النظام كان يستهدف هؤلاء الأشخاص الذين بقوا في هذه المناطق؛ سواء بالاعتقال أو حتى بقصفهم، قبل أن يتمّ تسليم مدينة حلب.
هنا بدأت رحلة التهجير، وبدأت المعاناة الثانية للأشخاص الذين خرجوا، وتركوا كل شيء خلفهم، تركوا أحلامهم وبلدهم الذي تربوا فيه، وجامعاتهم، فبعد أن أسسوا أيضًا خلال فترة الثورة وتحرير مدينة حلب، بقي كل شيء خلفهم، وذهبوا إلى مصير مجهول.
هنا عندما طلعنا (خرجنا) بالباص (الحافلة)، وطبعًا فترة مغادرة الباصات (الحافلات) استمرت لفترة أسبوع، وهنا الأهالي انتقلوا من مناطق المشهد وسيف الدولة والزبدية، واستقروا في منطقة السكري، التي كانت هي منطقة انسحاب الأهالي، وخروجهم من مدينة حلب.
وهنا عندما بدأنا نطلع (نصعد) إلى الباصات (الحافلات) الخضراء، كان يوجد الكثير من القصص، وكان يوجد سيدة عجوز لفتت نظري، أنها تجلس على كرسي، وقد تغطت (تدثرت) بحرام، ويداها متشققتان من شدة البرد، وأنا تكلمت معها، وهي كانت تبكي فقط على قبر ابنها، الذي لم تستطع توديعه.
وهذا الموقف ذكرني أيضًا بقبر والدي، الذي أنا بالفعل أيضًا تركته في حلب، وهو كان في مناطق النظام، ولم أستطع حتى توديعه، وأكثر شيء حز بقلبي (أثر بي) وآلمني، أنني لم آخذ الكاميرا -ووالدي كان صحفيًّا-، والنظارة التي كانت ذكرى منه، وأنا لم أستطع أبدًا أن آخذ بطاقته الصحفية، ولم أستطع أن آخذ إلا الذكريات التي كانت ترافقني.
هذه السيدة لم تكن هي الوحيدة (تبكي الشاهدة)، فالكثير من الأهالي تركوا قبور أولادهم أثناء موتهم في حلب، والكثير من الأشخاص طلعوا (خرجوا) مصابين، وهذا الشيء كان مؤلمًا جدًا في حلب، وهم مضطرون أن يخرجوا ويتركوا كل شيء خلفهم، وهنا كان المصير المجهول الذي خرجوا إليه، وطبعًا الأهالي خرجوا إلى عدة مناطق؛ سواءً إلى مناطق إدلب أو ريف حلب الغربي، وكانت السيارات تتجه إلى الأتارب، وأيضًا بلدة أبّين التي كانت مستهدفة، ويوجد فيها حالات نزوح للأهالي، وأيضًا تركوا منازلهم، فكان يتم استقبال اللاجئين من مدينة حلب إلى بلدة أبيّن، ومنطقة الأتارب، وأيضًا مناطق إدلب.
طبعًا نحن خرجنا بالسيارة أو بالباص (الحافلة)، وأذكر أن والدتي عندما ركبنا كانت تصرخ بصوت يوجد فيه ألم، تصرخ وتقول: أولادي، ونحن كنا في المقاعد الأخيرة من الباص (الحافلة) ووالدتي في أول الباص (الحافلة)، فطلعنا (ركبنا) بالباص (الحافلة)، وكان من المواقف المؤلمة جدًا أن الأطفال يبكون، والباصات مُقفلة، والنوافذ أيضًا كانت مقفلةً، وحتى الأوكسجين كان من الصعب أن يأخذه الأهالي بحرية، وكان يوجد طفل رضيع يبكي، ووالدته كانت فقط تبحث عن قطرة ماء حتى تشرب، لأن الحليب في صدرها نشف نتيجة الجوع والبرد والقهر، والظروف التي خرجت بها.
أكثر موقف كان صعبًا أيضًا، عندما توقفنا على حاجز يوجد فيه ضباط روس، فتوقف الباص (الحافلة)، وهنا كل الأهالي وخاصة الشباب كانوا في حالة هلع وخوف من الاعتقال، فصعد الضابط الروسي [إلى الباص]، وتكلم، -وطبعًا كانت ادعاءات كاذبةـ أنهم ضد التهجير، وأنهم فتحوا مناطق النظام للمصالحة والعودة، ومن هذه الادعاءات الباطلة، وهو أخبر الشباب والأهالي أنه يمكنكم العودة إلى مناطق النظام، وطبعًا الأهالي كانوا في حالة غضب شديد وخوف، نتيجة كلام هذا الضابط، الذي هو كله ادعاء، مغلفًا بقناع الكذب والنفاق، وبالتأكيد كان سيتم اعتقالهم لو أنهم عادوا.
بعد أن ذهب الضابط الروسي، وأكيد لم يرجع أي من الباصات [إلى مناطق سيطرة النظام] ، انطلقنا قليلًا، ثم سمعنا أغاني شيعية، وهنا تأكّدنا أن حلب قد تشيّعت، وعرفنا أهداف النظام بالشيء الذي فعله كله؛ من قصف وتهجير للأهالي، والتسييس للأمور حتى يسيطر على مدينة حلب.
معلومات الشهادة
تاريخ المقابلة
2022/12/17
الموضوع الرئیس
سقوط مدينة حلبكود الشهادة
SMI/OH/155-08/
أجرى المقابلة
خليل الدالاتي
مكان المقابلة
اعزاز
التصنيف
مدني
المجال الزمني
كانون الأول 2016
updatedAt
2024/08/12
المنطقة الجغرافية
محافظة حلب-الأتاربمحافظة حلب-ريف حلب الغربيمحافظة إدلب-محافظة إدلبمحافظة حلب-الزبديةمحافظة حلب-سيف الدولةمحافظة حلب-السكريمحافظة حلب-المشهدمحافظة حلب-مدينة حلبشخصيات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية
كيانات وردت في الشهادة
لايوجد معلومات حالية